كوريا الشمالية.. "مملكة الراهب" التي وحدتها البوذية والكونفوشية

جمهورية كوريا الشمالية دولة تقع في أقصى شرق آسيا، وتحدها روسيا من الشمال الشرقي، والصين شمالا، تحكمها عائلة كيم منذ عام 1948 وتتبع فلسفة "الجوتشي"، التي تعزز لديها نظام الاعتماد الكلي على الدولة في جميع جوانب الحياة، حتى عرفت بأنها واحدة من أكثر الدول "انعزالا" في العالم.

المعلومات الأساسية:

• الاسم: جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
• الاسم المختصر: كوريا الشمالية.
• العاصمة: بيونغ يانغ، وهي أبرز مركز للصناعة والنقل في البلاد.
• المساحة: نحو 120 ألف كيلومتر مربع.
• الاستقلال: في 9 سبتمبر/أيلول 1948 (انقسام شبه الجزيرة الكورية).
• اللغة: اللغة الكورية هي اللغة الرسمية، وتتميز كوريا الشمالية بتجانس عرقي ولغوي.
• العملة: الوون الكوري الشمالي.

الموقع

تقع كوريا الشمالية أقصى شرق قارة آسيا، وتحديدا في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية، وتغطي حوالي 55% من مساحة شبه الجزيرة، وتمتد بين البحر الشرقي (بحر اليابان) والبحر الأصفر.

تحدها روسيا من أقصى الشمال الشرقي، والصين من الشمال، وتجاورها كوريا الجنوبية من الجنوب.

يفصل بين الكوريتين خط أرضي يبلغ طوله 155 ميلا وعرضه 2.5 ميل يُعرف باسم المنطقة المنزوعة السلاح (أو المنطقة المجردة من السلاح).

الجغرافيا

أغلب أراضي كوريا الشمالية جبلية وفيها وديان عميقة وضيقة، ومن أبرز قممها جبل بركاني خامل يسمى "بايكتو"، ويعرف أيضا باسم "جبل الرأس الأبيض"، وهو أعلى جبل في البلاد، ويبلغ ارتفاعه نحو 9 آلاف قدم (2744 مترا) ويقع بالقرب من الحدود مع الصين.

نهر يالو أحد أبرز المعالم الجغرافية التي تشكل الحدود الطبيعية بين كوريا الشمالية والصين، وقد كان لمكانه الإستراتيجي أهمية عسكرية كبيرة أثناء الحرب الكورية (1950-1953)، حيث كان ساحة لبعض المعارك والتكتيكات العسكرية، وكانت القوات من الجانبين تحاول استغلال المنطقة لصالحها.

وفي فترة الاستعمار الياباني، كثفت الحكومة اليابانية جهودها في تطوير واستثمار مياه نهر يالو في إنتاج الطاقة الكهربائية، وكان ذلك المشروع مصدرا رئيسيا للطاقة في البلاد.

تحد النهر مقاطعتا جيلين ولياونينغ الصينيتان، ويقدر طوله بحوالي 500 ميل (800 كيلومتر). يستخدمه السكان للتنقل وكذا نقل البضائع، كما يزخر بالثروة السمكية.

المناخ

طقس كوريا الشمالية قاري بارد، ويبدأ فصل الشتاء من ديسمبر/كانون الأول إلى مارس/آذار، أما فصل الصيف فهو أقصر ومدته 3 أشهر فقط، تبدأ من يونيو/حزيران.

يبدأ موسم الجفاف في أواخر الربيع، وغالبا ما تتبعه فيضانات في موسم الأمطار الصيفية والأعاصير.

العرق والديانة

كوريا الشمالية منطقة متجانسة عرقيا، لأن سكانها عاشوا منعزلين نوعا ما عن العالم فترة تقدر بحوالي 80 سنة، وتوجد فيها مجموعة عرقية صغيرة من أصول صينية.

ومنذ قرون عاش الكوريون في ظل مجموعة من الديانات التي كان لها دور في تشكيل الثقافة الكورية، ومنها الشامانية والبوذية والكونفوشية، وهي فكر أسسه الفيلسوف الصيني كونفوشيوس في القرن السادس قبل الميلاد على كثير من العادات والتقاليد الصينية الموروثة، وأضاف إليها بعضا من آرائه في المبادئ والأخلاق.

