تخبط وتراجعات في بورصات العالم.. ماذا يحدث بالضبط؟
طغى اللون الأحمر على أداء بورصات العالم أمس الاثنين، في حين تراجعت العملات المشفرة بحدة في ظل تراجعات سجلتها وول ستريت في ختام جلسة الجمعة الماضي.
حالة الأسواق بين أمس واليوم
- انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية بنهاية تعاملات أمس وفق الشكل التالي:
- تراجع مؤشر داو جونز الصناعي 2.6% إلى 38 ألفا و703 نقاط.
- انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 3% إلى 5186 نقطة.
- هبط مؤشر ناسداك 3.43% إلى 16 ألفا و200 نقطة.
- أما البورصات الآسيوية فقد كان أداؤها كالتالي في ختام تعاملات اليوم الثلاثاء:
- ارتفع مؤشر نيكي الياباني 10.23% إلى 34 ألفا و675 نقطة في ختام تعاملات اليوم الثلاثاء، بعد أن تراجع 12.4% أمس الاثنين، وكان أكبر تراجع له منذ عام 1987.
- انخفض مؤشر هانغ سينغ لهونغ كونغ بنسبة 0.15% -وقت إعداد هذا التقرير- إلى 16 ألفا و671 نقطة بعد أن تراجع 1.46% أمس.
- ارتفع مؤشر شنغهاي 0.23% إلى 2867 نقطة بعد أن انخفض 1.54% أمس.
- ارتفع مؤشر سنسكس الهندي اليوم 0.43% إلى 79 ألفا و29 نقطة، وقت إعداد هذا التقرير، بعد أن تراجع 2.79% أمس.
- انخفض مؤشر سنغافورة 0.74% إلى 3220 نقطة، وقت إعداد هذا التقرير، بعد أن تراجع أمس 4.07%.
- لم تكن المؤشرات العربية استثناء، إذ تراجعت بنهاية تعاملاتها أمس وفق التالي:
- هوى مؤشر دبي 4.5%، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ مايو/أيار 2022.
- وفي أبو ظبي، أغلق المؤشر منخفضا 3.4%.
- أغلق المؤشر المصري الرئيسي منخفضا 2.33% عند ما يزيد عن 27 ألفا و840 نقطة.
- اختتم المؤشر السعودي التعاملات على انخفاض 2.1%، وهو أدنى مستوى إغلاق له منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
- على صعيد العملات المشفرة، وقت كتابة التقرير، كان الأداء كالتالي:
- ارتفعت بتكوين 5.9% إلى 56 ألفا و27 دولارا بعد أن تراجعت أمس الاثنين 6.3%.
- ارتفعت عملة إيثريوم 7.7% إلى 2526 دولارا بعد أن تراجعت 11% أمس.
- ارتفعت عملة بي إن بي 11.8% إلى 491 دولارا بعد أن تراجعت 6% أمس.
- ارتفعت القيمة السوقية للعملات المشفرة مجتمعة أكثر من 7% إلى تريليوني دولار بعد أن تراجعت أمس 7.76%.
ماذا جرى؟
تعزى هذه الانخفاضات إلى تراجع بورصة وول ستريت على وقع بيانات اقتصادية أميركية أضعف من المتوقع.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsأسعار النفط والذهب والدولار تنتعش وسط الاضطرابات
وذكرت وزارة العمل الأميركية يوم الجمعة الماضي أن معدل البطالة ارتفع إلى 4.3%، إذ أضاف أصحاب العمل 114 ألف وظيفة في يوليو/تموز السابق، وهو أداء أضعف من المتوقع.
ومع وصول معدل البطالة حاليا إلى أعلى مستوياته منذ الخروج من الركود الناجم عن الوباء في عام 2021، حذر خبراء الاقتصاد ومحللو البنوك والمستثمرون من أن إشارات الركود تزداد وضوحًا.
وعكست الأسواق المالية يوم الجمعة الماضي المخاوف من أن الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) أضاع فرصة لإنقاذ الاقتصاد من الانحدار من خلال التمسك بخفض أسعار الفائدة.
كما تباطأ نمو الأجور بشكل كبير في يوليو/تموز الماضي، حيث زاد بنسبة 0.2% عن يونيو/حزيران السابق، وبنسبة 3.6% على مدى العام الماضي، وهو أبطأ نمو منذ مايو/أيار 2021.
