مزارع شبعا
شكلت مزارع شبعا عنصرا إضافيا للصراع بين حزب الله اللبناني وتل أبيب. وهي تمتد على نحو 24 كيلومترا، وتشرف على مناطق لبنانية وسورية، وتتميز بخصوبة تربتها وتنوع زراعاتها.
الموقع
تقع مزارع شبعا المحتلة على الحدود بين لبنان والجزء المحتل من الجولان السوري، وتتبع لمنطقة العرقوب وتمتاز بموقع جغرافي إستراتيجي باعتبارها حلقة وصل مع المستوطنات الإسرائيلية الشمالية والجولان المحتل.
والنطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا غير محدد بدقة، ومع ذلك يمكن القول إنها تمتد طولا بحدود 24 كيلومترا، ويتراوح عرضها بين 13 و14 كيلومترا، وهي تقع على منحدرات وتلال وبعض السهول والهضاب، وترتفع 1200 متر عن سطح البحر.
ولعل أبرز ما يدلل على إستراتيجية المزارع هو العدد الكبير من المراصد العسكرية الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى الآن، أبرزها مرصد الفوار الذي يعد من أضخم المراصد العسكرية بمنطقة الشرق الأوسط.
وتشرف المزارع على جبل عامل والجليل الأعلى والجزء الجنوبي من سلسلة جبال لبنان الغربية وهضبة الجولان وسهول البقاع وحوران والحولة.
المناخ
يتميز مناخ المزارع بالاعتدال شتاء، لأن أرضها سهلية ما عدا بعض الأجزاء الوعرة.
التاريخ
منذ عام 1967 بدأت الاعتداءات الإسرائيلية على المزارع وأهلها من أجل تهجيرهم، واستمرت سياسة القضم الإسرائيلية لأراضي المزارع حتى عام 1989، حيث وضعت أسلاكا شائكة حول المزارع وأقامت المراكز العسكرية بداخلها وعلى مرتفعاتها.
وفي مايو/أيار2000، انسحبت إسرائيل بطريقة أحادية من جنوب لبنان وبلدة شبعا وأبقت على احتلالها للمزارع. وعقب الانسحاب، رسم فريق أممي خط الانسحاب الذي سمي بالخط الأزرق، وأعلن أن إسرائيل أتمت انسحابها من كامل الأراضي اللبنانية وفقا للقرار الدولي رقم 425 (الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية) وأكدت المنظمة الدولية بإعلانها هذا أن مزارع شبعا سورية، وخاضعة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالجولان المحتل.
ويذكر تقرير أممي، صدر يوم 22 مايو/أيار 2000، أن "الأمم المتحدة تلقت خريطة مؤرخة في عام 1966، من حكومة لبنان تعكس موقف الحكومة أن هذه المزارع كانت واقعة داخل لبنان. غير أن في حوزة الأمم المتحدة عشر خرائط أخرى أصدرتها، بعد عام 1996، مؤسسات حكومية لبنانية، منها وزارة الدفاع، تضع المزارع داخل الجمهورية العربية السورية".
وكان القرار الأممي رقم 1860 الذي صدر في مايو/أيار 2006، شجّع -في أحد بنوده- الحكومة السورية على التجاوب مع مطلب الحكومة اللبنانية الداعي لترسيم الحدود المشتركة بين البلدين لا سيّما في المناطق ذات الحدود الملتبسة أو المتنازع عليها.
وفي تقرير لمجلس الأمن يوم 12 سبتمبر/أيلول 2006 بشأن تطبيق قرار 1701 (والذي أمر بوقف العمليات القتالية بين حزب الله وإسرائيل) أكد الأمين العام أن حل قضية مزارع شبعا يستلزم التوصل إلى اتفاق لبناني سوري بشأن ترسيم الحدود الدولية بينهما، مشيرا إلى التزام قدمه الرئيس السوري بشار الأسد بالاجتماع برئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة لبحث الموضوع.
ويذكر الأمين العام، بهذا التقرير، مسارا بديلا لحل المشكلة اقترحه السنيورة يقضي بنقل منطقة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا لوصاية الأمم المتحدة حتى توضح السيادة عليها. غير أن الأمين العام يشير إلى أن النطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا غير محدود بدقة مما يعرقل تطبيق هذا الحل.
وفي تقرير أممي آخر يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 2007، ذكر الأمين العام أن الخبير الخاص، برسم الخرائط ودرس قضية النطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا، توصل لنتائج أولية تفيد أن "استعراض الأدلة الأخيرة وتحليلها يمكن أن يشكل أساسا لوضع تحديد مؤقت للنطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا".
وذكر الأمين العام، في هذا التقرير، أن لبنان قدم ملفا من الخرائط والوثائق لإثبات مطالبته بمنطقة مزارع شبعا، وأن إسرائيل وافقت على تمكين رسام الخرائط من زيارة المنطقة (زارها عام 2007). أما سوريا فلم تردّ على طلب الأمين العام بتقديم معلومات عن هذا الموضوع، وفق التقرير الأممي.
على الجانب السوري، أكد فاروق الشرع، النائب السابق للرئيس السوري في مايو/أيار 2000 للأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، أن "سوريا تدعم ادعاء لبنان بأن مزارع شبعا لبنانية". وفي يناير/كانون الثاني 2006، أوضح الأسد أن مزارع شبعا لبنانية، لكنه شدد على أن "ترسيم الحدود يكون بعد انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة".
من جانبها، ادعت إسرائيل أن "قرار الأمم المتحدة رقم 425 لا يشمل الانسحاب من مزارع شبعا التي هي ليست أراض لبنانية، وهذا ما أكدته الأمم المتحدة بإعلانها انسحاب إسرائيل الكامل من كافة الأراضي اللبنانية". وشددت إسرائيل على أن مزارع شبعا كانت تحت السيطرة السورية عندما احتلتها في حرب الأيام الستة عام 1967، ورأت أن ادعاء لبنانيتها جاء بإيعاز من حزب الله للاستمرار في مهاجمتها.
وكان باحث إسرائيلي في "الجامعة العبرية بالقدس" توصل لمستندات فرنسية أرشيفية تؤكد لبنانية المزارع، كما أظهرت مراكز أبحاث لبنانية وثائق تعود إلى عام 1937 و1939 تثبت أن سكان مزارع شبعا كانوا يدفعون ضرائبهم للدولة اللبنانية.
وفي كتاب للعالم الجغرافي الإسرائيلي، موشيه بريفر، ذكر أن هناك خريطتين فرنسيتين، تعودان لعامي 1932 و1946 تؤكدان لبنانية مزارع شبعا، إلا أن الخرائط الأحدث تُظهر أن المزارع جزء من سوريا.