محافظة القنيطرة السورية.. منطقة إستراتيجية في مرمى الأطماع الإسرائيلية

Landscape of the abandoned town of Quneitra, Syria. Quneitra was occupied by Israel for seven years beginning in 1967. Today, though decades have passed since the Israeli withdrawal, the town has been left in its destroyed state.
محافظة القنيطرة كانت محطة لحضارات عدة، من البيزنطيين والرومان إلى العهد الإسلامي والعثماني (غيتي)

القنيطرة، محافظة سورية تقع جنوب غربي سوريا، وتعد أصغر محافظات البلاد بمساحة تبلغ نحو 1860 كيلومترا مربعا، منها 1200 كيلومتر مربع من أراضي الجولان المحتل، ومركزها مدينة القنيطرة.

عبر تاريخها، كانت المحافظة محطة لكثير من الحضارات، من البيزنطيين والرومان إلى العهد الإسلامي والعثماني، وأيضا معبرا قديما للقوافل بين دمشق وفلسطين. احتلت إسرائيل مركزها أثناء حرب يونيو/حزيران 1967، ودمرته تماما قبل انسحابها منها عام 1974.

الموقع

تقع محافظة القنيطرة جنوب غربي سوريا، وتحدها من الشمال محافظة دمشق، ومن الشرق، محافظة درعا ويتبع جزء منها لمرتفعات الجولان المحتل. ويبعد مركزها -مدينة القنيطرة- عن العاصمة دمشق نحو 67 كيلومترا.

وفي عام 1964، تشكّلت المحافظة من منطقتين إداريتين هما منطقة القنيطرة التي كانت تابعة لمحافظة دمشق وكانت تضم قرى حضر وجباتا الخشب وطرنجة وسحيتا، ومنطقة فيق التي كانت تتبع محافظة درعا وتضم ناحية البطيحة.

خريطة سوريا موضح عليها القنيطرة

سبب التسمية

تعود تسمية القنيطرة إلى تصغير كلمة "قنطرة" والتي تعني في اللغة العربية الجسر أو المعبر، وتقول الروايات إن سبب التسمية يعود إلى موقعها الإستراتيجي على نهر الأردن الذي يعدّ نقطة عبور تجارية مهمة في المنطقة.

السكان

تتنوع طوائف سكان المحافظة، ففيها العرب السنة مع وجود درزي وشركسي وتركماني. وينتمي أغلب سكانها إلى عشائر عربية معروفة، منها السلاوية والفضل والنعيم.

وبعد عدوان عام 1967، ترك معظم الأهالي المنطقة وانتشروا في مختلف المحافظات السورية منها دمشق ودرعا وريفهما. وتقول روايات إن عدد سكان المحافظة لا يصل إلى 100 ألف نسمة بعد تهجيرهم منها.

إعلان

الاقتصاد

يغلب النشاط الزراعي على الأنشطة الاقتصادية الأخرى لدى سكان محافظة القنيطرة، وذلك بسبب أراضيها الخصبة، ومن أبرز مزروعاتها القمح والطماطم.

واشتهرت المحافظة بإنتاج الزيوت وصناعة السجاد والألبسة، إضافة إلى إنتاج مواد البناء مثل الآجر الأحمر والإسمنت ورمل الكلس وغيرها.

وقد واجهت المحافظة التي كانت تُعرف بأنها مركز تجاري وصناعي مهم لسوريا تحديات اقتصادية كبيرة جراء احتلال إسرائيل لبعض أراضيها، ونتج عن ذلك ارتفاع معدلات البطالة، مما أدى إلى تدهور الظروف المعيشية، خاصة لدى الأسر الكبيرة التي يزيد عدد أفرادها على 6 أشخاص.

التاريخ

توالت على محافظة القنيطرة ومركزها حضارات مختلفة، فقد جعل البيزنطيون المدينة محطة لقوافلهم في طريقها بين دمشق وفلسطين، كما مرّ منها الرومان، وكانت مركزا للقوافل في العصر الإسلامي.

ولقيت مدينة القنيطرة اهتماما في عهد العثمانيين، إذ أنشأ "لا له مصطفى باشا"، والي الشام في الفترة ما بين 1563 و1567، مخفرا للدرك في مركزها وجامعا، إضافة إلى عدد من الدكاكين.

