إسحق رابين
سياسي ورئيس وزراء إسرائيلي راحل، لعب دورا كبيرا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وقّع معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية عام 1994، واغتيل على يد يهودي متطرف في العام التالي.
المولد والنشأة
ولد إسحق رابين في القدس عام 1922 لأبوين هاجرا من روسيا إلى الولايات المتحدة، حيث كان والده أحد أعضاء حركة "عمال صهيون" هناك، ومنها هاجرا إلى فلسطين عام 1917 ضمن المهاجرين اليهود الأوائل الذين وصلوا إليها في تلك الفترة، والتحقا بقوات الهاغاناه.
الدراسة والتكوين
التحق رابين بمدرسة ابتدائية أنشأها الهستدروت -وهو الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية الذي تأسس في حيفا عام 1929- في تل أبيب لمدة ثماني سنوات، ثم درس عامين في المرحلة المتوسطة بإحدى مدارس مستوطنة جيفات هاشلوشا، وبعدها واصل دراساته العليا بتل أبيب، فدرس الزراعة في مدرسة كادوري.
وفي تلك الأثناء التحق بقوات الهاغاناه وتعرف على إيغال آلون الذي كان قائده هناك ثم أصبح فيما بعد صديقه لسنوات طويلة. ورشحت المدرسة رابين لبعثة دراسية في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة لاستكمال دراسته العليا لكن اندلاع الحرب العالمية الثانية حال دون سفره.
الوظائف والمسؤوليات
انخرط في قوات البالماخ الصهيونية (سرايا الصاعقة) التي أنشئت عام 1941 وكان من أوائل الشباب الذين التحقوا بهذه القوات والتي أصبحت بعد ذلك الذراع الضاربة لقوات الهاغاناه، وأصبح في عام 1945 نائبا لقائد قوات البالماخ، وفي العام التالي ألقت قوات الانتداب البريطاني القبض عليه وعلى والده واعتقلتهما لفترة قصيرة ثم أفرجت عنهما، وبعدها اختير رابين قائدا لعمليات البالماخ
ارتبط رابين بحزب "المابام" وحركة مزارع الكيبوتس. وبعدما حل ديفد بن غوريون البالماخ عقب إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 كون رابين وقادة البالماخ من أمثال حاييم بارليف وبنيامين بن إليعازر نواة الجيش الإسرائيلي.
وفي الفترة بين 1951 و1952 ظهر جهد رابين في الجيش الإسرائيلي بقوة عن طريق معسكرات الإيواء التي وفرها آنذاك لاستقبال 100 ألف مهاجر يهودي قدموا من مختلف الدول العربية والإسلامية للاستقرار في الدولة الوليدة.
وبعد نجاحه في إقامة معسكرات الإيواء أوفده الجيش الإسرائيلي إلى كلية الأركان في بريطانيا التي تخرج منها عام 1954 ليتولى إدارة التدريب في الجيش الإسرائيلي، وفي الفترة بين 1956 و1959 تولى قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي.
وعمل نائبا لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي طوال الفترة بين 1961 و1964 ثم رئيسا للأركان بين 1964 و1968 وهي الفترة التي شهدت انتصار إسرائيل على الدول العربية في حرب 1967، وضمها لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وهضبة الجولان السورية إضافة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وأصبح رابين بعد هذه الحرب بطلا قوميا في إسرائيل.
التجربة السياسية
عاش إسحق رابين حياته يؤمن بأحقية دولة إسرائيل في الوجود ويدافع عن كيانها على حساب الحقوق العربية. وأثرت في توجهاته الفكرية الأفكار الصهيونية التي آمن بها والده ووالدته في مقتبل حياتهما ونمط التعليم الذي تلقاه في صباه في مدارس الهستدروت وعضويته في قوات الهاغاناه.
وبدأ رابين حياته السياسية عام 1968 عندما اختير سفيرا لإسرائيل لدى الولايات المتحدة، فترك الجيش بعد أن خدم فيه مدة 27 عاما. وعمل على تقوية العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية في مقابل العلاقات الجيدة التي كانت تربط العرب بالاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة.
ثم اُنتخب عضوا في الكنيست عن حزب العمل واختارته رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير وزيرا للعمل. وإثر اندلاع المظاهرات المطالبة باستقالة الحكومة بعد أن اتهمت الجيش بالتقصير في حرب 1973 اختير رابين رئيسا للوزراء بعد استقالة غولدا مائير.
وبدأ رابين مفاوضات سلام مع مصر أسفرت عن انسحاب إسرائيلي جزئي من سيناء عام 1975.
وفي الفترة بين عامي 1977 و1984 كان رابين عضوا فاعلا في لجنتي الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، ونشط في كتابة الكثير من المقالات المتعلقة بالشؤون الإستراتيجية في الصحف الإسرائيلية
وفي عام 1984 تكونت في إسرائيل حكومة وحدة وطنية واختير رابين وزيرا للدفاع، وكان من أهم القرارات التي اتخذها قرار بانسحاب إسرائيل من لبنان مع الاحتفاظ بشريط حدودي لحماية أمن إسرائيل في المنطقة الشمالية.
وخلال توليه وزارة الدفاع اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 بعنف وحاول إخمادها بشتى الطرق لكنه فشل في ذلك.
وبدأ رابين في عام 1989 اتصالاته بالفلسطينيين تمهيدا لعقد مؤتمر مدريد للسلام في العام التالي 1990 غير أن الائتلاف الحكومي الذي كان يحكم إسرائيل آنذاك انهار وعاد رابين وحزب العمل الإسرائيلي إلى صفوف المعارضة.
وفي عام 1992 انتخب رابين مجددا رئيسا للوزراء بعد فوز حزب العمل، وأضيف إليه منصب وزير الدفاع. وتوصل مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إلى اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر/أيلول 1993 ووقع الاثنان عليه في البيت الأبيض بحضور الرئيس بيل كلينتون.
ووقع رابين اتفاقية سلام مع المملكة الأردنية في عهد الملك الحسين بن طلال فيما يعرف باتفاقية وادي عربة في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994.
الجوائز والأوسمة
حصل رابين في العام التالي لتوقيع اتفاق أوسلو (1994) على جائزة نوبل للسلام، وذلك بالاشتراك مع كل من وزير خارجيته آنذاك شمعون بيريز ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات.
الوفاة
لم ترض أحزاب اليمين الإسرائيلية المتشددة عن تحركات رابين السياسية فاغتاله يهودي عام 1995.