أحمد سعدات.. رحلة المطاردات والأسر في سجون الاحتلال
مناضل وسياسي فلسطيني اعتقل على أيدي الأجهزة الأمنية الفلسطينية في سجن أريحا قبل اقتحام الاحتلال الإسرائيلي للسجن واختطافه بتهمة اغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعاب زئيفي عام 2001، شغل منصب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رغم اعتقاله والحكم عليه 30 سنة.
المولد والنشأة
ولد أحمد عبد الرسول سعدات يوم 23 فبراير/شباط 1953 في مدينة البيرة شمال القدس المحتلة من عائلة تعود جذورها لقرية دير طريف بقضاء الرملة، وهجّرت منها سنة 1948 إثر الاحتلال الإسرائيلي. متزوج من عبلة سعدات ولديه 4 أبناء.
الدراسة والتكوين
درس في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتحديدا في مدرسة الأمعري الابتدائية، ثم انتقل إلى مدرسة البيرة الجديدة ثم لمدرسة الهاشمية الثانوية، وحصل منها على الثانوية العامة في الفرع العلمي.
درس الرياضيات في معهد المعلمين بمدينة رام الله وتخرّج فيه عام 1975.
التوجه الفكري
آمن سعدات بأن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، ودعا إلى التحرر من كافة الالتزامات السياسية والاقتصادية التي فرضتها اتفاقية أوسلو، خصوصا الاعتراف بدولة الاحتلال والتنسيق الأمني معها.
ويرى أن سياسة الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني التي تمارسها السلطة الوطنية الفلسطينية بحقّ المناضلين من جميع الفصائل تعتبر انتقاصا وتجاوزا لكلِّ قواعد العمل الوطني وأخلاقياته، إضافة إلى أنها تمس شرعية المقاومة.
كما يرى أن إنجاز المصالحة الوطنية هو الحلقة المركزية والمدخل لطيّ الانقسام وإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، ويؤكد أن المصالحة يجب أن تنتج عنها إعادة بناء برنامج وطني سياسي موحّد يعيد الأولوية والاعتبار إلى النضال ضد المحتل، ويخرج الشعب الفلسطيني من دائرة "المفاوضات العبثية".
ويعتقد أحمد سعدات أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية قد فشلت على مدار أكثر من عقدين، وأنه لم يبقَ من "اتفاق أوسلو" سوى سلطتين في الضفة الغربية وقطاع غزة لا تستطيعان العيش معا، إضافة إلى رزمة من الالتزامات الأمنية لحماية أمن الاحتلال في مقابل استمرار إجراءاته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.
التجربة السياسية
بدأت مسيرة سعدات السياسية وهو في المدرسة الثانوية، إذ التحق بصفوف العمل الوطني في إطار العمل الطلابي بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967، ثم انضمّ عام 1969 إلى منظمة الجبهة الشعبية، التي واصل نضاله في صفوفها حتى سنة 1981 وحتى انعقاد مؤتمرها العام الرابع وانتخابه عضوا في لجنتها المركزية.
تدرّج سعدات في السلّم التنظيمي للجبهة وتقلّد مسؤولية قيادة الجبهة الشعبية في الضفة الغربية عام 1994، وأعيد انتخابه عضوا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للجبهة الشعبية في المؤتمرين الخامس والسادس اللذين انعقدا في 1993 و2000.
في أغسطس/آب 2001 وعقب اغتيال الاحتلال الإسرائيلي أبو علي مصطفى، الأمين العام للجبهة الشعبية، اجتمعت اللجنة المركزيَّة للجبهة في أكتوبر/تشرين الأول 2001، وانتُخب سعدات أمينا عاماً بالإجماع من قبل أعضاء اللجنة المركزية.
ترشّح عام 2006 لانتخابات المجلس التشريعي وفاز بعضوية المجلس عن قائمة الشهيد أبو علي مصطفى، التابعة للجبهة.
