خليفة حفتر.. ضابط ليبي قاتل في مصر وأُسر في تشاد وعاش في أميركا

خليفة بلقاسم حفتر - قائد عسكري ليبي المصدر رويترز - ( الموسوعة )
خليفة بلقاسم حفتر ولد في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1943 بمدينة أجدابيا شرق ليبيا ونشأ فيها (الجزيرة)

خليفة حفتر ضابط عسكري ليبي، وقائد منذ عام 2014 لقوات موالية له يسميها "الجيش الوطني الليبي"، ويعتبرها خصومه قوات متمردة ضد الحكومة والمؤسسات الشرعية للدولة الليبية. تم أسره في تشاد وحُكم عليه بالإعدام مرتين. 

بدأ حياته المهنية في الجيش الليبي تحت قيادة العقيد الراحل معمر القذافي، وشارك معه في الانقلاب الذي أوصله للسلطة في الأول من سبتمبر/أيلول 1969.

عاش في الولايات المتحدة الأميركية فترة من الزمن وحصل على الجنسية الأميركية، ثم عاد إلى ليبيا عام 2011، ودعم ثورة 17 فبراير(شباط) التي أطاحت بالقذافي.

المولد والنشأة

ولد خليفة بلقاسم حفتر في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1943 بمدينة أجدابيا شرق ليبيا ونشأ فيها.

الدراسة والتكوين العلمي

التحق بمدرسة الهدى الابتدائية المحليّة عام 1957، ثم انتقل إلى مدينة درنة لإكمال تعليمه الثانوي بين عامي 1961 و1964.

انضمّ إلى أكاديمية جامعة بنغازي العسكرية -المعروفة حينها باسم الكلية العسكرية الملكية- يوم 16 أيلول/سبتمبر 1964 وتخرج فيها عام 1966.

خلال مسيرته العسكرية، حصل على ابتعاث إلى الاتحاد السوفياتي لمدة 3 سنوات، تلقى خلالها تدريبات مختلفة، وأكملها بمدة أخرى قضاها في مصر متدربا.

General Khalifa Haftar, commander in the Libyan National Army (LNA), leaves after a meeting with Russian Foreign Minister Sergei Lavrov in Moscow, Russia, November 29, 2016. REUTERS/Maxim Shemetov
حفتر بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في روسيا عام 2016 (رويترز)

التجربة السياسية والعملية

عرف حفتر بميوله الناصرية العلمانية مثل أغلب أعضاء تنظيم "الضباط الوحدويين الأحرار" الذي شكله القذافي عام 1964.

شارك مع القذافي في الأول من سبتمبر/أيلول 1969، وهو في الـ26 من عمره في الانقلاب على الملك إدريس السنوسي، الذي أوصل القذافي للسلطة.

وإثر تولي القذافي الحكم، بزغ نجم حفتر، إذ كان مقربا منه، وأصبح ضابطا عسكريا بارزا في حكومته، وتلقى عديدا من الدورات العسكرية، إحداها عن "قيادة الفرق"، تلقاها في روسيا وحصل فيها على تقدير الامتياز، وأهّله ذلك ليكون ضمن قيادة القوات الليبية في أثناء عبور قناة السويس في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وحاز وقتها نوط (نجمة) العبور المصرية.

ترقى إلى رتبة عقيد سنة 1980، وأرسله القذافي للقتال في تشاد حين كان الصراع على إقليم أوزو الحدودي بين البلدين، وهناك أسرته القوات التشادية في معركة وادي الدوم يوم 22 مارس/آذار 1987 بعد التدخل الفرنسي في الحرب.

تخلى القذافي عن دعم جيشه هناك، وأنكر وجود قوات له في تشاد، ولم يتفاوض مع التشاديين لإطلاق سراح حفتر، وتزامنت مع ذلك اتصالات من قيادة الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا بالعقيد المأسور، أسفرت عن قبوله في صفوفها.

كلفته الجبهة بقيادة جناحها العسكري، الذي أنشأته بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وأعلن عنه في الثاني من يونيو/حزيران 1988، وظل حفتر في قيادة قوات الجبهة التي بقيت تتدرب في تشاد مستفيدة من عداء نظام حسين حبري لنظام القذافي.

في عام 1990، أطيح بحبري على يد إدريس ديبي، وتم تفكيك الجيش الوطني الليبي الذي لم يعمر طويلا، ثم نُقل حفتر وعدد كبير من عناصر قواته في طائرات أميركية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي كانت اسمها آنذاك "زائير"، ومن ثم إلى الولايات المتحدة الأميركية.

استقر في مدينة لانغلي، شمال ولاية فرجينيا، بالقرب من مقر وكالة المخابرات المركزية، وعاش فيها قرابة عقدين من الزمن، وحصل على الجنسية الأميركية.

أُدين خليفة حفتر غيابيا بـ"جرائم ضد الجماهيرية الليبية" وبـ"المشاركة في محاولة انقلابية" ضد القذافي، وحُكم عليه بالإعدام عام 1993 خلال إقامته بالولايات المتحدة.

