كاليفورنيا.. "الولاية الذهبية" في أميركا

epa12144213 An overview of the center of the University of California at Berkeley (foreground) as seen from The Lawrence Hall of Science of the University of California, Berkeley with the San Francisco skyline in the background from Berkeley, California, USA, 29 May 2025. After targeting Harvard, the Trump administration task force says it is devoted to rooting out antisemitism by defunding California Universities such at the University of California, Berkeley. EPA-EFE/JOHN G. MABANGLO
مشهد من مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا (الأوروبية)

ثالث أكبر ولاية في الولايات المتحدة الأميركية من حيث المساحة، وإحدى ولاياتها الأساسية. انضمت إلى الاتحاد الأميركي في 9 سبتمبر/أيلول 1850، وأصبحت الولاية الـ31. مع بداية ستينيات القرن الـ20 أصبحت إحدى الولايات الأكثر اكتظاظا في البلاد.

ورغم غياب تفسير قاطع لأصل اسم "كاليفورنيا"، فإن الرأي الغالب يشير إلى أنه مستمد من رواية إسبانية تعود إلى أوائل القرن السادس عشر بعنوان "مغامرات إسبلانديان"، وتصف الرواية جزيرة خيالية تُدعى كاليفورنيا، تزخر بالذهب والأحجار الكريمة.

الموقع

تقع كاليفورنيا على الساحل الغربي للولايات المتحدة وتحدها شمالا ولاية أوريغون، ومن الشمال الشرقي ولاية نيفادا، وفي الجنوب الشرقي ولاية أريزونا، وباخا كاليفورنيا المكسيكية من الجنوب، والمحيط الهادي من الغرب.

المساحة والسكان

تضم ولاية كاليفورنيا 58 مقاطعة، وتمتد على مساحة قدرها 423 ألفا و970 كيلومترا مربعا، ما يجعلها ثالث أكبر ولاية أميركية من حيث المساحة. عاصمتها ساكرامنتو، في حين تُعد لوس أنجلوس كبرى مدنها.

شهدت الولاية في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الـ20 تحولات ديمغرافية كبيرة، تمثلت في بروز مراكز حضرية جديدة ونمو ملحوظ للمدن الصغيرة. فقد ارتفع عدد سكان منطقة سان دييغو الحضرية إلى أكثر من مليوني نسمة، وتميزت بأعلى نسبة من خريجي الجامعات بين كبريات مدن أميركا.

كما شهدت الضواحي المتاخمة لمدن سان خوسيه وساكرامنتو وريفرسايد توسعا سريعا. وعلى الرغم من أن سان فرانسيسكو ظلت مركزا ماليا رئيسيا عقودا عدة، فإن أواخر الثمانينيات شهدت انتقال معظم الشركات الكبرى إلى جنوب كاليفورنيا، التي أصبحت المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان في الولاية.

The Hollywood Sign (formerly known as the Hollywoodland Sign) is a landmark and American cultural icon located in Los Angeles, California. It is situated on Mount Lee in the Hollywood Hills area of the Santa Monica Mountains. The sign overlooks the Hollywood district of Los Angeles.
هوليوود أحد أهم معالم مدينة لوس أنجلوس وولاية كاليفورنيا (غيتي إيميجز)

التسمية

لا يوجد تفسير قاطع لأصل تسمية "كاليفورنيا"، لكن الرأي الأكثر شيوعا يرجّح أنه مأخوذ من رواية إسبانية تعود إلى أوائل القرن السادس عشر بعنوان "مغامرات إسبلانديان"، والتي تصف جزيرة خيالية غنية بالذهب والأحجار الكريمة تُدعى كاليفورنيا، وهو ما عزز هذا التفسير في المخيلة الشعبية.

المناخ

يمتاز مناخ الولاية بالتنوع ويسود في أغلب مناطقها مناخ متوسطي يشهد فصل شتاء باردا وممطرا وصيفا جافا. والمعدل السنوي للتساقطات المطرية أكبر في شمالي الولاية منه في جنوبها، وتؤثر السلاسل الجبلية في الولاية على المناخ، فتكون مناطقها الأكثر غزارة في الأمطار هي التي تواجه غرب المنحدرات الجبلية.

