فرنسا.. بلد الاستعمار والثورة والجمهوريات الخمس
الجمهورية الفرنسية دولة تقع في غرب أوروبا، برزت كقوة عظمى إثر انتصار الفرنجة على الفاتحين المسلمين في معارك تولوز وبلاط الشهداء خلال النصف الأول من القرن الثامن الميلادي.
تعتبر واحدة من أكبر القوى الاستعمارية التي بسطت نفوذها لعقود طويلة على مناطق واسعة في أفريقيا وآسيا، ولا يزال نفوذها السياسي والثقافي قويا على مستوى معظم دول غرب أفريقيا.
وتوصف الثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1789 بأنها ملهمة الثورات الأوروبية التي أطاحت بالأنظمة البورجوازية، وأقامت أنظمة حكم بديلة قائمة على الديمقراطية.
المعلومات الرئيسية
الاسم الرسمي: الجمهورية الفرنسية
الاسم المختصر: فرنسا
العاصمة: باريس
اللغة: الفرنسية
النظام السياسي: جمهوري
تاريخ النشأة: 14 يوليو/تموز 1789
العملة: اليورو
الجغرافيا
الموقع: تقع فرنسا في الجزء الغربي من القارة الأوروبية، وكغيرها من بعض الدول الاستعمارية الكبرى، تتبع لها جزر وأراض وراء البحار في عدد من مناطق العالم. تحدها عدة دول هي المملكة المتحدة، بلجيكا، ألمانيا، لوكسمبورغ، سويسرا، إيطاليا، موناكو، أندورا، وإسبانيا.
المساحة: 643.801 كيلومترا مربعا
الموارد الطبيعية: الأراضي الزراعية الخصبة، الأخشاب، الطاقة المائية، المعادن وعلى رأسها الحديد والفحم والبوتاس والزنك والبوتاس واليورانيوم.
المناخ: متوسطي.
السكان
العدد: 68.373.433 نسمة (تقديرات يناير/كانون الثاني 2024 الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا).
نسبة النمو: 0,3% في 2023 (تقديرات المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا).
التوزيع العرقي: يتكون سكان فرنسا من مجموعات عرقية مختلفة مثل السلتيين واللاتينيين، إضافة إلى أقليات أخرى كالجرمان والمغاربة (أصولهم من المغرب العربي)، والباسكيين.
الديانة: من 83% إلى 88% كاثوليك، من 5% إلى 10% مسلمون، 2% مسيحيون بروتستانت، 1% يهود، 4% غير محددي الديانة.
التاريخ
عرفت أرض فرنسا الحالية في التاريخ القديم ببلاد الغال، نسبة إلى الشعب الذي كان يسكن المنطقة كلها بما في ذلك أراضي بلجيكا ولوكسمبورغ وأجزاء من إيطاليا وألمانيا وهولندا.
وشكلت هجمات الغال مصدر قلق للإمبراطورية الرومانية على مدى قرون من الزمن، فقد وصلوا حتى روما، قبل أن يتمكن يوليوس قيصر من بسط سيطرته على كامل أراضي بلاد الغال في حدود عام 103 قبل الميلاد لتصبح جزءا من إمبراطوريته.
ومع منتصف القرن الثاني الميلادي تعرضت أراضي الإمبراطورية الرومانية -بما فيها أرض الغال- لهجمات من القبائل الجرمانية القادمة من الشمال، فاستوطنت إحداها، وهي قبيلة الفرنجة (أو الإفرنج/الفرنك) بلاد الغال، ثم تحور الاسم مع مرور الزمن لتأخذ منه أرض فرنسا اسمها الحالي.
أسس الفرنجة مملكة كان أول قادتها كلوفيس الأول، الذي وحد القبائل الجرمانية وبعض القبائل الأخرى في المنطقة عام 480م، كما اعتنق المسيحية فأصبحت دين المملكة والشعب، ومع وصول شارلمان للحكم عام 768م توج إمبراطورا على مملكة الفرنجة، ثم على الإمبراطورية الرومانية المقدسة ابتداء من عام 800م.
الفرنجة والفتوحات الإسلامية
كان الفرنجة أشهر الشعوب الأوروبية التي واجهت المسلمين على مر التاريخ، سواء أثناء فتوحات غرب أوروبا أو خلال الحروب الصليبية في مرحلة لاحقة بعد ذلك.
ومع أن المسلمين استطاعوا فتح عدد من مناطق جنوب فرنسا، إلا أن انتصار الفرنجة في معركة تولوز عام 721م مثّل انعطافا في مسار الفتوحات الإسلامية غرب أوروبا وشكل دعما معنويا لبعض المدن في الأندلس، فخلعت طاعة المسلمين وثارت ضدهم.
وفي عام 732م وخلال شهر رمضان وقعت معركة بلاط الشهداء، التي قاد جيش المسلمين فيها عبد الرحمن الغافقي بينما قاد جيش الفرنجة المسيحيين شارل مارتل، وانتهت أيضا بانتصار الفرنجة واستشهاد الغافقي.
