أوكرانيا.. من زعامة "روس كييف" إلى رفض السيادة الروسية

خريطة: توريتسك أوكرانيا

جمهورية أوكرانيا، دولة تقع في شرقي القارة الأوروبية، وتعود أصول معظم شعبها إلى العرق السلافي، وفي أواخر الألفية الأولى للميلاد احتضنت أرض أوكرانيا إمارة "روس كييف"، التي توصف بأنها "أول حضارة عظيمة للسلاف الشرقيين".

وفي مرحلة لاحقة أصبحت أراضي أوكرانيا جزءا من اتحاد "كومنولث" يضم بولندا وليتوانيا وبيلاروسيا ولاتفيا وغرب روسيا، وابتداء من القرن الثامن عشر أصبحت تتبع للإمبراطورية الروسية، ثم للاتحاد السوفياتي، قبل أن تستقل رسميا عام 1991.

وإثر تنامي الشراكات الأمنية والاقتصادية لأوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، ثم الثورة البرتقالية على الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المحسوب على موسكو، توترت العلاقات مع روسيا، التي ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014، قبل أن يطلق الرئيس فلاديمير بوتين إشارة الحرب الروسية على أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط 2022.

المعلومات الرئيسية

  • الاسم الرسمي: جمهورية أوكرانيا.
  • الاسم المختصر: أوكرانيا.
  • العاصمة: كييف.
  • اللغة: الأوكرانية (رسمية)، الروسية، الرومانية، البولندية، المجرية.
  • النظام السياسي: جمهوري.
  • تاريخ الاستقلال: 24 أغسطس/آب 1991 إثر إعلان الانفصال عن الاتحاد السوفياتي السابق.
  • العملة: هريفنا.

الجغرافيا

الموقع: تقع أوكرانيا في شرقي القارة الأوروبية، تحدها من الشمال بيلاروسيا وروسيا، ومن الشرق روسيا، ومن الجنوب البحر الأسود، ومن الغرب رومانيا والمجر وسلوفاكيا وبولندا.

المساحة: 603 آلاف و550 كيلومترا مربعا.

إعلان

الموارد الطبيعية: الحديد والفحم والغاز والملح والكبريت والنيكل والزئبق والخشب والأراضي الزراعية.

المناخ: قاري معتدل، ويكون متوسطيا على الساحل الجنوبي بشبه جزيرة القرم.

السكان

بلغ التعداد السكاني في أوكرانيا 38 مليونا و235 ألفا و19 نسمة، حسب تقديرات نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ومع أن المؤشر يظهر تزايدا مقابل عام 2023، الذي وصل فيه عدد سكان هذا البلد إلى 37 مليونا و732 ألفا و836 نسمة، إلا أن السنوات التي سبقته تظهر تراجعا مضطردا في المؤشر.

فقد بلغ عدد السكان 41 مليونا 48 ألفا و766 نسمة في 2022، مقابل 44 مليونا و298 ألفا 640 نسمة في عام 2021، في حين يظهر المؤشر أن العدد ظل في تناقص منذ عام 1993، إذ بلغ عدد سكان أوكرانيا حينها 52 مليونا و350 ألفا و126 نسمة.

وبلغت نسبة نمو السكان -7.45% في 2023، و-8.80% في 2022، و-0.86% في 2021.

ويعود ذلك إلى مشاكل ديمغرافية مرتبطة بانخفاض الخصوبة وارتفاع نسبة الشيخوخة بين السكان، ثم جاءت الحرب الروسية التي تسببت في نزوح نحو 6.7 ملايين أوكراني إلى دول الجوار.

ووفق الأمم المتحدة، فقد انخفض عدد سكان أوكرانيا بأكثر من 10 ملايين نسمة إثر الحرب، مما يشكل حوالي ربع السكان.

التوزيع العرقي: 77.8% أوكرانيون، 17.3% روس، 0.6% بيلاروسيون، 0.5% مولداف، 0.5% تتار القرم، 0.4% بلغار، 0.3% مجريون، 0.3% رومانيون، 0.3% بولنديون.

الديانة: 83% أرثوذكس، 10.2% كاثوليك، 2.2% بروتستانت، 0.6% يهود، 3.2% آخرون.

الاقتصاد

بلغ الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا 178.76 مليار دولار في 2023، مما يعكس تحسنا مقابل العام 2022، إذ لم يتجاوز حينها 161.99 مليار دولار.

ومع ذلك لم يصل الناتج المحلي إلى مستواه في فترة ما قبل الحرب، ففي عام 2021 وصل إلى 199.77 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخه.

ووصل الناتج الفردي السنوي إلى 5181 دولارا في 2023 مقابل 4576 دولارا في 2022، و4828 دولارا في 2021، في حين بلغت نسبة النمو 5.30% في 2023 مقابل -28.76% في 2022 و3.45% في 2021.

إعلان

كما وصلت نسبة البطالة إلى 19.34% في 2023، و24.5% في 2022، مقابل 9.85% في عام 2021. ووصل التضخم إلى 12.85% في 2023، و20.18% في 2022، مقابل 9.36% في 2021.