إعلان

أما المناطق الجبلية الشرقية من الولاية فتشهد تساقطات مطرية ضعيفة، مما جعلها منطقة صحراوية يسودها صيف حار وشتاء بارد.

الجغرافيا

تشمل جغرافية ولاية كاليفورنيا إقليم السلاسل الساحلية في الجنوب بمحاذاة ساحل المحيط الهادي من جبال كلاماث إلى مقاطعة سانتا بربارا، وكذا إقليم الوادي الأوسط بين السلاسل الساحلية وجبال سييرا نيفادا، ثم إقليم جبال الكسكيد شمالي الوادي الأوسط، إضافة إلى إقليم الحوض والسلسلة شمال شرقي سييرا نيفادا وجنوب شرقيها.

وتوجد في جنوبها شواطئ رملية كثيرة مع مرفأين طبيعييْن على ساحلها هما خليج سان فرانسيسكو وخليج سان دييغو. وتغطي الغابات نسبة 40% من أراضيها، وتتوفر على أعلى الشلالات في أميركا الشمالية، مثل شلالات ريبون 491 مترا، إضافة إلى حوالي ثمانية آلاف بحيرة.

ومن أبرز ملامحها أنها تضم أعلى نقطة في الولايات المتحدة خارج ألاسكا، وهي جبل ويتني (4421 مترا)، وأدنى نقطة في البلاد بأكملها، وهي حوض بادووتر في وادي الموت.

وتُعد سلسلة جبال سييرا نيفادا في شرق الولاية من أكثر السلاسل إثارة، إذ تحتوي على عدد كبير من القمم التي يتجاوز ارتفاعها 13 ألف قدم.

التاريخ

كان خوان رودريغيز كابريو أول أوروبي يصل إلى سواحل كاليفورنيا في 1542، حينها كان يقيم في المنطقة نحو 130 ألفا من الأميركيين الأصليين، إلا أن إسبانيا أهملت هذا الإقليم فترة امتدت أكثر من قرنين بسبب تقارير تشير إلى فقر موارده، إلى جانب التباطؤ العام في وتيرة الاستكشاف.

وفي 1602، أبحر التاجر سيباستيان فيسكاينو من المكسيك إلى سواحل جنوب كاليفورنيا، وأطلق أسماء إسبانية على عدد من المواقع الساحلية منها سان دييغو وجزيرة سانتا كاتالينا وسانتا باربرا ومونتيري. وبسبب الاعتماد على خرائط غير دقيقة، اعتقد هو وغيره من المستكشفين أن كاليفورنيا جزيرة، ما سبب إحباطا لكثير من المستكشفين لأنهم كانوا غير قادرين على رسم خريطة دقيقة للموقع أو فهم جغرافيته الحقيقية.

تزايدت الدعوات إلى استيطان كاليفورنيا تحت ضغط متصاعد من الرهبان التبشيريّين المتحمسين لتحويل السكان الأصليين إلى المسيحية، إلى جانب دخول تجار روس وبريطانيين إلى المنطقة.

وفي 1769، أرسل نائب الملك الإسباني بعثات برية وبحرية من باها كاليفورنيا، حيث أسّس الراهب الفرنسيسكاني جونيبيرو سيرا أول بعثة تبشيرية في سان دييغو، وفي العام التالي أنشأ غاسبار دي بورتولا (الذي أصبح حاكم الولاية لاحقا) موقعا عسكريا في مونتيري.

وقد انطلق الاستيطان الفعلي بعد عام 1773، مع افتتاح طريق بري يمر عبر الصحاري الجنوبية الغربية، ويربط مستوطنات إسبانيا الأخرى بـ"أريزونا ونيومكسيكو".

شكّلت البعثات التبشيرية التي أنشأها سيرا وخلفاؤه ركيزة أساسية في تطوير الإقليم. فإلى جانب مهمتهم الدينية، علّم الرهبان السكان الأصليين الزراعة والحرف التقليدية، وأسسوا مزارع واسعة اعتمدت على أنظمة ري متقدمة، مستندين في تشغيلها على العمل القسري للسكان المحليين.

ازدهرت الحركة التجارية آنذاك، وتبادل السكان المحليون مجموعة متنوعة من المنتجات مثل الجلود والنبيذ والحبوب وزيت الزيتون مع السفن التجارية الأميركية القادمة عبر رأس هورن، وذلك مقابل سلع صناعية مستوردة.

