موشيه ديان
سياسي وعسكري إسرائيلي شارك في معظم الحروب العربية الإسرائيلية. بدأ حياته عضوا في الهاغاناه قبل إنشاء إسرائيل، وقاد الجيش الإسرائيلي عام 1956 إبان العدوان الثلاثي على مصر، ثم ذاع صيته بعد هزيمة العرب في حرب 1967 إذ كان وقتها وزيرا للدفاع.
المولد والنشأة
ولد موشيه صمويل ديان في مستوطنة "ديغانيا" بفلسطين في 20 مايو/آيار 1915 زمن الإمبراطوية العثمانية لأبوين يهوديين هاجرا من أوكرانيا واستقر بهما المقام في فلسطين.
الدراسة والتكوين
تلقى ديان تعليمه الابتدائي في مستوطنة "نحلال" التي انتقلت إليها أسرته بعد أن ضاقت بالعيش بأسلوب الحياة الاشتراكية القاسي في مستوطنة "ديجانيا" التي كان كل شيء فيها مشاعا عاما لساكنيها، حتى المتعلقات الشخصية كالأمتعة والملابس.
بعد أن فرغ من تعليمه الأولي التحق بمدرسة الزراعة للبنات التي أنشئت خصيصا لتعليم المهاجرات الزراعة، فكان بذلك أول صبي يلتحق بتلك المدرسة.
التوجه الأيديلوجي
يؤمن موشيه ديان بأن الدولة العبرية لم تقم على أنقاض فلسطين، ويعتبر الحدود بين دول الشرق الأوسط ليست شيئا مقدسا ويدعو إلى تعديلها بما يخدم المصالح الإسرائيلية ويخلق أمرا واقعا يصعب تغييره.
التجربة العسكرية
انضم موشيه ديان في مطلع شبابه إلى "الهاغاناه" (جماعة يهودية مسلحة) وسرعان ما أصبح نائبا لقائد فصائل الميدان التي كان يقودها "إسحق صاديه" والتي تخصصت في الهجوم المفاجئ على الفلسطينيين، كما اشتهرت بإقامة المستوطنات اليهودية متحدية أوامر سلطات الانتداب.
وقد ابتدع ديان آنذاك طريقة أطلق عليها "البرج والسور"، إذ تستولي مجموعته على قطعة من الأرض تحت جنح الظلام وتنشئ عليها برجا للمراقبة وتنصب بعض الخيام وتحفر حولها الخنادق، قبل أن تحيط كل ذلك بالأسلاك الشائكة.
انضم كذلك إلى جماعة "شباب ونجت" التي أنشأها ضابط المخابرات البريطاني أورد وينجت وتميزت بخفة الحركة والانقضاض السريع على المراكز العربية ليلا.
وفي بداية الحرب العالمية الثانية انضم ديان إلى "البالماخ"، وقبضت عليه سلطات الانتداب البريطاني وهو يدرب بعض الشبان اليهود تدريبا عسكريا، وهو ما كانت تعتبره عملا غير مشروع، فحكمت عليه بالسجن خمس سنوات قضى بعضها في سجن قلعة عكا القديمة.
ثم أفرجت السلطات البريطانية عنه بعد أن قررت هي وفرنسا تحرير لبنان وسوريا من قوات حكومة فيشي بالتعاون مع بعض القوات اليهودية، فاستُدعي ديان لقيادة إحدى الفصائل اليهودية. وفي إحدى العمليات العسكرية بلبنان عام 1941 فقد عينه اليسرى فاضطر إلى وضع العصابة السوداء التي اشتهر بها.
اشترك في حرب 1948 التي انتهت بإقامة دولة إسرائيل، وكان قائدا للقوات اليهودية التي احتلت اللد عقب انسحاب القوات العراقية والأردنية منها دون قتال، ثم عهدت إليه بعد ذلك قيادة قوات القدس، وقام أثناء ذلك بمفاوضات سرية مع الملك عبد الله الأول ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وبعد انتهاء الحرب كان ديان في الوفد الإسرائيلي إلى مفاوضات رودس.
وفي عام 1953 أصدر ديفد بن غوريون قرارا بتعيين موشيه ديان رئيسا لأركان حرب جيش الدفاع ليستمر في هذا المنصب حتى تقاعده عن الخدمة بالجيش عام 1958، وإبان تلك الفترة أنشأ فرعين جديدين تابعين للجيش هما فرع المخابرات وفرع التدريب، وأبدى اهتماما خاصا كذلك بالقوات الجوية.
وكان ديان -بالاشتراك مع شمعون بيريز– وراء صفقات الأسلحة الكبيرة التي حصلت عليها إسرائيل من فرنسا في تلك الفترة، كما قاد بنفسه الاتصالات التي تمت بين إسرائيل وكل من بريطانيا وفرنسا، وكان الموجه الفعلي لها خاصة في النواحي العسكرية. وفي تلك الفترة تولى قيادة القوات الإسرائيلية المهاجمة لسيناء في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وقد أكسبته هذه الحرب شهرته الواسعة داخل العالم العربي.
التجربة السياسية
عمل موشي ديان في السياسة بعد أن ترك الخدمة في الجيش، فالتحق بحزب ماباي عام 1959، ثم اختير وزيرا للزراعة في حكومة بن غوريون، وبعد أن قدم بن غوريون استقالته آثر ديان الابتعاد قليلا عن المسرح السياسي، ثم عاد إليه مرة ثانية عضوا في حزب رافي الذي انشق بقيادة بن غوريون عن ماباي عام 1965.
وأثناء حرب 1967 رضخ رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول لمطالب الجيش وقطاعات واسعة من الرأي العام الإسرائيلي بتعيين موشيه ديان وزيرا للدفاع، ولم تمض أيام قليلة على توليه الوزارة حتى كانت الحرب قد بدأت وانتهت بنكسة عام 1967، وجنى ديان ثمار الانتصار رغم أن الاستعدادات العسكرية كانت مكتملة قبل توليه الوزارة.
وفي حرب 1973 تعرض موشيه ديان للوم الشديد بعد الانتصارات السريعة والمفاجئة التي حققها الجيش المصري، وتحت هذا الضغط قدَّم هو ورئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير استقالتيهما عام 1974.
ولم يطل بقاؤه خارج السلطة، فقد اختاره رئيس الوزراء مناحيم بيغن عام 1977 وزيرا للخارجية، وحقق لإسرائيل انتصارات دبلوماسية لا تقل أثرا عن الانتصارات العسكرية، فبعد عام واحد من توليه المنصب الجديد دخل في مفاوضات مباشرة مع إدارة الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات في كامب ديفد، انتهت بالتوقيع على أول اتفاقية للسلام بين إسرائيل ودولة عربية عام 1979.
الوفاة
بعد عامين من تحقيق موشيه ديان نصرا دبلوماسيا بالتوقيع على اتفاقية كامب ديفد، توفي بعد إصابته بسرطان في القولون في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1981 عن عمر يناهز 74 عاما.