وانتشرت المسيحية كذلك بالمنطقة في القرن الـ19 عند قدوم المبشرين الغربيين إلى شبه الجزيرة الكورية.

وازدهرت كل هذه الديانات في البلاد حتى قيام الحرب الكورية التي قلبت الأوضاع في شبه الجزيرة.

وبعد الحرب الكورية، حلت الأيديولوجية الشيوعية محل الدين في كوريا الشمالية، وفرضت الدولة قيودا على الممارسات الدينية بحجة أن الدين يهدد استقرار النظام السياسي الشيوعي.

فأغلقت العديد من الكنائس والمعابد، كما أن السلطات اضطهدت كل من مارس ديانته، وعززت القيم الشيوعية، ونحت منحى "تقديس" الزعيم والولاء له.

وأوضحت الإحصاءات في موقع وزارة الخارجية الأميركية أن 70.9% من مجموع سكان كوريا الشمالية ملحدون، و11% منهم بوذيون، و7.1% يتبعون ديانات أخرى.

ويضيف المصدر ذاته أن نسبة المسيحيين في كوريا الشمالية تقدر بين 200 ألف و400 ألف شخص، مما يعني أنهم يشكلون أقل من 2% من إجمالي السكان.

وبحسب تقديرات موقع الإحصاءات العالمي "وورلد متر"، واعتمادا على أرقام للأمم المتحدة، بلغ عدد سكان كوريا الشمالية 26 مليونا و515 ألفا و222 نسمة في سبتمبر/أيلول 2024.

النظام السياسي

كوريا الشمالية دولة شيوعية اشتراكية تتبع خطى مؤسس الدولة كيم إيل سونغ وابنه كيم جونغ إيل في نظام يدعى بـ"الجوتشي" وهو فكر سياسي يعزز الاعتماد على النفس، وينص على أن الإنسان هو المتحكم بكل ما يحيط به، وعلى استقلالية فكر وسياسة الجمهور الكوري الشمالي، واكتفائه الذاتي في الاقتصاد، واعتماده على نفسه في الدفاع، وهو ما يتطلب ولاء تاما للزعيم وللحزب الحاكم.

وتشكلت فلسفة كيم إيل سونغ السياسية (الجوتشي) بسبب منهجية التعذيب الذي اتبعه الاحتلال الياباني ضد سكان شبه الجزيرة الكورية، وهي فلسفة مستمدة في الأصل من الماركسية-اللينينية، وخاصة الحركة الماوية (نسبة إلى الزعيم الماركسي الصيني ماو تسي تونغ)، ومن ثقافة كوريا السياسية القديمة التي تعزز الاستقلال.

وبناء على هذا النظام تعود السلطة إلى رئيس كوريا الشمالية، فهو قائد حزب العمال وقائد الدولة.

وأما حزب العمال، فهو يعتبر الحزب الحاكم من بعد كيم أون جونغ أون، إذ يسيطر على جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد.

الجيش كذلك عنصر أساسي في النظام، ويتلقى دعما كبيرا من الحكومة، ويحتل مرتبة عالية في هيكل الحكم السياسي، كما أن الدولة تلزم الرجال والنساء على حد سواء بأداء الخدمة العسكرية، وتمتد فترة التجنيد الإجباري للرجال إلى 10 سنوات، وللنساء إلى 8 سنوات.

تاريخ كوريا الشمالية

يرجح أن الاستيطان البشري في منطقة شبه الجزيرة الكورية بدأ في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، إذ اكتُشفت فيها أدوات مصنوعة من الحجارة وقرون الحيوانات، ومنها ما عثر عليه في كهفي "كومون مورو" في "سانغ وون بيونغ آن نام-دو".

كما وجد الباحثون أدلة تتعلق بحياة الجماعات أثناء العصر الحجري الحديث، الذي يُقدر بحوالي 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وتقول بعض الفرضيات التاريخية إن هذه الفترة شهدت تشكل واستقرار الجماعات البشرية التي عملت في الزراعة وصناعة الأواني الخزفية.

