الضفة الغربية.. "كيان إداري للسلطة الفلسطينية" يهيمن عليه الاحتلال
تقع الضفة الغربية وسط شرقي فلسطين، إلى الغرب من نهر الأردن والبحر الميت، وهي الأرض الفلسطينية التي ضُمت للأردن في مؤتمر أريحا عام 1951، وشكلت الجزء المتبقي من فلسطين، الذي لم تستول عليه إسرائيل في النكبة عام 1948، بما في ذلك القدس الشرقية.
وقد سمتها السلطات الأردنية بـ"الضفة الغربية" لأنها تقع غرب نهر الأردن، بينما يقع الأردن على الجانب الشرقي للنهر.
وبعد النكبة خضعت أراضي الضفة الغربية للأردن، وتمت الوحدة بين الضفتين الشرقية (الأردن) والغربية (فلسطين) بعد مؤتمر أريحا عام 1951، واعتبر أهالي الضفة الغربية مواطنين أردنيين، ولكن عام 1967 عادت إسرائيل واستولت على الضفة الغربية.
وعبر اتفاقات أوسلو التي عقدت بين عامي 1995 و1993 تشكلت السلطة الفلسطينية باعتبارها كيانا إداريا، مهمته إدارة شؤون الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، ومع ذلك لم تستطع السلطة إدارة المناطق التابعة لها، وبقيت الضفة الغربية خاضعة لهيمنة الاحتلال وسياسات الاستيطان والقيود المفروضة وقضم الأراضي الفلسطينية وعزل بعضها عن بعض والتبعية الاقتصادية.
الموقع والجغرافيا
تقع الضفة الغربية وسط شرقي فلسطين، إلى الغرب من نهر الأردن والبحر الميت، ويحيط بها الاحتلال من كل الجهات، إلا الجهة الشرقية التي تشكل حدودها مع الأردن.
والضفة الغربية لها شكل متطاول، محصور بين نهر الأردن والبحر الميت شرقا، والسهل الساحلي الفلسطيني غربا، ووادي نهر جالود وسهل مرج ابن عامر في الشمال، وحوض وادي بئر السبع الأعلى والأوسط في الجنوب.
وتحتوي الضفة الغربية على مظاهر تضاريسية مختلفة وتمتاز بوضوح أشكال سطح أرضها وبساطة بنيتها الجيولوجية، فتحتوي في طياتها على الجبال والهضاب والسهول والمناطق الساحلية، بالإضافة إلى المناطق المنخفضة عن مستوى سطح البحر، ولكن الصفة التي تميز تضاريس الضفة الغربية سيادة الجبال والمرتفعات والتضاريس الوعرة بصورة عامة.
وتنقسم الضفة الغربية إلى 4 مناطق جيومورفولوجية (تضاريسية) رئيسية:
- سلسلة الجبال الوسطى، وتضم جبال نابلس وجبال القدس وجبال الخليل، وتمتد من مرج ابن عامر شمالا إلى منطقة بئر السبع جنوبا.
- غور وأخدود وادي الأردن، ويمتد من جنوب بحيرة طبريا حتى شمال البحر الميت.
- المنطقة شبه الساحلية، وتشكل الجزء الشرقي من السهل الساحلي الفلسطيني، وتتركز غرب محافظتي قلقيلية وطولكرم.
- السفوح الشرقية أو المنحدرات الشرقية.
وتعتبر المنطقة الجبلية من الضفة الغربية بمثابة منطقة جمع مياه الأمطار والمغذي الرئيسي لخزانات المياه والأحواض الجوفية، مما يساهم في انتشار العديد من الأودية والينابيع والآبار الارتوازية في هذه المناطق.
المساحة والمحافظات
تشكل مساحة الضفة الغربية نحو 21% من مساحة فلسطين التاريخية (من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط)، وتمتد لحوالي 5660 كيلومترا مربعا وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وتشمل 11 محافظة: الخليل و"رام الله والبيرة" وبيت لحم ونابلس وأريحا وجنين وطوباس والقدس وطولكرم وسلفيت وقلقيلية.
وتعد محافظة الخليل أكبر محافظات الضفة الغربية من حيث المساحة، ثم تليها رام الله والبيرة، أما أصغر المحافظات مساحة فهي: قلقيلية وسلفيت وطولكرم.
