اقتصاد إسرائيل يواصل النزيف بعد 10 أشهر من العدوان على غزة

طوفان الأقصى خسائر اقتصاد إسرائيل في أرقام
اقتصاد إسرائيل لم يتوقف عن النزيف خلال الأشهر الماضية مع توقعات أكثر قتامة للفترة المقبلة (الجزيرة)

واصل اقتصاد إسرائيل نزيفه حتى مع مرور الشهر العاشر من العدوان على قطاع غزة، مع توقعات بأداء أكثر قتامة جراء توسع الصراع إلى جبهات إيران ولبنان واليمن.

ويعاني اقتصاد إسرائيل من خسائر متواصلة جراء حربها المتواصلة على قطاع غزة، والتي أدت إلى زيادة الإنفاق العام وتراجع التصنيف الائتماني ومعاناة الشركات وتضرر القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهذه أبرز الخسائر على صعيد الاقتصاد الكلي والجزئي:

اتسع العجز المالي في إسرائيل في يونيو/حزيران الماضي إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 السابقة عليه، وهو ما يساوي 146 مليار شيكل (39.77 مليار دولار)، وذلك ارتفاعا من 7.2% في مايو/أيار، وفق ما أفاد به المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ ونقلته صحيفة غلوبس الإسرائيلية خلال الشهر الجاري.

وبذلك، يزيد العجز 1% عن المستهدف البالغ 6.6% الذي حددته الحكومة لنهاية السنة الحالية.

وخلال يوليو/تموز الماضي وحده بلغ العجز المالي 14.6 مليار شيكل (4 مليارات دولار) مقارنة بـ6.4 مليارات شيكل (1.74 مليار دولار) في يونيو/حزيران 2023.

ومنذ بداية عام 2024 بلغ العجز المالي 62.3 مليار شيكل (17 مليار دولار) مقارنة بفائض 6.6 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار) في الأشهر الستة الأولى من عام 2023.

الإنفاق الحكومي

وارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية العام فوق 300 مليار شيكل (81.72 مليار دولار)، بزيادة 34.2% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.

وترجع الزيادة الرئيسية في العجز إلى زيادة الإنفاق على الدفاع والوزارات المدنية جراء الحرب، وحتى مع استبعاد نفقات الحرب فإن الزيادة في الإنفاق الحكومي تبلغ نحو 9.3%، وذلك مقابل ارتفاع بنسبة 3.3% فقط في إيرادات الدولة التي بلغت منذ بداية العام نحو 238 مليار شيكل (64.83 مليار دولار)، مقارنة بـ230.4 مليار شيكل (62.76 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2023.

وتتوقع وزارة المالية أن يصل العجز إلى ذروته بحلول سبتمبر/أيلول المقبل قبل أن يتراجع.

توقعات النمو

وخفض بنك إسرائيل (المركزي) توقعات النمو للاقتصاد مع "مستوى مرتفع" من عدم اليقين الجيوسياسي، وسط توقعات بحرب مطولة وأشد وطأة مع المقاومة الفلسطينية، وزيادة خطر التصعيد مع حزب الله على الحدود الشمالية.

وقال محافظ البنك المركزي الإسرائيلي أمير يارون في مؤتمر صحفي خلال أغسطس/آب الجاري في القدس المحتلة إن البنك "يفترض أن الحرب ستستمر بكثافة أعلى حتى نهاية عام 2024 وستنتهي في بداية عام 2025".

ورجح البنك أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.5% في عام 2024 نزولا من توقعات سابقة في أبريل/نيسان الماضي كانت تشير إلى 2%، كما خفض توقعه للنمو في السنة المقبلة إلى 4.2% من 5% كانت متوقعة.

التصنيف الائتماني

وتصنف "ستاندرد آند بورز" إسرائيل عند "إيه+" بعد أن خفضتها من مستوى "إيه إيه-"، في حين تصنفها موديز عند "إيه2″، أي ما يعادل "إيه" على مقياس ستاندرد آند بورز، أما وكالة التصنيف الثالثة فيتش فتمنح إسرائيل تصنيف "إيه+".

وحذر مفوض الميزانيات في وزارة المالية الإسرائيلية يوغيف غرادوس وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مؤخرا من التأجيل المتكرر للمناقشات بشأن موازنة عام 2025، مشيرا إلى أنه قد يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، مما سيزيد تكلفة جمع الديون وسيزيد الضغط على الموازنة في السنوات المقبلة.

ووفقا للجدول الزمني الرسمي، فإن الجولة التالية من إعلانات التصنيف الائتماني لإسرائيل من وكالتي موديز وستاندرد آند بورز ستكون في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

الفائدة

وأبقى بنك إسرائيل المركزي خلال الشهر الجاري الفائدة من دون تغيير عند 4.50%، وذلك للاجتماع الرابع على التوالي، محتفظا بسياسته الحذرة بسبب الحرب.

وكان البنك خفض سعر الفائدة 25 نقطة أساس في يناير/كانون الثاني بعد تراجع التضخم وتضرر النمو الاقتصادي بسبب الحرب، لكنه أبقى السياسة دون تغيير بعد ذلك، بحسب ما ذكرت رويترز.

وقال البنك المركزي إنه نظرا لاستمرار الحرب فإن التركيز لا يزال على تحقيق الاستقرار في الأسواق وتقليل الضبابية، بالإضافة إلى استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي.

وأضاف "سيتحدد مسار سعر الفائدة وفقا لمدى اقتراب التضخم إلى هدفه، واستمرار الاستقرار في الأسواق المالية والنشاط الاقتصادي والسياسة المالية".