عاد إلى ليبيا بعد اندلاع ثورة 17 فبراير/شباط 2011 لينضم إلى "جيش التحرير الوطني"، وكُلف بقيادة القوات البرية، وكوّن من مجموعة من الثوار وأفراد من الجيش كتائب عسكرية، وحصلوا على تراخيص من مسؤول الدفاع بالمكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي (الحكومة الليبية في أثناء الثورة).

Libya's eastern commander Khalifa Haftar submits his candidacy papers for the presidential elections, in Benghazi
في الرابع من يونيو/حزيران 2014 نجا حفتر من محاولة اغتيال استهدفته (رويترز)

الإحالة للتقاعد

بعد الإطاحة بنظام القذافي ومقتله في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011، انقسمت آراء العسكريين ذوي الرتب الكبيرة في الجيش الليبي الذي دعم الثوار حول حفتر.

فبعضهم رأى ضرورة تنصيبه قائدا للجيش لأقدميته وخبرته الواسعة، وآخرون رأوا أنه من الأفضل إبعاده عن المشهد نظرا لدعمه السابق للقذافي عند وصوله للحكم في ليبيا عام 1969، وأحيل بعدها إلى التقاعد.

بدأ حفتر اتصالاته عام 2012 مع أعيان من شرق ليبيا وأقنعهم بالانضمام إلى مشروعه الهادف للاستيلاء على السلطة بالقوة، وحصل على دعم العقيد بوعجيلة الحبشي الذي كان آمرا لكتيبة "الأوفياء" بمدينة ترهونة، كما دعمه بعض الضباط في مدينة بني وليد، لكن محاولاته باءت بالفشل بسبب مقاومة الثوار وعاد إلى الولايات المتحدة.

أفل نجم حفتر آنذاك، ثم عاد إلى الظهور في 14 فبراير/شباط 2014 حين أعلن عن سيطرة قوات تابعة له على مواقع عسكرية وحيوية، وأعلن في بيان تلفزيوني "تجميد عمل المؤتمر الوطني (البرلمان المؤقت) والحكومة".

وفي صبيحة 16 مايو/أيار 2014 شنّت قوات تابعة له عملية عسكرية سمتها "عملية الكرامة" ضد مجموعات وصفتها بـ"الإرهابية" في بنغازي، ولكن بعد أشهر من العملية، وصلت الخلافات حد الإخفاء القسري والقتل لكل منتقد للعملية ومخالف لحفتر، وانتقلت العملية لاحقا إلى العاصمة طرابلس، فأسفرت عن مقتل العشرات وجرح المئات.

قدم حفتر نفسه باعتباره قائد "الجيش الوطني ومنقذ ليبيا "من الجماعات الإسلامية التي يتهمها بـ"الإرهاب" و"زرع الفوضى"، وأكد حينها أنه لا يسعى لتولي السلطة وأنه يستجيب فقط إلى "نداء الشعب".

في الرابع من يونيو/حزيران 2014، نجا من محاولة اغتيال استهدفته، واختفى عن الأنظار، في حين ظلت قواته تقاتل في بعض المناطق وحظيت بدعم من بعض القوى الإقليمية ضد قوات "فجر ليبيا" في طرابلس، التي تساندها -في المقابل- قوى إقليمية أخرى.

وفي يناير/كانون الثاني 2015، منحه عقيلة صالح (رئيس برلمان طبرق) رتبة القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، وفي سبتمبر/أيلول 2016 منحه أيضا رتبة مشير بعد سيطرة قوات حفتر على منطقة الهلال النفطي.

حفتر خلال احتفالات عيد الاستقلال في ليبيا عام 2020 (رويترز)

زار في سبتمبر/أيلول 2016 روسيا لأول مرة منذ سقوط نظام القذافي والتقى مسؤولين عسكريين، وطالب برفع حظر استيراد الأسلحة المفروض على ليبيا والبدء في دعم قواته بالأسلحة والمعدات الحربية ومساعدته في شن حملة ضد الجماعات الإسلامية على غرار الحملة التي شنتها روسيا في سوريا.

وخلال زيارته الثانية لروسيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، التقى وزير الخارجية سيرغي لافروف، وأبلغه أنه يسعى للحصول على مساعدة موسكو له في حربه ضد الجماعات المسلحة في ليبيا. وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 2016 صرحت روسيا بشأن ضرورة أن يكون لحفتر دور في قيادة ليبيا.

ومنذ ذلك الحين، عالجت روسيا جرحى قوات حفتر، كما عملت على مساعدة الحكومة الموالية له، والتي تتخذ من مدينة طبرق مقرا لها، ووقعت اتفاقات حصرية تسمح للحكومة الروسية بإنشاء قاعدتين عسكريتين إضافيتين في شرق ليبيا.