إعلان

بعد استقلال المكسيك عام 1821، أصبحت البعثات تحت إدارة مدنية، وخصصت الحكومة أراضيها للمؤيدين السياسيين، مما أدى إلى تدهور أوضاع السكان الأصليين.

استقلال كاليفورنيا

بدأت الهجرة الأميركية إلى كاليفورنيا عام 1841، وتصاعدت التوترات حتى أعلن المستوطنون استقلال "جمهورية كاليفورنيا" عام 1846 بالتزامن مع اندلاع الحرب الأميركية المكسيكية.

انتهى الصراع بسيطرة الولايات المتحدة على الإقليم وتوقيع معاهدة غوادالوبي هيدالغو عام 1848، التي قضت بتنازل المكسيك عن كاليفورنيا.

ولاية الذهب

في أوائل 1848، اكتشف النجار جيمس ويلسون مارشال حبيبات ذهبية في نهر "أميركان ريفر"، مما تسبب في اندفاع الناس نحو البحث عن الذهب في الولاية.

وبحلول أغسطس/آب من العام ذاته، تجمّع أكثر من 4 آلاف منقب حول النهر، وجاء المزيد من المنقبين عبر طرق بحرية وبريّة محفوفة بالمخاطر.

وفي 1849 وصل نحو 40 ألف منقب إلى سان فرانسيسكو، وتبعهم آلاف آخرون عبر طريق كاليفورنيا.

ورغم الجهود الكبيرة، لم يحقق معظم المنقبين ثروات كبيرة بسبب صعوبة العمل وارتفاع الأسعار وظروف العيش القاسية، فاختار بعضهم التحول إلى الزراعة أو التجارة.

أدى شغف التنقيب عن الذهب إلى تسريع انضمام كاليفورنيا إلى الاتحاد الأميركي باعتبارها الولاية الـ31 عام 1850، مع استمرار تدفق المستوطنين، وكان قد تم استخراج نحو ملياري دولار من الذهب قبل تراجع نشاط التعدين بشكل كبير بعد ذروة عام 1852.

تصميم خاص - خريطة موقع ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة

الحرب الأهلية وما بعدها

بعد انضمام كاليفورنيا للاتحاد عام 1850، استمرت الانقسامات بشأن العبودية، حينها انقسمت القوى السياسية بين مؤيدين ومعارضين لها، وظهرت دعوات لتقسيم الولاية، لكن مع اندلاع الحرب الأهلية انحازت كاليفورنيا للاتحاد الشمالي.

لاحقا، شهدت الولاية صراعات سياسية واقتصادية تمحورت حول قضايا العمل والزراعة والموارد، وتزايد استياء العمال من منافسة العمالة الصينية الرخيصة.

أدى ذلك إلى دستور عام 1879، الذي شمل بنودا تمييزية ضد الصينيين، ورغم الفيتو الرئاسي، تم لاحقا إقرار "قانون استبعاد الصينيين" عام 1882، وجددته السلطات عام 1902، مما أثر على بنية العمالة الزراعية.

بدأت حينها موجة جديدة من استقدام العمال اليابانيين، لكن نجاحهم الاقتصادي أثار موجة عداء جديدة تُوّجت بـ"اتفاق السادة" عام 1907 لمنع هجرتهم، ثم "قانون ويب" عام 1913 الذي حرمهم من تملك الأراضي.

في أوائل القرن الـ20 شهدت كاليفورنيا حركات إصلاحية لتعزيز دور الشعب في الحكم. وأثناء فترة الكساد الكبير، تدفق آلاف العمال من منطقة "دست بول"، ما تسبب في اضطرابات اجتماعية، وظهرت مبادرات مثل حركة "القضاء على الفقر في كاليفورنيا" بقيادة أبتون سنكلير.

ورغم اكتساب الديمقراطيين نفوذا، حافظ الجمهوريون على منصب الحاكم معظم النصف الأول من القرن الـ20. وفي 1958 حقق الديمقراطيون نصرا واسعا برئاسة إدمن براون، قبل أن يخلفه الجمهوري رونالد ريغان عام 1966. ومنذ الستينيات أصبحت قيادة الولاية تتأرجح بين الحزبين.

