مالكوم إكس
المولد والنشأة
ولد مالكوم إكس (اسمه الأول مالكوم ليتل) يوم 19 مايو/أيار سنة 1925 بمدينة أوماها بولاية نبراسكا الأميركية بين ثمانية إخوة من أب قس في أسرة تعتز بجذورها وانتمائها الأفريقي.
اضطرت عائلته إلى تغيير مكان إقامتها أكثر من مرة لتجنب ضغوط وتهديدات العنصريين البيض لوالده القس إيرل ليتل، الذي كان متحمسا لأدبيات منظمة "القومية السوداء" لكن ذلك لم ينج الأسرة من ملاحقة البيض.
ففي سنة 1931 وُجد والده مقتولا على سكة القطار بمدينة "لانسنغ" بولاية ميتشغان، ووجهت عائلته أصابع الاتهام إلى مجموعة عنصرية متطرفة، ثم دخلت أمه مصحة للأمراض العقلية سنة 1938 بسبب معاناتها من فقدان زوجها، فتفرق الأبناء في مراكز الرعاية الاجتماعية.
الدراسة والتكوين
تطلع لدراسة القانون لكنه ترك المدرسة في المرحلة الثانوية التحضيرية (جونيور هاي سكول) احتجاجا على أستاذ أبيض قال له إن "دراسة القانون هدف غير واقعي بالنسبة لزنجي".
عوّض الانقطاع عن التعلم في المدرسة بالتثقيف الذاتي، من خلال المطالعة وقراءة الكتب أثناء وجوده بالسجن وقد تجاوز عمره العشرين.
التجربة الحقوقية والدعوية
ترك المدرسة وهو حانق على البيض، رافضا لواقع اجتماعي اعتبره عنصريا وظالما، فرحل إلى بوسطن بولاية ماساشوستس وانغمس في اللهو والمجون، ولعب القمار وترويج المخدرات، فدخل السجن سنة 1946 بتهمة السرقة والسطو المسلح.
وكان السجن محطة بارزة في حياته وفي مساره الحقوقي الدعوي، فخلال سنواته السبع فيه بدأ رحلة التثقيف الذاتي مستفيدا من مكتبة السجن، بتأثير من سجين أسود يدعى جون بيمبري، وانكب على مطالعة الكتب الأدبية والقانونية والتاريخية.
وتعرف على أدبيات منظمة "أمة الإسلام" إثر مراسلات مع إخوته، فاجتذبته تعاليم إليجاي محمد وأطروحاته في نقد تهميش مجتمع البيض لمجموعة السود وعدم تمكينهم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
خرج من السجن سنة 1952 وقد أصبح "عضوا مكرسا" في المنظمة واتخذ لقب "إكس" علما لعائلته بدلا من لقب "ليتل" الذي اعتبره اسما عبوديا.
وفي سنة 1953 عين متحدثا رسميا باسم المنظمة وشغل منصب المفوض في معابد بوسطن وفيلادلفيا ونيويورك وقام بتأسيس معابد جديدة للمنظمة في ديترويت ونيويورك وأطلق في العام 1957 صحيفة باسم "إليجاي محمد يتكلم" لتكون صوت المنظمة.
استطاع -بما امتلك من جاذبية وحماس وقدرة على التأثير- اجتذاب آلاف السود الأميركيين إلى "أمة الإسلام"، فتضاعف أعضاؤها عشرات المرات في زمن قياسي، وبلغ عددهم ثلاثين ألفا في سنة 1963 بعد أن كانوا نحو خمسمائة عضو في سنة 1952.
وبفعل نجاحه في استقطاب الأنصار ومستوى الإثارة في طرحه وأفكاره ظهر في أشهر البرامج الإعلامية وشارك في ندوات ومناظرات في أعرق الجامعات الأميركية وصنفته صحيفة "نيويورك تايمز" ثاني أكثر خطيب يحظى بمتابعة الأميركيين في الولايات المتحدة.
وفي يونيو/حزيران عام 1963 قاد إكس مسيرة "رالي الحرية" في منطقة هارلم بنيويورك، واعتبرت المسيرة من أضخم فعاليات حركة الحقوق المدنية بأميركا.
فاقت شهرته شهرة معلمه ومرشده الروحي إليجاي محمد فبدأت الخلافات بينهما، وتعمقت عندما أوقفه عن التحدث باسم "أمة الإسلام" لمدة تسعين يوما حين علق على اغتيال الرئيس جون كنيدي بالقول "إنه (كنيدي) لم يدرك أبدا أن الدجاجات سوف تعود إلى المنزل لتُشوى".
وفي فبراير/شباط 1964 أقنع بطل العالم في الملاكمة كاسيوس كلاي بالانضمام إلى أمة الإسلام فأعلن إسلامه وبدل اسمه إلى محمد علي.
ترك مالكوم أكس جماعة "أمة الإسلام" في فبراير/شباط 1964 وذهب لأداء فريضة الحج فعاد بمنهج جديد لمتابعة النضال في حركة الحقوق المدنية، وبرؤية للإسلام تختلف عن رؤى مرشده السابق.
فقد أثرت فيه رؤيته للمسلمين جنبا إلى جنب، يصلون في صفوف متراصة، ويأكلون من أطباق واحدة، ويتحدثون في مجالس موحّدة، لا تمييز فيها بين الألوان والأعراق.
أضاف إلى اسمه الأول لقب "الحاج مالك شباز" وبدأت دعوته تخرج من دائرة السود الأميركيين لتتوجه إلى مختلف أعراق ومكونات المجتمع الأميركي وأسس منظمة "المسجد الإسلامي" لمتابعة نشاطه الحقوقي.
واصل دعوته ونضاله فأسس "منظمات الوحدة الأفرو أميركية" في محاولة لربط نضال السود الأميركيين بنضال الأمم الأفريقية التي كانت تناضل من أجل التحرر الوطني.
وخلال السنتين الأخيريتين من عمره انكب على كتابة سيرته الذاتية مع الكاتب "ألكس هايلي"، التي نشرت بعد مقتله بقليل تحت عنوان "مالكوم السيرة الذاتية لمالكوم".
الوفاة
اغتيل مالكوم إكس في 21 فبراير/شباط 1965 من قبل ثلاثة مسلحين من منظمة "أمة الإسلام" أطلقوا عليه النار في منطقة هارلم بنيويورك، ودفن بمقبرة "فيرنكليف" في منطقة هارتسدايل بنيويورك.