الاكتفاء الذاتي.. مطلب ملحّ لتحقيق استقلالية الدول

أراضي زراعية تنتج القمح-مخزون القمح المصري على وشك النفاذ (2)
البلدان العربية تعاني عجزا في قطاعات زراعية مثل الحبوب (الجزيرة)

الاكتفاء الذاتي هو القدرة على إنتاج جميع الاحتياجات الغذائية محليا من خلال الاعتماد الكامل على الموارد والإمكانات الذاتية، والاستغناء كليا عن استيراد الأغذية من الخارج لتلبية هذه الاحتياجات.

المؤشر
يُقاس الاكتفاء الذاتي لبلد ما من خلال نسبة الإنتاج الوطني من جميع الأغذية مقارنة بإجمالي الاستهلاك الداخلي (الإنتاج + الصادرات، الواردات، المعونة الغذائية)، إذا تعلق الأمر بمعدل الاكتفاء الذاتي الغذائي الكلي أو الكامل.

ويمكن قياس معدل الاكتفاء الذاتي الجزئي أو القطاعي من خلال نسبة الإنتاج الوطني لنوع معين من الأغذية (الحبوب، الخضراوات، الفواكه، اللحوم وغيرها) مقارنة بإجمالي الاستهلاك من هذه الأغذية.

الأهمية
يعد تحقيق الاكتفاء الذاتي مطلبا جوهريا وملحا في العديد من البلدان عبر العالم، وتكمن أهميته في توفير الأمن الغذائي للسكان، وتحصينهم من الأزمات والمجاعات التي تحدث أحيانا بسبب نقص الإمدادات في السوق الدولية، أو غلاء الأسعار (أزمة الغذاء عام 2008 نموذجا).

كما يعد الاكتفاء الذاتي سبيلا إلى الاعتماد على النفس وتطوير الإمكانات الذاتية، والتقليل في المقابل من الاعتماد على الخارج. وذلك مما يدعم استقلالية القرار السياسي والسيادي الوطني أمام الدول الأجنبية، ويحد من التأثيرات وبعض السلوكيات (الابتزاز) التي قد تمارسها الدول المصدرة لبعض الأغذية الإستراتيجية (القمح نموذجا) في إطار التفاوض حول مصالحها أو مصالح حلفائها.

وتشير تقارير المنظمات الدولية العاملة في مجال الغذاء والزراعة إلى أن عدد الأشخاص الذين لا يزالون يعانون من نقص التغذية أو سوئها، يصل إلى زهاء 795 مليون شخص في العالم.

الواقع المرير
ولا يزال عدد كبير من البلدان النامية وجلّ البلدان الأقل نموا عبر العالم عاجزة عن تحقيق اكتفاءها الذاتي من الأغذية الأساسية. ويعاني الملايين من السكان في دول الجنوب من المجاعة أو سوء التغذية، وذلك بالرغم من التطورات التكنولوجية الهائلة والاستثمارات التي عرفها مجال الإنتاج الزراعي، ورغم المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى مكافحة الجوع.

وترجع أسباب هذا الوضع إلى ضعف الاستثمار في المجال الزراعي في هذه البلدان، والنمو السكاني المتواصل، ونقص الموارد المائية في بعض المناطق بسبب الجفاف، فضلا عن تزايد أعداد المهاجرين القرويين إلى المراكز الحضرية الذي ينعكس سلبا على الزراعة المعيشية.

الحالة العربية
من جهتها، تعرف البلدان العربية عجزا غذائيا مهولا في العديد من القطاعات الزراعية مثل الحبوب والسكر والزيوت النباتية، على الرغم من أهمية هذه المنتجات في سلة غذاء المواطن العربي.

وأطلقت البلدان العربية في إطار آليات العمل العربي المشترك عدة مبادرات من أجل تحفيز وتمويل الاستثمارات في قطاع الزراعة، أملا في زيادة الإنتاج ورفع معدلات الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي العربي، مثل إطلاق برنامج طارئ للأمن الغذائي في أعقاب القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت في الكويت عام 2009.

كما اشتمل إعلان الرياض، المنبثق عن اجتماع الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية الذي عقد في أبريل/نيسان 2008، على مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز التعاون والتنسيق العربي في مواجهة أزمات الغذاء.

المصدر : الجزيرة