المملكة المتحدة.. مهد الثورات السياسية والصناعية في أوروبا
شهدت أولى ثورات أوروبا فألغت نظرية "الحق الإلهي" بالنص على أن حق الملك في التاج مستمد من الشعب ممثلا في البرلمان لا من الله، وكانت مهد الثورة الصناعية، ولقبت بـ"الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس".
ومنذ مطلع القرن العشرين يهيمن حزبا المحافظين والعمال على السياسة والحكم في المملكة المتحدة، وبينما تبنى الأول التأكيد على الهوية الخاصة للبلاد وتعامل بحذر مع الاتحاد الأوروبي، تبنى الثاني مع تأسيسه أفكارا اشتراكية، لكنه أصبح أكثر ليبرالية ابتداء من عام 1994.
المعلومات الرئيسية
- الاسم الرسمي: المملكة المتحدة.
- الاسم المختصر: بريطانيا.
- العاصمة: لندن.
- اللغة الرسمية: الإنجليزية.
- النظام السياسي: ملكي دستوري.
- تاريخ النشأة: 1707 (نشأت نتيجة اتحاد بين مملكتي بريطانيا وأسكتلندا).
- العملة: الجنيه الإسترليني.
الجغرافيا
الموقع: تقع المملكة المتحدة على الساحل الشمالي الغربي من القارة الأوروبية، وهي مكونة من أرخبيل يضم الجزء الشمالي من جزيرة أيرلندا والعديد من الجزر الصغيرة.
المساحة: 243 ألفا و610 كيلومترات مربعة.
الموارد الطبيعية: النفط، الغاز، الفحم، الذهب، القصدير، الرصاص، إضافة إلى الأراضي الزراعية.
المناخ: معتدل.
السكان
التعداد: 69.182.708 نسمة (تقديرات أغسطس/آب 2024).
نسبة النمو: 0.33% (تقديرات 2023).
التوزيع العرقي: 81.7% بريطانيون بيض، 9.3% آسيويون، %4 سود، 2.9% مختلطون، 2.1% آخرون (تقديرات 2021).
الديانة: 46.2% مسيحيون، 37% من دون انتماء ديني، 6.5% مسلمون، 1.7% هندوس، 0.9% سيخ، 0.5% يهود، 0.5% بوذيون، الباقون: ديانات أخرى (تقديرات حكومية 2021).
الاقتصاد
وصل الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة إلى 2274 تريليون دولار في 2023 مقابل 2270 تريليون دولار في 2022، ويظهر المؤشر تصاعدا مستمرا باستثناء فترة وباء كورونا (كوفيد-19) حين بلغ الناتج المحلي 2002 تريليون دولار في 2020 مقابل 2233 تريليون دولار في 2019.
وإضافة إلى ذلك، تراجع سجله في عام 2009، حيث وصل إلى 1.8 تريليون دولار مقابل 1.9 تريليون دولار في 2008 إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية حينها.
أما الناتج الفردي السنوي فقد وصل إلى 48 ألفا و866 دولارا في 2023، ومع أن مؤشره يظهر مسارا تصاعديا منذ سنوات باستثناء محطات محدودة، إذ تراجع في 2020 تحت تأثير جائحة كورونا إلى 40 ألفا و217 دولارا، إلا أنه لم يعد للمعدل الأعلى الذي سجله في 2007 وهو 50 ألفا و397 دولارا.
بينما وصلت نسبة النمو 0.1% في 2023، وهو ما يشكل تراجعا عن نسبة العام السابق 4.3% التي تعكس هي الأخرى انحدار المؤشر بعد أن بلغ 8.7% في 2021، وهو أعلى معدل في تاريخه.
وتمثل نسبة 2021 قفزة كبرى بعد أن وصل نمو اقتصاد البلاد إلى أضعف معدل له، وهو ـ10.4% في 2020 إثر تداعيات جائحة كوفيد-19.
وبلغت نسبة البطالة 4.4% حسب تقديرات أبريل/نيسان 2024، ونسبة التضخم 2.8% وفق تقديرات يونيو/حزيران من العام نفسه، والدين الخارجي 2296 تريليون دولار حسب تقديرات 2023.
أهم المنتجات: الكيميائيات، الآليات الإلكترونية، بناء السفن، الطائرات، محركات وأجزاء السيارات، الحبوب، الخضروات.
