دربالة.. ضحية "الإهمال الطبي" بسجن السيسي
داعية وسياسي إسلامي مصري، يعتبر من القيادات المؤسسة للجماعة الإسلامية في مصر. تولى رئاسة مجلس شورى الجماعة، وسجن لسنوات طويلة أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم اعتقل سنة 2015 لمناهضته الانقلاب العسكري، وتوفي في السجن بسبب "الإهمال الطبي".
المولد والنشأة
ولد محمد عصام الدين دربالة عام 1957 في محافظة المنيا بصعيد مصر، وهو أب لأربعة أبناء.
الدراسة والتكوين
تابع دراسته النظامية حتى نال شهادة بكالوريوس في الآداب وأخرى في التاريخ من جامعة المنيا، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية ودبلوم في القانون العام من جامعة عين شمس.
التوجه الفكري
كان من أبرز الداعين إلى تأسيس تنظيم الجماعة الإسلامية بمصر في سبعينيات القرن العشرين، وترقى في صفوفها حتى أصبح رئيس مجلس الشورى (أعلى هيئة قيادية في الجماعة) عام 2011.
التجربة الدعوية
كانت الجماعة الإسلامية عند تأسيسها ترى منهج التغيير بالقوة للنظام الحاكم في مصر على غرار "الجماعات الجهادية" الأخرى، وهو ما أدى إلى ملاحقة واعتقال قادتها وناشطيها، خاصة إثر اغتيال الرئيس المصري أنور السادات يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981.
وبوصف دربالة عضوا في الجماعة فقد اعتقِل آنذاك وبقي في السجن لمدة 25 عاما حتى أفرج عنه في مارس/آذار 2006، بعد سنوات من قيام الجماعة الإسلامية (في صيف 1997) بمراجعات فكرية أدت بها إلى تغيير نهجها من استخدام القوة ضد أجهزة الدولة لتحقيق أهدافها إلى انتهاج العمل السياسي والدعوي السلمي.
ويعزو مراقبون التغيير الذي حصل في فكر الجماعة الإسلامية إلى تأثير قياديين فيها في مقدمتهم عصام دربالة، وهو ما جعلهم يطلقون عليه وصف "مهندس نهج السلمية في الجماعة".
وإثر ثورة 25 يناير 2011 في مصر، كان من أبرز قيادات الجماعة الإسلامية التي سعت للحصول على ترخيص رسمي لتأسيس حزب سياسي يكون ذراعا سياسية للجماعة، وهو ما تم في يونيو/حزيران من نفس العام بترخيص "حزب البناء والتنمية".
نظمت الجماعة في مايو/أيار 2011 انتخابات داخلية لهيئاتها القيادية ففاز دربالة بمنصب رئيس مجلس الشورى الذي يعتبر أعلى هيئة قيادية في الجماعة، وأصبح الرجل الأول في قيادة التنظيم، متفوقا بذلك على منافسه مؤسس الجماعة الشيخ كرم زهدي.
وعندما انقلب الجنرال عبد الفتاح السيسي (وزير الدفاع آنذاك) على الرئيس محمد مرسي -أول رئيس مدني منتخب في مصر- يوم 3 يوليو/تموز 2013، كان دربالة من أبرز أعضاء "التحالف الوطني لدعم الشرعية" الذي شكلته القوى الرافضة للانقلاب العسكري.
قاد دربالة حملة توعية في صعيد مصر للتحذير من "تنظيم الدولة الإسلامية"، وعقد ندوات تحت عنوان "تنظيم الدولة.. ما له وما عليه: رؤية سياسية وعقائدية"، كما دعا إلى تحقيق مصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحاكم، إلا أن دعوته لم تلق ترحيبا.
وفي 13 مايو/أيار 2015، اعتقلت قوات الأمن المصرية دربالة بمنزله في محافظة المنيا بتهمة "عقد ندوة بدون تصريح"، لكن محاميه عادل معوض صرح بأنه اعتقل بتهمة الانضمام إلى تحالف دعم الشرعية باعتباره رئيس الجماعة الإسلامية التي هي عضو أساسي في هذا التحالف.
وقالت مصادر إعلامية إنه كان مطلوبا إحضاره في القضية رقم 473 لسنة 2014 (محكمة أمن الدولة العليا)، فوجهت إليه النيابة العامة المصرية تهما منها "الانتماء لجماعة شكلت على أساس غير دستوري"، و"التحريض على العنف"، و"الترويج لأفكار تحرض على النظام الحاكم والخروج عن نظام الدولة ودستورها".
ثم قررت النيابة حبس دربالة في "سجن العقرب" ذي الحراسة المشددة بالقاهرة، ثم جددت حبسه 15 يوما رغم المطالبات بالإفراج عنه، وذلك قبيل وفاته بيوم.
وقد جاء في بيان للجماعة الإسلامية أصدرته بعد إعلان وفاته في السجن، أن دربالة كان "علما بارزا من أعلام الدعوة والفكر في مصر قضى حياته مدافعا عن الإسلام وقضاياه، مؤمنا بحق الشعب في حياة كريمة حرة وعادلة، مما أدى إلى سجنه 25 عاما كاملة قضاها في سجون مبارك، ليعاود النظام الحالي اعتقاله من جديد للضغط عليه لمساومته على مبادئه التي عاش من أجلها".
وأضاف البيان "ساهم الشهيد عصام دربالة في الحفاظ على سلمية الثورة المصرية بما قدمه من إسهامات فكرية بارزة في هذا الصدد، حيث قاد حملة واسعة تحت شعار: لا للتفجير.. لا للتكفير.. لا لقتل المتظاهرين".
المؤلفات
ألف دربالة عدة كتب منها "إستراتيجية وتفجيرات القاعدة: الأخطاء والأخطار"، و"الجهاد والحقيقة الغائبة" (ثلاثة أجراء). هذا إضافة إلى كتيب ينسب إليه بعنوان "لا لقتل المتظاهرين"، لكنه لم يطبع وإنما انتشر تداوله على المواقع الإليكترونية .
الوفاة
أصيب عصام دربالة بغيبوبة كاملة أدت إلى وفاته يوم 9 أغسطس/آب 2015 في "سجن العقرب" بالقاهرة، وقالت الجماعة الإسلامية إنه توفي نتيجة "الإهمال الطبي" لعلاجه، خاصة أنه كان يعاني بعض الأمراض ومنها مرض السكري.
وقد نعى حزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية) دربالة، متهما السلطات المصرية بتعذيبه ومنع دخول الأدوية إليه في سجنه مع رفض محاولات نقله إلى المستشفى، ومعتبرا أن ما حدث "قتل مع سبق الإصرار واغتيال واضح يستوجب ملاحقة المسؤولين عنه جنائيا".