برشلونة
عاصمة مقاطعة برشلونة وإقليم كاتالونيا، وثانية أكبر المدن الإسبانية بعد مدريد، بها أهم موانئ البلاد وتعد عاصمة تجارية ومالية وصناعية هامة في منطقة جنوب أوروبا.
الموقع
تقع مدينة برشلونة على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة الأيبيرية المطل على البحر الأبيض المتوسط، وفي الشمال الشرقي من شبه الجزيرة وسط الدلتا الواقعة بين نهري يوبريغات وبيسوس، وتوجد على بعد 150 كيلومترا جنوب سلسلة جبال البرانس الفاصلة بين إسبانيا وفرنسا.
تغير ساحلها على مر العصور، حيث تشير الدراسات الجيولوجية إلى أن ساحة كاتالونيا الواقعة وسط المدينة كانت تغمرها مياه البحر في عصور ما قبل التاريخ وأن حي "لا بارثيلونيتا" الشعبي لم يكن موجودا قبل قرن ونصف من بداية القرن الـ21، وأن تلك الأراضي ظهرت للوجود بتراكم الترسبات الرملية التي أتت بها مياه التيارات البحرية القادمة من الشمال.
تتميز برشلونة بمناخ متوسطي، يتسم بنوع من الرطوبة وبرودة الأجواء الشمالية في الشتاء، وتخفف عواصف الأمطار التي تهب عليها من وقت لآخر من جفاف فصل الصيف.
السكان
يسكن مدينة برشلونة ما يربو قليلا على 1.5 مليون نسمة، ويرتفع هذا العدد إلى خمسة ملايين نسمة ونيف إذا ما أضيف إليه سكان الضواحي، حسب الإحصاء السكاني لعام 2012. يتحدث البرشلونيون اللغة الكاتالونية المحلية، بالإضافة إلى اللغة الإسبانية.
الاقتصاد
يتركز في المدينة ومحيطها حوالي 66% من سكان إقليم كاتالونيا الذي يعد إحدى المناطق الأكثر ثراء في جنوب أوروبا، ويقوم اقتصادها على قطاع صناعة قوي، يشتمل على مصانع كبرى للسيارات والصناعات التكنولوجية والبيولوجية والدوائية وغيرها، ولديها قطاع خدمات واسع يشمل الخدمات المالية والتجارة بمختلف أنواعها.
التاريخ
اسم برشلونة مجهول الأصل، وتثبت بعض الوثائق أن أول ظهور تاريخي لاسم برشلونة كان في خريطة العالم التي وضعها بطليموس ما بين القرن الأول والثاني الميلاديين، حيث كان اسمها وقتئذ بارسينو، التي كانت حصنا عسكريا بناه الرومان في أوائل عهدهم، ثم تطورت بسبب موقعها الجغرافي المتميز إلى ميناء ومدينة تجارية.
غزاها القوطيون في القرن الخامس الميلادي وحولوها على مدى بضع سنوات إلى عاصمة لأراضي إسبانيا التي فتحوها ثم نقلوا العاصمة إلى توليدو (طليطلة العربية لاحقا). وفي القرن الثامن الميلادي فتحها الحر بن عبد الرحمن الثقفي، أول قائد عربي يعبر جبال البرانس، غير أن لويس الأول نجل شارلمان ملك فرنسا، استعادها عام 801 م.
غزاها فيما بعد الحاجب المنصور أبو عامر محمد بن أبي عامر ابن عبد الله المعافري في 985م، ففر حاكمها الكونت بوريل الثاني، ثم استعادها ورثته عام 1137 وأعادوا بناءها، فازدهرت وتحولت إلى إحدى أهم مدن غرب البحر المتوسط في القرنين الـ13 والـ14.
اضمحلت في القرن الـ15، و تدهورت أحوالها في حرب الاستقلال عن إسبانيا (1640-1651) ثم في حرب الخلافة على العرش الإسباني (1706-1714)، ثم عادت إلى الازدهار في أواخر القرن الـ18 وبدء الثورة الصناعية.
وفي القرن الـ19 تحولت برشلونة إلى مركز اقتصادي وسياسي وثقافي هام، ودخلت في عملية التصنيع واحتكرت تجارة النسيج بين إسبانيا وكوبا، وتوسعت عمرانيا فهدمت أسوارها القديمة، وضم إليها في 1897 ست بلدات محيطة بها.
بعدما أوقفت الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) حركة تقدم المدينة، أصبحت في عهد الجنرال فرانكو مركزا لعملية تصنيع مكثف، وصارت قطبا يجتذب المهاجرين القادمين من المدن والمناطق التي عانت ويلات الحرب ومخلفاتها.
اكتسبت حيوية اقتصادية واجتماعية فنشأت فيها الأحياء الشعبية والعمالية وتطورت بنية الطرق والمواصلات، وأصبحت لها شبكة لقطارات الأنفاق وشبكة حديثة للسكك الحديدية، وأصبح مطارها ثاني أكبر مطار بالبلاد.
عقب رحيل الجنرال فرانكو ودخول إسبانيا عهد الديمقراطية وانضمامها للاتحاد الأوروبي استفادت برشلونة من هذا التقدم واكتسبت أهمية بعد إنجاز العديد من المشاريع العمرانية والثقافية، أهلتها لاحتضان دورة الألعاب الأولمبية عام 1992، التي زادت من اتساع برشلونة الحضري والعمراني وأعطتها إشعاعا دوليا.