وبدأ محللون في وول ستريت يرون أن عدم تدخل الفدرالي خلال أيام قليلة قادمة بإعلانه خفضا على أسعار الفائدة، من شأنه أن يدخل الاقتصاد الأميركي في ركود.
وسيكون اجتماع الفدرالي المقبل يوم 17 سبتمبر/أيلول المقبل، في وقت تبلغ فيه أسعار الفائدة حاليا نطاق 5.25% و5.5%، وهو أعلى مستوى منذ 23 عاما.
رأي المركزي الأميركي
لكن أوستان جولسبي رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في شيكاغو يقول إن الاقتصاد الأميركي ليس في حالة ركود على ما يبدو، على الرغم من بيانات التوظيف التي جاءت أضعف من المتوقع يوم الجمعة السابق.
وأضاف جولسبي، في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي"، أن على مسؤولي مجلس الاحتياطي الاتحادي أن يستوعبوا مع ذلك التغيرات التي طرأت على السوق لتجنب الإفراط في تقييد أسعار الفائدة.
هل هو انفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا؟
ويتفق معه الكاتب والباحث الاقتصادي منير يونس على أن التراجعات الحالية تعود إلى انفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا في الأسواق لا سيما تلك الأسهم التي راهنت كثيرًا على إيرادات الذكاء الاصطناعي.
وقال لقناة الجزيرة إن إيرادات وأرباح هذه الشركات لا تتناسب مع القفزات الكبيرة في أسعار أسهمها خلال الفترات الماضية.
وأضاف يونس أن المستثمرين يهربون مع البيانات الاقتصادية السلبية مثل الحالة الحالية من الأسهم التي يبَالغ في تسعيرها، مثل إنفيديا وغوغل ومايكروسوفت وسوفت بنك، وهو ما أظهرته التداولات الأحدث.
وأشار إلى أن ثمة توقعات في وول ستريت بأن يخفّض الاحتياطي الفدرالي الفائدة لدفع الاقتصاد قدما خاصة وأن التضخم اقترب من النسبة المستهدفة، لكن المناخ الجيوسياسي وحرب إسرائيل على غزة وتداعياتها تستحدث حالة من الضبابية ينتظر على إثرها الاحتياطي الفدرالي استقرار الرؤية الاقتصادية قبل خفض الفائدة.
وأوضح أن المستثمرين يهربون من السندات الأميركية الآن إلى الين الياباني والفرنك السويسري باعتبارهما من الملاذات الآمنة مما يجري حاليا في وول ستريت، لكنه أشار إلى أن الهروب الأكبر هو من أسهم التكنولوجيا في الولايات المتحدة ومن أسهم البنوك في أوروبا.
رفع الفائدة في اليابان
ويضيف إستراتيجي الأسواق جاد حريري بعدًا آخر لتراجعات الأسواق، قائلًا إن ما يحدث هو صدمة في الأسواق المالية العالمية بعد رفع الفائدة في اليابان 0.25% بعد أن كانت صفرا، مما أدى إلى تخارج الاستثمارات في قطاعات الأسهم المختلفة إلى السندات وعوائدها.
وأشار حريري، في حديث للجزيرة نت، إلى أن البيانات الاقتصادية الأميركية لعبت دورها في الضغط على الأسواق خاصة بعد إبقاء الفائدة عند مستويات مرتفعة مدة طويلة، متوقعا خفض الفائدة 0.5% بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.
من جانبه، يقول رئيس أبحاث السوق في "أو دبليو ماركيتس" عاصم منصور إن من بين أسباب التراجعات الكبيرة في الأسواق النتائجَ السلبية في شركات قطاع التكنولوجيا الأميركي، في إشارة إلى شركات إنتل وإنفيديا على سبيل المثال.
ويضيف للجزيرة نت أن ما يحدث في الأسواق كان متوقعًا لكن لم يكن معروفا توقيته، مشيرا إلى أثر رفع الفائدة الأميركية على النمو الاقتصادي وتداولات الأسهم، وهو العامل نفسه الذي من شأنه إحداث حالة من التفاؤل في الأسواق مع خفض الفائدة 0.5% في سبتمبر/أيلول المقبل وفق ما هو متوقع من جانب الأسواق.