أما الدين الخارجي لأوكرانيا فقد بلغ 169 مليار دولار في الربع الثاني من 2024، و140 مليار دولار في 2023، و127 مليار دولار في 2022.

أهم المنتجات: الفحم، الطاقة الكهربائية، الآليات، معدات النقل، الحبوب، الخضروات.

التاريخ

تشير الروايات التاريخية إلى هجرات عديدة شهدتها أرض أوكرانيا الحالية، فقد كانت موطنا لتعايش البولنديين والبيلاروسيين والروس والبلغار واليونانيين والرومانيين والأرمن والألمان والغجر والمغول واليهود وغيرهم من الشعوب.

وابتداء من القرون الأولى للميلاد، استوطنت القبائل السلافية (السلافيون الشرقيون) شرقي أوروبا بما في ذلك أراضي أوكرانيا الحالية، ومع منتصف القرن التاسع الميلادي استطاع الأمير ريوريك توحيد القبائل السلافية الشرقية بعد فترة طويلة من الصراعات.

واستطاعت الإمارة الوليدة ضم دولة كييف المجاورة، فعرفت باسم إمارة "روس كييف"، ثم تمددت لتشمل أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا الحالية، ويصفها باحثون بأنها "أول حضارة عظيمة للسلاف الشرقيين"، وأنها "أكبر مملكة في أوروبا".

وفي عام 988م اعتنق فلاديمير الأول أمير "روس كييف" الديانة المسيحية على المذهب الأرثوذكسي، فأصبحت دين الدولة وانتشرت في مختلف أنحاء المنطقة.

بين كييف وموسكو

في أواخر النصف الأول من القرن الثالث عشر وعلى وقع الانقسام إلى عدة إمارات متصارعة، تعرضت مناطق السلافيين الشرقيين لهجوم مغولي، لتصبح أراض واسعة من أوكرانيا الحالية جزءا من الإمبراطورية المغولية.

وفي الأثناء برزت إمارة موسكو قوة سياسية وثقافية تنافس كييف على صدارة المشهد، فقد تمكن أمراؤها من هزيمة المغول عام 1480م، كما استغلوهم لسحق التهديدات التي تواجهها إمارة موسكو، بما في ذلك كييف ذات الإرث السياسي والثقافي.

إعلان

وقبل ذلك وضمن الصراع بين إمارتي كييف وموسكو، امتنعت الأخيرة عن الاعتراف بمطران كييف (رتبة كنسية تمنح للأسقف) وسلطته على الكنيسة الأرثوذكسية في عموم روسيا، فأصبح لها عام 1448م مطران خاص ينتخبه الأساقفة.

وابتداء من هذا التاريخ انتزعت إمارة موسكو السلطة الدينية من كييف، التي حازت عليها منذ اعتناق أميرها فلاديمير الأول الديانة المسيحية.

قرون من التقسيم والتبعية

في فترات لاحقة أصبحت الأراضي الأوكرانية تحت حكم دولتي ليتوانا وبولندا، وابتداء من القرن السادس عشر وحتى نهاية القرن الثامن عشر كانت جزءا من اتحاد "كومنولث" يضم بولندا وليتوانيا وبيلاروسيا ولاتفيا وغرب روسيا.

وبعد انهيار الكومنولث أصبح جزء من أراضي أوكرانيا يتبع للإمبراطورية النمساوية، بينما يتبع معظمها للإمبراطورية الروسية التي سبق أن سيطرت على أجزاء من هذه الأراضي منذ بداية القرن الثامن عشر.

وخلال القرن التاسع عشر ظهرت مطالب الأوكرانيين بالحكم الذاتي عن الإمبراطورية الروسية، كما بدأت دعوات تدوين اللغة الأوكرانية والتأكيد على وجود تميز ثقافي وتاريخي للشعب الأوكراني، وهو ما رفضه الروس، فحظروا نشر الكتب والصحف باللغة الأوكرانية، وواجهوا مطالب الحكم الذاتي بالإجراءات القمعية.

وتزامنا مع اندلاع الثورة البلشفية عام 1917، نشأ المجلس المركزي الأوكراني، الذي يضم المندوبين المنتخبين، ورفع مطلب الاستقلال، الذي أعلنه رسميا في 1918، لكنه قوبل بالرفض الروسي.

وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى احتفظت روسيا بمعظم الأراضي الأوكرانية، في حين أصبحت أجزاء أخرى تتبع لدول بولندا ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا، ثم أصبحت أوكرانيا جمهورية تابعة للاتحاد السوفياتي ابتداء من عام 1922 حتى استقلالها عام 1991، مع استثناء فترة وجيزة خضعت خلالها لسيطرة ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

إعلان

عضوية "قسرية"

على الرغم من أن أوكرانيا أصبحت جزءا من الاتحاد السوفياتي، فإن نزعة الاستقلال عن التبعية لروسيا ظلت حاضرة بقوة ومتجددة، وهو ما عززته السياسات التي اعتمدها قادة الاتحاد تجاه الشعب الأوكراني.