الشركات

من المتوقع أن تغلق 60 ألف شركة خلال السنة الحالية، حسبما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن شركة المعلومات التجارية "كوفيس بي دي آي".

وجاء التوقع بعد 9 أشهر من اندلاع حرب إسرائيل على قطاع غزة، إذ تضررت عشرات آلاف الشركات بسبب ارتفاع الفائدة وتكلفة التمويل، ونقص القوى العاملة، والانخفاض الحاد في حجم الأعمال والعمليات، وتعطل الخدمات اللوجستية والإمدادات، وعدم كفاية المساعدة الحكومية، وفق الصحيفة.

وبالمقارنة، اضطر عدد قياسي بلغ 76 ألف شركة إلى الإغلاق خلال جائحة كورونا عام 2020، في حين يتم إغلاق نحو 40 ألف شركة سنويا في العادة.

ونقلت "تايمز أوف إسرائيل" عن يوئيل أمير الرئيس التنفيذي لشركة "كوفيس بي دي آي" قوله "لا قطاع في الاقتصاد محصن ضد تداعيات الحرب المستمرة، تتعامل الشركات مع واقع معقد للغاية: الخوف من تصعيد الحرب إلى جانب عدم اليقين بشأن موعد انتهاء القتال والتحديات المستمرة مثل نقص الموظفين، وانخفاض الطلب، وتزايد احتياجات التمويل، وزيادة تكاليف المشتريات والمشكلات اللوجستية".

ونحو 77% من الشركات التي اضطرت إلى الإغلاق منذ بداية الحرب -والتي تشكل نحو 35 ألف مؤسسة- هي شركات صغيرة تضم ما يصل إلى 5 موظفين، وهي الأكثر ضعفا في الاقتصاد، إذ إن لديها احتياجات تمويلية أكثر إلحاحا في الوقت الذي تضررت فيه عملياتها بشدة، وتجد صعوبة في جمع الأموال، وفق أمير.

وانخفضت الأموال التي جمعتها الشركات الإسرائيلية في بداية عام 2023 حين كان الاقتصاد يعاني من الانكماش العالمي وعدم اليقين السياسي محليا بفعل الإصلاح القضائي المقترح من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ثم جاءت الحرب على غزة.

يشار إلى أن الحرب على غزة تسببت في مواجهة آلاف من أصحاب الشركات حالات الاستدعاء المفاجئ والمستمر لمئات الآلاف من الموظفين للخدمة الاحتياطية لينضموا إلى القتال في غزة، كما نزح 250 ألف إسرائيلي من منازلهم.

وفي مسح شمل عينة من 550 شركة في مجموعة قطاعات متنوعة من الاقتصاد الإسرائيلي سألت "كوفيس بي دي آي" عن نطاق الضرر الذي ألحقته الحرب بأنشطتها، وأفاد 56% من العينة بأن مبيعاتهم تراجعت.

وفي الاستطلاع السابق الذي أجري في يناير/كانون الثاني 2024 أفاد نحو 64% بأنهم عانوا من التراجع بسبب الحرب.

وأغلقت الكثير من مواقع البناء في إسرائيل بعد منع 85 ألف عامل فلسطيني منذ بداية الحرب من العمل فيها على وقع المخاوف الأمنية، في حين غادر العديد من العمال الأجانب الذين يعملون في هذه المواقع.

ونقلت الصحيفة عن أمير قوله "تعاني الزراعة -خاصة صناعة البناء والتشييد- من نقص حاد في القوى العاملة، مما يتسبب في تأخير كبير في المشاريع وتسليم الشقق، نشهد تدفق بعض العمال الأجانب الذين عادوا إلى إسرائيل، لكن انخفاض العرض أدى كذلك إلى زيادة الرواتب وارتفاع تكاليف التوظيف".

يضاف إلى ذلك حظر تركيا التجارة مع إسرائيل، وهو ما جعل مستوردي مواد البناء (الألمنيوم والبلاستيك ومنتجات الإسمنت) يبحثون عن مصادر إمداد بديلة، وهي أكثر تكلفة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج والنقل.

وكانت الشركات الإسرائيلية تتطلع إلى زيادة الواردات من تركيا بعد أن أدت هجمات الحوثيين في اليمن إلى تعطيل التجارة القادمة من البحر الأحمر، مما رفع تكاليف الشحن مع استخدام طرق بديلة أطول.

هروب الشركات الناشئة

كشف استطلاع للرأي نقلت نتائجه صحيفة معاريف خلال الشهر الجاري عن أن 43.73% من الشركات الناشئة الإسرائيلية تم تأسيسها خارج إسرائيل عام 2023، وذلك في أعقاب الحرب.

وأشار الاستطلاع -الذي أجرته الجمعية الإسرائيلية للصناعات المتقدمة- أن هذا الرقم يمثل قفزة كبيرة من 19.92% فقط من الشركات التي أُنشئت خارج إسرائيل عام 2022، حسب الصحيفة.

وخلال العام الحالي تظهر بيانات الربع الأول أن 62.45% من الشركات الإسرائيلية الناشئة تم تأسيسها في إسرائيل مقابل 37.55% أُسست خارجها.

وتقول الجمعية الإسرائيلية للصناعات المتقدمة إن الاستطلاع أُجري بشكل منظم لجمع بيانات واقعية واضحة فيما يتعلق بقضية مهمة تعكس الاتجاهات الحالية في كل ما يتعلق بنشاط قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي.

وقال الرئيس التنفيذي للجمعية مئير روبنشتاين "يمثل الاستطلاع ظاهرة واسعة تشير إلى نقل نشاط اقتصادي واسع النطاق إلى خارج إسرائيل، نحن نعرف الأسباب وكذلك العواقب على الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي".

المصدر : الجزيرة

إعلان