هل تتحالف أوروبا في مواجهة طوفان السيارات الكهربائية الصينية؟
في خطوة غير مسبوقة لمواجهة التهديدات الوجودية التي يشكلها المنافسون الصينيون وشركة تسلا، تفكر شركات صناعة السيارات الأوروبية الكبرى فولكس فاغن ورينو وستيلانتس في إقامة تعاون مع المنافسين، لإنتاج سيارات كهربائية فعالة من حيث التكلفة، وفقا لتقرير حديث لبلومبيرغ.
وتتصارع صناعة السيارات الأوروبية مع نقاط الضعف التنافسية، واعترف الرئيس التنفيذي لشركة "ستيلانتس إن في" كارلوس تافاريس بأن الشركات غير المستعدة للمنافسة الصينية قد تواجه عواقب وخيمة، مشددا على الحاجة إلى تحول نموذجي في الصناعة.
وحذَّر تافاريس من فشل قطاع السيارات في أوروبا في حال عدم تكيف بسرعة مع متطلبات المنافسة.
الضغوط التنظيمية والعواقب المالية
ويدفع التباطؤ غير المتوقع في اعتماد السيارات الكهربائية المديرين التنفيذيين لصناعة السيارات إلى البحث عن حلول جديدة. وتتراوح المناقشات بين تجميع موارد التطوير، وتجميع الأعمال عبر الحدود.
وعلى الرغم من الطموحات لاستبدال السيارات التقليدية ذات محركات الاحتراق بحلول 2035، فمن المتوقع أن تشهد مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل أبطأ نمو لها منذ 2019.
وحتى شركة تسلا -التي تواجه تراجعا في أسهمها بنسبة 20% في ظل تخفيضات كبيرة تقدمها- لم تكن في مأمن من التباطؤ، حيث خسرت من القيمة السوقية أكثر من ضعف ما خسرته شركة فولكس فاغن.
استكشاف الحلول التعاونية
وتشمل الرياح المعاكسة للقطاع تراجع الحوافز الحكومية، وارتفاع تكاليف الإصلاح مما يعيق شركات التأجير، وتزايد إحباط المستهلكين من السياسات المناخية التي تؤثر في مواردهم المالية.
وقد تؤدي قواعد الانبعاثات التي يقترب الاتحاد الأوروبي من تطبيقها في 2025 إلى فرض غرامات باهظة على المصنّعين الذين يخفقون في تلبية المعايير الصارمة.
وتشير بلومبيرغ إلى أن المصنّعين الصينيين الذين تدعمهم الدولة ويقدّمون نماذج أفضل وأقل تكلفة من السيارات الكهربائية، يزيدون من الضغوط على شركات صناعة السيارات الأوروبية.
وتجسّد سيارة دولفين من إنتاج شركة "بي واي دي"، التي يقل سعرها بنحو 7000 يورو عن سيارة فولكس فاغن "آي دي 3" المماثلة، مثالا للتحدي التنافسي بالنسبة للشركات الأوروبية.
وبما أن صناعة السيارات في أوروبا، التي توظف أكثر من 13 مليون شخص بشكل إجمالي، تمثل 7% من اقتصاد الاتحاد الأوروبي، فإن الإخفاق في صياغة خطة بديلة قابلة للتطبيق، يفرض خطر حدوث اضطرابات شاملة على الصناعة بالكامل.
ويدافع الرئيس التنفيذي لشركة رينو، لوكا دي ميو، عن تحالف "إيرباص للسيارات"، مستوحيا الإلهام من نموذج صانع الطائرات الأوروبي الناجح الذي جمع الأصول عبر ألمانيا، وفرنسا، وأسبانيا، والمملكة المتحدة لمنافسة شركة بوينغ.
وتتضمن رؤية دي ميو تقاسم التكاليف لتطوير سيارات كهربائية بأسعار معقولة، مع الاستفادة من وفورات الحجم.
تحديات المستهلك واختلال التوقعات
ووفقا لبلومبيرغ فإن التغيير المحتمل في أوروبا يتردد صداه في الولايات المتحدة، حيث تعمل جنرال موتورز وفورد على تقليص استثماراتهما في السيارات الكهربائية، واستكشاف الشراكات.
يأتي ذلك بينما تدرس إدارة الرئيس بايدن توسيع نطاق التحول إلى السيارات الكهربائية، مما يعكس التأثير العالمي لتحديات الصناعة.
وتهدف شركات فولكس فاغن وستيلانتس ورينو إلى مواجهة التباطؤ من خلال نماذج سيارات كهربائية بأسعار معقولة، تبلغ تكلفتها 25 ألف يورو أو أقل، على ما نقلته بلومبيرغ عن خبراء.
كما تخطط مرسيدس وبي إم دبليو لتقديم سيارات كهربائية متقدمة بحلول منتصف العقد. ومع ذلك، قد تكون هذه الجهود غير كافية ما لم تتمكن شركات صناعة السيارات في أوروبا من إعادة تنظيم إستراتيجياتها.
منعطف حرج في 2024
وقد يكون الملاذ الأخير لشركات صناعة السيارات الأوروبية، هو الدعوة لمزيد من الحماية التجارية والتنظيمية.
وبينما يراجع الاتحاد الأوروبي خطط التخلص التدريجي من السيارات التقليدية، يستعد المصنّعون لرؤية جهود الضغط المنسقة بعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو/حزيران المقبل.
وفي الوقت نفسه، تحقق المفوضية الأوروبية في دعم الصين لصناعة السيارات الكهربائية، مما يزيد من احتمال فرض تعريفات جمركية إضافية.
ومع الشعور الواضح بالتوتر في مجالس الإدارة، يصبح عام 2024 منعطفا حاسما للصناعة، مما يدفع الرؤساء التنفيذيين إلى اتباع نهج من الانتظار والترقب. وستشكل نتيجة هذه المداولات المشهد المستقبلي لصناعة السيارات في أوروبا، وهي تتصارع مع تحديات العصر الكهربائي.