كارثة تشرنوبل.. حينما ارتفع ضغط المفاعل 4
مفاعل رقم 4
تسببت محطة تشرنوبيل النووية السوفياتية بشمال أوكرانيا في أسوأ كارثة بقطاع الطاقة النووية المدنية حين انفجر أحد مفاعلاتها الأربعة يوم 26 أبريل/نيسان 1986.
ففي ذلك اليوم، انفجر المفاعل رقم أربعة عقب ارتفاع الضغط داخله أثناء اختبار أمني.
وفي ذلك الوقت، كانت ثلاثة عقود قد مضت على استخدام السلاح النووي لأول مرة بالتاريخ حين قصف الأميركيون مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بقنبلتين ذريتين نهاية الحرب العالمية الثانية.
وبسبب أخطاء في إجراءات السلامة أثناء الاختبار، انفجر المفاعل رقم أربعة بالمحطة مما أسفر عن مقتل 31 شخصا بينهم عمال وتقنيون، إما لأنهم تعرضوا للانفجار مباشرة، أو لكمّ كبير من الإشعاع.
وكان الأخطر من الانفجار انتشار إشعاعات نووية على نطاق واسع، إذ تجاوزت حدود أوكرانيا وروسيا وروسيا البيضاء إلى دول أخرى في أوروبا.
وبالإضافة إلى القتلى الذين سقطوا في الانفجار، توفي كثيرون تعرضوا للإشعاعات، وأصيبوا جراء ذلك بأمراض قاتلة كالسرطان. وكان في مقدمة المتضررين من الحادث سكان المناطق القريبة من المحطة.
تستر على الكارثة
ولم يسمع العالم بالكارثة التي تسبب فيها الانفجار إلا بعد يومين، إذ حاولت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق التكتم على ما جرى.
كما أن السلطات لم تبدأ إجلاء سكان بلدة بريبيات، التي تقع على مسافة ثلاثة كيلومترات من المحطة، ويسكنها في ذلك الوقت 48 ألفا بينهم العاملون بالمحطة، إلا بعد 36 ساعة تقريبا من الانفجار.
وقد ظلت البلدة منذ ذلك الحين مهجورة ولم يعد إليها السكان مطلقا. أما بلدة تشرنوبيل التي منها استمدت المحطة اسمها فكان الضرر فيها أخف من الضرر الذي لحق ببريبيات.
وكانت السويد -التي لاحظت قدرا كبيرا من الإشعاع النووي– هي التي كشفت للعالم الحادث المروع.
وحينها، اضطرت السلطات السوفياتية إلى الإعلان بشكل مقتضب عن "حادث" في محطة تشرنوبيل. وورد الإعلان في برقية من خمسة سطور نشرتها وكالة أنباء إيتار تاس.
وظل الصمت سائدا في أعلى هرم القيادة السوفياتية حتى 14 مايو/أيار 1986 حين تحدث الرئيس ميخائيل غورباتشوف عن الكارثة.
وتأخرت السلطات إلى الأول من مايو/أيار كي تطلب من المواطنين في أوكرانيا أخذ الاحتياطات اللازمة، بل إنها كانت تسمح للأطفال بالذهاب إلى المدارس في تلك الأيام بينما كانت الرياح تدفع الإشعاعات إلى العاصمة كييف.
ولم تتمكن السلطات من سد المفاعل المنفجر إلا بعد ستة أشهر من الحادث، واضطرت بحلول عام 2000 تحت الضغط الدولي إلى غلق المفاعلات المتبقية.
وعام 2010، باشرت السلطات الأوكرانية عملية تستغرق خمسة أعوام لإحكام إغلاق المفاعل المتسبب في الكارثة.
تؤكد المعطيات الرقمية أن انفجار تشرنوبيل مس حياة نحو ستمائة ألف شخص، بينهم نحو مائتي ألف بشكل مباشر جلهم من رجال الإطفاء والجنود الذين كلفوا بتدبير مرحلة ما بعد الكارثة. وتشير التقديرات إلى أن نحو خمسة ملايين شخص ما يزالون يعيشون في المناطق المصابة بالإشعاع.