رشاد الشوا مؤسس ورئيس أول بنك دولي للمياه يحكي للجزيرة نت كيف تحولت الفكرة إلى حقيقة
الرباط– بدأ بنك المياه الدولي كفكرة سنة 2016، حملها المصرفي الدولي رشاد الشوا إلى البنك الدولي في واشنطن.
وأصبح اليوم مؤسسة قائمة الذات لا يفصلنا سوى أشهر قليلة عن إشهارها رسميا، وتعد هذه المؤسسة أول بنك لتمويل قطاع المياه بالعالم في وقت يتزايد الاهتمام فيه بضرورة الحفاظ على الثروة المائية وحسن إدارة مصادر المياه لتحقيق الأمن المائي والغذائي والتنمية لدول العالم.
حاورت الجزيرة نت الكويتي رشاد الشوا مؤسس ورئيس بنك المياه الدولي خلال زيارته للعاصمة المغربية الرباط، وتحدث عن ولادة الفكرة وتطورها إلى مؤسسة قائمة وأهداف البنك ومجالات عمله والوضع المائي في المنطقة العربية، وفي ما يلي نص الحوار:
-
كيف ولدت فكرة تأسيس بنك المياه الدولي، أول بنك لإدارة قطاع المياه في العالم؟
بعد خبرة في العمل المصرفي الدولي لمدة 30 سنة، لاحظت وجود بنوك تغطي جميع القطاعات مثل البنوك الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها، في حين لا يوجد أي بنك متخصص في قطاع المياه. اقترحت الفكرة على البنك الدولي في واشنطن وقدمت لهم عرضا بشأن إنشاء بنك دولي للمياه، وأبرزت أهميته بالنسبة لقطاع المياه والتنمية المستدامة في العالم.
تعد هذه أول مرة يتبنى فيها البنك الدولي مبادرة فردية، لأنه يتعامل فقط مع الحكومات والقطاع العام؛ تفاعل البنك الدولي مع الفكرة وقرر تأسيس مجلس إدارة استشاري من المديرين التنفيذيين في البنك، ووضعوا الهيكلة وتم اختيار هولندا لتكون مقرا رئيسيا للبنك، نظرا للخبرة الكبيرة لهذا البلد في مجال المياه.
طرحت الفكرة لأول مرة عام 2016، وبدأت مرحلة التأسيس صيف 2019. ووفقا لمتطلبات البنك المركزي في هولندا، تم تعيين المستشارين الماليين والقانونيين وتشكيل مجلس الإدارة والشركات القانونية. وتمت دعوة المؤسسين للاكتتاب في رأسمال البنك.
وافتتح الاكتتاب في المرحلة الأولى بمبلغ 100 مليون يورو، وبعد سنة من التأسيس سنرفع رأس المال إلى مليار يورو.
والميزة الرئيسية في الهيكلية الحالية هي أن الصندوق الكائن في لوكسمبورغ يعد صندوقا مظليا، وتحته سيتم عزل كل مشروع عن الآخر تحت صندوق مختلف، مما سيحد من مخاطر التأثير على ميزانية البنك.
-
ما الأهداف الكبرى للبنك؟ وكيف يمكن تحقيقها؟
أهم شيء أن يكون بنك المياه الدولي المركز والمرجع لتمويل قطاع المياه دوليا، ويعمل على مساعدة وتمويل الشركات الصغيرة وخلق شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والعام في هذا المجال.
هناك أموال كثيرة في القطاع الخاص يمكن استثمارها في قطاع المياه. وفي السابق، لم توجد منصة لاستقطاب هذه الأموال، أما اليوم -من خلال بنك المياه الدولي- أصبحت هناك إمكانية للاستثمار بهدف تحقيق التنمية والأمن المائي للدول.
وتقدر حاليا المبالغ المطلوبة لتمويل قطاع المياه على المستوى الدولي بنحو 22 تريليون دولار بحلول عام 2050، وسيأخذ البنك بعين الاعتبار المسؤولية الاجتماعية للمشروعات، وتمويل بعض المشاريع الخيرية عبر نسبة من الأرباح.
