الرعاية الاجتماعية

منظومة من القوانين والضوابط والخدمات يضعها المجتمع لحماية أفراده من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تهدد حياتهم، كالمرض والشيخوخة، أو أن تصيب أرزاقهم كفقدان العمل أو انعدام الدخل.
وتتميز الرعاية الاجتماعية عن الحماية الذاتية بكون هذه الأخيرة تقوم على أشكال فردية من الحماية كالأملاك الخاصة وعائدات الأموال والمدخرات بالإضافة إلى التأمين لدى الشركات، ولا تتأسس على مبدأ التعاضد والتكافل الاجتماعي بخلاف نظام الحماية الاجتماعية.
وقد اعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول عام 1948) الرعاية الاجتماعية حقا من حقوق الإنسان.
ونصت المادة 22 من هذا الإعلان على أن "لكل شخص -بصفته عضوا في المجتمع- الحق في الحماية الاجتماعية، وفي أن تُوفّر له -بواسطة المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، التي لا غنى عنها لكرامته ونموه".
البداية
ظهرت النظم الأولى للرعاية الاجتماعية في العالم الغربي مع نهاية القرن التاسع عشر (في ألمانيا البيسماركية بداية ثم انتشرت تباعا في باقي أرجاء أوروبا) من أجل حماية العمال من بعض المخاطر المرتبطة بمزاولة أنشطتهم المهنية خصوصا في المصانع. وجاء ذلك استجابة للنضال المستمر للطبقة العمالية.
كما لعبت رغبة الحكومات -في الحيلولة دون وقوع العمال تحت إغراء الأفكار الاشتراكية السائدة في القطاعات النقابية وصرف اهتمامهم عنها- دورا هاما في توجيه حركة التاريخ بهذا المنحى وعجلت بالاستجابة إلى مطالب النقابات العمالية.
وقد اقتصرت الرعاية الاجتماعية في بداياتها على بعض الأشكال الأساسية من التأمينات الاجتماعية (المرض أو حوادث الشغل) ثم تطورت مع الوقت وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية لتشمل الآن كل أنماط التأمين الأخرى المعروفة، بما في ذلك التعويضات الموجهة للنساء في فترة انقطاعهن عن العمل بسبب الحمل والرضاعة والإعانات التي تتلقاها الأسر عن الأطفال وعن السكن.
وقد ارتبط هذا التطور بظهور دولة الرعاية الاجتماعية أو الرفاهية بأوروبا التي جاءت وليدة لعدة اعتبارات سياسية (إعادة بناء المجتمعات الأوروبية والتعويض عن مجهود الحرب والتحالف بين الرأسماليين والعمال إبان الحرب)، واقتصادية (تطبيق السياسات الكينزية ودعم الطلب الإجمالي وخلق سوق محلية).
وسهرت الحكومات على تعميم جميع أشكال التأمين على كل مواطنيها، دون تمييز بينهم على أساس الجنس أو الوضعية المهنية أو الدخل.
لماذا الرعاية الاجتماعية؟
تلعب نظم الرعاية الاجتماعية أدوارا هامة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخل كل مجتمع، وتتجلى هذه الأدوار فيما يلي:
– اقتصاديا: توفير مصدر دخل لأفراد المجتمع عند فقدان دخلهم الأصلي بصورة مؤقتة أو دائمة، وتأمين الطلب الإجمالي من التأثر بفقدان بعض الأفراد لدخلهم، بالإضافة إلى تحفيز الادخار القومي والقدرة على تمويل الاستثمار.
– اجتماعيا: توفير شبكة أمان لأفراد المجتمع ومساعدتهم على مواجهة الأخطار المحدقة بهم، وضمان حياة كريمة لكافة المواطنين.
– سياسيا: تحقيق السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي، والقدرة على العيش المشترك في جو يغلب عليه التماسك، مع تعزيز الإحساس للانتماء للمجتمع لدى الأفراد.