وفي بداية العصر البرونزي -حوالي ألف سنة قبل الميلاد- تكونت القبائل واتحدت أقوى قبيلتين، إحداهما تؤمن بوجود إله في السماء والأخرى تعبد الدببة.

واتحد رؤساء القبائل تمهيدا لخطوة تأسيس أول مملكة كورية سميت "كوجوسون"، وتذكر مصادر أنها نشأت شمال كوريا، وتقول أخرى إنها تأسست شمال شرقي الصين، وتحديدا منطقة لياونينغ، وعُين دانغون وانغيوم زعيما ورئيسا للكهنة.

واستمر عصر مملكة كوجوسون حتى عام 108 قبل الميلاد، وبعد سقوطها ظهر عصر الممالك البدائية، فكانت تتحارب فيما بينها، لكنها بدأت بالاندماج حتى برزت 3 ممالك فرضت سيطرتها على كوريا وأجزاء من منشوريا وهي كوغوريو (37 ق.م) وشيلا (57 ق.م) وبايكشتي (18 ق. م).

وفي حقبة الممالك الثلاث شهدت كوريا تنافسا اقتصاديا وعسكريا، وكانت كوغوريو أكثر الممالك قوة وازدهارا، أما مملكة بايكتشي فعُرفت بثروتها الزراعية، ومملكة شيلا تميزت بعلاقاتها الدبلوماسية المستقرة.

وفي هذه الحقبة كان وضع الممالك السياسي متقلبا، فتارة تتنازع فيما بينها، وتارة ينقلب بعضها ضد بعض، واستعان بعضها بالصين أو اليابان، وفي بعض الأحيان كانت الممالك الثلاث تتحالف ضد العدو التقليدي.

ومن خلال تحالف مملكة شيلا مع الصين، تمكنت من توحيد شبه الجزيرة الكورية تحت اسم "مملكة شيلا الموحدة" (668 م)، وفرضت قوانينها وتشريعاتها، واتخذت من البوذية دينا رسميا للدولة، كما أن شيلا عُرفت بازدهارها الاقتصادي.

وعلى الرغم من ازدهار وتوسع نطاق مملكة شيلا في القرن الثامن الميلادي، فإنها مرت بفترات من الاضطرابات السياسية، فتنازع أمراء البيت الحاكم فيما بينهم، مما أسفر عن تزعزع استقرار المملكة وانتقال السلطة إلى وانغ غون، الذي بدوره أسس مملكة جديدة عُرفت بـ"مملكة غوريو" (936 م) وهو أصل اسم "كوريا" الحديث.

وشهدت شبه الجزيرة الكورية تغييرا ثقافيا وتطورا اقتصاديا في عهد الملك وانغ غون، فمن الناحية الثقافية أصبحت الفلسفة الكونفوشية جزءا لا يتجزأ من النظام التعليمي بجانب الدين البوذي، فتشكلت عقيدة متفردة لشبه الجزيرة الكورية.

وبحلول القرن الـ13 ميلادي (1231 م)، بدأ الوضع السياسي في غوريو يتدهور شيئا فشيئا، إذ أطاح مجموعة من الضباط العسكريين المغوليين بالحكومة المدنية، وبعد 25 عاما من المقاومة سمح المغول باستمرار السلالة الحاكمة في كوريو، لكن المملكة أصبحت رسميا تابعة وخاضعة للإمبراطورية المغولية.

وفي نهاية القرن الـ14 الميلادي، انهارت السيطرة المغولية بعد تصاعد المقاومة الكورية، كما أن قوى مملكة غوريو بدأت تضعف في مراحل حكمها الأخيرة بسبب الصراعات بين الأمراء، حينئذ ظهر الجنرال "إي سونغ كي" الذي أطاح بحكومة غوريو وسيطر على مقاليد الحكم وأسس مملكة باسم "جوسون" (1392 م).

في هذه الحقبة، شهدت شبه الجزيرة الكورية تحولات كبيرة منها انتقال العاصمة إلى منطقة "هان يانغ" التي سميت فيما بعد "سول".

وفي القرن الـ15 (1419 م) تولى "سي جونغ" حكم جوسون وفي هذه الفترة اتّبعت المملكة نظام الأبجدية الصينية (هانغا) الذي يعرف بتعقيده، كما أنه كان محصورا للطبقة العليا.

