مارين لوبان.. اليمينية الفرنسية التي طردت أباها من حزبه

Marine Le Pen, French National Front (FN) political party leader and candidate for the French 2017 presidential election, attends a news conference in Paris, France, April 21, 2017. REUTERS/Benoit Tessier
مارين لوبان أعفت أباها من الرئاسة الفخرية لحزب التجمع الوطني بحجة "عدم توافقهما فكريا" (رويترز)

سياسية فرنسية خلفت والدها جان ماري لوبان في رئاسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف (غير اسمه لاحقا إلى التجمع الوطني) عام 2011. كانت مرشحة هذا الحزب في الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعامي 2017 و2022. استقالت من رئاسة الحزب عام 2022.

المولد والنشأة

ولدت ماريون آن بيرين لوبان (واسم شهرتها مارين) في الخامس من أغسطس/آب 1968 في مدينة "نويي سور سين" غرب العاصمة الفرنسية باريس، والدها جون ماري لوبان مؤسس حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف عام 1972، وابنة أختها ماريون ماريشال لوبان، كانت عضوا في البرلمان في الفترة بين (2012-2017).

تزوجت وطلقت مرتين، زوجها الأول "فرانك جوفرا" صاحب شركة خدمات، أما زوجها الثاني "لويس لوريو" فعمل سكرتيرا وطنيا للحزب في الانتخابات ومستشارا جهويا.

التكوين العلمي

التحقت بجامعة بانثيون أسَّاس "باريس الثانية" لدراسة القانون، وكان هذا التخصص هو البوابة التي قادتها إلى خوض تجربتها السياسية، فتمكنت من نسج العلاقات مع عدة تنظيمات يمينية متطرفة، وتخرجت عام 1991.

حصلت على درجة متقدمة في القانون الجنائي وأيضا شهادة ممارسة القانون عام 1992.

عملت بعد تخرجها في الفترة بين 1992 و1998 في مكتب محاماة تابع لأحد أعضاء حزب "غيد" الفاشي الذي نشط في الدفاع عن أعضائه والنشطاء اليمينيين، وعينت لاحقا مسؤولة عن الشؤون القانونية لهذا الحزب.

التجربة السياسية

انضمت عام 1998 للجهاز الإداري لحزب التجمع الوطني وأصبحت عضوا في اللجنة التنفيذية عام 2000، ثم شغلت منصب مديرة الشؤون القانونية حتى عام 2003، إذ أصبحت نائبة رئيس الحزب.

نجحت عام 2004 في الترشح لمقعد في البرلمان الأوروبي، واستمرت في الصعود داخل الحزب على مدار السنوات التالية وأدارت حملة والدها الرئاسية عام 2007.

عملت في عدد من المناصب الإقليمية والبلدية، وقادت الحزب إلى أداء قوي في الانتخابات الإقليمية في منطقة "نوربا دو كاليه" عام 2009، وأطاحت بـ "كارل لانغ" المرشح لمنطقة الشمال، لتصبح مرشحة الحزب للانتخابات الأوروبية.

رئاسة الحزب

عينت مارين لوبان يوم 16 يناير/كانون الثاني 2011 رئيسة لحزب التجمع الوطني بدعم من والدها رغم معارضة رفاقه، وفي العام التالي أصبحت مرشحة مرتقبة للانتخابات الرئاسية، فبدأت في محاولة تغيير الصورة السيئة التي ارتسمت عن الحزب الذي أسسه والدها.

واتخذت من أجل ذلك عدة قرارات أهمها منع مجموعات "حليقي الرؤوس" من المشاركة في فعاليات الحزب، واستبعاد عدد من القيادات بسبب تصنيف تصريحاتهم بأنها معادية للسامية أو متعاطفة مع النازية.

ورغم ذلك أبقت بالقرب منها عددا من القيادات العنصرية منهم "تيري مايار" و"فريديريك شاتيون"، الرئيس السابق لمجموعة الاتحاد للدفاع، وهي إحدى أخطر المجموعات الفاشية في فرنسا، ومؤسِّس موقع "آنفو سيري".

استطاعت مارين بعد أقل من عام على توليها رئاسة الحزب إعادته إلى واجهة الساحة السياسية والإعلامية، بعد هزيمته في الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2007.

ظلت تردد في خطبها أمرين أساسيين، الأول هو الهجرة، مؤكدة أنها لا ترفض الهجرة باعتبارها ظاهرة ولكنها تشترط ما تسميه اندماج المهاجرين في الثقافة الفرنسية، أما الأمر الثاني فهو الإسلام، إذ تحذر منه باستمرار وتعتبره "خطرا يهدد الثقافة الفرنسية".