ويختلف عاصم منصور مع الرأي القائل إن فقاعة الذكاء الاصطناعي انفجرت، لكنه قال إن حالة من العودة إلى القيم العادلة في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي قد تحدث خلال الفترة المقبلة.
قاعدة ساهم
من جانب آخر، أفضى أداء الأسهم الأميركية إلى تفعيل "قاعدة ساهم"، وهو مؤشر موثوق عادة للركود الاقتصادي.
وأنشئت قاعدة ساهم على يد الخبيرة الاقتصادية السابقة في الاحتياطي الفدرالي الأميركي والبيت الأبيض كلوديا ساهم، وتنص على أن الاقتصاد الأميركي يدخل في حالة ركود عندما يكون متوسط معدل البطالة لمدة 3 أشهر أعلى بمقدار 0.5% أو أكثر من أدنى مستوى له في الأشهر الاثني عشر السابقة.
وهذا المؤشر "التجريبي البحت" والذي يفتقر إلى "أساس نظري"، كما يذكّر رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة "لومبارد أودييه آي إم" فلوريان إيلبو، بلغ 0.53% في تموز/يوليو 2024.
يوضح الخبير أنه منذ نشر تقرير البطالة الأميركية الجمعة الماضي، التي ارتفعت أكثر من المتوقع إلى 4.3% وهو أعلى معدل للبطالة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، فإن الأسواق "تستنتج بوضوح أننا سنشهد ركودا" وتغرق في المنطقة الحمراء.
هل يعيش الاقتصاد الأميركي ركودا؟
لكن رغم هذه الأرقام، تشكك كلوديا ساهم نفسها في نجاعة مؤشرها هذه المرة، وقالت في مقابلة مع مجلة فورتشن الأميركية نشرت الجمعة الماضي "لا أعتقد أننا حاليا في حالة ركود".
وأضافت "لا ينبغي لأحد أن يشعر بالذعر الآن حتى لو بدا الأمر كذلك للبعض"، لأن هناك مؤشرات رئيسية للاقتصاد "لا تزال تبدو جيدة للغاية".
وأشارت ساهم إلى أن دخل الأسر مستمر في النمو، في حين يظل الاستهلاك واستثمار الشركات مرنين، وتابعت "هذه المرة قد تكون مختلفة".
ولفتت مجموعة الأبحاث "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن ارتفاع معدل البطالة كان حتى الآن مدفوعا بزيادة القوى العاملة وليس انخفاض التوظيف.
وقال كبير خبراء الاقتصاد في المجموعة نيل شيرينغ في مذكرة "هذا يمثل فرقا بالنسبة إلى الدورات السابقة.. من المرجح أن يكون إعصار بيريل قد ساهم في ضعف أرقام الرواتب في يوليو/تموز" السابق.
وسعى رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول أيضا إلى طمأنة المستثمرين، قائلا في مؤتمر الأربعاء الماضي إن "قاعدة ساهم" هي "انتظام إحصائي" و"ليست قاعدة اقتصادية تؤكد أن شيئا ما سيحدث".
وقرر الاحتياطي الفدرالي الأربعاء الماضي إبقاء الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 20 عاما، لكنه أشار إلى احتمال خفضها في سبتمبر/أيلول القادم.
الفائدة
وزادت المخاوف من ضغوط الركود على الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة أكثر من المتوقع، أو حتى قبل اجتماعه المقبل.
وأدلى جيروم باول بتصريحاته قبل نشر أرقام البطالة.
ويرى رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة "لومبارد أودييه آي إم" فلوريان إيلبو أنه "من الواضح أن هذا أمر سيثير قلق الاحتياطي الفدرالي".
ويضيف الخبير الاقتصادي "هل من الممكن أن يخفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة بشكل غير مبرمج؟ في الوقت الحالي، من غير المرجح أن يحدث ذلك".
ويتوقع بعض المحللين أن يخفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة بمقدار 0.5% في سبتمبر/أيلول المقبل.
ويقدّر إيلبو أن الاحتياطي الفدرالي قد يقوم بمثل هذا الخفض "لإبطاء التراجع في الأسواق إذا استمر بالفعل حتى ذلك الحين".