محمد السادس ملك المغرب

الملك الـ23 من ملوك الدولة العلوية التي تحكم المغرب منذ منتصف القرن الـ17، وثالث ملوك المغرب منذ الاستقلال بعد جده محمد الخامس ووالده الحسن الثاني.

مع بداية توليه العرش فتح ملف المصالحة مع ماضي انتهاكات ما يعرف بـ"سنوات الرصاص" عبر هيئة الإنصاف والمصالحة.

المولد والنشأة

ولد محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف العلوي (الملك محمد السادس) يوم 21 أغسطس/آب 1963، في الرباط.

يتقن اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية، فضلا عن اللغة العربية، وعرف في شبابه بممارسته عدة أنشطة رياضية وفاز بميداليتين ذهبيتين.

تزوج يوم 12 يوليو/تموز 2002 من سلمى بنّاني التي حملت لقب الأميرة لالة سلمى، وأنجابا ولدا هو ولي العهد الحسن بن محمد وبنتا اسمها خديجة.

الدراسة والتكوين

في سنّ الرابعة ألحقه والده الملك الحسن الثاني بالمدرسة القرآنية في القصر الملكي.

أنهى عام 1973 شهادة الدراسات الابتدائية، وتابع دراسته الثانوية في المدرسة المولوية (مدرسة تابعة للقصر يدرس فيها الأمراء) ونال شهادة الثانوية العامة "البكالوريا" عام 1981.

نال شهادة البكالوريوس عام 1985 في الحقوق من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، وأنجز بحث تخرج بعنوان "الاتحاد العربي الأفريقي وإستراتيجية المملكة المغربية في ميدان العلاقات الدولية".

حصل على شهادة الدارسات العليا المعمقة في العلوم السياسية بامتياز عام 1987، وفي السنة التالية نال دبلوم الدراسات العليا (معادل للماجستير) في القانون العام.

استكمالا لتكوينه الدراسي وتطبيق قواعد القانون التي تلقاها أثناء دراسته انضم لتدريب خلال عام 1988 ببروكسيل بديوان "جاك دولور" رئيس لجنة المجموعات الأوروبية بالاتحاد الأوروبي حينها.

يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1993 حصل على شهادة الدكتوراه في القانون من جامعة "نيس صوفيا أنتيبوليس" بفرنسا بميزة "مشرف جدا" مع تهاني لجنة المناقشة، عن أطروحته "التعاون بين السوق الأوروبية المشتركة واتحاد المغرب العربي".

منحته جامعة جورج واشنطن درجة الدكتوراه الفخرية في يونيو/حزيران 2000.

الوظائف والمسؤوليات

أوفده والده الحسن الثاني مبعوثا ممثلا له إلى قادة دول عربية وغربية بمناسبات مختلفة، وكانت أول مهمة رسمية خارجية يوم 6 أبريل/نيسان 1974، إذ مثل والده في القداس الديني بكاتدرائية "نوتردام" بباريس، إثر وفاة الرئيس الفرنسي الراحل جورج بومبيدو.

ترأس الوفود المغربية المشاركة في أعمال مؤتمرات دولية وجهوية عديدة، منها القمة السابعة لحركة دول عدم الانحياز المنعقدة في نيودلهي يوم 10 مارس/آذار 1983، واجتماع لجنة المتابعة المنبثقة عن منظمة الوحدة الأفريقية الخاصة بالصحراء في أديس أبابا يوم 21 سبتمبر/أيلول من العام نفسه وغيرها من الوفود.

زار عددا من الدول الأفريقية في يوليو/تموز 1980، وذهب للمملكة العربية السعودية بزيارة رسمية عام 1986، اليابان في مارس/آذار 1987.

كما مثّل والده في تشييع جنازة الإمبراطور الياباني هيرو هيتو في فبراير/شباط 1989.

ومع تدهور صحة والده أواخر تسعينيات القرن العشرين ترأس لجانا وتظاهرات وطنية ودولية كثيرة، من قبيل افتتاح أعمال المؤتمر الوزاري للاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الغات) في مراكش يوم 12 أبريل/نيسان 1994.

مسؤوليات عسكرية

تولى منصب منسق مكاتب ومصالح القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية (الجيش المغربي) في نوفمبر/تشرين الثاني 1985، ثم ترقى لرتبة جنرال دو ديفيزيون (لواء) عام 1994.

وأصبح القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية قبل توليه حكم البلاد.

اعتلاء العرش

تولى محمد السادس الحكم واعتلى عرش المغرب يوم 23 يوليو/حزيران 1999، عقب وفاة والده الملك الحسن الثاني، وتمت البيعة له في القصر الملكي بمدينة الرباط.

ألقى في 30 يوليو/حزيران 1999 خطابه الأول للعرش، واعتمد ذلك اليوم تاريخا رسميا للاحتفال بعيد العرش.

التوجه في الحكم

أعلن في بداية حكمه عما سماه المفهوم الجديد للسلطة والقرب من المواطنين وهمومهم، وأقال وزير الداخلية "إدريس البصري" رجل الملك الحسن الثاني القوي وذراعه الأيمن.

عام 2001 أعلن إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية خلال خطاب ألقاه، بهدف وضع الثقافة الأمازيغية بنفس مستوى الثقافة العربية، في سبيل الحفاظ عليها وعلى لغتها وطريقة كتابتها، وتوثيقا للتاريخ الأمازيغي.

