عبد الملك الحوثي زعيم جماعة الحوثيين
سياسي يمني، يعرف بين أنصاره باسم "السيد القائد"، مات شقيقه مؤسس جماعة الحوثيين (تسمى أيضا جماعة أنصار الله)، فدفع به والده إلى القيادة رغم صغر سنه، فاجأ خصومه بقدرات الحوثيين العسكرية فاستولى على محافظة عمران شمالي اليمن، والعاصمة صنعاء وغيرهما من المدن منتصف 2014.
يعرف عبد الملك بحذره الشديد وحرصه على التحصن بعيدا عن الأضواء، ونادرا ما يبقى في مكان واحد لفترة طويلة، بل يتنقل دائما، ولا يجري مقابلات مع الصحفيين، ويرفض الظهور العلني في المناسبات المخطط لها، وحتى دائرة القادة حوله غير معروفين باستثناء اسم أو اسمين.
المولد والنشأة
تضاربت الأنباء حول تاريخ مولد عبد الملك الحوثي، إذ يقول البعض إنه ولد عام 1979، فيما يؤكد آخرون أن ولادته كانت سنة 1982، وذلك بمدينة ضحيان في محافظة صعدة، لأسرة دينية فقيرة تولت تدريس العلوم الفقهية، وصارت مرجعية المذهب الزيدي لعقود.
الحوثي الأصغر بين 8 أبناء للزعيم الروحي للحوثيين بدر الدين الحوثي الذي كان واحدا من أبرز المراجع الفقهية في المذهب الزيدي باليمن، قبل أن يتحول إلى المذهب الجارودي -القريب من المذهب الاثني عشري– بعد إقامته في إيران خلال الفترة ما بين 1994 و2002.
في منتصف التسعينيات من القرن العشرين ترك عبد الملك محافظة صعدة إلى العاصمة اليمنية صنعاء للعيش مع أخيه الأكبر حسين، شيخ المرجعية الزيدية في اليمن، ومؤسس جماعة "الشباب المؤمن"، التي عرفت فيما بعد بجماعة أنصار الله.
عمل عبد الملك حارسا شخصيا لأخيه حسين -الذي كان آنذاك عضوا في البرلمان اليمني عن حزب الحق- وتأثر به كثيرا حتى صار فيما بعد بمثابة الأب الروحي له.
الدراسة والتكوين
تلقى عبد الملك الحوثي تعليما دينيا على يد والده، واشتهر بملازمته له في كل حلقات دروسه الفقهية، فأجازه في تلقيه العلوم الدينية التي درسها على يديه وهو في الـ18 من عمره.
لم يحظَ عبد الملك بأي تعليم نظامي، فبُنِيت خلفيته الثقافية على دروس المسجد وقصص تاريخ الهاشميين الضائع، إلى جانب تعاليم المذهب الزيدي الذي يتبنى نهج الخروج على الحاكم الظالم.
التوجه الفكري
ينتمي للزيدية التي تعتبر أقرب فرق الشيعة لأهل السنة، وترى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولم يقل أحد من أتباعها بتكفير أحد من الصحابة، كما أن الإمامة لديهم ليست وراثية بل تقوم على البيعة.
التجربة السياسية
قذفت الأحداث بعبد الملك إلى الواجهة بعد مقتل شقيقه الأكبر مؤسس جماعة الحوثيين حسين بدر الدين، الذي قتل في 10 سبتمبر/أيلول 2004 خلال حرب الحوثيين مع الجيش اليمني أثناء حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
تولى قيادة الحوثيين بعد خلاف داخل الجماعة في شأن من يتزعمها، خاصة في ظل بروز القائد الميداني آنذاك عبد الله الرزامي، فقد وقع الاختيار على عبد الملك الأصغر سنا والأقل خبرة قائدا للجماعة استجابة لرغبة والده الذي أيد توليه القيادة.
وتسلم عبد الملك منصبه والجماعة في حالة حرب مع الحكومة اليمنية اندلعت عقب اتهامات للحركة بتأسيس كيان مُسلح على غرار حزب الله اللبناني.