وحرص الملك على أن تكون اللغة متاحة للشعب الكوري بأكمله، فعمل سرا سنوات طويلة حتى أنشأ الأبجدية الكورية السهلة التي تتكون من 14 حرفا ثابتا و10 حروف متحركة وعرفت باسم "هون مين جونغ نيم" وتعني "الأصوات المناسبة لتعليم الناس" حتى تطورت الأبجدية، وباتت اللغة الرسمية لكوريا الشمالية التي تسميها "تشوسون غول"، وكذلك في الجنوبية التي تسميها الهانغول"، مع الاختلاف في القواعد والتركيبات واللهجات بينهما.

مملكة الراهب

شهدت كوريا في حقبة مملكة جوسون العديد من الصراعات، منها حرب إيم جين (1592) ضد اليابان، بجانب الغزوات والبعثات الأجنبية التبشيرية لنشر الكاثوليكية، ولكن أمراء مملكة جوسون تصدوا لهذه البعثات بقتل المبشرين، واضطهدوا الكوريين معتنقي الكاثوليكية، كما أن الحكام أمروا بإغلاق الحدود الكورية أمام جميع الدول باستثناء الصين، وساهمت هذه الظروف في "انعزال" شبه الجزيرة الكورية ولقبت بـ"مملكة الراهب".

وبحلول القرن الـ18 ميلادي شهدت المملكة فسادا إداريا، واضطرابات اجتماعية أضعفتها، فكانت هذه العوامل بمثابة تمهيد لسيطرة الصين واليابان على شبه الجزيرة الكورية.

وفي عام 1897 تغير اسم مملكة جوسون إلى كوريا. وفي الفترة بين 1910 و1945 خضعت كوريا لاستعمار اليابان، وبعد هزيمة هذه الأخيرة في الحرب العالمية الثانية، تحررت شبه الجزيرة الكورية.

تقسيم الكوريتين

وعلى الرغم من تحرر شبه الجزيرة الكورية من الاستعمار الياباني، فإنها بقيت تابعة للقوى العالمية العظمى، إلى أن أجمعت هذه القوى على قرار تقسيم كوريا إلى منطقتي نفوذ على طول خط العرض 38.

ففرضت الولايات المتحدة الأميركية سيطرتها على المنطقة الجنوبية، وتبنت النظام الرأسمالي الديمقراطي، وسيطر الاتحاد السوفياتي على القسم الشمالي واتبع النظام الشيوعي القائم على الحزب الواحد.

ورأت القوى العالمية في هذا التقسيم حلا مؤقتا حتى تتم إعادة توحيد كوريا، لكن الفجوة بين المصالح الأميركية والسوفياتية حالت دون التوصل إلى اتفاق بين الدولتين.

وإضافة إلى ذلك ساهمت فترة ما عرف بـ"الحرب الباردة" بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إلى تقسيم كوريا إلى دولتين منفصلتين عام 1945، فتولى كيم إيل سونغ حكم كوريا الشمالية بدعم من موسكو، وانتُخب سينغمان ري رئيسا لكوريا الجنوبية بدعم من واشنطن.

الحرب الأهلية الكورية

وبعد مرور 5 سنوات على تقسيم شبه الجزيرة الكورية، شنت كوريا الشمالية هجوما على جارتها الجنوبية بدعم من الاتحاد السوفياتي والصين، وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب لتدعم كوريا الجنوبية، فاستمرت الحرب حتى عام 1953، وأسفرت عن خسائر بشرية تقدر بحوالي 2.5 مليون قتيل.

وبحلول عام 1954 جرت مفاوضات بين كوريا الجنوبية والشمالية، نتج عنها توقيع اتفاق وقف إطلاق نار، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح بين الدولتين تمتد على طول حوالي 250 كيلومترا وعرضها حوالي 4 كيلومترات.

وبقي الوضع العسكري متوترا بين الكوريتين مدة تقارب 70 عاما حتى يوم 27 أبريل/نيسان 2018 عندما صافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون نظيره الكوري الجنوبي مون جاي إن في قمة كورية عُقدت في المنطقة منزوعة السلاح بهدف تحسين العلاقات بين البلدين.

