مارتن شولتس سياسي ألماني أطاح بزعيمة اليمين الفرنسي مارين لوبان

مارتن ألبرت شولتس ولد يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 1955 في بلدة هيلراث بمدينة إيشفايلر (غيتي إيميجز)

مارتن شولتس سياسي ألماني وُلد عام 1955، وبدأ مسيرته السياسية في مجال الحكومات المحلية، وأصبح أصغر رئيس بلدية في ولاية شمال الراين-وستفاليا.

انتخب عضوا في البرلمان الأوروبي عام 1994، وتولى رئاسته بين عامي 2012 و2017، بعد ذلك ترشح لانتخابات منصب المستشار الألماني، الذي فازت به أنجيلا ميركل. ثم انضم إلى البرلمان الألماني (البوندستاغ)، وأصبح رئيسا لمؤسسة فريدريش إبيرت.

المولد والنشأة

وُلد مارتن ألبرت شولتس يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 1955 في بلدة هيلراث بمدينة إيشفايلر بالقرب من الحدود مع بلجيكا وهولندا، في أسرة عايشت الحياة سياسية. كان والده ضابط شرطة واشتراكيا ديمقراطيا، بينما كانت والدته كلارا شولتس عضوة في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في مدينة فورسلن.

الدراسة والتكوين العلمي

درس شولتس المرحلة الابتدائية مدة أربع سنوات حتى عام 1966، ثم انتقل للدراسة في إحدى المدارس الكاثوليكية الخاصة. سافر إلى فرنسا ضمن برنامج تبادل طلابي، لكنه غادر المدرسة بسبب فشله في الصف الحادي عشر مرتين.

أثناء فترة دراسته، كان شولتس يطمح إلى احتراف كرة القدم، لكن إصابته في ركبته حالت دون مواصلة شغفه بهذه الرياضة.

ويُجيد شولتس اللغات الألمانية والإنجليزية والهولندية والفرنسية والإيطالية والإسبانية. وهو متزوج وله طفلان.

إعلان

التوجه الفكري

مارتن شولتس شخصية يسارية مهتمة بالقضايا الاجتماعية، وهو مؤيد للوحدة الأوروبية. يرى أن الاتحاد الأوروبي هو القوة الأكثر تأثيرا لدرء "شياطين القرن العشرين"، التي يقول إنها العنصرية وكراهية الأجانب ومعاداة السامية.

وفي حملته الانتخابية، تعهد "بإعادة تأسيس أوروبا من جديد"، استنادا إلى مبادئ التضامن الاقتصادي، وكذلك معالجة أزمة اللاجئين، إضافة إلى تعزيز السلام.

كما يدعو شولتس إلى تضامن عالمي من أجل تحقيق العدالة البيئية واتباع ممارسات تجارية أكثر عدلا.

التجربة العملية والسياسية

بعد مغادرته المدرسة، تدرب شولتس مدة عام ليصبح بائع كتب، ثم بدأ العمل عام 1977 لدى دور نشر ومكتبات عدة، كما عمل فترة قصيرة في وكالة إعلانات. وفي عام 1982، افتتح متجره الخاص لبيع الكتب في مدينة فورسلن.

انضم عام 1974 إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، وشارك في حملة السياسي فيلي برانت الانتخابية.

اُنتخب عام 1984 عضوا في المجلس البلدي لمدينة فورسلن، وظل في منصبه أكثر من دورتين انتخابيتين حتى عام 1998.

وفي عام 1987، أصبح أصغر رئيس بلدية في ولاية شمال الراين-وستفاليا، واستمر في منصبه حتى عام 1998.

في يونيو/حزيران 1994، انتخب شولتس عضوا في البرلمان الأوروبي بعد حصوله على 42% من الأصوات، متغلبا على منافسه داخل الحزب ديتر شينزل.

بين عامي 1994 و1996، شغل منصب منسق الكتلة الاشتراكية الديمقراطية في اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، كما أصبح المقرر المسؤول عن اتفاقية الاتحاد الجمركي مع تركيا.

شغل عام 1996 منصب منسق الكتلة الاشتراكية الديمقراطية في لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية في البرلمان، وأصبح أيضا في العام ذاته رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي في مقاطعة آخن بولاية شمال الراين-وستفاليا.

في عام 1999، أصبح مدير الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في انتخابات البرلمان الأوروبي، وصار أيضا عضوا في هيئة رئاسة الحزب واللجنة التنفيذية الفدرالية.

مارتن شولتس (وسط) أول رئيس في تاريخ البرلمان الأوروبي يُعاد انتخابه لولاية ثانية (رويترز)

وفي عام 2000، اختير رئيسا لوفد الحزب في البرلمان الأوروبي، وبعد عامين انتخب نائبا أول لرئيس كتلة الأحزاب الاشتراكية الأوروبية داخل البرلمان.

إعلان

حقق شولتس شهرة عالمية عام 2003 بعد انتقاده رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك سيلفيو برلسكوني، الذي كان يشغل منصب رئيس البرلمان الأوروبي حينئذ.

وقال شولتس إن تولي رجل أعمال شهير منصبا سياسيا بالتزامن مع امتلاكه شبكات إعلامية ضخمة يفتح باب "تضارب المصالح"، ورد عليه برلسكوني بإهانة تضمنت تشبيها بالنازية.