التاريخ
استوطن البشر جزيرتي بريطانيا وأيرلندا قبل الميلاد بآلاف السنين، وفق ما تشير إليه الأبحاث التاريخية استنادا إلى دراسات أجريت على المقابر والمعالم والمواقع الصخرية في مناطق عدة من الجزيرتين.
وشهدت الألف الأولى قبل الميلاد تطورا في الصناعات الخزفية والهندسة المعمارية من خلال الحصون وغيرها، كما كانت المنطقة معروفة للتجار الفينيقيين الذين وصلوا إليها في ذلك التاريخ.
وفي عام 43م أطلق الرومان حملة لغزو جزيرة بريطانيا، فواجهوا مقاومة عنيدة وموجات تمرد جعلت سيطرتهم محدودة، ومع ذلك كان من تأثيرهم انتشار الديانة المسيحية في أنحاء الجزيرة خلال القرون اللاحقة.
لكن الرومان اضطروا في 410م إلى الانسحاب تحت تأثير الانقسامات السياسية في روما وتعاظم نفوذ القادة العسكريين، فضلا عن الغزوات التي كانت تهدد عاصمة الإمبراطورية، مقابل الفاتورة المرتفعة للسيطرة على مناطق نائية ومضطربة كبريطانيا.
عهد الممالك والإمارات
عادت السلطة من جديد إلى حكم ممالك وإمارات صغيرة متنافسة، ومع أواخر القرن التاسع الميلادي تمكن ملك ويسيكس ألفريد العظيم من توحيد بعض الممالك الأنجلوساكسونية في الجنوب، وفي عام 929م استطاع حفيده أثيلستان ضم ممالك جديدة فأصبح أول ملك لإنجلترا المتحدة.
ويعود أول غزو إنجليزي لجزيرة أيرلندا إلى النصف الثاني من القرن الـ12 خلال عهد الملك هنري الثاني لتصبح تحت سيطرة تاج إنجلترا، وكانت تحكمها قبل ذلك ممالك صغيرة.
وضمن مطامح التوسع، سعى الملك إدوارد الثالث إلى ضم فرنسا التي كانت تشهد صراعا محتدما على العرش بعد وفاة تشارلز الرابع عام 1328، وهو ما كان أحد أسباب اندلاع حرب المئة عام بين 1337 و1453.
أما توحيد الإمارات القائمة داخل جزيرة بريطانيا فقد تطلب مزيدا من الوقت، ففي الغرب استمرت حروب إنجلترا مع إمارة ويلز حتى أواخر القرن الثالث عشر، ومع خضوعها للتاج الإنجليزي حافظت على الاستقلال الذاتي.
في حين ظلت أسكتلندا في الشمال مستقلة كما كانت خلال فترة الحكم الروماني، وبعد فشل حملات الغزو الإنجليزي المتكررة لضمها، عقد الطرفان اتفاقية سلام مطلع القرن السادس عشر، ثم تزوج ملك أسكتلندا جيمس الرابع الأميرة مارغريت الابنة الكبرى لملك إنجلترا هنري السابع.
وفي عام 1603 توّج جيمس السادس أول ملكٍ لجميع أنحاء جزيرة بريطانيا، بعد أن أصبح -بموجب العلاقة النسبيةـ وريثا لملكة إنجلترا إليزابيث الأولى (الملكة العذراء)، لكن رغبته في الاتحاد الكامل بين المملكتين لم تتحقق.
الحرب الأهلية والثورة
تعود أسباب الحرب الأهلية في المملكة المتحدة بين عامي 1642 و1651 إلى رفض البرلمان تمرير قوانين ضريبية جديدة قدمها الملك تشارلز الأول، وهو ما تطور إلى حرب بين جيشين يتبع كل منهما لأحد الطرفين.
ومع فترات هدوء نسبي محدودة كانت الحرب تتجدد، كما امتدت إلى ويلز وأسكتلندا وأيرلندا، ثم انتهت عام 1651 بمحاكمة الملك وإعدامه وإعلان قيام الجمهورية بزعامة القائد العسكري أوليفر كرومويل.
لكن النظام الملكي عاد بعد وفاة كرومويل عام 1659، فبعد أن خلفه ابنه ريتشارد لفترة قصيرة استُدعي تشارلز الثاني من المنفى فأصبح ملكا حتى وفاته عام 1685، ولم يدم الحكم طويلا لخلفه جيمس الثاني الذي اضطر للفرار إلى فرنسا بسبب "الثورة المجيدة" عام 1688، فنصبت ماريا الثانية خليفة له.