المناخ
تتسع مساحة الضفة الغربية في بعض المناطق بحيث تقترب من ساحل البحر المتوسط، وبذلك فهي تتأثر بالبحر، سواء من حيث درجات الحرارة التي تبتعد عن القارية والتطرف، أو من حيث وصول المؤثرات البحرية من كتل هوائية بحرية.
وتتعرض الأطراف الجنوبية من الضفة الغربية أحيانا لتأثير الظروف الصحراوية السائدة في صحراء النقب جنوب فلسطين، سواء في صورة موجات حارة أو رياح محلية محملة بالأتربة والرمال.
وتتمتع معظم مناطق الضفة الغربية بمناخ البحر المتوسط، الذي يمتاز باعتداله، حيث يكون الجو حارا نسبيا وجافا في الصيف، وباردا رطبا في الشتاء، وتقع المنطقة صيفا ضمن نطاق الضغط الحراري المرتفع، مما يؤدي إلى جفاف وهدوء الرياح وقلة الغيوم وارتفاع درجة الحرارة، في حين تقع شتاء ضمن نطاق الرياح الغربية.
ويتأثر المناخ بالارتفاع عن سطح البحر، حيث تنخفض درجات الحرارة في الجبال والمرتفعات، وتزيد نسبة هطول الأمطار، وتتأثر منطقة شمال الأغوار ومحافظتي بيت لحم وطوباس بالمناخ شبه الجاف، ويسيطر المناخ الصحراوي على الجزء الجنوبي من وادي الأردن وأراضي محافظة أريحا.
السكان
بلغ عدد سكان الضفة الغربية عام 2023 بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نحو 3 ملايين و257 ألف نسمة، بمعدل نمو وصل إلى 2.1%، وبلغ المعدل العام للكثافة السكانية بحسب إحصائيات 2017 نحو 509 نسمة لكل كيلومتر مربع، وتعاني المناطق الحضرية من كثافة أعلى بكثير من المناطق الريفية.
ويعتبر المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية مجتمعا فتيا، إذ بلغت نسبة الأطفال (دون سن 14) عام 2023 حوالي 35.2% من المجموع الكلي للسكان، ونسبة الشباب (بين سن 15 و29) نحو 28.1% من المجموع الكلي، بينما تبلغ نسبة المسنين (أكثر من سن 60) حوالي 6.3%.
ويعتنق أكثر من 98% من سكان الضفة الغربية الإسلام على المذهب السني، أما المسيحيون (من مختلف الطوائف) فتبلغ نسبتهم نحو 1.37%. وتعد اللغة الرسمية العربية، واللهجة الفلسطينية هي السائدة، وتعد اللغة الإنجليزية واللغة العبرية لغات شائعة أيضا.
والسكان الذين يقطنون المنطقة هم خليط بين السكان الأصليين ولاجئي 1948، وقد حاز أغلبيتهم حتى العام 1988 الجنسية الأردنية، وبحسب اتفاقية أوسلو، أقيمت السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل إدارة الحياة المدنية في بعض المدن بالضفة الغربية، كما تصدر جوازات سفر للفلسطينيين.
التاريخ
الضفة الغربية هي جزء من أرض فلسطين التاريخية، ويخضع تاريخها لكل ما مر بفلسطين من أحداث وأقوام.
ويعد الكنعانيون أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخيا، حيث يعود وجودهم فيها إلى بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، وهم السكان الأصليون لفلسطين، وأول من بنى حضارة على أرضها، وقد بنوا العديد من المدن الفلسطينية التاريخية، وأهمها مدينة أريحا التي تعد أقدم مدينة في التاريخ، ومدينة شكيم (نابلس) التي اتخذوها عاصمة لهم، وكلتاهما تقعان ضمن أراضي الضفة الغربية، وكانت المنطقة آنذاك خاضعة لهيمنة الإمبراطورية المصرية.
وقد بدأت تظهر في تلك الحقبة موجة من الهجرات، حيث استولى الغزاة الجدد على أجزاء من المنطقة، وكان منهم العبرانيين وهم مجموعة من القبائل السامية من بلاد ما بين النهرين، والفلستينيين وهي إحدى القبائل الكريتية (بعد ذلك سميت البلاد باسمهم) وتوزعت أرض كنعان بين الأقوام الثلاثة، ولم يعد الكنعانيون وحدهم سادة البلاد، غير أن اللغة الكنعانية بقيت هي السائدة.