وكان من نتائج هذه المعركة ظهور دولة الفرنجة التي شكلت قوة عظمى في أوروبا الغربية يحظى قادتها بتأييد رجال الدين المسيحيين، لتمكنها من وقف الفتوحات الإسلامية غرب أوروبا.
كما تصدر الفرنجة الحروب الصليبية التي وقعت في الفترة ما بين 1095 و1250م، وكان هدفها الاستيلاء على مدينة القدس وانتزاعها من المسلمين.
قوة استعمارية عظمى
على الرغم من أن فرنسا انهزمت أمام بريطانيا في معارك حرب المئة عام التي دامت في الفترة ما بين 1337 و1453، وواجهت حروبا دينية داخلية دامت من 1562 وحتى 1598؛ إلا أنها حافظت على مكانتها في صدارة القوى الأوروبية في العصور الوسطى، كما أسهم علماؤها وفلاسفتها وأدباؤها في عصر النهضة.
ومع مطلع القرن الـ17 وفي عهد الملك هنري الرابع بدأت السفن الفرنسية تجوب البحار نحو جنوب وشرق آسيا عبر رأس الرجاء الصالح، كما كانت من بين أولى الدول التي أوفدت مستكشفيها إلى القارة الأميركية بعد رحلة كريستوفر كولوموبس.
غير أن هزيمتها في سلسلة من الحروب مع الإمبراطورية البريطانية في كل من أميركا الشمالية والكاريبي والهند بين أعوام 1689 و1748، وضعت حدا لطموحاتها الاستعمارية في هذه المناطق، وأطلق على هذه الحقبة الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية الأولى.
وفي القرن الـ19 عادت فرنسا مجددا قوة استعمارية كبرى باستعمارها مناطق واسعة من أفريقيا وجنوب شرق آسيا فيما عرف بالإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية الثانية، ومن بين هذه المستعمرات: الجزائر 1830 وساحل العاج 1843 والكونغو 1880 وتونس 1881 والغابون 1885 ومالي 1893 وبنين 1894 والسنغال 1895 وغينيا 1898 والنيجر وتشاد 1900 وموريتانيا 1902 والمغرب 1912 وبوركينافاسو 1916 والكاميرون 1918.
ودام استعمار هذه الدول حتى سنوات استقلال المستعمرات الفرنسية منتصف القرن العشرين، بينما امتد نفوذ فرنسا على معظم مستعمراتها لعقود طويلة بعد ذلك أدارت خلالها أنظمة الحكم بالسياسات الاقتصادية والتعليمية تارة والانقلابات العسكرية تارة أخرى.
الثورة وإسقاط الملكية
خلال اجتماعات البرلمان الفرنسي عام 1789 وفي وقت كانت تشهد فيه البلاد أزمة مالية، كان السخط يسود أعضاء الطبقة الثالثة التي تضم ممثلين عن عموم الشعب مقابل طبقتي النبلاء ورجال الدين.
وفي 17 يونيو/حزيران 1789 أعلنت الطبقة الثالثة نفسها برلمانا لفرنسا وأقسم أعضاؤها على الولاء لمهامهم، ومن أبرز القرارات التي اتخذوها إلغاء امتيازات الطبقة الأرستقراطية، وإلغاء سلطة الكنيسة، فضلا عن تقليص صلاحيات الملك لويس السادس عشر.
وفي ظروف يطبعها التوتر نشر وزير المالية جاك نيكر معلومات اعتبرت مبالغا فيها حول ديون الحكومة والوضع الاقتصادي للبلاد، وفي محاولة لاحتواء الموقف منحه الملك صلاحية إعادة هيكلة الوزارة، لكن الغليان كان قد بلغ أوجه في صفوف سكان باريس التي شهدت أحداث فوضى، وفي تطور جديد هاجمت الحشود الغاضبة سجن الباستيل في 14 يوليو/تموز 1789.
أما الملك فقد أقنعه مقربوه بمغادرة قصر فرساي ودخول باريس ليعبر عن قربه من الناس، إلا أن هذه الخطوة أعطت شرعية للثورة، ومع تكرر الهجمات على القصر قرر الملك الهروب بمساعدة هولندا فخرج أفراد العائلة الحاكمة ليلا متنكرين، إلا أن محاولة الحروب كشفت فأعيدوا إلى باريس، وفي 21 يناير/كانون الثاني 1794 وبعد محاكمته وإدانته بتهمة الخيانة أعدم لويس السادس عشر بالمقصلة.
نابليون وعودة الإمبراطورية
استطاعت فرنسا في سنوات الثورة الأولى أن تهزم النمسا وبروسيا اللتين تدخلتا لنصرة الملك عام 1792، مما جعل مركز الثورة الفرنسية أقوى، لكن تحالفات تضم معظم الدول الأوروبية برزت من جديد ضد الثورة فضلا عن تمرد في مناطق فرنسية عديدة، وفي الأثناء ظهر القائد العسكري نابليون بونابرت وواجه أعداء فرنسا وحقق انتصارات هامة رقي بموجبها إلى رتبة لواء وهو لا يزال في عمر 24 عاما، ما عزز طموحاته السياسية في وقت مبكر من حياته، خصوصا في وقت كانت تشهد فيه بلاده حالة عدم الاستقرار في سنوات ما بعد الثورة.
