مفاعل ديمونة.. قلب البرنامج النووي الإسرائيلي الذي تهدد إيران بقصفه

Phosphates Chemicals plant near Big Crater in Negev desert.
مفاعل ديمونة يقع في صحراء النقب (غيتي)

يعد "مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية" المعروف إعلاميا بـ"مفاعل ديمونة" أهم منشأة إسرائيلية، وتقع في صحراء النقب جنوب إسرائيل

أنشئ مفاعل شمعون بيريز عام 1957 وشُغِّل في 1963، وفيه يعالج الوقود النووي المحترق، وهي المرحلة الأولى لإنتاج القنبلة الذرية التي تنقل إلى مكان آخر لتخزن أو تحمّل على صواريخ.

التسمية

يعرف المفاعل عادة في الأوساط الشعبية والإعلامية باسم مفاعل ديمونة، نظرا لقربه من مدينة ديمونة.

لكن الاسم الرسمي للمكان هو مركز شيمون بيريز للأبحاث النووية، وأطلقته إسرائيل على المنشأة عام 2018 تكريما لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، لإسهاماته في تطوير البرنامج النووي الإسرائيلي.

الموقع والمساحة

يقع مفاعل ديمونة في صحراء النقب بعيدا عن الأنظار، وعلى بعد 13 كيلومترا من مدينة ديمونة، ويبعد نحو 90 كيلومترا عن مدينة القدس.

يتألف من 10 بنايات ويمتد على مساحة قدرها 36 كيلومترا مربعا، وأقيمت حوله أسلاك كهربائية وطرق لدوريات الحراسة، إلى جانب بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات.

كما تضم المنشأة مختبرات تحت الأرض يعود عمرها لعقود من الزمن، وعددها 8، ويعمل فيه نحو 2700 عالم وتقني.

النشأة والتأسيس

شرعت إسرائيل عقب احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1948 في إنشاء مفاعل ديمونة في خمسينيات القرن الـ20، وأنشأت بعدها هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية عام 1952.

عام 1957 حصلت إسرائيل على دعم وموافقة فرنسا التي زودتها بمفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل المضغوط.

ودخل مفاعل ديمونة حيز التشغيل في حدود عام 1963 بطاقة 26 ميغاواتا.

في عام 1967 أشارت تقارير لمكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية الأميركية إلى وجود مصنع لإعادة معالجة اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم الصالح لصنع الأسلحة، وأكدت أن إسرائيل تملك القنبلة النووية.

وكان عالم الذرة الإسرائيلي مردخاي فعنونو قد كشف في 5 أكتوبر/تشرين الأول 1986 عن مفاعل ديمونة لأول مرة، وقال إن العمل على المفاعل بدأ في أواخر خمسينيات القرن الـ20.

إعلان

وقدّم أدلة وشهادات تفصيلية وصورا التقطها أثناء فترة عمله بمنشأة ديمونة لصحيفة "صنداي تايمز"، ليؤكد بذلك الشكوك الدولية التي أثيرت بشأن المنشأة.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أرسلت مفتشين في الستينيات، كما أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات تفتيش، لكنها -بحسب التقارير- لم تكتشف الطوابق السفلية التي غطتها إسرائيل، ثم أعلنت إيقاف عمليات التفتيش نهائيا.

سرية وتكتم

واصلت إسرائيل ممارسة سياسة الغموض، ولم تفصح علنا عما إذا كانت تملك أسلحة النووية أم لا حتى عام 1960 حين أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) وجود مفاعل ديمونة، لكنه أصر على أنه بني لأغراض بحثية سلمية.

ووقّعت إسرائيل عام 1996 على معاهدة حظر الأسلحة الشاملK لكنها لم تصدّق عليها أبدا.

وفي 1979 أثار وميض مزدوج غامض اكتشف فوق المحيط الأطلسي الجنوبي شكوكا بشأن تجربة نووية سرية لإسرائيل قيل إنها تمت بالتعاون مع جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري، ومع ذلك لا تزال الحادثة غير مؤكدة، ولم تنكرها إسرائيل.

كما كشفت تقارير لوكالة أسوشيتد برس عام 2021 وصور أقمار صناعية أن مفاعل ديمونة لا يزال نشطا، وأن هناك أعمال بناء وحفر كبيرة داخل الموقع وحوله.

كما وُجدت صناديق في حفرتين مستطيلتين لهما قواعد خرسانية رجح أن إسرائيل تستخدمها لدفن النفايات النووية.

وأدرج مركز ستوكهولم للأبحاث (سيبري) في يونيو/حزيران 2025 إسرائيل ضمن قائمة الدول النووية، وهي الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وباكستان والهند وكوريا الشمالية.

ووفقا لما جاء في التقرير السنوي، فإن إسرائيل تملك أكثر من 80 رأس نووي، 30 منها قنابل جوية قابلة للإسقاط من نوع "إف-15" و"إف-16"، إضافة إلى 50 صاروخا باليستيا بعيد المدى من نوع "جيريكو-2″، إضافة إلى مواد انشطارية مخزنة تكفي لصنع نحو 200 رأس نووي.

القدرات والإنتاج

يتمتع مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي بقدرة عالية على إنتاج البلوتونيوم تصل إلى نحو 9 كيلوغرامات سنويا، وهي الكمية الكافية لتصنيع قنبلة نووية واحدة بقوة تفجيرية تصل إلى 20 كيلو طنا.

ويعمل المفاعل على معالجة الوقود النووي المستهلك ضمن المراحل الأولى من تصنيع الأسلحة النووية، ويعاد فصل البلوتونيوم في منشآت متخصصة.

ويستخدم البلوتونيوم لاحقا في إنتاج رؤوس نووية يمكن تخزينها أو حملها على رؤوس نووية وتجهيزها للإطلاق.

التهديد الإيراني

فجر يوم 13 يونيو/حزيران 2025 شنت إسرائيل هجمات واسعة على مناطق متعددة في إيران بأكثر من 200 طائرة مقاتلة، وأطلقت على عمليتها اسم "الأسد الصاعد"، مستهدفة منشآت عسكرية ونووية وقادة كبارا في مؤسسات أمنية وعسكرية وبحثية في البرنامج النووي الإيراني.

أدانت الحكومة الإيرانية الهجمات الإسرائيلية، وأعلنت ردها بإطلاق عملية "الوعد الصادق 3″، وشنّت هجومين صاروخيين مكثفين استهدفا العمق الإسرائيلي باستخدام مئات الصواريخ الباليستية فيما وصفت بأنها أكبر عملية هجومية تنفذها ضد تل أبيب.

وبعد دخول أميركا على خط المواجهة وقصفها منشآت فوردو وأصفهان ونطنز النووية الإيرانية ردت إيران على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي، محذرة من تداعيات هذا الهجوم.

إعلان

وقال عراقجي إن الأحداث التي وقعت صباح الأحد 22 يونيو/حزيران 2025 تؤدي إلى ما سماها "العواقب الوخيمة والأبدية"، مضيفا أن مشاركة أميركا في الحرب ستقودها إلى أبعاد إقليمية.

وكان مسؤول إيراني رفيع صرّح بأن إيران بدورها ستقصف مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي، وأن ذلك "هدف مشروع".

المصدر: الجزيرة

إعلان