واستطاعت القبائل العبرية أن تهزم الكنعانيين حوالي عام 1125 قبل الميلاد، وتقاسموا حكم البلاد مع الفلسطينيين، ثم سيطر العبرانيون على كامل المنطقة إبان الحكم الملكي بقيادة النبي داود عليه السلام نحو سنة ألف قبل الميلاد، وازدهرت المملكة على يد ابنه النبي سليمان عليه السلام، ولكن مع موته عام 935 قبل الميلاد قسمت المملكة.
وهاجم شيشنق ملك مصر مملكة يهوذا عام 920 قبل الميلاد واحتلها، وفي عام 721 قبل الميلاد هاجم الآشوريون مملكتي إسرائيل ويهوذا واحتلوهما وفرضوا الجزية عليهما، وقد حاولت مملكة إسرائيل التمرد لكن الآشوريين قمعوا تمردها بقوة وأخذوا معظم سكانها أسرى إلى العراق.
وشن نبوخذ نصر الكلداني هجوما على فلسطين عام 597 قبل الميلاد، واستولى على القدس عاصمة يهوذا وأخذ ملكها وعائلته ومعظم قادتها أسرى إلى العراق، وفي عام 586 قبل الميلاد حاول بقايا اليهود التمرد على سلطان بابل في فلسطين فعاد نبوخذ نصر وغزاها من جديد، وفي هذه المرة دمر القدس.
وفي عام 539 قبل الميلاد احتل الفرس المنطقة، وظلت فلسطين تابعة للدولة الفارسية طوال قرنين من الزمان، وفي عهدهم عادت بقايا قبيلة يهوذا إلى القدس، وفي عام 333 قبل الميلاد غزا المنطقة الإسكندر الأكبر وضمها إلى الإمبراطورية اليونانية.
وفي القرن الثاني قبل الميلاد، تمرد اليهود وأسسوا دولة مستقلة حتى قهرهم بومبي العظيم عام 63 قبل الميلاد وأصبحت فلسطين جزءا من الدولة الرومانية، وبعد انقسام الدولة الرومانية إلى غربية وشرقية (بيزنطة) دخلت فلسطين تحت الحكم البيزنطي حتى القرن السابع الميلادي.
وانتهى حكم البيزنطيين عندما فتحت الجيوش العربية الإسلامية فلسطين بعد معركة اليرموك عام 636، حيث بدأ حكم إسلامي لفلسطين دام نحو 1300 سنة تخللتها الحروب الصليبية التي دامت حوالي قرنين.
الانتداب البريطاني
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، دخلت فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام 1917، وخلال فترة الانتداب سعت بريطانيا إلى تمكين اليهود في فلسطين، فأصدرت وعد بلفور 1917، الذي وعدت فيه اليهود بالمساعدة على تأسيس "وطن قومي" في فلسطين، وقد دُمج الوعد بعد ذلك في صك الانتداب الممنوح لبريطانيا من عصبة الأمم عام 1922.
وعملت الإدارة العسكرية البريطانية على تهيئة فلسطين بالتدريج لتصبح وطنا قوميا لليهود بكافة الوسائل والأساليب الممكنة، في بلد يتجاوز سكانه 92% من العرب الفلسطينيين، وأصدر المندوب السامي قانون الجنسية الفلسطينية بقصد منح اليهود المقيمين في البلاد الجنسية الفلسطينية، ولم توافق بريطانيا على تأسيس مجلس تشريعي في فلسطين يقوم على أساس التمثيل النسبي، والذي من الطبيعي أن تكون الأغلبية الساحقة فيه للعرب الفلسطينيين.
وخلال فترة الانتداب البريطاني زاد عدد المهاجرين اليهود، وبلغت الهجرة اليهودية إلى فلسطين حتى عام 1948 نحو 650 ألف يهودي.
وأخذ المواطنون العرب على مدار فترة الانتداب بالاحتجاج والمقاومة والتظاهر والتمرد والعصيان المدني على سياسات بريطانيا، مما أدى إلى صدام عنيف مع قوات الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود، وانتفضوا بثورة عام 1928 سُميت "ثورة البراق"، حين حاول اليهود الاستيلاء على الجدار الغربي للمسجد الأقصى، وكذلك اشتعلت الثورة الفلسطينية الكبرى وامتدت بين عامي 1936 و1939.
