جماعة العدل والإحسان
جماعة العدل والإحسان من أكبر التنظيمات والحركات الإسلامية بالمغرب، أسسها الشيخ عبد السلام ياسين، عَرفت منذ نشأتها أسماءً متعددة، من أسرة الجماعة إلى جمعية الجماعة إلى جماعة العدل والإحسان.
النشأة والتأسيس
بدأ الشيخ عبد السلام ياسين تأسيس الجماعة بمفرده -بين عامي 1974 و1981– بما أسماه حينها مرحلة "جهاد الكلمة والنصح لأئمة المسلمين"، وفي سبتمبر/أيلول 1974 أرسل نصيحة مفتوحة مكتوبة للملك الحسن الثاني في أكثر من مئة صفحة بعنوان "الإسلام أو الطوفان" سجن إثرها -دون محاكمة- ثلاث سنوات ونصف السنة.
بعد خروجه من السجن (1978-1979) اتصل بأقطاب الحركات الإسلامية بالمغرب من أجل توحيد الجهود لإنشاء جماعة إسلامية موحدة في إطار "حزب إسلامي" بهدف توسيع الدائرة الإسلامية، لكن دعوته لم تقبل بسبب مفهومه لتوحيد العمل الإسلامي.
شكل صدور العدد الأول من مجلة "الجماعة" في فبراير/شباط 1979 نواة الجماعة الإسلامية الجديدة، وفي العدد السابع منها أعلن عام 1981 تأسيس أسرة الجماعة، ليتغير الاسم لاحقا إلى جمعية الجماعة ثم إلى الجماعة الخيرية في أبريل/نيسان 1983.
اعتقل الشيخ ياسين سنة 1983 وحكم عليه بالسجن عامين وبعد خروجه عام 1985 بدأت مرحلة التأسيس الفعلي للجماعة تحت شعار "العدل والإحسان" عام 1986 واختيار المجلس التنفيذي للجماعة واللجان التنفيذية.
وفي سبتمبر/أيلول 1987 تحول اسم الجماعة رسميا إلى جماعة العدل والإحسان، وهو شعار أخذته من الآية القرآنية (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
التوجه الأيديولوجي
اتخذت العدل والإحسان لنفسها مسارا مختلفا عن باقي الحركات الإسلامية لغلبة التوجه الصوفي عليها وتبنيها خطا سياسيا معارضا رافضا للعنف.
أكدت في أهدافها ووسائلها أنها لا ترضى بهدف اجتماعي سياسي دون العدل على شريعة الله، ولا بغاية دون الإحسان. وترى أن العدل والإحسان هما أم القضايا وأبوها في الدين والدنيا، وفي الدعوة والدولة، وفي المصير السياسي والمصير الأخروي.
يهدف مشروع الجماعة -غير المعترف بها قانونيا من قبل السلطات المغربية- إلى إقامة دولة الخلافة ولا تعترف بشرعية "إمارة المؤمنين في المغرب".
تتخذ الجماعة في سبيل تحقيق أهدافها وفق رؤيتها، أولا: إيجاد الكيان الجماعي المنظم المنوط به القيام بعملية التغيير. ثانيا: الفهم الشمولي للإسلام وفق اتجاه تربوي سياسي واضح، يشمل الدعوة والدولة. ثالثا: التربية المتكاملة الشاملة العميقة. ورابعا: ترتكز ممارسة الجماعة على مرجعية فكرية وبناء نظري وفق المنهاج النبوي.
المسار السياسي
في عام 1987 حاصرت قوات الأمن منزل زعيم الجماعة، وبدأت التضييق على زواره، وفي عام 1989 انطلقت حملة من الاعتقالات والملاحقات والمحاكمات بحق كوادر الجماعة.
وفي الثلاثين من ديسمبر/كانون الأول 1989 فرضت السلطات المغربية الإقامة الجبرية على مرشد الجماعة ومنعت عنه الزوار، وبقي على ذلك الحال حتى مايو/أيار 2000، وخلال هذه الفترة تأسست (1998) الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان.
كما نظم أنصار الجماعة وقفات احتجاجية في عدة مدن مغربية، تلتها وقفات عام 2001، ونزل أنصارها بقوة في مسيرات تضامنية مع انتفاضة الأقصى في فلسطين وضد الحرب الأميركية على أفغانستان، وفي التضامن مع غزة.
مع اندلاع تظاهرات وثورات الربيع العربي، وخاصة تونس ومصر منذ مطلع 2011، دعت الجماعة أنصارها للتظاهر للمطالبة بالإصلاح والتغيير من خلال حركة 20 فبراير، إلا أن اختلافها مع المكونات السياسية للحركة المذكورة في بعض الشعارات والوجهة، جعلها تنسحب في ديسمبر/كانون الأول 2011.
توفي مؤسس الجماعة الشيخ عبد السلام ياسين في 13 ديسمبر/كانون الأول 2012 بإحدى مصحات الرباط، وخلفه محمد بن عبد السلام عبادي، وقرر مجلس شورى الجماعة (أعلى هيئة تقريرية بالجماعة) تسمية عبادي الأمين العام للجماعة والاحتفاظ بلقب المرشد العام للمؤسس عبد السلام ياسين توقيرا لذكراه.
وبعد وفاة مؤسسها وزعيمها استمرت الجماعة مؤثرة في المشهد السياسي والحركي المغربي، متبنية نهجها الرافض لتغيير العلاقة مع النظام الملكي.
في المقابل، واصل النظام المغربي سياسة تضييق الخناق على الجماعة، واصفا إياها "بالجماعة المحظورة"، حيث حركت النيابة العامة عدة قضايا ضد أعضائها بتهمة الانتماء إلى "جماعة غير قانونية"، حيث اعتقلت خلال العقود الماضية الآلاف منهم، وتعرض عدد من قيادات الجماعة لمحاكمات بتهمة الإساءة إلى الدولة المغربية.
وفي فبراير/شباط 2017، تفجر ملف آخر بين النظام والجماعة، حيث تمت إقالة وإعفاء العشرات من أعضائها من وظائفهم بوزارات مختلفة، في مقدمتها وزارة التعليم، دون توجيه تهم واضحة.
ورأت العدل والإحسان أن تلك الإعفاءات "حملة مخابراتية موغلة في التخلف"، مبرزة أن النظام جرب -على امتداد أربعة عقود- كل ألوان وأصناف التنكيل بالجماعة؛ من القتل، والتعذيب، والعنف بلا حدود، والمحاكمات، والسجون لمدد طويلة، والتضييق على الأرزاق، والتشويه بأخس صوره وأشدها مكرا".
وأكدت أن تلك الممارسات "لن تستفز الجماعة (…) ولسنا في ضيعة أحد".
والعدل والإحسان تؤكد أنها جمعية قانونية تشتغل وفق القانون المغربي، حيث سبق لها أن قامت بإتمام إجراءاتها القانونية التأسيسية بتاريخ 26 أبريل/نيسان 1983، وحصلت على إشهاد مسلم من طرف النيابة العامة بالرباط رقم 48/83.
وتورد الجماعة عدة أحكام قضائية صدرت لصالحها، وتثبت أنها جماعة قانونية وغير محظورة، وتورد أمثلة على ذلك، منها حكم محكمة الاستئناف بمدينة القنيطرة بتاريخ 24 أبريل/نيسان 1990، ومحكمة الاستئناف بأغادير عام 2003.