وبدأ اسمه يتردد باعتباره قائد الجماعة خلال جولات الحرب في صعدة مع القوات الحكومية، التي تواصلت فترات متقطعة حتى 2010، وبرز أكثر بعد نجاح الثورة اليمنية في إرغام علي عبد الله صالح عام 2012 على التخلي عن الحكم وفق بنود المبادرة الخليجية.
بعد سقوط صالح، دخل الحوثيون بزعامة عبد الملك في الحوار الوطني اليمني، لكنهم صعدوا لهجتهم تجاه الحكومة وبعض الأطراف السياسية اليمنية الشريكة في الحوار.
وفي أغسطس/آب 2014 بدأ الحوثي يطالب بإقالة الحكومة وإلغاء قرارات اتخذتها برفع الدعم عن المحروقات، ودعا أنصاره إلى لاعتصام على تخوم العاصمة صنعاء وداخلها، كما دعا للعصيان المدني وهدد بتصعيد "مزعج" إذا لم تستجب الحكومة لمطالبه.
وبعد بضعة أسابيع من الصراع والمواجهات -تخللتها مفاوضات فاشلة- أحكم الحوثيون قبضتهم على مفاصل صنعاء بدون مقاومة تذكر، وفي 23 سبتمبر/أيلول 2014 ظهر عبد الملك الحوثي على التلفزيون يتحدث عن "انتصار تاريخي".
وقد جاءت احتفالات الحوثيين بسقوط صنعاء متزامنة مع الذكرى 52 لثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962، التي أدت إلى إنهاء الحكم الإمامي الزيدي، وإعلان قيام الجمهورية اليمنية. وقد تبع سقوط صنعاء بقبضة الحوثيين، سقوط مدن أخرى بأيديهم.
وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على الرئيس السابق علي عبد الله صالح واثنين من كبار القادة العسكريين للحوثيين هما عبد الخالق الحوثي (شقيق عبد الملك) وعبد الله يحيى الحكيم المعروف بـ"أبو علي الحاكم" لاتهامهم بتهديد السلام والاستقرار في اليمن، واتخذت الولايات المتحدة الأميركية إجراءات مماثلة في العاشر من الشهر نفسه.
وسبق أن أدرجت الولايات المتحدة على القائمة السوداء كلا من عبد الملك الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم إضافة إلى علي عبد الله صالح، بتهم منها "الضلوع في أعمال تهدد بشكل مباشر أو غير مباشر السلام والأمن والاستقرار في اليمن".
كرست جماعة الحوثيين بقيادة عبد الملك سيطرتها على الحكم في اليمن بإصدار إعلان دستوري يوم 6 فبراير/شباط 2015 حُل بموجبه البرلمان، وأُنشئ مجلس وطني مؤقت، وشُكل مجلس رئاسي.
ودفعت التطورات الجديدة الرئيس عبد ربه منصور هادي للاستقالة، قبل أن ينجح في الوصول إلى عدن يوم 20 فبراير/شباط 2015، ويعلن سحب استقالته، ويجدد رفضه لما سماه "انقلاب" الحوثيين، ويشرع في استقبال مسؤولين كبار كان من بينهم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني الذي التقاه يوم الأربعاء 25 فبراير/شباط 2015.
في مارس/آذار 2015 تقدم التحالف العربي وسيطر على أماكن واسعة دون خسائر كبيرة، مع ذلك استطاع الحوثيون التقدم ميدانيا، انتهى الأمر إلى تدخل أممي أسفر عن توقيع اتفاق سياسي، هو اتفاق "ستوكهولم" عام 2018، والذي اعتبر الحوثيين قوة معترفا بها رسميا.
في يناير/كانون الثاني 2022 شنت الجماعة هجوما على مدينة مأرب أحد آخر معاقل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
تطورت جماعة الحوثي تحت إشراف عبد الملك، وصارت تضم آلافا من المقاتلين مع ترسانة ضخمة من الطائرات بدون طيار والصواريخ البالستية.