حافظ الأسد عسكري ترأس جمهورية سوريا بانقلاب

blogs حافظ الأسد
حافظ الأسد توفي يوم 10 يونيو/حزيران 2000 عن عمر ناهز السبعين وخلفه في الحكم ابنه بشار (مواقع التواصل)

حافظ الأسد سياسي وعسكري ترأس سوريا من 1971 إلى 2000، بدأ مسيرته في حزب البعث عام 1946، وأصبح قائدا لسلاح الجو عام 1963، ثم وزيرا للدفاع بعد انقلاب عام 1966، قاد انقلابا ضد صلاح جديد عام 1970 واستولى على الحكم، توفي عام 2000 وخلفه ابنه بشار الأسد

المولد والنشأة

ولد حافظ الأسد يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1930 في بلدة القرداحة بمحافظة اللاذقية، لعائلة ريفية علوية كانت تُدعى "الوحش"، وغيرت اسمها إلى الأسد.

الدراسة والتكوين العلمي

انتقل حافظ الأسد إلى مدينة اللاذقية لمتابعة دراسته وأصبح أول فرد في عائلته يُتم تعليمه المدرسي، وفي عام 1946، انضم إلى حزب البعث وتولى رئاسة فرع الاتحاد الوطني للطلبة في محافظة اللاذقية قبل أن يصبح رئيسا لاتحاد الطلبة على مستوى سوريا.

التجربة العسكرية

التحق حافظ بالأكاديمية العسكرية في حمص عام 1952، ثم انتقل إلى الكلية الجوية في حلب، وفيها تخرج برتبة ملازم عام 1955، في تلك الفترة غيّر اسم عائلته من "الوحش" إلى "الأسد".

تلقى تدريبه العسكري في مصر والاتحاد السوفياتي وخدم في مصر أثناء الوحدة بينها وبين سوريا في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

في عام 1958 عارض الأسد قرار حل الأحزاب السياسية في سوريا عقب الوحدة مع مصر، ما دفعه عام 1960 إلى المشاركة في تأسيس تنظيم الضباط البعثيين إلى جانب محمد عمران وصلاح جديد وأحمد المير وعبد الكريم الجندي.

نفذ هذا التنظيم انقلابا للإطاحة بحكم الرئيس ناظم مقدسي في 8 مارس/آذار 1963، ممهّدا الطريق لوصول حزب البعث إلى السلطة، في تلك الفترة ترقى حافظ من رتبة رائد إلى لواء وأعيد إلى الخدمة العسكرية بعد فصله منها مدة عام، ثم قاد سلاح الجو في ديسمبر/كانون الأول 1964.

إعلان

أصبح حافظ وزيرا للدفاع عام 1966 بقرار من صلاح جديد، وأثناء توليه هذا المنصب سقطت مرتفعات الجولان بيد الاحتلال الإسرائيلي في حرب 1967، وفي خطوة أثارت الجدل حينها رقّى حافظ الأسد نفسه من رتبة لواء إلى فريق.

الصعود إلى السلطة

عزز حافظ الأسد نفوذه داخل الجيش وأجهزة الدولة بعد انقلاب 23 فبراير/شباط 1966، الذي نظمه بالتعاون مع صلاح جديد للإطاحة بحكومة الجمهورية العربية السورية.

لكن بعد نكسة 1967 وخسارة الجولان، تصاعدت الخلافات بين الأسد وجديد، الذي حمّله مسؤولية الهزيمة، كما أدى دعم جديد للفلسطينيين في أحداث أيلول الأسود 1970 إلى تعميق الانقسام بينهما.

في عام 1968، بدأ الأسد في تعزيز سيطرته على الأجهزة العسكرية وجعلها في عُزلة تامة عن التأثير المباشر للقيادة المدنية لحزب البعث، وأصدر أوامرا بمنع أي اتصال مباشر بين مسؤولي الحزب المدنيين وضباط الجيش إلا عبر القنوات العسكرية الرسمية.

وبحلول فبراير/شباط 1969، كانت القطيعة التامة بين الأسد وجديد، بتنفيذ خطوات مشابهة لانقلاب عسكري، تضمنت السيطرة على إذاعتي دمشق وحلب، والمكاتب الرئيسية لصحيفتي "البعث" و"الثورة"، وفرض الرقابة العسكرية على جميع المنشورات السياسية والإعلامية.

Syrian President Hafez al-Assad, surrounded by bodyguards, walks towards his car upon his arrival at Cairo airport 08 May 2000. Assad is visiting Egypt for talks with Egyptian President Hosni Mubarak on the deadlock in the Middle East peace process and Israel's latest raids in Lebanon. (ELECTRONIC IMAGE) (Photo by MARWAN NAAMANI / AFP)
حافظ الأسد (وسط) أثناء زيارة إلى القاهرة عام 2000 (الفرنسية)

ومع تفجر أحداث سبتمبر/أيلول 1970 بين الحكومة الأردنية ومقاتلي فصائل فلسطينية منضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية في عمان، أمر جديد بإرسال رتل من الدبابات السورية لدعم الفلسطينيين في القتال ضد الجيش الأردني، لكن الأسد رفض توفير غطاء جوي للعملية، فدُمرت الدبابات السورية بنيران الطيران الحربي الأردني.