فأصبح كيم جونغ أون أول زعيم كوري شمالي يعبر إلى الأراضي الكورية الجنوبية بعد انتهاء الحرب الكورية عام 1953.

النظام السياسي

تأسس حزب العمال الكوري الشمالي في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 1945، وتم الإعلان عنه خلال اجتماع للجنة المؤقتة للحزب الشيوعي الكوري.

وفي المؤتمر الخامس لحزب العمال، حلت أيديولوجية "جوتشي" التي أسسها كيم إيل سونغ محل الماركسية اللينينية، وتشجع الأيديولوجية ثقافة الاعتماد على الذات.

أبرز الهيئات المسيرة لحزب العمال هي اللجنة المركزية والمكتب السياسي ولجنة المراقبة، وكذا مكتب السياسة التنفيذية، الذي يتحكم أيضا في المراقبة ويعين الشخصيات العليا في الحزب والحكومة والجيش.

وتضم اللجنة المركزية عددا من الأقسام المؤثرة، مثل إدارة التوجيه التنظيمي وإدارة الدعاية والتحريض.

أبرز المعالم

• برج الجوتشي

يقع في العاصمة بيونغ يانغ، يعد رمزا يكرم فلسفة الجوتشي، وهي فلسفة منتشرة في شبه الجزيرة الكورية تُعزز الاعتماد على النفس.

افتتحت الدولة هذا المتحف في 15 أبريل/نيسان 1982 بمناسبة الذكرى الـ70 لعيد ميلاد الرئيس كيم إيل سونغ، ويتكون المعلم من أكثر من 25 ألف كتلة غرانيت، وتمثل كل منها يوما من حياة الرئيس حتى عيد ميلاده الـ70، ويتميز البرج بموقعه أمام نهر تايدونغ، حيث يضيء الجانب الغربي من المدينة ويصل ارتفاعه إلى 170 مترا.

ويرتبط بالبرج تمثال يبلغ ارتفاعه 30 مترا، عبارة عن 3 أشخاص يقتدي بهم الشعب الكوري الشمالي، ويحمل كل منهم أداة المطرقة (للعامل) والمنجل (للفلاح) وريشة الكتابة (للمثقف)، في أسلوب كلاسيكي شيوعي يشبه تمثال "العامل والفلاح" السوفياتي.

وتشكل الأدوات الثلاث المذكورة الشعار الموجود على علم حزب العمال الكوري الحاكم، ومن ثم يجسد النصب القيم الشيوعية، ويُعتبر رمزا لاعتزاز الدولة بالعمال والفلاحين والمثقفين.

• ميدان مانسوداي الكبير

يضم تماثيل برونزية ضخمة لكل من كيم إيل سونغ وكيم جونغ إيل، وتحيط بها معالم تذكارية مخصصة للجنود الذين شاركوا في الحرب الكورية، وتشبه إلى حد كبير المعالم الموجودة في المدن السوفياتية السابقة.

ولهذا الموقع أهمية كبيرة عند الشعب الكوري الشمالي، وغالبا ما يُستخدم خلفية لصور الزفاف والاحتفالات، ويضع فيه الزوار أكاليل الزهور، وينحنون احتراما لذكرى الشخصيات المخلدة في تاريخ كوريا.

الاقتصاد

تعتمد كوريا الشمالية نموذج الاقتصاد المركزي (الموجه)، وهو نمط تسيطر فيه الحكومة على جميع وسائل الإنتاج، بجانب اتباعها أيديولوجية "الجوتشي"، التي تحث على ثقافة الاكتفاء الذاتي.

وتركز هذه السياسات على تطوير الصناعات الثقيلة والاستثمار في قطاعات الحديد والصلب والإسمنت.

وشهدت كوريا الشمالية أزمات اقتصادية شديدة عقب انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط الأنظمة الشيوعية بداية تسعينيات القرن الـ20 في دول في أوروبا الشرقية، التي كانت الداعم التجاري الرئيسي لكوريا الشمالية.

وتفاقمت الأزمة الاقتصادية بعدما تعرضت كوريا الشمالية لسلسلة من الكوارث الطبيعية، أبرزها الفيضانات والجفاف، فنتج عن ذلك نقص الموارد الغذائية، وانتشار المجاعة في جميع أنحاء البلاد.

