الاحتياطي النقدي.. بارومتر للاستقرار المالي
تعد الاحتياطيات الدولية، أو احتياطي النقد الأجنبي، الودائع والسندات من العملات الأجنبية التي تحتفظ بها البنوك المركزية والسلطات النقدية من أجل دعم العملة ودفع الديون المستحقة على الدولة.
ويُحتفظ بهذه الأصول في البنك المركزي بمختلف احتياطي العملات، ومعظمها بالدولار الأميركي، وبدرجة أقل بالعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) والجنيه الإسترليني والين الياباني.
ويتكون الاحتياطي النقدي مما يحوزه البنك المركزي من عملات أجنبية زائد مما يملكه من رصيد ذهبي، ووحدات حقوق السحب الخاصة، فضلا عن صافي مركز الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي.
وتستخدم هذه الأصول للوفاء بالالتزامات المالية، مثل الديون وتلبية الحاجة لتمويل ميزان المدفوعات أو التدخل في أسواق الصرف للتأثير على سعر صرف العملة، أو غير ذلك من الأغراض ذات الصلة.
ويعد الاحتياطي النقدي وسيلة للمدفوعات الدولية الرسمية ومنها تمويل عمليات الاستيراد، وكانت سابقا فقط من الذهب وأحيانا من الفضة، لكن في إطار نظام "بريتون وودز" اعتمد الدولار الأميركي عملة للاحتياطي النقدي، وأصبح أيضا جزءا من أصول الاحتياطي الدولي الرسمي للدول.
وتسعى معظم بلدان العالم -خاصة النامية منها- إلى مراكمة احتياطيات مهمة من النقد الأجنبي بهدف تحقيق جملة من الأهداف، نجملها في ما يلي:
– القدرة على التأثير في أسعار الصرف وتوفير بيئة اقتصادية مستقرة.
– تعزيز ثقة الدائنين والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني وفي أهلية البلد بخصوص الوفاء بالتزاماته المالية الخارجية.
– القدرة على مواجهة الصدمات التي تنتجها الحركة المفاجئة للرساميل الدولية (دخولا وخروجا) بالنسبة للاقتصاد وامتصاص آثارها.
– تجنب الاستدانة من الخارج في حال وجود نفقات غير متوقعة تستلزم الأداء مقابل عملات أجنبية.
سعر الصرف
في نظام سعر الصرف المرن تسمح أصول الاحتياطي الدولي الرسمي للمصرف المركزي بشراء العملة المحلية، التي تعد مسؤولية البنك المركزي (حيث يسك النقود نفسها على أنها سندات دين).
وهذا العمل يمكّن من تحقيق الاستقرار في قيمة العملة المحلية، وقد تعاونت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أحيانا في بيع وشراء الاحتياطي الدولي الرسمي لمحاولة التأثير على أسعار الصرف.
ويمكن لكمية احتياطي النقد الأجنبي أن تتغير عندما يطبق البنك المركزي سياسة نقدية ما، وقد يواجه البنك المركزي الذي يطبق سياسة سعر الصرف الثابت وضعا معينا، حيث يدفع العرض والطلب قيمة العملة لتهبط أو ترتفع (زيادة أو نقصان الطلب على العملة من شأنه أن يرفع من قيمتها أو ينقصها).
ففي نظام سعر الصرف المرن تحدث هذه العمليات تلقائيا، حيث يقوم البنك المركزي بإزالة أي زيادة في الطلب أو العرض عن طريق شراء أو بيع العملة الأجنبية، وفي أنظمة سعر الصرف المختلطة قد تتطلب استخدام عمليات صرف للعملات الأجنبية للحفاظ على سعر الصرف المستهدف ضمن الحدود المقررة.
أهمية الاحتياطي
تعزز حيازة احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي ثقة الدائنين والمؤسسات المالية الدولية، وتشجع وكالات التصنيف الائتماني على إصدار تصنيفات ائتمانية جيدة؛ وذلك لأن احتياطي النقد الأجنبي يبقى مقياسا مهما يمكن أن يعكس مستوى الجدارة الائتمانية للبلد وقدرته على سداد ديونه الخارجية.
وتلعب احتياطيات النقد الأجنبي دورا مهما في مواجهة الصدمات الخارجية والأزمات الاقتصادية التي يمكن أن تعصف بالبلدان جراء دخول أو خروج الرساميل الدولية بشكل كثيف ومفاجئ (كما حدث أثناء الأزمة المالية الآسيوية)، حيث إن ذلك يؤدي إلى ارتفاع أو انخفاض حاد في أسعار الصرف، وتنتج عنه آثار اقتصادية ضارة، فالارتفاع الحاد في سعر الصرف يؤدي إلى فقدان التنافسية، في حين يتسبب الانخفاض الحاد لسعر الصرف في التضخم الجامح.
ويجب التمييز بين الاحتياطيات الدولية وودائع البنوك لدى البنك المركزي، وهي ما تشترطه نسبة الاحتياطي الإلزامي التي تلزم كل بنك تجاري أن يحتفظ لدى البنك المركزي بنسبة معينة، وهي أرصدة لا يملكها البنك المركزي.
وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي في العالم -وفقا لإحصائيات صندوق النقد الدولي- أكثر من 11.500 بليون دولار أميركي في عام 2014. وقُدرت الاحتياطيات معروفة التوزيع حسب العملات بأكثر من ستة آلاف بليون دولار أميركي، في حين يظل توزيع ما يقارب 5.500 بلايين دولار أميركي من الاحتياطيات مجهولا بسبب تكتم بعض البلدان (أهمها الصين) بهذا الشأن، وعدم تزويدها صندوق النقد الدولي بالبيانات اللازمة.
وحسب بيانات البنك الدولي لعام 2014، فإن الصين واليابان والسعودية وسويسرا والولايات المتحدة تتصدر دول العالم من حيث ضخامة الاحتياطيات الدولية، إذ تحوز الأولى 3.9 تريليونات دولار، والثانية 1.2 تريليون دولار، والثالثة 744 مليار دولار، والرابعة 545 مليار دولار، والأخيرة 434 مليار دولار.