بين عامي 2004 و2009، تولى رئاسة كتلة التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي.

وفي عام 2011، أعلن شولتس عزمه الترشح لرئاسة البرلمان الأوروبي، وتم ترشيحه رسميا من قبل كتلة التحالف التقدمي لشغل هذا المنصب.

وفي يناير/كانون الثاني من العام التالي، فاز بمنصب رئيس البرلمان الأوروبي في الجولة الأولى من التصويت، بعد حصوله على 387 صوتا من أصل 670.

عُرف شولتس بأنه عنيد وشرس، وخاض معارك سياسية من أجل زيادة مشاركة البرلمان في صنع القرار داخل أروقة الاتحاد الأوروبي.

وفي فبراير/شباط 2014، ألقى شولتس كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي، انتقد فيها سياسية "الاستيطان" وتوزيع المياه المجحف بحق الفلسطينيين. ردا على ذلك، اتهمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"الانتقائية والنظرة الأحادية للصراع في الشرق الأوسط".

وفي 1 يوليو/تموز 2014، أصبح أول رئيس في تاريخ البرلمان الأوروبي يُعاد انتخابه لولاية ثانية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 أعلن إنهاء مسيرته السياسية في بروكسل، وانتقل إلى السياسة الألمانية، فخطط للترشح لانتخابات البرلمان (البوندستاغ) عام 2017 عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية شمال الراين-وستفاليا.

في يناير/كانون الثاني 2017، أعلن الحزب ترشيح شولتس لمنصب المستشار الألماني، وتقرر أن يتولى منصب رئيس الحزب خلفا لزيغمار غابرييل.

وفي 19 مارس/آذار 2017، انتُخب رئيسا للحزب بعد حصوله على أكبر عدد من الأصوات، كما تم الإعلان رسميا عن ترشيحه لمنصب المستشار الألماني.

إعلان

وتعهد شولتس بإزاحة المستشارة أنجيلا ميركل من منصبها، وقال إنه يطمح إلى تسلم منصب المستشارية، وأن يجعل الحزب الاشتراكي الديمقراطي "القوة السياسية الأولى في البلاد".

وبعد فوز ميركل في الانتخابات، أعلن في فبراير/شباط من العام التالي استقالته من منصب رئيس الحزب، وأصبح عضوا في البرلمان الألماني حتى عام 2021. ثم أعلن أنه لن يترشح للانتخابات الفدرالية في العام نفسه.

في 14 ديسمبر/كانون الأول 2020، أصبح شولتس رئيس مؤسسة فريدريش إبيرت، وهي مؤسسة سياسية ألمانية كانت مرتبطة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي.

مارتن شولتس تولى رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني عام 2017 (غيتي إيميجز)

الإطاحة بمارين لوبان

اتسمت العلاقة بين شولتس والسياسية الفرنسية وعضوة البرلمان الأوروبي مارين لوبان بالتوتر، إذ كان شولتس من دعاة إبرام معاهدة دستورية جديدة تعرف بـ"الولايات المتحدة الأوروبية"، في حين عُرفت لوبان بانتقادها للمؤسسات الأوروبية.

وفي عام 2015، تلقى شولتس رسالة من مصدر مجهول تتعلق بتهم "فساد" بحق كاثرين غريزيه، رئيسة مكتب لوبان، وكذا حارسها الشخصي تييري ليجيه.

وبعد ملاحظته أن 20 من بين 24 مساعدا للوبان في البرلمان الأوروبي هم من أعضاء حزبها، الجبهة الوطنية الفرنسية، بدأ بالتحرك لـ"فضح الفساد"، إذ أرسل الرسالة المجهولة إلى المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال.

كشفت التحقيقات التي أجراها المكتب الأوروبي أن غريزيه لم تعمل سوى 12 ساعة في البرلمان الأوروبي بين أكتوبر/تشرين الأول 2014 وأغسطس/آب 2015، رغم تقاضيها راتب مساعدة برلمانية.

وفي يوليو/تموز 2023، اضطرت لوبان إلى إعادة 330 ألف يورو للبرلمان الأوروبي، وهي قيمة الرواتب التي حصلت عليها رئيسة مكتبها وحارسها الشخصي. غير أن "حزب الجبهة الوطنية" أكد أن سداد المبلغ تم في إطار إجراء إداري وليس اعترافا بالذنب.

إعلان

وفي 31 مارس/آذار 2025، وجهت محكمة فرنسية تهمة إساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي إلى لوبان، متهمة إياها بتحويل أكثر من 4 ملايين يورو من أموال البرلمان الأوروبي لدفع رواتب الموظفين في حزبها بفرنسا.

وقضت المحكمة بحرمانها من الترشح لأي منصب حكومي مدة 5 سنوات، كما حُكم عليها بالسجن 4 سنوات، منها سنتان مع وقف التنفيذ، والسنتان الأخريان تحت الإقامة الجبرية، إضافة إلى غرامة قدرها 100 ألف يورو.

كما شمل حكم الإدانة 8 نواب من حزب الجبهة الوطنية في البرلمان الأوروبي، وقدرت المحكمة الضرر الإجمالي بـ2.9 مليون يورو.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان