صدام حسين
سياسي عراقي، تيتّم صغيرا ووصل أعلى قمة السلطة، قاد إحدى أطول الحروب، وكان رابع رئيس في تاريخ العراق الجمهوري، حكم أكثر من عقدين، فطور الاقتصاد، وحارب إيران، وغزا الكويت، وواجه الغرب في حربين. أُعدم بعد احتلال أميركا للعراق.
المولد والنشأة
رأى صدام حسين النور يوم 28 أبريل/نيسان 1937 في قرية العوجة التابعة لمحافظة صلاح الدين لعائلة من العرب السنة، توفي والده قبل مولده فعاش في رعاية خاله خير الله طلفاح الذي كان ضابطا في الجيش العراقي.
الدراسة والتكوين
لم يدخل المدرسة في سنواته الأولى، وعندما كان في الـ11 من عمره انتقل للعيش مع خاله فتلقى دراسته الابتدائية في تكريت أولا، ثم انتقل معه إلى بغداد فأكمل دراسته الابتدائية فيها، والتحق بثانوية الكرخ حيث تلقى تعليمه الثانوي هناك.
انقطع عن التعليم قبل الحصول على الثانوية العامة بسبب نشاطه السياسي، لكنه عاد إلى مقاعد الدراسة في القاهرة عندما كان لاجئا بمصر بعد محاولته اغتيال الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم، حيث التحق بمدرسة قصر النيل لإكمال الثانوية، وانتسب لكلية الحقوق بجامعة القاهرة سنة 1961 لكنه لم يكمل تعليمه، إذ عاد إلى العراق بعد الإطاحة بقاسم سنة 1963.
الوظائف والمسؤوليات
رغم حضوره الكبير في الساحة السياسية لم يتول مناصب حكومية ذات طابع إداري، لكنه عين مسؤولا عن الجهاز الأمني شبه الرسمي بعد الإطاحة بعبد الكريم قاسم، لكنه عزل عنه بعد تصفية جناح البعثيين من طرف عبد السلام عارف.
وبعد تولي البعث السلطة سنة 1968 عين مسؤولا عن الأمن القومي، لكن المنصب الذي عرف به واشتهر هو نائب الرئيس الذي تولاه في عهد أحمد حسن البكر، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية ومجلس قيادة الثورة سنة 1979.
التجربة السياسية
انخرط في الحياة السياسية مبكرا من خلال انضمامه لحزب البعث العربي الاشتراكي، ونشط في صفوف الحزب وصعد سريعا فيه ونال ثقة قادته، فأصبح عضوا فاعلا وتدرج سريعا في رتبه بفعل جرأته واستعداده.
ومن خلال عضويته في الحزب كان مشاركا في الحدث السياسي العراقي، وساند مع البعثيين الإطاحة بالنظام الملكي في العراق سنة 1958 من طرف عبد الكريم قاسم ومجموعة من الضباط العراقيين.
لكن البعثيين وقاسم اختلفوا وزَجَّ بهم في السجون، فقاد صدام حسين محاولة لاغتياله سنة 1959، لكنها فشلت وغادر صدام العراق خفية إلى سوريا ومنها إلى مصر، وحوكم غيابيا وصدر عليه حكم بالإعدام مع مجموعة من أعضاء حزبه سنة 1960.
وبعد أن أطاحت مجموعة من الضباط والبعثيين بقاسم سنة 1963 عاد صدام إلى العراق وعمل مع رفاقه الذين كانوا جزءا من السلطة من خلال رئاسة البكر للوزراء، لكن حليفهم فيها عبد السلام عارف أطاح بهم بسرعة، فقبض على صدام وزج به في السجن سنة 1964.
وخلال وجوده في السجن انتخب سنة 1966 أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث في العراق، واستطاع الهرب من السجن أثناء نقله للمحاكمة.
وبعد سنتين استطاع البعثيون الاستيلاء على السلطة في 17 يوليو/تموز 1968 وكان دوره محوريا في ذلك، فعين البكر رئيسا للجمهورية، وتولى صدام منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في سبتمبر/أيلول من نفس السنة، وبدأ مساره لتولي الحكم في العراق وتجميع السلطة بيده.
وخلال توليه منصب نائب الرئيس أمم شركات النفط التي كانت بريطانيا تسيطر عليها واستثمر الموارد الجديدة في الصناعة والتعليم والعناية الصحية، و بنى جهازا أمنيا قويا لمنع الانقلابات والتمرد داخل وخارج حزب البعث.
وقام بإبرام اتفاقية الجزائر لإنهاء النزاع مع شاه إيران، وتم بموجبها تحديد وسط شط العرب نقطة حدود بين الدولتين، واشترط الشاه طرد آية الله الخميني من مدينة النجف، فتم ذلك.
وفي يوليو/تموز 1979 استقال البكر لأسباب صحية حسب ما أعلن رسميا فتسلم صدام مهامه وأصبح رئيسا للجمهورية ورئيسا لمجلس قيادة الثورة وقائدا عاما للقوات المسلحة، وبعد فترة وجيزة أعدم مجموعة من قيادة البعث بتهمة تآمرهم على الحزب والدولة.
وبعد الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه ألغى اتفاقية الجزائر، ولم يمض وقت طويل حتى نشبت الحرب بين العراق وإيران في 22 من سبتمبر/أيلول 1980 واستمرت ثماني سنوات، استطاع خلالها صدام كسب تأييد أغلب الدول العربية والحصول على موارد لتمويل الحرب.
خرج من الحرب بجيش قوي، ولكن بديون كثيرة لبلدان عربية وأجنبية أرهق تسديدها الاقتصاد العراقي.
وفي سنة 1990 اتهم الكويت بسرقة نفط العراق والاشتراك في مؤامرة لإضعافه من خلال ضخ كميات كبيرة من النفط في الأسواق لخفض سعر برميل النفط، واعتبر ذلك اعتداء عليه وهدد الكويت بالرد على الاعتداء، فنفذ تهديده في الثاني من أغسطس/آب من نفس السنة بغزوها وضمها للعراق.
لكن رد المجتمع الدولي المدعوم بغطاء عربي جاء سريعا في شكل حصار اقتصادي محكم وخانق أولا، ثم بهجوم عسكري كاسح بدأ في 26 فبراير/شباط 1991 بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وحُررت الكويت.
وبعد أزيد من 12 سنة من الحصار الذي دمر بنية العراق وأنهك شعبه قامت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا سنة 2003 بغزو العراق رغم رفض مجلس الأمن، وأسقط نظام صدام يوم 9 أبريل/نيسان 2003.
ولم يتمكن الأميركيون في البداية من اغتياله ولا اعتقاله، لكنهم ظلوا يبحثون عنه حتى أعلنوا اعتقاله في ديسمبر/كانون الأول من نفس السنة، وقدم للمحاكمة فصدر عيه حكم بالإعدام في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.
الوفاة
أعدم صدام حسين فجر يوم السبت 30 ديسمبر/كانون الأول 2006، في يوم عيد الأضحى، وأثار إعدامه موجة احتجاجات واسعة عربيا وعالميا.