بينها الورد الجوري والزعفران.. زراعات هاجرت مع أصحابها النازحين إلى شمال سوريا

تستيقظ فاطمة (أم مازن) مبكرا كل يوم، وذلك بهدف الالتحاق بورشتها المكونة من 15 امرأة للعمل ضمن قطاف حقول الورد الجوري الموجودة في منطقة كللي في ريف إدلب الشمالي بالقرب من الحدود السورية التركية.

تبلغ الحاجة أم مازن من العمر 60 عاما وتعمل ضمن ورشات زراعية منذ 30 عاما في مناطق شمال إدلب، وذلك بهدف مساعدة عائلتها، إلا أنها للمرة الأولى تعمل في قطاف الورد الجوري.

وتقول أم مازن -في حديث للجزيرة نت- إن زراعة الورد الجوري حديثة على مناطق شمال سوريا، حيث كانت منتشرة في مناطق الغوطة الشرقية، وبعد تهجير أهل الغوطة بدأت زراعة الورد على مساحات زراعية ذات طبيعة خصبة.

وتضيف أم مازن أن عملية القطاف تكون كل يومين ويحصل فيها العامل على يومية تُقدر بأكثر من 50 ليرة تركية (2.5 دولار أميركي) مقابل عمل لمدة 5 ساعات، وهناك عشرات الحقول التي تشغل أكثر من 300 عامل أكثرهم من النساء في المنطقة.

المقترح/ زراعات جديدة جلبها مهجرون معهم تدر أرباحا كبيرة على مزارعي شمال سوريا
زراعة الورد الجوري حديثة على مناطق شمال سوريا حيث كانت منتشرة في مناطق الغوطة الشرقية (الجزيرة)

زراعات جديدة

وبعد تهجير آلاف المدنيين من عدة محافظات سورية باتجاه مناطق الشمال، دخلت مهن وزراعات جديدة وغير تقليدية إلى هذه المناطق جلبها معهم النازحون من أجل تحقيق مردود أعلى، وسط ظروف اقتصادية ومعيشية متردية.

واعتبرت هذه الزراعات غريبة على تربة شمال غربي سوريا، وتحولت من نباتات مزروعة في حدائق المنازل، إلى زراعات رئيسية على مساحات شاسعة.

ونشطت زراعة الورد الجوري في الشمال السوري كمحصول وفير الإنتاج، ونقلها مهجرون اعتادوا زراعة الورد في مناطق سيطرة النظام، خصوصا من مناطق ريف دمشق.

ويستمر موسم قطاف الورد الجوري لـ7 أشهر، ويدخل في صناعات عديدة، كالمربيات والعطور، وينتج بشكل جيد، إذ يقطفه المزارعون كل يومين.

يقول عبد الكريم مظو، وهو صاحب حقل للورد الجوري في شمال سوريا، إن عدد الحقول كان محدودا قبل فترة من الزمن، ولكن اليوم باتت المساحات المزروعة كبيرة، وهناك مئات من حقول الورد الجوري المنتشرة في المنطقة، التي تحقق فائدة اقتصادية للمزارعين والعمال.

وفي حديث للجزيرة نت، يضيف مظو "بعد قطاف الورد، نعمل على جمعه، ومن ثم إرساله إلى سوق الهال، حيث نبيعه، وهناك يتم استخدامه في المربيات والعطور، وكذلك في الأدوية والأعشاب الطبية".

المقترح/ زراعات جديدة جلبها مهجرون معهم تدر أرباحا كبيرة على مزارعي شمال سوريا
زراعة الزعفران من أحدث الزراعات الدخيلة التي برزت في الشمال السوري (الجزيرة)

الزعفران

ومن أحدث الزراعات التي برزت في الشمال السوري، زراعة الزعفران، التي تبدأ في شهر سبتمبر/أيلول، ويفضل شراء بصل الزعفران قبل زراعته بأسبوعين، ويصل إنتاج الدونم إلى كيلوغرام واحد بعد سنتين من زراعته.

ويكون إزهار بصل الزعفران في السنة الأولى من الزراعة ضعيفا، ويتركز العمل على إكثاره وتكبير حجمه، ويبدأ الإزهار الجيد في السنة التي تليها، ويحتاج الزعفران إلى سقاية متوسطة إلى خفيفة، ويعتبر من الزراعات المعمرة في الأرض لـ6 سنوات.

ويبلغ سعر الكيلو من محصول الزعفران من 3500 إلى 20 ألف دولار، ويتراوح سعر الكيلو من بصل الزعفران بين 25 و35 دولارا، ويحتوي على 100 إلى 130 بصلة، ويحتاج الدونم الواحد إلى نحو 125 كيلوغراما من البصل المتوسط الحجم، وكلما كبرت زادت الكمية المنتجة.

ويعد المهندس موسى البكر صاحب فكرة زراعة الزعفران شمال سوريا، إذ نشر مقطع فيديو يشرح فيه منافعه الاقتصادية حقق آلاف المشاهدات وشجع مئات المزارعين على البدء بزراعته في أراضيهم.

ويقول البكر، في حديث للجزيرة نت، إن المساحات المزروعة في المنطقة بدأت بمساحة لا تتعدى دونمين، وفي بعض الأماكن كانت الزراعة تتراوح بين 20 و30 مترا فقط، أما في ريف حلب فتتراوح المساحة بين دونمين إلى 3 دونمات.

وأكد البكر أن هناك مشاريع متوقعة لزراعة الزعفران تعتبر أضخم، وأن تكلفتها تختلف بحسب أسعار البصيلات، وفي العموم يتراوح سعر الكيلو بين 22 دولارا و28 دولارا بحسب النوع.

وتوقع أن يكون هناك إقبال كبير على زراعة الزعفران في المنطقة، وأن تحدث حركية اقتصادية في شمال سوريا، وقال إن "هناك من يريد أن يزرع دونما أو اثنين، أو حتى 10 دونمات".

أما بالنسبة لطرق التسويق، فيؤكد البكر أنه يوجد كثير من التجار الذين أعلنوا أنهم سيأخذون المحصول ويتم تسويقه إما داخل سوريا أو خارجها.

يُشار إلى أن المناطق التي تقع شمال محافظة إدلب تضم مساحات زراعية كبيرة خصبة بدأ أصحابها بالتوجه لهذه الزراعات بهدف تحقيق المنفعة الاقتصادية بعد سيطرة قوات النظام السوري على مساحات زراعية كبيرة جنوب إدلب وحرمان آلاف المهجرين من إيراداتها.

المصدر : الجزيرة