وذكر موقع "مرصد التعقيد الاقتصادي" عام 2022، أن البلاد احتلت المرتبة 182 من حيث إجمالي الصادرات على مستوى العالم، وفي المرتبة 187 من حيث إجمالي الواردات.

وفي عام 2023، شهدت كوريا الشمالية نموا طفيفا في الناتج المحلي الإجمالي، إذ زاد بنسبة 3% بعد تراجع استمر 3 سنوات متتالية، وارتفعت الصادرات بنسبة تزيد عن 104%، وزادت الواردات بنسبة 71%.

وتشير الإحصاءات إلى أن الصين كانت الشريك التجاري الرئيسي لكوريا الشمالية في عام 2023، إذ إن قيمة الصادرات بلغت 292.45 مليون دولار، وتلتها فيتنام بقيمة 9.17 ملايين دولار.

وتتمتع كوريا الشمالية بوفرة الرواسب المعدنية التي لها قيمة اقتصادية، وأهمها الحديد والفحم، وتركز الدولة على استخراج المعادن مثل الذهب والمغنيزيت والرصاص، والزنك.

بحسب إحصاءات موقع "مرصد التعقيد الاقتصادي" عام 2022، يُعد خام التنجستن -معدن فولاذي ثقيل- من أبرز صادرات كوريا الشمالية، وتصل قيمته إلى 30.9 مليون دولار، تليه البتروكيميائيات المكررة بقيمة 27.3 مليون دولار، ثم السبائك الحديدية التي تُقدر بـ 25.3 مليون دولار.

كما تشمل الصادرات الكورية الشمالية أيضا الكهرباء بقيمة 20.4 مليون دولار، وخام الموليبدينوم بقيمة 13.7 مليون دولار.

ووفقا للموقع، بلغت قيمة الواردات 909 ملايين دولار، وأبرزها زيت الصويا بقيمة 48.8 مليون دولار، والإطارات المطاطية بقيمة 44.3 مليون دولار، والأدوية المعبأة بقيمة 41.3 مليون دولار، والأقمشة المطاطية الخفيفة بقيمة 34 مليون دولار.

 القوة النووية

انضمت كوريا الشمالية إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية عام 1985، لكنها انسحبت منها عام 2003، مما أثار قلق المجتمع الدولي، وأصبحت موضوعا مركزيا في السياسة الدولية، فكانت الدولة تارة تتعهد بالتوقف عن تطوير الأسلحة النووية وتارة تستكمل تجاربها، وتعلن عن إطلاق صواريخ باليستية.

وعززت كوريا الشمالية قوتها النووية، فأعلنت أنها تهدف إلى "تطوير القوة النووية وتعزيز قدرات الدفاع"، كما أنها واصلت برنامج تطوير صواريخ باليستية تُطلق من الغواصات، وأضافت سياسة القوات النووية في دستورها في سبتمبر/أيلول 2023.

وبسبب برنامجها النووي، صدرت عقوبات دولية وغربية ضد كوريا الشمالية، أبرزها قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة التي تحظر تطوير بيونغ يانغ للأسلحة النووية والصواريخ البالستية، التي يبلغ مدى بعضها مسافات تصل إلى الأراضي الأميركية.

وطورت كوريا الشمالية قوة صاروخية متنوعة تشمل الصواريخ التكتيكية القصيرة المدى، والصواريخ البحرية، ومنصات الإطلاق الجديدة مثل المنصات القاعدية تحت الأرض وتحت الماء، كما أنها حققت تقدما في تكنولوجيا الصواريخ ذات الوقود الصلب التي تعزز من قدرة الصواريخ على البقاء والحركة.

وفي 15 يوليو/تموز 2024 أفادت دراسة صدرت عن علماء أميركيين بأن كوريا الشمالية قد تكون أنتجت ما يكفي من المواد الانشطارية لبناء ما يصل إلى 90 رأسا نوويا.

وتعتبر كوريا الشمالية ترسانة أسلحتها النووية والصواريخ الباليستية ضرورية لمواجهة التهديدات من الولايات المتحدة وحلفائها.