-
يتم حاليا تمويل المشاريع المتعلقة بقطاع المياه من طرف البنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية والبنوك الاستثمارية، ما الإضافة التي سيقدمها بنك المياه في هذا المجال؟
حاليا، يتم تمويل مشاريع قطاع المياه في العالم عبر جهتين: أولا البنوك المانحة بقيادة البنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية والبنك الأفريقي، ثم البنوك التجارية والاستثمارية وصناديق الاستثمار، وهذان الطرفان لديهما مشاريع وأعمال كثيرة ولا يمثل قطاع المياه إلا جزءا بسيطا من نشاطهما العام، في حين أن بنك المياه الدولي متخصص فقط في مشاريع المياه من ابتكار وإنشاء محطات تحلية وبنية تحتية وسدود ومشاريع أخرى في مجال الزراعة، لأن الأمن الغذائي أساسه المياه.
تقدر المبالغ المطلوبة لتمويل قطاع المياه على المستوى الدولي حاليا بنحو 22 تريليون دولار بحلول عام 2050
صناديق الاستثمار في قطاع المياه لا تعمل على حل المشكلة المياه، بل هي مجرد أداة مالية لجمع الأموال من المستثمرين واستثمارها في شركات دولية متخصصة. في حين أن بنك المياه ستكون له مشاركة فعلية من خلال إدارة المشاريع ومتابعة تنفيذها وتشغيلها واستدامتها.
-
عندما نتكلم عن ندرة المياه في العالم العربي، هل الأمر يتعلق بالندرة فقط، كون المنطقة مواردها المائية محدودة أم أن الأمر يتجاوز إلى مسألة إدارة المياه والاستثمار في هذا القطاع؟
في المنطقة العربية 80% من المصادر المائية تأتي من مناطق أخرى مشتركة ما عدا بعض الدول مثل المغرب، وهذا أمر سلبي -نوعا ما- يساعد على خلق النزاعات، مثل ما يحدث بين مصر وإثيوبيا. والذين يقولون إن الحروب القادمة بسبب المياه كلامهم صحيح، وشرارة الحرب في سوريا كانت بسبب المياه.
-
هل هناك وسائل أقل تكلفة واستدامة لمواجهة ندرة المياه، عوضا عن إنشاء محطات تحلية مياه البحر؟
إذا نظرنا مثلا إلى الخليج العربي الذي عبارة عن شبه جزيرة مغلقة نجد أن الملوحة فيه وصلت إلى 56 ألف جزء من المليون، بينما تتراوح في البحار والمحيطات ما بين 28 ألفا و34 ألفا من المليون، وذلك بسبب اعتماد دول المنطقة بشكل مكثف على محطات تحلية مياه البحر، بالإضافة إلى التلوث الكبير الناتج عن مياه الصرف الصحي ومخلفات الناقلات الضخمة.
على دول الخليج أن تتحرك الآن، لأن الكارثة قادمة لامحالة خلال الـ20 عاما القادمة، لا بد من البحث عن مصادر أخرى لتوفير المياه.
-
هل أفريقيا معنية أكثر بمشاريع بنك المياه الدولي؟
هناك اهتمام من قبل المغرب، وتعد أفريقيا مركزا مهما، لأنها تمتلك مصادر هائلة من المياه، كما تعاني مناطق أخرى فقرا مائيا شديدا. كذلك هي جزء مهم من العالم وستكون نقطة مهمة للانطلاق.
-
ما خطواتكم المقبلة؟
بعد إشهار البنك رسميا، سيبدأ في تنفيذ مشاريعه، ونعمل حاليا من خلال صندوق المياه الدولي على مشروعين حيويين، يتعلق الأول بإنشاء أول ناقلة عملاقة للمياه، وستعمل بالطاقة الهيدروجينية وتشمل محطة تحلية مياه مع خزانات كبيرة، وستكون مفيدة للغاية في دعم ندرة المياه في فترة الكوارث والأزمات والطوارئ، وحاليا نحن في المرحلة الأخيرة من إعداد الدراسات التقنية والمالية.
المشروع الثاني يتعلق بتكنولوجيا هولندية، وهي عبارة عن رغوة ترش على التربة في المناطق الزراعية والملاعب والحدائق الكبرى بحيث تساعد هذه التكنولوجيا على اقتصاد المياه.