بعد 3 سنوات من المعارك في بنغازي انتهت عام 2017 لمصلحة حفتر، أعلن -في خطاب متلفز أوائل يوليو/تمّوز- أن قواته سيطرت بالكامل على بنغازي ثاني أكبر مدينة ليبية، واستمر في توسعه جغرافيا، وعقد تفاهمات مع مكونات قبلية رئيسية بالمنطقة الشرقية، تمثل بعضها في مصالح شخصية لبعض شيوخ القبائل، والبعض الآخر ظهر في صورة الخوف من البطش والقمع الذي مارسه ضد معارضيه، وارتكبت قواته انتهاكات بحق المقاتلين وصلت إلى نبش قبورهم والانتقام من عائلاتهم وحرق بيوتهم، مما تسبب في نزوح الآلاف إلى مدن المنطقة الغربية.

في العاشر من أبريل/نيسان 2018، أصيب بجلطة دماغية نُقل على إثرها للعلاج في الأردن، ومن ثم إلى فرنسا، حيث تلقى العلاج في المستشفى الأميركي بباريس، وعاد إلى بنغازي يوم 25 أبريل/نيسان 2018.

وفي مايو/أيار 2018 أطلق حملته العسكرية على درنة آخر معاقل معارضيه في المنطقة الشرقية، وأعلن السيطرة عليها بعد أشهر معدودة.

حملته على طرابلس

ثم أعلن في 15 يناير/كانون الثاني 2019 عملية عسكرية في الجنوب تحت عنوان "مكافحة الجريمة والعصابات الأجنبية" تقدمت خلالها قواته باتجاه الجفرة (وسط ليبيا) ومنها إلى مدن سبها ومرزق وأوباري وبراك الشاطئ، ليفتح من الجنوب خطا مباشرا باتجاه العاصمة يبعد نحو 800 كيلومتر عنها، وليتجنب المواجهة مع قوات مدينة مصراتة التي تقع على الخط الساحلي شرقي طرابلس.

في الرابع من أبريل/نيسان 2019، دعا قواته إلى التقدم نحو طرابلس من أجل السيطرة عليها وقوبل ذلك بتوبيخ من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وشن الطيران التابع له غارة جوية على الجزء الجنوبي من طرابلس في السابع من أبريل/نيسان 2019.

تراجعت قوات حفتر مئات الكيلومترات عن طرابلس ومدن الغرب الليبية في يونيو/حزيران 2020 رغم الدعم السخي من عدة دول، مما تأكد معه فشل حملته على العاصمة.

حفتر يوقع أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في مكتب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في بنغازي عام 2021 (رويترز)

ترشحه للرئاسة

في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021، قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن حفتر تعاقد مع شركة إعلانات إسرائيلية لتولي حملته الانتخابية للرئاسة الليبية، وبعد شهر تقريبا قدم أوراق ترشحه رسميا لمفوضية الانتخابات في بنغازي.

لكن محكمة عسكرية بمصراته قضت باستبعاده من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية لكونه محكوما بالإعدام على إثر القضية المتعلقة بقصف الكلية الجوية بمصراتة صيف 2019، وهو ما يعد مانعا قانونيا لترشحه للانتخابات الرئاسية.

في عام 2022، شارك خليفة حفتر في عدة جولات من المفاوضات السياسية بهدف توحيد المؤسسات الليبية والتحضير للانتخابات المؤجلة. في الوقت نفسه، واصل تعزيز سيطرته في مناطق شرق وجنوب ليبيا من خلال العمليات العسكرية.

في يناير/كانون الثاني 2023، تعهد بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية الليبية بشرط السماح لأبنائه، صدام وبلقاسم، بالترشح. ويُنظر إلى صدام حفتر على أنه الوريث الظاهر لأبيه.

الوظائف والمسؤوليات

تولى عدة مناصب ووظائف خلال مسيرته. وفي ما يلي أبرزها:

  • ضابط في الجيش الليبي: تخرج من الأكاديمية العسكرية الملكية في بنغازي في ستينيات القرن العشرين.
  • قائد قوات برية: شارك في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ضد إسرائيل قائدا للقوات البرية الليبية.
  • قائد عسكري في تشاد: قاد القوات الليبية في الحرب الليبية التشادية في ثمانينيات القرن العشرين، حيث تم أسره عام 1987.
  • قيادة الجناح العسكري للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا: بعد أسره في تشاد، وانشقاقه عن نظام معمر القذافي.
  • قائد القوات البرية: انضم إلى جيش التحرير الوطني بعد اندلاع ثورة 17 فبراير/شباط 2011.
  • قائد "الجيش الوطني الليبي": عُين قائدا لما سمي "الجيش الوطني الليبي" في 2014.
  • القائد الأعلى "للقوات المسلحة الليبية": منحه هذه الرتبة عقيلة صالح (رئيس برلمان طبرق) في يناير/كانون الثاني 2015.
  • مشير في "الجيش الوطني الليبي": تم ترقيته إلى رتبة مشير عام 2016.

المؤلفات

صدر لحفتر كتاب وحيد بعنوان: "رؤية سياسية لمسار التغيير بالقوة" وذلك في عام 1995، إبان إقامته في فرجينيا الأميركية معارضا لمعمر القذافي، وأُعيد طبعه عام 2011، وحمل توقيعه بصفته "رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش الوطني الليبي".

المصدر : الجزيرة

إعلان