واصلت لوبان "تحسين" صورة حزبها وتسببت شعبيتها بتزايد القبول لحزب التجمع الوطني واعتبره كثيرون "بديلا عمليا" للأحزاب الرئيسية في فرنسا.

بينما خسر الاشتراكيون وقائدهم فرنسوا هولاند شعبيتهم، في الوقت الذي كان الاقتصاد الفرنسي يعاني، لجأت لوبان وحزبها لجذب جزء من الناخبين الذين تغيرت نظرتهم للاتحاد الأوروبي باعتباره عقبة وليس منفعة.

في مارس/آذار 2014 فاز حزب التجمع الوطني والسياسيون المتحالفون معه برئاسة أكثر من 10 بلديات، واحتل الحزب لأول مرة في تاريخه المركز الأول في الانتخابات الوطنية وحصل على أكثر من ربع الأصوات.

كما أدى تزايد مشاعر العداء للإسلام إلى تعزيز أداء الحزب في الانتخابات الإقليمية في ديسمبر/كانون الأول 2015.

حرب بين الأب وابنته

فُتحت آفاق الحرب بين لوبان الأب وابنته بين صفحات الصحف، وقطعا التواصل فيما بينهما لاتهامها إياه بالإضرار بمصالح الحزب الحيوية بسبب تصريحاته التي يلمح فيها لـ"معاداة السامية".

فقد أيدت محكمة الاستئناف العليا في فرنسا إدانته يوم 27 مارس/آذار 2018 لإنكاره محرقة الهولوكوست ووصفه غرف الغاز بأنها "تفاصيل عن تاريخ الحرب العالمية الثانية"، وحكمت عليه بغرامة قدرها 30 ألف يورو.

وبعد ذلك قررت مارين إعفاء أبيها من الرئاسة الفخرية للحزب بشكل نهائي، بسبب عدم توافقهما فكريا.

الترشح للرئاسة

حصلت لوبان على المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2012 ضد الرئيس السابق "نيكولا ساركوزي" والمرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند، ونالت أكثر من 18% من الأصوات، ورغم أنها لم تمنح مكانا في الجولة الثانية إلا أنها قدمت أفضل أداء للحزب في الانتخابات الرئاسية مقارنة بوالدها في انتخابات عام 2002.

أما في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، فقد خسرت أمام "إيمانويل ماكرون" في الجولة الثانية من التصويت، بحصولها على نسبة 33.9% من الأصوات، وتعد هذه النسبة ضعف مجموع الأصوات التي حصل عليها والدها في الجولة الثانية من انتخابات عام 2002.

ورغم خسارتها، فإنها أعلنت أن التجمع الوطني أصبح حزب المعارضة الرسمي للحكومة التي قادها ماكرون.

وفي الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2022 احتلت لوبان المركز الثاني خلف ماكرون، وكانت النتيجة الإجمالية مطابقة لانتخابات عام 2017، إلا أن لوبان حصلت على أكثر من 40% من الأصوات، وهي أكبر نسبة حصل عليها مرشح رئاسي من حزب التجمع الوطني.

تغيير اسم الحزب

حاولت مارين لوبان التخلص من ماضي حزب التجمع الوطني المرتبط بالعنصرية ومعاداة السامية، فاقترحت في مؤتمره في يونيو/حزيران 2018 تغيير اسمه من الجبهة الوطنية إلى التجمع الوطني، وكان الهدف أيضا تسهيل التحالف مع الأحزاب الأخرى.

صوت الأعضاء بالموافقة على هذا التغيير في الأول من يونيو/حزيران 2018، ولكن دون تغيير شعار الشعلة التي رمزت للحركة الاشتراكية الإيطالية (الفاشية الجديدة) التي لم تعد موجودة وكان الحزب قد استلهم منها سياسيا في البداية، وتجسد الشعلة حسب مسؤولي الحزب رمز الاستمرارية ومحاور الحزب الموحدة (الأمن والهجرة).

وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، قضت محكمة في الاتحاد الأوروبي بأن لوبان استغلت حوالي 300 ألف يورو من أموال الاتحاد وأمرتها بسداد المبلغ.

استأنفت لوبان القرار، لكن في مايو/أيار 2019 رفضت محكمة العدل الأوروبية استئنافها وأمرتها بدفع تكاليف المحكمة.

المصدر : الجزيرة

إعلان