الميزان التجاري مؤشر صحة الاقتصاد
بيان إحصائي يسجل إجمالي القيمة النقدية لتدفقات السلع -والخدمات أيضا بالنسبة لبعض البلدان- التي تتم خلال فترة معينة بين المقيمين في بلد ما وبقية العالم، ويتم التمييز بين الصادرات من جهة والواردات من جهة أخرى.
ويقصد بالصادرات قيمة السلع التي أنتجت داخل البلد وبيعت لمقيمين في الخارج، أما الواردات فهي قيمة السلع التي استُقْدِمَت من خارج البلد.
الرصيد التجاري
يحسب الرصيد التجاري عبر طرح الواردات من الصادرات، فإذا كان الناتج موجبا (الصادرات تفوق الواردات) نقول إن الميزان التجاري يشهد فائضا، أما إذا كان الناتج سالبا (الصادرات أقل من الواردات) فيقال حينئذ إن الميزان التجاري فيه عجز، ويكون الميزان التجاري في حالة توازن إذا كان الناتج صفريا (الصادرات تغطي الواردات).
إعداد الميزان
في إطار الجهود التي تبذلها معظم بلدان العالم من أجل ملاءمة أنظمتها الإحصائية الخاصة بالمعاملات الخارجية (السلعية والخدماتية والمالية)، فإن تسجيل تدفقات الميزان التجاري أصبح يتم وفقا للمعايير المدرجة في الطبعة الخامسة للدليل الصادر عن صندوق النقد الدولي عام 1993.
ويذكر في هذا الصدد أن تسجيل الصادرات والواردات يتم على أساس قيمة السلع دون تكاليف النقل والشحن، خلافا لمنهجية الأمم المتحدة بشأن التبادل التجاري المعتمدة سابقا والتي تُسَجَّل بموجبها الواردات على أساس سعر يشمل تكاليف هذه البضائع بالإضافة إلى تكاليف التأمين والشحن المتعلقة بها.
وتسجل تدفقات السلع عند مرورها بالمكاتب الجمركية استنادا إلى التصاريح الجمركية بغض النظر عن طرق الأداء المتعلقة بها، بمعنى أن الواردات تشمل السلع التي تم أداء سعرها بشكل فوري أو تلك التي استفادت من تسهيلات في الأداء على حد سواء.
الفائض والعجز التجاريين
يعد الفائض التجاري عادة مؤشرا على صحة الاقتصاد وقدرته التنافسية، لكنه يبقى أحيانا غير كاف لإصدار حكم بهذا الشأن، خاصة إذا تعلق الأمر بالاقتصادات التي تبالغ في اعتمادها على الصناعات الاستخراجية وتصدير المواد الأولية المعدنية والطاقية دون تحويلها.
فهذه الاقتصادات تفتقر إلى التنويع، وتكون عرضة لتقلبات أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، مما يؤدي إلى أزمات اقتصادية دورية.
أما العجز التجاري فإنه يُقرأ كدليل على ضعف تنافسية البلد المعني أمام المنتجات الأجنبية، ويؤدي إلى استنزاف احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي، وبالتالي إلى ضرورة الاقتراض من الخارج في غياب موارد أخرى تسد العجز، مثل تحويلات العمال المقيمين بالخارج أو تدفقات الاستثمار الأجنبي.
وتضطر البلدان التي تعرف عجزا تجاريا هيكليا إلى تخفيض قيمة عملتها الوطنية أملا في كبح جماح الواردات وتحفيز الصادرات، من أجل إعادة بعض التوازن إلى موازينها التجارية.
لكن هذا الإجراء لا يخلو من مخاطر أحيانا، حيث يمكن أن يؤدي إلى التضخم دون التمكن من رفع حجم الصادرات بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية والتجهيزات المستوردة التي تدخل في عملية الإنتاج. ويُدفع الاقتصاد بذلك إلى الدخول في ركود تضخمي، ويشهد ارتفاعا للأسعار مصحوبا بركود في الإنتاج ومعدلات بطالة مرتفعة.