وقد تم تحويل القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، بناء على طلب من الحكومة البريطانية عام 1947، وتبعا لذلك أصدرت الأمم المتحدة القرار الذي حمل رقم 181، الذي يقترح إنهاء الانتداب البريطاني، وتقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين: واحدة عربية فلسطينية والأخرى يهودية، بحيث يُعطي للأخيرة ما يقارب 55% من أرض فلسطين، مع تدويل القدس.
وقبل اليهود بالقرار، بينما رفضه العرب، وعلى أثر قرار التقسيم قاوم عرب فلسطين الاستيطان الصهيوني، واتسعت المقاومة حتى شملت جميع أنحاء البلاد، وقامت معارك طاحنة، راح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى.
وكان الإنجليز عونا لليهود في تحقيق مآربهم، إذ دربوهم خلال فترة الانتداب وأمدوهم بالسلاح، وكلما انسحبوا من منطقة سلموها لهم.
الاحتلال الإسرائيلي
انسحبت بريطانيا من فلسطين يوم 14 مايو/أيار 1948، وأعلن ديفيد بن غوريون في اليوم نفسه قيام الدولة الإسرائيلية، ومع انتهاء الانتداب البريطاني اشتعلت الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، وخسر العرب أمام إسرائيل.
وانتهت هذه الفترة التي سميت بـ"النكبة" بوضع إسرائيل يدها على 78% من الأراضي الفلسطينية، بنسبة أكبر مما هو مقرر لها وفقا لقرار التقسيم، وتم تهجير 750 ألف فلسطيني على الأقل، وتوزعت 22% المتبقية بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتم توقيع هدنة "اتفاقيات رودس" التي أنهت حرب عام 1948 بين إسرائيل وكل من مصر ولبنان والأردن وسوريا، وعرف خط الهدنة لعام 1949 بالخط الأخضر، الذي أصبح عمليا حدا فاصلا بين إسرائيل والضفة الغربية، وخضعت أراضي الضفة الغربية بما في ذلك الجزء الشرقي من مدينة القدس، عدا جبل المشارف للأردن، وتبعت غزة للإدارة المصرية.
وبعد مؤتمر أريحا عام 1951 تمت الوحدة بين الضفتين الشرقية (الأردن) والغربية (فلسطين) واعتبر أهالي الضفة الغربية مواطنين أردنيين.
وخلال حرب عام 1967 التي تُسمى بـ"النكسة"، احتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية، وأسفرت النكسة عن هجرة ثانية للفلسطينيين تقدر بحوالي نصف مليون شخص، وصدر عن مجلس الأمن القرار 242 في نوفمبر/تشرين الثاني 1967 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في يونيو/حزيران 1967 وبعودة اللاجئين إلى ديارهم.
وفي عام 1988 قرر الملك الراحل الحسين بن طلال فك الارتباط القانوني والإداري والمالي بناء على طلب منظمة التحرير الفلسطينية، فلم تعد الضفة الغربية جزءا من الأردن، ولكن بقيت أوقاف الضفة الغربية مرتبطة بالحكومة الأردنية من إشراف وتعيينات والتزامات مالية وصيانة الأوقاف المسيحية والإسلامية.
وأعلن الفلسطينيون انتفاضة جماهيرية عام 1987 عرفت باسم "الانتفاضة الأولى" أو "انتفاضة أطفال الحجارة" واستمرت حتى عام 1993، وكانت هذه الانتفاضة سببا في نشوء ضغوط دولية على إسرائيل.
اتفاق أوسلو
إثر الانتفاضة الأولى بدأت محاولات حل المشكلة عن طريق مفاوضات تُرعى من قبل أطراف دولية، وفي عام 1991 عُقد "مؤتمر مدريد للسلام" بهدف التوصل إلى تسوية سلمية من خلال المفاوضات المباشرة على مسارين: بين إسرائيل والدول العربية، وبين إسرائيل والفلسطينيين.
ثم تبعتها اتفاقات أوسلو التي عقدت بين عامي 1993 و1995 ومثلت أول اتفاق سلام يعقده الفلسطينيون والإسرائيليون، ونص الاتفاق على تشكيل السلطة الفلسطينية باعتبارها كيانا إداريا، مهمته إدارة شؤون الفلسطينيين، وضبط أمنهم الداخلي وشؤونهم المدنية في المناطق الخاضعة لحكمهم الذاتي في الضفة الغربية وغزة، لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات.
وطبقا لاتفاقية أوسلو، فإن أراضي الضفة الغربية توزعت إلى مناطق تابعة للسيادة الفلسطينية وأخرى تابعة لسيادة "فلسطينية إسرائيلية مشتركة"، إلى جانب مناطق تتبع "السيادة الإسرائيلية الأمنية" مباشرة وتشمل التجمعات الاستيطانية الكبرى.
وبناء على ذلك، تم تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى 3 مناطق، مع احتفاظ إسرائيل بسيطرتها على الحدود والأمن الخارجي والقدس والمستوطنات و"مسؤولية الأمن الشامل للإسرائيليين"، والمناطق الثلاث هي:
- مناطق "أ": تمثل 18% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع أمنيا وإداريا بالكامل للسلطة الفلسطينية.
- مناطق "ب": تمثل 18% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع إداريا للسلطة الفلسطينية في شؤون الصحة والتعليم وإدارة الاقتصاد، وتتشارك أمنيا مع الاحتلال الاسرائيلي، أي أن الأخيرة احتفظت بحقها في الدخول إليها في أي وقت تشاء.
- مناطق "ج": تمثل 60% من مساحة الضفة الغربية، وقد نص اتفاق أوسلو على تسليمها للسلطة الفلسطينية، ولكن إسرائيل احتفظت بسيطرتها الكاملة عليها، بما في ذلك شؤون الأمن والتخطيط والبناء، فهي تخضع أمنيا وإداريا بالكامل للسيطرة الإسرائيلية، ولم تسلمها قط إلى السلطة الفلسطينية.
وبقيت مناطق أخرى تمثل 4% من مساحة الضفة الغربية، وتشمل الأراضي التي صادرها الاحتلال كمحميات طبيعية، والجزء من محافظة القدس الذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي إليه عنوة بعد احتلاله للضفة الغربية عام 1967، ومن الخليل المناطق التي تخضع إداريا للسيادة الفلسطينية، وتخضع أمنيا لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي ومناطق أخرى غير مصنفة.
وقد تولت السلطة الوطنية الفلسطينية زمام الأمور في مدن الضفة الغربية ابتداء من عام 1994 بالتدريج، ولكنها لم تستطع السيطرة على كامل أراضي الضفة الغربية التابعة لسيادتها، حيث أُجلت حتى انتهاء المفاوضات بشأنها، الأمر الذي لم يحدث بسبب توقف أو تباطؤ المفاوضات مع إسرائيل.
وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000، وُجدت فكرة بناء جدار عازل صدى جديدا، خصوصا مع ارتفاع وتيرة العمليات المسلحة للمقاومة الفلسطينية خلف الخط الأخضر أو داخل ما بات يعرف بالعمق الإسرائيلي.
وعام 2002 شرعت إسرائيل ببناء جدار الفصل بينها وبين الفلسطينيين، بذريعة حماية أمنها من العمليات الفدائية، وبدلا من اتباع حدود عام 1967 المعترف بها دوليا، والمعروفة باسم الخط الأخضر، يقع 85% من الجدار داخل الضفة الغربية.
وعلاوة على قضم الكثير من الأراضي الفلسطينية وجزء من القدس، ساهم الجدار في إحكام الحصار على الشعب الفلسطيني، وإفقار اقتصاده الوطني بشكل كبير، كما عُزلت مدن وبلدات بكاملها عن محيطها الفلسطيني، أي ما يشكل 10% من مساحة الضفة الغربية، وتضرر ما يزيد على 219 تجمعا فلسطينيا.
كما أقيم على مساحة الضفة الغربية أكثر من 700 حاجز من ضمنها 140 نقطة تفتيش، وتفرض نقاط التفتيش المزيد من القيود على حركة الفلسطينيين، ويضطر أكثر من 70 ألف فلسطيني ممن يحملون تصاريح عمل إسرائيلية للمرور يوميا عبر نقاط التفتيش هذه.