وفي عام 1893، أصبح قضاء القنيطرة يتبع لولاية دمشق، غير أنها لم تلق اهتماما من السلطة المركزية على المستوى العمراني والأمني والتعليمي.

وشهدت المنطقة تطورا كبيرا بعد هجرة العائلات من دمشق إليها، إذ عملت هذه المجموعات في التجارة، فكثر عدد سكانها وتطور عمرانها.

وفي أغسطس/آب 1964 صارت القنيطرة محافظة تتمتع باستقلال إداري.

احتل الجيش الإسرائيلي مدينة القنيطرة في حرب يونيو/حزيران 1967 بعد أن تركها الجيش السوري، فنزح كثير من أهلها إلى مختلف المحافظات السورية.

استعادتها سوريا بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، تنفيذا لاتفاقية فض الاشتباك الموقعة في 31 مايو/أيار 1974 في مدينة جنيف السويسرية.

وقبل انسحاب إسرائيل من المدينة في يونيو/حزيران 1974 تعرضت المدينة لدمار هائل من الجيش الإسرائيلي، واتهمت دمشق تل أبيب بتدميرها بشكل متعمد، وأيدت الأمم المتحدة هذا الاتهام في قرارها رقم 3241.

إعلان

أشارت روايات سورية وأجنبية إلى أن إعلان وزير الدفاع السوري آنذاك حافظ الأسد في 10 يونيو/حزيران 1967 سقوط القنيطرة أسهم في إشاعة الفوضى في صفوف القوات السورية التي انسحبت من المدينة تاركة الجيش الإسرائيلي يصل إليها دون عوائق.

ورفض النظام السوري إعادة إعمار المدينة قبل استرداد كل أراضي الجولان المحتل، واكتفى بتشييد مدينة صغيرة حملت اسم "البعث" في إحدى ضواحي المحافظة.

ما بعد الثورة

شاركت المحافظة في الثورة السورية عام 2014، إذ شُكلت فيها عام 2017 هيئة سياسية لأبناء القنيطرة والجولان، ضمت معارضين وناشطين أكدوا دعمهم لثوابت الثورة والمصلحة العليا لها.

وأعلنت الهيئة، ضمن برنامجها السياسي، دعمها للجيش السوري الحر، واللجنة العليا للمفاوضات، والحكومة السورية المؤقتة، وسعيها إلى إقامة دولة مدنية تسودها العدالة والمواطنة.

عقب اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان في عامي 2023 و2024، استغلت إسرائيل الأوضاع وعملت على توسيع نطاق سيطرتها على المنطقة التابعة لمحافظة القنيطرة في الجولان المحتل.

وبعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فض الاشتباك عام 1974 من جانبها، ثم توغلت في مواقع إستراتيجية بمحافظة القنيطرة.

طالب أهالي المحافظة بضرورة تدخل المجتمع الدولي لإجبار القوات الإسرائيلية على الانسحاب من المناطق التي احتلتها، بعد فرضها حصارا على عدد من القرى في الأرياف ومنع ساكنيها من التجول، وإطلاقها النار باتجاه الأشخاص الذين يحاولون الاقتراب منها.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول 2024، عيّنت حكومة تصريف الأعمال السورية، بعد خلع الأسد، مشهور المسالمة رئيسا لمكتب إدارة الشؤون السياسية في درعا والسويداء والقنيطرة.

المعالم

عُرفت محافظة القنيطرة بامتلاكها مقومات سياحية تشمل المواقع الأثرية والتراثية، إضافة إلى المناطق الطبيعية المتنوعة. ومن الآثار التاريخية: ينابيع الحمة وبيت صيدا وبانياس الجولان وقلعة الصبية ودير قروح وكنيسة الروم الأرثوذكس.

إعلان

وتمتاز المحافظة بطبيعتها الخلابة وأشجارها الكثيفة وإطلالاتها الجبلية. ويزورها السياح بغرض الاستجمام والتمتع بالمناخ والمناطق الطبيعية وارتياد المواقع الأثرية.

المصدر : الجزيرة

إعلان