بيرام ولد اعبيد.. حقوقي جدلي بموريتانيا
المولد والنشأة
ولد بيرام ولد الداه اعبيد يوم 12 يناير/كانون الثاني 1965 في جدر المحكن بولاية الترارزة في الجنوب الغربي الموريتاني، لأسرة فقيرة تنحدر من شريحة لحراطين (الأرقاء السابقين) فنشأ رافضا للواقع الاجتماعي الذي يقسم المجتمع الموريتاني.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس ولاية الترارزة، فحصل على الثانوية العامة في شعبة الآداب المزدوجة (اللغة الفرنسية) عام 1985 من ثانوية روصو، أقدم ثانويات البلاد.
حصل بيرام ولد الداه اعبيد على شهادة كاتب ضبط، وسجل في كلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة نواكشوط، لكن دراسته فيها لم تنتظم لانشغاله بالعمل، ثم طرد من الكلية عام 1992 لدوره في الإضرابات التي عرفتها.
وفي عام 1997 التحق بقسم التاريخ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط، فحصل فيها على شهادة المتريز (الإجازة) في التاريخ الحديث.
وفي عام 2000 سجل في جامعة الشيخ أنتا جوب بداكار، وحصل على شهادة الدراسات المعمقة في التاريخ، ثم سجل للدراسات العليا في الكلية نفسها، لكن انشغاله بالنشاط الحقوقي والسياسي عطل مساره الدراسي قبل الحصول على الدكتوراه.
الوظائف والمسؤوليات
عمل كاتب ضبط في محاكم النعمة في الجنوب الشرقي الموريتاني عام 1988، وبعد سنة واحدة انتقل إلى محكمة نواذيبو في الشمال الموريتاني.
وفي سنة 2007 عين عضوا في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وهي هيئة دستورية مهمتها النهوض بحقوق الإنسان ومراقبة سجل الحكومة في هذا المجال.
التجربة السياسية
برز بيرام ولد الداه اعبيد حقوقيا منافحا عن شريحة لحراطين (الأرقاء السابقين)، فشارك في نشاطات الحركات الحقوقية العاملة في المجال وخاصة "منظمة نجدة العبيد" بقيادة ببكر ولد مسعود.
لكن "نجدة العبيد" وقبلها "حركة الحر" العريقتين في الدفاع عن شريحة "لحراطين" لم تستوعبا بيرام وخطابه الحاد، فاعتبر أن منهجهما أصبح متجاوزا ولا بد من تطويره ليلائم مرحلة نضالية أرادها بيرام أكثر صدامية مع الواقع.
وبحكم تداخل الحقوقي بالسياسي في الساحة الموريتانية بدأ يمارس النشاط السياسي، فترشح في لائحة مستقلة للمجلس البلدي في نواذيبو (العاصمة الاقتصادية) سنة 1994، معلنا بذلك القطيعة مع قيادات "الحر" التي كان يتعاطى معها.
اندمج بيرام ولد الداه اعبيد في العمل السياسي إلى جانب نشاطه الحقوقي في "نجدة العبيد"، فنسق مع قيادات في الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي الذي كان يومئذ الحزب الحاكم.
وبعد الإطاحة بـمعاوية ولد سيدي أحمد الطايع عام 2005، التحق بيرام بالمرشح المستقل لرئاسيات 2006 الزين ولد زيدان ونشط في حملته وكان متحدثا باسمها، لكن العلاقة بينهما انقطعت بعد تعيين ولد زيدان رئيسا للوزراء في عهد الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
وفي عام 2008 أنشأ بيرام ولد الداه اعبيد "مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية" المعروفة اختصارا بحركة "إيرا"، التي شكلت ملامح رؤيته السياسية الحقوقية القائمة على الخطاب "الصادم" الرافض لكل البنيات السياسية والاجتماعية والفقهية التي اعتبرها تكرس الاسترقاق وممارسة استعباد شريحة لحراطين.
وبفعل خطابه المتشنج دخل في صدام مع غالبية المجتمع بلغ ذروته حين أقدم في 27 أبريل/نيسان 2012 على حرق مجموعة من أمهات كتب الفقه المالكي، اعتبرها مزورة وتمجد العبودية وتشرع ممارستها.
وعلى إثر هذه الحادثة اعتقل اعبيد بتهم عديدة من بينها المساس بالقيم الأساسية للمجتمع بدافع التعصب العنصري والعرقي، والانتساب لجمعية غير مرخصة، وانتهاك حرمات الله، ثم أفرج عنه بحرية مؤقتة قبل تقديمه للمحاكمة.
ترشح للانتخابات الرئاسية عام 2014 فحصل على حوالي 8% من أصوات الناخبين، ليحل ثانيا في الترتيب بعد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
واستمر في نشاطه الحقوقي حتى اعتقل في أكتوبر/تشرين الأول 2014 بعد مسيرة نظمتها حركته، واتهم بالإخلال بالأمن العام والتظاهر غير المرخص وصدر بحقه حكم بالسجن سنتين.
الجوائز
حصل على عدة جوائز لنشاطه الحقوقي من أبرزها جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 2013.