دعا جديد إلى مؤتمر استثنائي للحزب أنهى أشغاله في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 وقرر تجريد الأسد وطلاس من مهامهما، فرد الأسد بتنفيذ انقلاب عسكري عكَس مدى تحكمه في الجيش.

إعلان

وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1970، كان الأسد قد أمسك مقاليد الحكم، ووضع صلاح جديد ونور الدين الأتاسي تحت الإقامة الجبرية قبل أن يأمر بسجنهما.

في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1970، تولى حافظ منصب رئيس الوزراء ثم أجرى انتخابات رئاسية، وفي 12 مارس/آذار 1971 أصبح رئيسا للجمهورية السورية.

السياسات الإقليمية والدولية

كان لحافظ الأسد دور بارز في السياسة الإقليمية والدولية أثناء فترة رئاسته، فقد عزز الجيش السوري بدعم سوفياتي، وقد كان له دور محوري في قمع المعارضة السياسية، مستخدما أساليب الاعتقال والتعذيب والإعدام.

أما على الصعيد الخارجي، فقد سعى لإقامة علاقات سلمية مع إسرائيل في تسعينات القرن العشرين، إلا أن المفاوضات توقفت بسبب الخلاف حول مرتفعات الجولان، كما عزز علاقاته مع العراق عام 1998، في إطار الشراكة الإستراتيجية بين إسرائيل وتركيا.

اقتصاديا، انتهج الأسد سياسة الاشتراكية الاقتصادية والتأميم، واعتمد على الدعم السوفياتي لمواجهة إسرائيل، لكنه كان حريصا على عدم الاعتماد الكامل على الاتحاد السوفياتي.

ارتبط اسم الأسد في المجال الإقليمي، بـ "جبهة الصمود والتصدي" التي ضمت سوريا وليبيا والجزائر ردا على زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل ودخوله في مفاوضات سلام معها.

كما استمر في دعم المقاومة اللبنانية المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، والتي أجبرت إسرائيل على الانسحاب في مايو/أيار 2000.

وفي سياق بعث الحياة في مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، أعادت سوريا في عهده علاقاتها مع الولايات المتحدة، فقد رضيت دمشق بواشنطن وسيطا في مفاوضات السلام السورية الإسرائيلية.

وكانت آخر محاولة في هذا المجال لقاؤه بالرئيس الأميركي بيل كلينتون يوم 26 مارس/آذار 2000 في جنيف، حينها قدم كلينتون خريطة وضع عليها تعديلات حدود 1967، لكن الأسد رفضها مؤكدا أنه لن يتفاوض قبل استعادة الجولان.

إعلان

وقال هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون عن الأسد إنه "كان يتمتع بذكاء فوق العادة، وبحس الدعابة، وكان أيضا قاسيا لا يرحم، وتتملكه مشاعر القومية".

وفي السياق العسكري شاركت سوريا في عهده مع قوات التحالف التي قادتها أميركا ضد العراق بعد غزو الكويت، كما شاركت في مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط تحت رعاية الرئيس الأميركي جورج بوش الأب.

U.S. Secretary of State Warren Christopher, left, meets with Syrian President Hafez al-Assad, Aug. 6, 1993 in Damascus for the second time in 48 hours amid reports of progress in peace negotiations between Syria and Israel. (AP Photo/George Asshi)
حافظ الأسد (يمين) في لقاء مع وزير الخارجية الأميركي وارين كريستوفر عام 1993 (أسوشيتد برس)

أزمات وتوترات

خاض الأسد أثناء فترة حكمه توترات عدة، كان أبرزها حرب 1973 التي أسفرت عن توقيع اتفاقية فصل القوات ووقف الأعمال القتالية مع إسرائيل في 13 مايو/أيار 1974، وتضمنت الاتفاقية بنودا سرية قضت بتعهد الأسد بحماية حدود إسرائيل الشمالية والتنازل عن 34 قرية.

وفي الثامن من مارس/آذار 1980 شهدت مدينة جسر الشغور إضرابا شاملا ومسيرات منددة بالأسد ونظامه ومحاولاته قمع الإسلاميين، فما كان من الأسد إلا أن أرسل 25 طائرة محملة بجنود الوحدات الخاصة حاصرت المدينة وفرضت حظر تجوال وقصفت الأحياء بالمدافع وارتكبت مجازر بحق المدنيين.

وفي 1982 شن جيش الأسد حملة عسكرية واسعة على مدينة حماة، شملت قصفا بالدبابات والمدافع والطيران واستمرت نحو27 يوما وانتهت بمجزرة أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين.

وشهدت فترة حكمه محاولة انقلاب قادها شقيقه رفعت الأسد عام 1983 بعد إصابة حافظ الأسد بنوبة قلبية.

كما تدخلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، بزعم إنهاء الصراع، لكن كثيرين اتهموا الجيش السوري بارتكاب مجازر بحق عدد من الفلسطينيين واللبنانيين.

الوفاة

توفي حافظ الأسد في 10 يونيو/حزيران 2000 عن عمر ناهز السبعين، وخلفه في الحكم ابنه بشار الأسد الذي كان قد عُين نائبا للرئيس عام 1999.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان