تحرير "دولار الدواء" يهدد السودانيين بجحيم الغلاء

مقر بنك السودان المركزي
بنك السودان المركزي يقرر تحرير سعر صرف الدولار لاستيراد الأدوية (الجزيرة)

عماد عبد الهادي ـ الخرطوم

ينتظر السودانيون ارتفاعا في أسعار الدواء وبقية السلع الضرورية بعد قرار بنك السودان المركزي تحرير سعر صرف الدولار لاستيراد الأدوية، وتحويلات المغتربين وتذاكر الطيران للشركات الأجنبية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار في السوق الموازية إلى 15.8 جنيها بدلا من سعره الرسمي 6.86 جنيهات.  
 
في المقابل أجاز مجلس الوزراء السوداني حزمة من السياسات الاقتصادية الجديدة، راهن بها على "تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية" بزيادات حقيقية للأجور والبدلات بنسبة 20% وتحسين أحوال الفئات المستفيدة من الدعم الاجتماعي عبر إعادة هيكلته.

وقال وزير المالية بدر الدين محمود في مؤتمر صحفي الليلة الماضية إن العام القادم "سيشهد انخفاضا في معدل التضخم بما لا يزيد عن 15% في المتوسط، مع انخفاض عجز الميزان التجاري من 4.2 مليار جنيه إلى 3.7 مليارات جنيه"، مضيفا أن البنك المركزي سيسمح لـ"بعض الشركات بتصدير الذهب ليعود عائد الصادرات بنسبة 100% لصالح بنك السودان".

وأوضح أنه "سيتم منع استيراد بعض السلع كاللحوم والأسماك وزهور الزينة والحيوانات، لمعالجة مشكلة النقد الأجنبي وتخفيض العجز في الميزان التجاري"، مؤكدا في الوقت نفسه "استمرار دعم الكهرباء للأسر محدودة الاستهلاك وكذلك المساجد والمدارس والقطاعين الزراعي والصناعي" وقال إنها "لن تتأثر بسياسة التحرير".

‪وزير المالية والاقتصاد الوطني السوداني بدر الدين محمود يتحدث للصحفيين‬ (الجزيرة)
‪وزير المالية والاقتصاد الوطني السوداني بدر الدين محمود يتحدث للصحفيين‬ (الجزيرة)

واستبق البنك المركزي إجراءات مجلس الوزراء بقراره تحرير سعر صرف الدولار، فبعد أن كان يبيع الدولار لشركات الأدوية ستضطر الشركات إلى شراء الدولار بسعر السوق الموازية الذي يصل حاليا إلى 15,9 جنيها.

وألغى البنك قراره السابق بتخصيص 10% من حصيلة الصادرات غير البترولية المخصصة لاستيراد الأدوية، موجها المصدرين ببيع حصائل صادراتهم للمصرف المصدر لاستمارة الصادر.

كما وجه المصارف بالاستمرار في بيع مشترياتها من النقد الأجنبي لجميع الاستخدامات المسموح بها من قبله على أن يضاف إليها استيراد الأدوية البشرية والبيطرية والمواد الخام لصناعة الأدوية البشرية والبيطرية.

وتضمنت ضوابط بنك السودان استقطاب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج وتقديم حافز لجذب تحويلاتهم، حيث يعمل المغتربون على تحويل أموالهم إلى الداخل عبر السوق السوداء لتجنب الفرق الكبير في أسعار العملات الصعبة بين السوق الموازية والسعر الرسمي، ويحدد بنك السودان سعر الدولار في حدود 6.5 جنيه.

وشملت ضوابط البنك تشجيع الصادرات واستخدام حصائل الصادر، وتحويل فوائض مبيعات تذاكر شركات الطيران الأجنبية العاملة بالبلاد وبقية البائعين بالنقد الأجنبي ليجري التعامل بها في السوق المنظمة. 

‪محمد سر الختم يحذر من تدهور الاقتصاد‬ محمد سر الختم يحذر من تدهور الاقتصاد (الجزيرة)
‪محمد سر الختم يحذر من تدهور الاقتصاد‬ محمد سر الختم يحذر من تدهور الاقتصاد (الجزيرة)

من جانبها، قررت وزارة النفط رفع سعر لتر البنزين للمستهلك إلى 6.17 جنيهات بدلا من 4.67، ولتر الجازولين إلى 4.11 بدلا من 3.11 جنيهات ولتر الكيروسين إلى 18.5 جنيها بدلا من 14.60.

وحدد البنك سعر الدولار بـ 15.8 جنيها في وقت تشهد العملة الوطنية تراجعا لافتا أمام العملات الصعبة منذ أبريل/نيسان الماضي وسط تحذيرات خبراء اقتصاديين من إمكانية انهيار الاقتصاد السوداني جراء القرارات التي اعتبرها بعضهم "غير مدروسة".

وفي أول رد فعل لها، توقعت لجنة الصحة في البرلمان السوداني ارتفاعا لسعر الدواء بسبب تحرير سعر صرف الدولار، وقال رئيس اللجنة صلاح هاشم سوار الذهب للصحفيين إن شركات الأدوية "بدأت مراجعة أسعار الأدوية لزيادتها وفقا للزيادة الجديدة، فسعر دولار الدولار أصبح 17.78 جنيها الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الأدوية.

أما الخبير الاقتصادي محمد سر الختم فيرى عدم قدرة الحكومة على استيراد السلع المهمة ومن بينها الدواء، معتبرا القرار "سياسيا ستترتب عليه آثار سلبية كبيرة".

وتساءل سر الختم عن أسباب الخطوة الجديدة التي لن تتوقف عند تحرير سعر الدواء، مضيفا أن الحكومة "مهدت للخطوة في كثير من المناسبات الاقتصادية، وحذر من حدوث "مزيد من تدهور سعر صرف العملة الوطنية والاقتصاد السوداني بكامله".‏‏

المصدر : الجزيرة