Demonstrators attend a protest against federal immigration sweeps in downtown Los Angeles, California, U.S. June 10, 2025. REUTERS/Leah Millis
من الاحتجاجات التي شهدتها لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا في يونيو/حزيران 2025 رويترز)

أعمال شغب

في 6 يونيو/حزيران 2025، اندلعت احتجاجات في لوس أنجلوس عقب اعتقال وكالة الهجرة والجمارك 44 شخصا بتهم ارتكاب مخالفات لقوانين الهجرة. وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف، دفعت الرئيس دونالد ترامب إلى نشر ألفي جندي من الحرس الوطني، و700 من مشاة البحرية، مما أثار انتقادات حادة من حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم ، الذي اتهم ترامب باستخدام الجيش ضد المواطنين ومحاولة إشعال الانقسام.

مع تصاعد الموقف، أُلقي القبض على ديفيد هويرتا، رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية، وأُصيب أثناء احتجازه، مما استدعى نقله للمستشفى، قبل أن يُعلن عن استقرار حالته واستمرار احتجازه.

إعلان

وردّ ترامب باتهام نيوسوم بعرقلة تطبيق قوانين الهجرة، ملمحا إلى إمكانية اعتقاله، ومتوعدا بمزيد من التعزيزات العسكرية إذا لزم الأمر.

الاقتصاد

تُعد كاليفورنيا القوة الاقتصادية الأولى في الولايات المتحدة، فقد بلغت مساهماتها نحو 14.2% من إجمالي الناتج المحلي عام 2023.

يرتكز اقتصادها على صناعات رئيسية مثل الطيران والنفط والتكنولوجيا المتقدمة في وادي السيليكون ، إلى جانب الإعلام والترفيه بهوليوود و"ديزني لاند". وتشكل الخدمات نحو ثلاثة أرباع الناتج، خصوصا في التمويل والعقارات والتعليم.

وتمثل الزراعة محورا اقتصاديا مهما، خاصة في الوادي الأوسط، الذي يُعد من أغزر مناطق العالم إنتاجا للمحاصيل والمنتجات الحيوانية. كما تزخر الولاية بثروات بحرية ومعدنية مثل الذهب والنفط والغاز.

رغم قوتها، واجهت كاليفورنيا أزمات اقتصادية، أبرزها أزمة 2009 التي دفعت إلى تقليصات واسعة في الميزانية. كما تأثرت في التسعينيات من القرن الـ20 بتراجع الإنفاق الدفاعي وكوارث طبيعية.

غير أن تعافيها بدأ في 1994 بفضل صعود قطاع التكنولوجيا وتدفق الكفاءات من الخارج، مما عزز التنوع الثقافي لكنه عمّق الفجوة الطبقية.

معالم

تُعد هوليود وديزني لاند من أبرز الوجهات السياحية في كاليفورنيا، وإلى جانبهما تبرز معالم أخرى تجتذب ملايين الزوار، مثل حديقة الحيوانات في سان دييغو، و"وادي نابا" الذي يشتهر بكرومه الخضراء، و"حديقة يوسمايت الوطنية" التي تستقبل نحو أربعة ملايين زائر سنويا، و"بحيرة تاهو" التي تعود نشأتها الجيولوجية إلى ما قبل مليوني عام، و"حديقة وادي الموت الوطنية" التي تُعد من أكثر الأماكن حرارة على وجه الأرض، وتصل درجات الحرارة فيها صيفا إلى نحو 130 فهرنهايت (54 درجة مئوية).

  • ديزني لاند

تقع في مدينة أناهايم جنوب كاليفورنيا، وهي إحدى أكبر مدن الملاهي في العالم، يطلق عليها مدينة الأحلام، يعيش المتجول فيها وسط أبرز الشخصيات الكرتونية على أرض الواقع.

  • هوليود

تقع شمال غرب مركز مدينة لوس أنجلوس، اشتهرت عالميا باحتضانها استوديوهات تصوير أفلام سينمائية وشركات إنتاج ونجوما سينمائيين عالميين، مما جعلها مركزا تاريخيا لصناعة السينما الأميركية والعالمية، وتحمل لقب عاصمة الترفيه في العالم.

المصدر: الجزيرة

إعلان