وبلغ عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية نهاية العام 2021 بحسب الإحصاءات الرسمية الفلسطينية 483 موقعا، تتوزع بواقع 151 مستوطنة و25 بؤرة مأهولة تم اعتبارها أحياء تابعة لمستوطنات قائمة، و163 بؤرة استيطانية، و144 موقعا تشمل مناطق صناعية وسياحية وخدمية ومعسكرات لجيش الاحتلال.
وبحسب المصادر الرسمية الفلسطينية، بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية نهاية عام 2021 حوالي 719 ألفا و452 مستوطن، ويسجل النمو السكاني في أوساط المستوطنين في الضفة الغربية والقدس وتيرة أعلى من نظيره داخل إسرائيل.
وقد شهد العام 2022 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، حيث صادقت سلطات الاحتلال على نحو 83 مخططا استيطانيا، لبناء أكثر من 22 ألف وحدة استيطانية في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس.
الاقتصاد
يعتمد الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام في تغطية نفقاته على المساعدات المالية، التي تأتي مما بات يُعرف بالدول المانحة، أي الداعمة لعملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، ويدعم البنك الدولي الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية، عن طريق تقديم المنح من موارده الخاصة، وبدعم من مساهمات الصناديق الائتمانية للمانحين.
ويعمل الصندوق من خلال المعونات المالية على تمويل مشاريع السلطة في مجالات المياه والطاقة والتنمية الحضرية والمحلية والحماية الاجتماعية والتعليم والصحة وإدارة المخلفات الصلبة والتنمية الرقمية والقطاع المالي وتنمية القطاع الخاص.
وشكل اعتماد الاقتصاد في الضفة الغربية بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي عقبة تعوق التنمية الاقتصادية للمنطقة، حيث يخضع للقوانين والقيود التي تفرضها الهيمنة الإسرائيلية على جميع الأصعدة والمجالات النقدية والتجارية والمالية، ويعتمد بشكل كبير على إسرائيل بالسياسة النقدية وتوفير المصادر للمدخلات الفلسطينية، وكذلك يعتمد على تدفق الأيدي العاملة إلى إسرائيل.
والاقتصاد الفلسطيني يواجه تحديا جديا، فقد افتقد كيان السلطة الفلسطينية منذ قيامه، بموجب اتفاق أوسلو، إلى الموارد الأساسية، وبدا واضحا أنه سيعتمد في معظم حاجاته الأساسية وموارده على إسرائيل، في حين تحول القيود الإسرائيلية دون الوصول إلى تلك الموارد: الأرض والمياه والكهرباء والمحروقات والمعرفة والموروث الثقافي والاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها.
وكذلك يعوق الاحتلال الوصول إلى فرص الاستثمار، ويعمل على تقطيع أواصر الأرض من خلال استمرار سياسته الاستيطانية، فضلا عن تحكمه بالمعابر الحدودية والإيرادات الجمركية وتدفق التجارة.
وينفصل اقتصاد القدس عن أسواقه الطبيعية في الضفة الغربية، ويعتمد اعتمادا كبيرا على مخصصات التأمين الإسرائيلية والعمل في السوق الإسرائيلية، فاقدا مركزيته في الحياة الفلسطينية كعاصمة مستقبلية.
وقد أدت هذه القيود إلى تشوهات في البنية الهيكلية الاقتصادية، وما رافقها من ضعف في القطاعات الإنتاجية، ومن ضمنها التصنيع وهيمنة قطاع الخدمات.
ومع ذلك سجل الاقتصاد الفلسطيني وفقا لحسابات البنك الدولي انتعاشا عام 2022، وبلغت نسبة النمو 3.9% سنويا في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ويرجع هذا النمو إلى الاستهلاك، الذي تعزز بدوره بزيادة عدد الفلسطينيين العاملين في مناطق السيطرة الإسرائيلية، إذ يكسب العمال أكثر من ضعف متوسط الأجر اليومي في الضفة الغربية، وزادت إيرادات السلطة الفلسطينية بشكل كبير، بفضل زيادة النشاط الاقتصادي ونجاح الجهود الرامية إلى توسيع القاعدة الضريبية.
ويعتمد القطاع الاقتصادي في الضفة الغربية على قطاع الخدمات والزراعة والصناعة مثل: التعدين والمحاجر والصناعات التحويلية وصناعة الأثاث وصناعة المنتجات الغذائية، وكذلك تعزيز بيئة الأعمال والبناء والتشييد.