خلال المؤتمر العام السابع للجبهة الشعبية الذي انعقد أواخر سنة 2013، أعيد انتخابه بالإجماع أميناً عاماً للجبهة، وهو قابع في سجون الاحتلال. بالإضافة لعضويته في المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
رحلة المطاردات والأسر
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي سعدات لأول مرّة سنة 1969 واستمرت فترة احتجازه 3 أشهر، ثم أفرج عنه ليعاد اعتقاله في غضون بضعة أشهر سنة 1970 وقضى سنتين و4 أشهر في سجون الاحتلال.
سنة 1973 أعيد اعتقاله وأودع السجن 10 أشهر ثم أفرج عنه وبقي تحت المراقبة، ثم اعتقل لمدة 45 يوماً في سنة 1975. وفي 1976 اعتقل 4 سنوات، ثم سنتين ونصف السنة عام 1985.
اعتقل إداريا لمدة 9 أشهر بعد الانتفاضة الأولى في 1989، وأصبح مطلوبا أمنيا لدى قوات الاحتلال، وتواصلت مطاردته حتى 1992 وأعيد اعتقاله إداريا لمدّة سنة وشهر قضاها ممنوعا من الزيارات بقرار من إدارة سجن الاحتلال.
بمجرّد مغادرته السجن سنة 1993 غادر رام الله، بسبب ملاحقته ومتابعة تحركاته والتضييقات التي أحاطت به وتوجه إلى مدينة أريحا، واعتقلته السلطة الفلسطينية بين عامي 1995 و1996.
الاعتقال والحكم
عاد سعدات إلى مدينة رام الله بمجرّد تسليمها للسلطة الفلسطينية، التي اعتقلته في 15 يناير/كانون الثاني 2002 بتهمة تهريب الأسلحة، وأودعته سجن أريحا الذي كان تحت رقابة أميركية وبريطانية، واحتجز مع المتهمين بقتل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعاب زئيفي.
ورغم أن المحكمة العليا أصدرت قرارا بإطلاق سراحه، فإن السلطة الفلسطينية أعلنت رفضها هذا القرار بتعلة التهديدات الإسرائيلية باغتياله.
في 14 مارس/آذار 2006 وبمجرّد انسحاب المراقبين البريطانيين والأميركيين من سجن أريحا، اجتاحت نحو 20 آلية عسكرية إسرائيلية المجمع الذي ضم مقر المقاطعة والسجن الفلسطيني، حيث كان يُعتقل سعدات.
وفرضت حصارا على السجن لمدة 12 ساعة أطلقت خلالها صواريخ في محيطه ثم بدأت بهدم أجزاء منه حتى تمكنت من القبض على سعدات ورفاقه.
في 25 ديسمبر/كانون الأول 2008 حكمت المحكمة العسكرية الإسرائيلية على أحمد سعدات ورفاقه بالسجن لمدة 30 عاما.
تعرّض خلالها لمحاولة اغتيال عن طريق تسريب ثعابين شديدة السمية إلى زنزانته.
إضرابه عن الطعام
وضع سعدات في العزل الانفرادي بمجرّد وصوله إلى سجن رامون الصحراوي، وتواصل هذا القرار من 2009 حتى 2011.
أضرب سعدات عن الطّعام عدة مرات خلال فترة اعتقاله رفضا لقرار عزله، كانت أولاها عام 2009، ثم في 2011، إذ أضرب مع الأسير جمال أبو الهيجا المنتمي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) 21 يوما لإنهاء ملف العزل، ثم 28 يوما في 2012 للسبب نفسه.
بعد الانتصار في إخراج الأسرى المعزولين، وفي أغسطس/آب 2016، بدأ سعدات إضرابا آخر دعما للأسير بلال الكايد، الذي أضرب رفضا لاعتقاله الإداري. وفي 2017 أعلن إضرابه عن الطعام تضامنا مع أسرى حركة فتح.
المؤلفات
نشر سعدات عددا من الدراسات والمقالات السياسية في بعض المجلات والصحف، وصدر له سنة 2017 كتاب "صدى القيد".