سانت بطرسبورغ

مدينة سانت بيطرسبورغ الروسية - Saint Petersburg - للموسوعة - source getty
سانت بطرسبورغ رابعة أكبر مدن أوروبا (غيتي)

مدينة الليالي البيضاء، كانت عاصمة للإمبراطورية الروسية على مدى قرنين من الزمان، ومهدا للثورة الاشتراكية. خضعت لحصار نازي مرير دام 900 يوم قضى على أكثر من نصف سكانها. تبدلت أسماؤها بتبدل العصور السياسية لكنها ظلت كنزا حضاريا وثقافيا لا ينضب.

الموقع
تقع سانت بطرسبورغ شمال غرب روسيا الاتحادية على ضفاف الخليج الفنلندي وتشكل نافذة روسية على الغرب، وتعبر رابعة أكبر مدن أوروبا.

وتبلغ مساحتها 1439 كيلومترا مربعا. يمر وسطها نهر نيفا، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر في أعلى نقطة 176 مترا. يتميز طقسها بالبرودة القاسية في فصل الشتاء وببرد معتدل في فصل الصيف.

لا يتجاوز عدد الأيام المشمسة فيها 62 يوما في السنة، والجو غائم معظم الوقت، ولا يتجاوز عدد ساعات النهار شتاء فيها 6 ساعات، بينما يصل صيفا إلى 18 ساعة. يحل موسم الليالي البيضاء فيها في 25 مايو/أيار، وينتهى في 17 يوليو/تموز، وهي الفترة التي يلتقي فيها الشروق والغروب.

السكان
يبلغ عدد سكان المدينة وفقا لإحصائيات عام 2014 خمسة ملايين و131 ألف نسمة، أغلبهم من الروس، يليهم الأوكرانيون ثم البلاروس، وأقليات من الأرمن والأذربيجانيين والبولنديين والجورجيين.

الاقتصاد
تعتبر سانت بطرسبورغ مركزا اقتصاديا هاما للغاية، تضم أكثر من 700 مصنع إضافة إلى 20 ألف معمل. وتتميز بالصناعات الثقيلة، واستقطبت مصانع شركات السيارات الكبرى في العالم. وبلغ الناتج العام فيها 2138 تريليون روبل في عام 2011، وتضم بورصة للمال والنفط والأوراق المالية والبضائع إضافة إلى 42 بنكا و400 شركة مالية.

شهد قطاع البناء بها طفرة نوعية حيث بلغ حجم الاستثمار في هذا القطاع 193 مليار روبل عام 2011. تحتوى على 69 مؤسسة أكاديمية وعلمية، أبرزها أكاديمية الباليه وأكاديمية الفنون الجميلة والجامعة الحكومية وجامعة الطب. كما تضم 8464 مؤسسة ثقافية وعشرات المسارح .

التاريخ
تقول المصادر التاريخية إن الجليد انحسر عن هذه المنطقة في روسيا قبل 12 ألف عام . وسجل أول وجود دائم للسكان هناك في القرنين الثامن والتاسع، وفي بداية القرن التاسع دخلت هذه المناطق في قوام الدولة الروسية بصفتها جزءا من إمارة نوفغورود العظمى.

امتد منها ما يعرف بالطريق المائي الذي ربط روسيا بإسكندفانيا وأوروبا الشرقية وبيزنطة خلال الفترة من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر.

كانت هذه الطرق حيوية لأن روسيا كانت خلال تلك الفترة في حروب دائمة مع السويد، قادتها الصراعات بين الإمارات الروسية المختلفة وتبدل مراكز القوى إلى الانضمام في القرن الخامس عشر لإمارة موسكو الكبرى. لكن هزيمة الروس أمام السويد أدت إلى توقيع معاهدة سلام مجحفة انتقلت بموجبها المناطق الواقعة على ضفاف نهر نيفا إلى السيادة السويدية.

استعاد الروس هذه المناطق ووسعوا دائرة نفوذهم الجغرافية بعد أن هزموا السويد في حرب عام 1700 و1701.

وفي عام 1703 وضع الإمبراطور الإصلاحي بيوتر الأول حجر الأساس في بناء مدينة سانت بطرسبورغ، وبدأ مرحلة الإعمار بتشييد قلعة بيتروبافلوفسك، ثم قلعة كرونشتاد في عام 1704، الأمر الذي جعل روسيا قوة بحرية هامة، وفتح الطرق أمامها إلى وروبا الغربية. أصبحت عام 1912 عاصمة للإمبراطورية الروسية.

تعرضت مبانيها الخشبية لإعادة إعمار بعد تعرضها لحريق كبير في عامي 1736 و1737، وفي عام 1762 أنشأ القيصر لجنة البناء الحجري في المدينة التي بدأت بالتمدد البطيء تدريجيا.
ومع بداية القرن التاسع عشر شهدت المدينة نهضة عمرانية وثقافية وعلمية غير مسبوقة.

أدت ثورات ما بين عامي 1905 و1907 إلى قيام أول برلمان في روسيا (مجلس الدوما) وحصول انفراج سياسي انعكس على تطور المدينة ونهضتها الصناعية، حيث ثم بناء مئات المصانع والورش.

صدر قرار إمبراطوري بتغيير اسمها ليصبح بتروغراد نسبة إلى مؤسسها بطرس الأول. وفي فبراير/شباط عام 1917 أطاحت الثورة البورجوازية بالنظام القيصري، أعقبتها في أكتوبر من العام نفسه ثورة البلاشفة التي أطاحت بالحكومة البورجوازية. فظهرت على خريطة العالم دولة من طراز جديد حملت اسم روسيا السوفياتية.

وفي 5 مارس/آذار 1918 انتهى عهد سانت بطرسبورغ كعاصمة للدولة الروسية مع انتقال الحكومة إلى موسكو. وفي يناير/كانون الثاني عام 1924 أمرت السطات السوفياتية بتغيير اسمها إلى لينينغراد بهدف تخليد اسم زعيم الثورة البلشفية فلاديمير لينين.

عانت عام 1941 من حصار ألماني مرير عزلها عن العالم، ولقي أكثر من مليون ونصف مليون من سكانها مصرعهم نتيجة للجوع ولم يبق على قيد الحياة إلا 560 ألف نسمة.

شق الروس طريقا سموه طريق الحياة عبر الجليد المتجمد حولها لإمداد المدينة ببعض المواد الغذائية. لم تستسلم المدينة وتحول اسمها إلى عنوان للصمود بعد حصار دام 900 يوم. شهدت المدينة بعد جلاء الألمان طفرة عمرانية وسكانية جعلت منها ثانية أهم مدن الاتحاد السوفياتي يومها، وأطلق عليها اسم عاصمة الشمال بصورة غير رسمية.

وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن العشرين شهدت المدينة حراكا سياسيا واجتماعيا اضطر السلطات للموافقة على إجراء استفتاء عام في عام 1991 صوت فيه 54% من سكانها لصالح استعادة اسمها التاريخي سانت بطرسبورغ.

المعالم
شهدت المدينة حملة إعادة ترميم شملت جميع المباني والأحياء التاريخية في الفترة من عام 1991 حتى 2007، وباتت واحدة من المدن السياحية بتوفرها على 8 آلاف موقع أثري أبرزها قصر الشتاء، والقرية القيصرية، وقلعة بتروبافلوفسك، وساحة القصور، وشارع نيفسكي. اعتبر مركزها من الإرث العالمي لمنظمة اليونسكو.

المصدر : الجزيرة

إعلان