الدار البيضاء
أكبر مدن المغرب وعاصمته الاقتصادية، وثالث أكثر مدن أفريقيا سكانا بعد لاغوس والقاهرة، عرفت قديما باسم أنفا، إلى أن سماها البرتغاليون كازا برانكا (Casa Branca) بعدما وجدوا بها بيتا أبيض في القرن الـ16، وسماها الإسبان بعدهم كازا بلانكا (Casa Blanca). وأطلق عليها المغاربة اختصارا "كازا"، يعكس معمارها الحضارة العربية والإسلامية وتأثيرات الهندسة المعاصرة.
الموقع
تقع مدينة الدار البيضاء على ساحل المحيط الأطلسي بمنطقة الشاوية السفلى على بعد 95 كيلومترا من العاصمة الرباط، موقعها إستراتيجي وسط خط الإنتاج الصناعي بين القنيطرة شمالا والجرف الأصفر جنوبا، ومناخها معتدل بحكم موقعها والمؤثرات البحرية ويمتد عمقها لمساحة 60 كيلومترا في اتجاه الداخل.
السكان
بعدما لم يكن عدد سكانها يتجاوز 20.000 نسمة عام 1900، تقول التقديرات إن عدد سكانها تجاوز حدود 4.750.000 نسمة، ويشكلون أكثر من 12٪ من مجموع سكان المغرب.
بلغ عدد سكان ولاية الدار البيضاء الكبرى 3.728.824 نسمة وفق التعداد السكاني لعام 2004، وتعمل 60% من اليد العاملة بالمدينة في قطاع الصناعة.
الاقتصاد
توصف المدينة بأنها قطب صناعي وتجاري و القلب النابض لاقتصاد المغرب، والقبلة الأولى للمستثمرين والشركات الوطنية والدولية، حيث تحتضن حوالي60% من معامل المغرب وشركاته.
وتعتبر بورصة الدار البيضاء الثالثة في أفريقيا بعد بورصة جوهانسبورغ والقاهرة، ويتنوع النشاط الاقتصادي بالمدينة بين الصناعة (صناعة الطيران، صناعة السيارات، الصناعات الإلكترونية، الصناعات الغذائية..) والخدمات والبناء والأشغال العمومية والسياحة.
وتستفيد المدينة في ذلك من توفرها على مؤهلات كثيرة منها أكبر مطار في المغرب، مطار محمد الخامس الدولي، وأكبر ميناء (520 هكتارا من المسطحات وأكثر من ثمانية كيلومترات من الأرصفة) وشبكة حديثة من الطرق والسكك الحديدية، وقاطرات الترام التي تربط أحياء هامشية بالدينامية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة.
التاريخ
يعود تاريخ الدار البيضاء إلى حوالي ألف سنة قبل الميلاد، حيث كشفت دراسات أركيولوجية عن وجود آثار تثبت أنها كانت من أقدم المناطق الآهلة بالسكان قديما، وأن الفينيقيين والرومان والبربر استقروا بها، وجعلها القرطاجيون مركزا تجاريا، واتخذها البورغواطيون في القرون الوسطى عاصمة لهم.
وذكرت بعض المصادر أن أمازيغ مملكة بورغواطة أسسوا مدينة "أنفا" أي الدار البيضاء عام 768 مع وجود روايات لتسميات مختلفة "أنافا" و"أنفي"، ويرجح بعض المؤرخين أن الأمازيغ الزناتيين هم من بناها.
استعملها المرينيون مركزا للتجارة البحرية مع الخارج، واستولى عليها البرتغاليون ثم الإسبان، وأعيد بناؤها في عهد الدولة العلوية أيام حكم السلطان "سيدي محمد بن عبد الله" (1757-1790) باسم "الدار البيضاء".
وباتت وجهة مفضلة لقبائل "الشاوية" و"دكالة" وتحولت مع الوقت إلى مدينة جاذبة للتجار والحرفيين من مناطق ومدن مغربية عديدة، وخلال فترة الاستعمار اتخذتها فرنسا مركزا لشركاتها وأنشطتها الاستغلالية للثروة المغربية، وتصديرها للخارج.
شارك سكانها وسكان ضواحيها في مقاومة الاستعمار وكانت مركزا من مراكز المقاومة بعد تفجير البارجة الفرنسية "كاليلي" في 5 أغسطس/آب 1907 ومن أشهر رجالات المقاومة بها محمد بن محمد الزرقطوني.
احتضنت عام 1943 في عهد الملك محمد الخامس مؤتمرا دوليا عرف بمؤتمر آنفا حضره رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت والرئيس الفرنسي الجنرال ديغول، وناقش قرار الحرب العالمية الثانية.
وبعد استقلال المغرب عام 1956 عرفت المدينة تطورا كبيرا عمرانيا وديمغرافيا وباتت أكبر مدن المملكة.
معالم
تتعدد معالم مدينة الدار البيضاء ومآثرها، ومن أبرزها:
-مسجد الحسن الثاني الذي استغرق بناؤه قرابة 16 عاما ( 1987 – 1993) وهو أكبر مسجد في العالم بعد الحرمين، شيد فوق الماء وتبلغ مئذنته 210 مترات، ويسع 25.000 مُصلّ في الداخل و80.000 في الباحة.
-المدينة القديمة: وهي مجموعة من الأسوار تحيط بمدينة الدار البيضاء القديمة، وبها عدد من المباني التاريخية كالصقالة ومنارة الحنك وساحة "لا كوميدي"، وقبة "سيدي بو سمارة".
-حي الأحباس الذي شيد في فترة الحماية، وهو من المعالم السياحية الكبرى بمدينة الدار البيضاء، له بعد ثقافي وحضاري تحكيهما أقواسه وبناؤه المعماري العربي والإسلامي مختلط بهندسة أوروبية.
-كورنيش عين الذياب، ويمتد على طول الشاطئ كواجهة بحرية تضم سلسلة مسابح وفنادق ومطاعم، ويتم تطويره بشكل مستمر لجعله وجهة للترفيه والاستجمام.
-شارع محمد الخامس حيث تجمع المباني على جنباته بين الأصالة العربية والإسلامية التقليدية، والهندسة الفرنسية، والمباني العصرية، ويؤرخ هذا الشارع لقرابة قرن من الزمن.