عبد الخالق محجوب
سياسي شيوعي سوداني، شارك في الحركة الوطنية الساعية لاستقلال السودان، وفي تأسيس الحزب الشيوعي السوداني. سُجن مرات وحكم عليه بالإعدام بداية عهد نميري لاتهامه بتدبير انقلاب عسكري عام 1971.
المولد والنشأة
ولد عبد الخالق محجوب عثمان يوم 22 سبتمبر/أيلول 1927 في مدينة أم درمان بالسودان، ودرس في مدرسة الهداية الأولية، ثم أم درمان الأميرية الوسطى، ثم في مدرسة وادي سيدنا الثانوية.
الدراسة والتكوين
التحق بكلية غوردون التذكارية (جامعة الخرطوم لاحقا)، وخرج إلى مصر -إثر مظاهرات احتجاجية على الإدارة البريطانية- فدخل كلية الآداب في جامعة فؤاد الأول حيث تعرف على الحزب الشيوعي المصري، لكنه فـُصل من الجامعة في السنة الثالثة وسُجن لنشاطه السياسي، ثم أعيد إلى السودان في 1946.
التوجه الفكري
كتب في مقال بعنوان "كيف أصبحت شيوعيا؟ "إنني أنتهج السبيل الماركسي في ثقافتي وتصرفاتي، وأؤمن بالنظرية العلمية الشيوعية..، وجدت في النظرية الماركسية خير ثقافة وأنقى فكرة".
عُرف بانتقاده الشديد لما سماه "المؤسسة الطائفية" (يقصد طائفتيْ الأنصار والختمية)، ولجماعة الإخوان المسلمين في السودان التي وصفها بأنها "لا تؤمن بالنظام الديمقراطي..، وفلسفتها تقوم على الإرهاب".
الوظائف والمسؤوليات
انتخب 1949 لوظيفة "المسؤول السياسي" للحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) التي أصبح اسمها فيما بعد "الحزب الشيوعي السوداني".
تولى 1952 منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني وظل فيه حتى إعدامه 1971، وانتخب 1968 نائبا في البرلمان عن دائرة أم درمان الجنوبية.
التجربة السياسية
كانت نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 موعدا لانطلاق المسار السياسي في حياة محجوب، فخاض -عبر حركة "حدتو" التي كان من أبرز منشئيها 1946- النضال السياسي لإجلاء الاستعمار عن السودان ومصر، وإتاحة حق تقرير المصير للشعب السوداني.
أشرف -أثناء توليه قيادة الحزب الشيوعي- على تسيير المظاهرات الطلابية ضد الجمعية التشريعية التي أقامها المستعمر الإنجليزي في 1948، لكنه رفض انتهاج الكفاح المسلح ضد الاستعمار، داعيا إلى النضال الديمقراطي الشعبي الذي قاد في النهاية إلى إعلان استقلال السودان 1956.
اعتقِل مرات في العهد العسكري الأول أيام الفريق إبراهيم عبود، وسجن مع زعماء الأحزاب السياسية بمدينة جوبا في جنوبي السودان.
رفض بعض القرارات التي اتخذها جعفر نميري إثر انقلابه العسكري في مايو/أيار 1969 رغم دعم الشيوعيين لهذا الانقلاب، فنفته الحكومة إلى مصر في 22 مارس/آذار 1970، وحظرت نشاط الحزب الشيوعي والمؤسسات التابعة له.
سُمح لمحجوب بالعودة إلى بلاده -بعد ثلاثة أشهر قضاها في مصر- بطلب من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
اعتقِل مرتين إثر رجوعه إلى السودان، كانت أخراهما في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 في السجن الحربي بأم درمان ثم في معسكر للجيش جنوب الخرطوم.
بقي في المعتقل حتى وقع انقلاب 19 يوليو/تموز 1971 الذي قاده الرائد هاشم العطا المحسوب على الشيوعيين، لكن نميري أفشل الانقلاب -بعد نجاحه أياما- واستعاد السيطرة على البلاد محملا الشيوعيين مسؤولية ما جرى، فاعتقِل محجوب مجددا مع أبرز قيادات حزبه، وكان ذلك الاعتقال الفصل الأخير في حياته.
آمن محجوب في كتاباته بأن "الفكرة الشيوعية تدعو في نهايتها إلى الاشتراكية حيث يمّحي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان"، وبأن الشعب السوداني سيصل إلى المجتمع الاشتراكي بطريقته الخاصة ووفق تقاليده.
ومن أقواله: "هل صحيح أن الفكرة السياسية الشيوعية في السودان تدعو لإسقاط الدين الإسلامي؟ كلا، إن هذا مجرد كذب سخيف. إن فكرتي التي أؤمن بها تدعو إلى توحيد صفوف السودانيين ضد عدو واحد هو الاستعمار الأجنبي، وبهدف واحد هو استقلال السودان وقيام حكم يسعد الشعب ويحقق أمانيه".
ويضيف: "إن الفكر الشيوعي ليس أمامه من عدو حقيقي في البلاد سوى الاستعمار الأجنبي ومن يلتفون حوله، فأين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟".
المؤلفات
ألف محجوب كتبا عدة، منها: "لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني"، و"حول الائتلاف الرجعي"، و"المدارس الاشتراكية في أفريقيا"، و"آراء وأفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين"، و"دفاع أمام المحاكم العسكرية".
الوفاة
حوكم بعد انقلاب هاشم عطا أمام محكمة عسكرية قضت بإعدامه، فنفذ فيه الحكم يوم 28 يوليو/تموز 1971.