وكان من نتائج هذه الثورة صدور ما عرف بـ"قانون الحقوق الإنجليزي" الذي قضى على نظرية "الحق الإلهي" حين نص على أن حقّ الملك في التاج مستمد من البرلمان الذي يمثل الشعب وليس مستمدا من الله.
كما نص على ألا حق للملك في إصدار أو إلغاء أو تعطيل القوانين، ولا فرض الضرائب ولا تشكيل جيش جديد إلا بموافقة البرلمان، فضلا عن تأكيد القانون الجديد على حرية الرأي والتعبير في البرلمان.
من الاتحاد إلى الإمبراطورية
في أكتوبر/تشرين الأول 1707 عقد برلمان المملكة المتحدة أول اجتماع له بعد إقرار برلمانيْ إنجلترا وأسكتلندا في مايو/أيار من العام ذاته قوانين الاتحاد الشامل.
وشهدت العقود التي تلت تأسيس المملكة المتحدة على نمو صناعي واقتصادي وسياسي واستعماري كبير، ففي ستينيات القرن الثامن عشر ومع اكتشاف الآلة البخارية، أصبحت المملكة المتحدة مهد الثورة الصناعية في أوروبا.
ومع أن الإنجليز أقاموا مستعمرات في أراضي أميركا منذ مطلع القرن السابع عشر، إلا أن القرن الموالي شهد التوسع نحو الإمبراطورية وتأسيس المستعمرات في أفريقيا وآسيا وإقامة الشركات التجارية العابرة للقارات.
ورغم متاعب حرب السنوات السبع والهزيمة أمام جيش الثورة الأميركية خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر وثورات المستعمرات وانفصال جنوب أيرلندا، فإن المملكة المتحدة أصبحت تعرف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والقوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في العالم حتى منتصف القرن العشرين.
بين المحافظين والعمال
وعلى الرغم من وجود العديد من الأحزاب السياسية في بريطانيا، فإن حزبي المحافظين والعمال يهيمنان على المشهد منذ مطلع القرن العشرين، فحين يفوز أحدهما برئاسة الحكومة يصبح الثاني القوة الرئيسية الأولى في المعارضة.
ويتبنى المحافظون رؤية تؤكد على الهوية الخاصة لبريطانيا وفرض التعامل الحذر مع الاتحاد الأوروبي، في حين تبنى حزب العمال مع تأسيسه أفكارا اشتراكية، إلا أنه أصبح أكثر ليبرالية ابتداء من تولي توني بلير رئاسته عام 1994.
وسيطر المحافظون في فترة ما بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، مع حضور كبير في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، ومع فوزهم في انتخابات 1979 أصبحت مارغريت تاتشر أول سيدة ترأس الحكومة البريطانية، وظل الحزب يحكم طيلة 18 عاما.
أما حزب العمال فقد شكل أولى حكوماته عام 1924، لكنها لم تدم سوى 11 شهرا، وظل حاضرا بقوة خلال الانتخابات التي أجريت في العقود اللاحقة وشكل عدة حكومات، وبعد الفوز في انتخابات 1997 ظل مهيمنا على الحكومة حتى 2010.
وطيلة الفترة ما بين 2010 و2024 حكم المحافظون بريطانيا، وهي الفترة التي جرى فيها الاستفتاء على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وتوقيع اتفاقية بريكست، قبل أن يعود حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024.
موجة العنف ضد المسلمين
في الأيام الأولى من شهر أغسطس/آب 2024 اندلعت في بريطانيا موجة عنف تستهدف المسلمين والمهاجرين بشكل عام على إثر تداول إشاعات تنفيها الشرطة حول الهوية الدينية (الإسلام) لمتهم بقتل ثلاث فتيات وإصابة آخرين.
وتعود الحادثة إلى هجوم على حفل راقص للأطفال في ساوثبورت، يتهم بتفيذه فتًى في الـ17 من عمره يدعى أكسل روداكوبانا، وجاء بعد أسابيع من فوز ساحق لحزب العمال بانتخابات يوليو/تموز 2024.
وبينما نفت الشرطة الإشاعات التي تصف المنفذ بأنه مسلم، امتدت موجة العنف إلى مدن عديدة، وشملت مظاهرها مهاجمة مراكز إسلامية ورفع شعارات مناهضة للإسلام ومحاولة إضرام النار في فندق يؤوي طالبي لجوء.
وعلى إثر أعمال العنف، أوقفت الشرطة البريطانية مئات الأشخاص، وحملت المسؤولية لمنظمات يمينية متطرفة ومناهضة للإسلام.