ومع أنه غادر بلاده في حملة على مصر عام 1798، لكن وبعد عام واحد كلف الجنرال جان كليبر بقيادة الحملة، فعاد نابليون سرا إلى فرنسا حيث نجح تحالفه عام 1799 في الإطاحة بالنظام الجمهوري (الجمهورية الأولى) الذي أعقب الثورة، فتولى منصب رئيس القنصلية وهي هيئة استحدثها مع حلفائه، ثم أعلن نفسه قنصلا مدى الحياة بعد انتخابات عام 1802، ثم إمبراطورا لفرنسا.
وخاض نابليون حروبا ضد بريطانيا التي كاد يحاصرها تجاريا، كما هزم معظم دول أوروبا الغربية ووزع المناصب بين إخوته فيما يشبه النظام الملكي السابق، ثم قرر غزو روسيا التي تحالفت مع النمسا وبريطانيا فكانت هزيمته هناك عام 1812 بسبب استدراجه من قبل الروس وحلول موسم الشتاء داخل أراضيهم، وكان من نتائج الهزيمة أن ثارت ضده أوروبا.
وابتداء من 1814 أعادت دول التحالف التي هزمت نابليون لويس الثامن عشر ليكون ملكا على فرنسا بصفته ملكا دستوريا حتى توفي بعد نحو 10 سنوات وخلفه أخوه شارل العاشر.
من الثورة إلى الجمهوريات
لم تدم حالة الاستقرار طويلا للملك الجديد شارل العاشر، فسرعان ما اندلعت من جديد واضطر للتنازل عن العرش فيما عرف بثورة 1830 التي انتهت بانتقال الملكية من آل بوربون إلى فرع أورليان، وأصبح لويس فيليب ملكا دستوريا، لكن حكمه مثل عودة للبورجوازية ما أثار موجة غضب شعبية ضده فاضطر للتنازل بعد ثورة اندلعت مجددا 1848.
وابتداء من هذا التاريخ وتحديدا بموجب دستور 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1848 بدأت الجمهورية الفرنسية الثانية وانتخب لويس نابليون بونابرت (نابليون الثالث)، رئيسا فقرر الانقلاب على الدستور بعد ثلاث سنوات في 1851، وكادت التعديلات التي أجراها أن تقتصر على تغيير صفته من رئيس إلى إمبراطور، إضافة إلى جعل المنصب يتداول بالوارثة.
لكن الجمهورية الثانية لم تدم لفترة طويلة وانتهت عام 1870 بعد انهيارها إثر الحرب مع بروسيا لتتأسس الجمهورية الفرنسية الثالثة التي استمرت حتى 1940 حيث هزم الألمان فرنسا واحتلوا باريس وأقاموا نظام حكم جديد.
وفي هذه الفترة برز الجنرال شارل ديغول الذي عارض الهدنة مع ألمانيا، ثم لمع نجمه كقائد عسكري يجمع الصفوف لطرد الألمان مستعينا بالإنجليز الذين لجأ إلى أرضهم، ثم أصبح رئيسا لبلاده في المنفى.
ومع استعادة السيطرة على باريس بعد هزيمة الألمان ترأس ديغول الحكومة الانتقالية ما بين 1944 و1946 ثم استقال بعد أن فشل في إقناع الأطراف السياسية بالنظام الرئاسي، فتأسست حينها الجمهورية الفرنسية الرابعة.
وبعد أن واجهت البلاد أزمات دستورية وسياسية اعتبر سببها النظام البرلماني وإشكالات تطبيقه برز اسم ديغول من جديد، فانتخب رئيسا للبلاد عام 1958 وأجرى تعديلات على الدستور بما يعزز سلطة الرئيس المنتخب بالاقتراع المباشر لتبدأ الجمهورية الفرنسية الخامسة، وهي الأكثر استقرارا في تاريخ الجمهوريات الفرنسية.
الاقتصاد
وصل الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا 2,782 تريليون دولار في 2022، بينما حقق نموا بنسبة 0,9٪ في عام 2023.
أما الناتج الفردي السنوي فقد بلغ 38.816 دولار في 2022، وكان قد حقق أعلى مستوى في تاريخه عام 2019 حين وصل إلى في 38832.
وبلغت نسبة البطالة 7,5% في 2023، ونسبة التضخم 4,9% في 2023، والدين الخارجي 7,398.4 تريليون دولار في سبتمبر 2023.
أهم المنتجات: الطائرات، السياحة، المواد الكيميائية، الحديد، الأجهزة الإلكترونية، الحبوب، السكر، البطاطا.