فقد شهدت البلاد مجاعة الـ"هولودومور" التي وصل عدد ضحاياها ما بين عامي 1931 و1933 إلى أكثر من 3 ملايين أوكراني، ويتهم الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين بتدبير هذه المجاعة من خلال إغلاق الحدود والاستيلاء على جميع المواد الغذائية المتاحة في أوكرانيا.

وفي مسعى لتجاوز إرث أسلافه وتعزيز الوحدة بين الروس والأوكرانيين الراغبين في الانفصال، أهدى الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف عام 1954م أراضي شبه جزيرة القرم إلى جمهورية أوكرانيا.

ثم كان انفجار أحد مفاعلات محطة تشرنوبل للطاقة النووية في أوكرانيا عام 1986، وتعاطي الاتحاد السوفياتي مع الكارثة، عاملين جديدين في تزايد دعوات انفصال أوكرانيا، فبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة تعرض نحو 8 ملايين و400 ألف شخص في أوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا للإشعاع على إثر الحادث.

ساحة استقطاب دولي

بعد نحو 7 عقود من عضوية الاتحاد السوفياتي، أعلن برلمان جمهورية أوكرانيا الاستقلال يوم 24 أغسطس/آب 1991 قبل أشهر قليلة من انهيار الاتحاد في أواخر العام ذاته.

وبموجب اتفاقية ثلاثية مع روسيا والولايات المتحدة عام 1994، وافقت أوكرانيا على التخلي عن الأسلحة النووية الموروثة عن الاتحاد السوفياتي مقابل مساعدات أميركية وتعهد روسي باحترام الحدود القائمة.

وعلى مدى العقدين المواليين كانت الساحة السياسية في أوكرانيا ساحة استقطاب دولي بين روسيا والغرب، فتنامت تطلعات كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) والدفع نحو اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

ومثلت انتخابات 2004 أحد أوجه هذا الاستقطاب، فبعد نجاح فيكتور يانوكوفيتش المقرب من روسيا تظاهر مؤيدو منافسه فيما عرفت بالثورة البرتقالية، وإثر إعادة التصويت أعلن عن نجاح غريمه فيكتور يوشنكو، الذي أصبح رئيسا لأوكرانيا حتى عام 2010، ثم فاز يانوكوفيتش من جديد بالرئاسة.

إعلان

لكن يانوكوفيتش واجه في أواخر 2013 احتجاجات قوية إثر تعليق حكومته توقيع اتفاقية للتجارة الحرة والشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وبعد اشتداد الثورة ضده ومقتل 100 شخص، اضطر للفرار إلى روسيا مساء 21 فبراير/شباط 2014.

وردا على خلع يانوكوفيتش سيطر مسلحون مدعومون من روسيا على منشآت هامة في شبه جزيرة القرم، التي كانت تتبع أوكرانيا منذ 1954، وبموجب استفتاء تم تنظيمه يوم 16 مارس/آذار 2014 أُعلن انفصال شبه الجزيرة عن أوكرانيا وانضمامها إلى روسيا.

ووقع بوتين في 18 من الشهر نفسه معاهدة ضم شبه جزيرة القرم إلى الاتحاد الروسي، بينما لم تعترف الأمم المتحدة بهذا الاستفتاء، وأكدت أن شبه جزيرة القرم لا تزال جزءا لا يتجزأ من أوكرانيا، وصُنّفت روسيا في نظر القانون الدولي على أنها "قوة محتلة".

الحرب الأوكرانية الروسية

عقب فوزه برئاسة أوكرانيا في يوليو/تموز 2019، ناشد فولوديمير زيلينسكي الرئيس الأميركي جو بايدن دعم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، كما فرض عقوبات على زعيم المعارضة وحليف روسيا فيكتور ميدفيدشوك.

وردا على هذه الإجراءات حشدت روسيا قواتها بالقرب من حدود أوكرانيا ثم سحبتها، وأعلنت أن ما قامت به كان مجرد تدريب.

كما أظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 حشدا للقوات الروسية على الحدود، مما أثار مخاوف أوكرانيا التي كانت تتوقع غزوا روسيّا.

وفي 24 فبراير/شباط 2022 بدأت روسيا عملية عسكرية ضد أوكرانيا، وإلى جانب الجيش الروسي شاركت في الحرب مجموعة فاغنر الروسية الخاصة، لكن دورها تراجع بعد تمرد يونيو/حزيران 2023.

كما أعلنت كوريا الشمالية دعمها للموقف الروسي، وأعلنت وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي أثناء زيارة لموسكو مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أن بلادها ستقف بجانب روسيا حتى تحقيق "النصر" في أوكرانيا.

إعلان

في حين حصلت أوكرانيا على دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وفرض الاتحاد حزمة عقوبات على روسيا، إضافة إلى تمويل شراء أسلحة للجيش الأوكراني، كما فرضت الولايات المتحدة حظرا على الغاز والنفط الروسيين، فضلا عن عقوبات اقتصادية أخرى عديدة.

وتشير التقديرات إلى أن عدد ضحايا الحرب من العسكريين والمدنيين في البلدين وصل حتى منتصف سبتمبر/أيلول 2024 إلى نحو مليون شخص، بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر استخباراتية غربية.

المصدر : الجزيرة

إعلان