وتم الاعتراف باللغة الأمازيغية لغة رسمية للمملكة في دستورها عام 2011، كما تم إقرار يوم 13 يناير/كانون الأول (التاريخ الموافق لرأس السنة الأمازيغية) عطلة رسمية في البلاد.

فتح باب المصالحة مع الماضي، وسمح للمتضررين مما يعرف بـ "سنوات الرصاص" وماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالحديث عن تلك المرحلة ومآسيها، وأنشأ الهيئة الوطنية للإنصاف والمصالحة سنة 2003 للتعويض المادي وجبر الأضرار.

اهتم بالقضايا الاجتماعية واحتياجات المواطنين البسطاء من خلال إطلاق "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" عام 2005 التي هدفت لمحاربة الفقر وتوسيع دائرة الاستفادة من الإمكانات المتوفرة من خلال برامج داعمة للبنية التحتية الأساسية.

اتبع نهجا مختلفا عن والده في حلِّ النزاع بشأن الصحراء، وطرح مشروع الحكم الذاتي الموسع كحل سياسي للقضية.

بعد خلافات في المجتمع المغربي حول تعديل مدونة الأحوال الشخصية وما عرف بـ"خطة إدماج المرأة في التنمية"، والتي دعت إلى تعزيز وتطوير مشاركة المرأة في عدة مجالات سياسية واقتصادية، وشكل لجنة ملكية استشارية صاغت مدونة للأسرة عام 2004.

استمرّ في سياسة التصالح مع الإسلاميين ورفض خيار الاستئصال والإقصاء الذي انتهجته بلدان عربية أخرى، وخفف القبضة الأمنية عن جماعة العدل والإحسان المعارضة رغم بقائها في دائرة الحظر القانوني.

عقب اندلاع ثورات الربيع العربي وخروج "حركة 20 فبراير" إلى الشارع المغربي للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد والاستبداد، طرح الملك محمد السادس في خطاب يوم 9 مارس/آذار 2011 مشروع تعديل الدستور تعديلا شاملا من خلال لجنة موسعة وعرضه على استفتاء شعبي.

وفي يوليو/تموز 2011 وافق الناخبون على الدستور الجديد رغم اعتراض بعض المنتقدين الذين اعتبروا أن التعديلات لم تمس تستجب لمطالبهم من أجل انتقال نظام الحكم في المغرب إلى ملكية برلمانية عوض الملكية التنفيذية.

تضمن الدستور الجديد صلاحيات جديدة وواسعة لرئيس الحكومة، وإضافة الديمقراطية باعتبارها ثابتا من ثوابت البلاد إلى جانب الإسلام والملكية والوحدة الترابية، وربط المسؤولية بالمحاسبة وتوسيع صلاحيات البرلمان، وغيرها من التعديلات التي فتحت الباب لتحول ديمقراطي في إطار النظام الملكي.

مشاريع كبرى

زادت قيمة الثروة الإجمالية بالبلاد في عهده للضعف حسب دراسة رسمية نشرت عام 2016 عن المستوى الاقتصادي في الفترة بين (1999-2013). وافتتح عدة مشاريع في مجال البنية التحتية والاقتصادية منها:

ميناء طنجة المتوسط، شمالي المغرب عام 2007، والذي يعد الأكبر من حيث حجم الحاويات والمسافرين في أفريقيا.

محطة نور للطاقة الشمسية عام 2016، وهي جزء من البرنامج المغربي لإنشاء 5 مجمعات شمسية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في البلاد.

قطار "البراق" فائق السرعة عام 2018، الذي يصل بين طنجة والدار البيضاء، ويدخل هذا المشروع ضمن مخطط أوسع للسكة الحديدية يمتد إلى العام 2040.

الجوائز والأوسمة

تلقى الملك محمد السادس عشرات الأوسمة والجوائز والميداليات من دول عربية وأجنبية، ومن مؤسسات ومنظمات دولية وغير حكومية منها:

• جائزة الجمعية الدولية للرياضة دون عنف في 11 سبتمبر/أيلول 1983.
• الحمالة الكبرى للجمهورية التونسية في أغسطس/آب 1987.
• ميداليتان ذهبيتان من المجلة الرياضية "بطل أفريقيا" 1988-1989.
• الجائزة الفخرية "من أجل غرناطة 1999.
• جائزة "عبد الرحمن الداخل" من بلدية ألمونيكا بإسبانيا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، وهي جائزة تسلم لكبار الشخصيات التي تقوم بمجهودات من أجل توطيد العلاقات العربية الأوروبية.
• جائزة " هيلير كيلير "(منظمة أميركية تضطلع بمهام الأعمال الاجتماعية، وخاصة ما يتعلق بمساعدة فاقدي البصر) في 17 يوليو/تموز 2000.
• الحمالة الكبرى لوسام ليوبولد ببلجيكا.
• وسام "كروزيرو دو سول"، أرفع وسام برازيلي يمنح لكبار الشخصيات الأجنبية، في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2004.
• جائزة الاعتراف الخاص بالريادة في النهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات عام 2017.
• جائزة التميز لسنة 2022 للاتحاد الأفريقي لكرة القدم.