جبال الأطلس
جبال الأطلس سلسلة جبلية في الشمال الغربي للقارة الأفريقية، تعبر بلدان المغرب والجزائر وتونس. تشكل مشهدا طبيعيا وفضاء حيويا غنيا بالعناصر النباتية والمعدنية والحيوانية، وتتفاوت ارتفاعاتها لتبلغ أعلى قمة في المغرب بجبل توبقال في الأطلس الكبير (4165 مترا).
التكوين الجيولوجي
تشير الدراسات الجيولوجية إلى أن تشكل سلسلة جبال الأطلس بمشهدها الحالي جاء نتيجة لتحولات كبيرة تمت عبر ثلاث مراحل كبرى، وكانت أولاها قبل حوالي 300 مليون سنة نتيجة اصطدامات قارية بين أميركا الشمالية وأوروبا وأفريقيا.
وتحددت المرحلة الثانية في ما قبل 65 مليون سنة بسبب انفصال القارات عن بعضها البعض، بينما تشكلت جبال الأطلس الحالية لاحقا نتيجة تقارب الصفيحتين الأفريقية والأوروبية.
وتفيد الدراسات بأن الأطلس الغربي كان أسبق بالتشكل وهو امتداد لسلسلة جبال سييرانيفادا الإسبانية قبل أن تنفصل القارة الأوروبية والإفريقية، بينما جاء تكوّن الأطلس الشرقي مترافقا ومتزامنا مع تكوّن جبال الألب الأوروبية.
مكونات السلسلة
تنقسم سلسلة جبال الأطلس إلى مجموعة مقاطع جبلية شبه مستقلة تشمل الأطلس المتوسط الذي يقع في شمال وسط المغرب، ويرتبط في الحدود الجنوبية مع الأطلس الكبير الذي يقع وسط المغرب، ويرتفع في الغرب على ساحل المحيط الأطلسي ويمتد في الاتجاه الشرقي من الحدود المغربية الجزائرية، والأطلس الصغير الذي يقع فى جنوب المغرب.
ويمتد من ناحية الجنوب الغربي من المحيط الأطلسي إلى الشمال الشرقي في هضبة ورزازات، والأطلس الصحراوي الذي يقع في الجزائر، ويبلغ ارتفاع أعلى قممه نحو 2336 مترا بجبل عيسى، ثم الأطلس التلي الذي يوجد بين الجزائر وتونس وتبلغ مساحته حوالي 1500 كيلومتر ويتميز بخصوبة أراضيه.
الخصائص الطبيعية
تزخر فضاءات الأطلس بعالم غني من الحياة البرية والغطاء النباتي والثروات المعدنية، فضلا عن احتضانه لحضارات بشرية جسدها أساسا السكان الأمازيغ. وضمت هذه السلسلة العديد من الأصناف الحيوانية النادرة والغابات الكثيفة.
كما يحتوي على موارد طبيعية كبيرة مثل خام الحديد والرصاص والنحاس والفضة والزئبق والملح الصخري والفوسفات والغاز الطبيعي. وتوجد أعلى قمم السلسلة في الأطلس الكبير بالمغرب حيث يتجاوز ارتفاع جبل توبقال 4165 مترا.
وإذ يحد السلسلة من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب الصحراء الكبرى، فإن جبال الأطلس تمثل نقطة التقاء اثنين من التيارات الهوائية: الكتل الهوائية القطبية الرطبة والباردة التي تأتي من الشمال، والكتل الهوائية المدارية الحارة والجافة التي تأتي من الجنوب.
الغطاء النباتي
تمتاز جبال الأطلس -التي تمتد على مساحة تناهز 750000 كيلومتر مربع- بكثافة المجال الغابي الذي يشكل قرابة 12.6% من المساحة. ويكتسي هذا المجال طابعا متوسطيا بحيث تسود أشجار السنديان الأخضر والفلين والسرو والصنوبر والأرز في الجبال العالية، تليها أشجار الطوية والعرعر والزيتون البري واللوز والتين، ثم الحلفاء والأزهار مثل الزنبق والأقحوان، وغير ذلك من نباتات تسود المراعي المنتشرة في المستويات الأدنى وفي النجود العليا.
ويواجه الغطاء النباتي والمجال الغابي في جبال الأطلس تحديات بيئية جسيمة نتيجة هجمة التمدن وكثافة الاستغلال البشري الذي يتمظهر في قطع الأشجار لغرض التدفئة أو التجارة.
الثروة الحيوانية
فقدت الفضاءات الجبلية بالأطلس جزءا كبيرا من ثروتها الحيوانية التي ظلت تختزنها لحقب طويلة؛ فقد انقرض أسد الأطلس الشهير واختفت الفيلة وتناقصت أعداد النمور والغزلان، بينما ما زالت تنتشر أنواع من الطيور والوحوش. وعمدت السلطات في منطقة جبال الأطلس إلى إقامة بعض المحميات لإنقاذ هذه الثروات.
الأهمية الاقتصادية
توفر الفضاءات الجبلية لسلسة جبال الأطلس مجالات واسعة وغنية لازدهار عدة أنشطة اقتصادية بالنسبة للأهالي وكذا بالنسبة للنسيج الاقتصادي الوطني. وتعد هذه الفضاءات مصدر مواد أولية تدخل في الاستغلال الزراعي والحيواني وكذا في القطاع الصناعي المعدني. كما تشكل مناطق الأطلس بسحر مناظرها الطبيعية وثرائها الحضاري اللامادي مكانا جاذبا للسياح من الداخل والخارج.
ومن المعادن التي تضفي على الأطلس أهمية اقتصادية خاصة: الحديد والفوسفات الذي يشكل مصدر عائدات هامة بالنسبة للمغرب وتونس. كما توجد مناجم للنحاس والفضة والمنغنيز والفحم الحجري.
ولا يمكن إغفال الثروة الخشبية المتأتية من الغابات والتي تعد محور نشاط اقتصادي حيوي. وتمتد عبر فضاءات الأطلس مجالات رعوية توفر للسكان فرصا لازدهار تربية المواشي مع هوامش أقل من المساحات الصالحة للزراعة.
ويكتسي القطاع السياحي أهمية خاصة بالنظر إلى جاذبية المجالات الجبلية الساحرة، حيث يتوافد عشاق الرياضات الجبلية والراغبون في التمتع بمناظر الثلوج على القمم العليا، خصوصا في المغرب (ضواحي إفران في الأطلس المتوسط ومراكش في الأطلس الكبير).
السكان
ومع جغرافيتها القاسية وأرضها الوعرة، كانت الجبال ملاذا لسكانها الأصليين من الأمازيغ، الذين لجؤوا إليها هربا من عدة غزوات لاحقتهم، وحافظوا على لغتهم وتقاليدهم ثم اعتنقوا الإسلام. وبقيت من حينها ملاذا لمجتمعات قروية سكنتها وبقيت فيها.
وتقع القرى على ارتفاع ألفي متر تقريبا، وتُبنى منازلها متراصة ببعضها ومتدرجة، ويعتمد سكانها على الرعي والزراعة.
وفي الجزء الواقع من الجبال في الجزائر تتشابه هناك طبيعة الحياة مع المغرب، لكن سكان المنطقة يميلون للزراعة أكثر من الرعي، وتغطي أشجار التين والزيتون المنحدرات الجبلية التي يسكنونها، ويُعدون حرفيين مهرة في الخشب والفضة والصوف.
وفي الجزء الواقع بمدينة تيزي وزو شرق العاصمة الجزائرية يصل تعداد السكان إلى حوالي 270 شخصا لكل كيلومتر مربع.