اتهمت رئيس الوزراء ومليارديرا بالفساد.. هل تنجح المعارضة الهندية في إسقاط حكومة مودي؟
نيودلهي- نظم حزب المؤتمر الهندي (أبرز أحزاب المعارضة) مسيرات احتجاج إلى قصر رئيسة الجمهورية في العاصمة الهندية وإلى قصور الحكام في عواصم الولايات الهندية الـ27؛ من أجل الضغط على الحكومة لإجراء تحقيق مع مجموعة شركات "أداني" التي يملكها الملياردير الهندي المعروف غوتام أداني؛ أحد أقرب أصدقاء رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وعرقلت الشرطة المسيرات بوضع المتاريس في الشوارع، كما اعتقلت العديد ممن قادوا المظاهرات.
بدأت القضية عندما نشرت مؤسسة "هيندنبرغ" الأميركية تقريرا في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، وجاء فيه أن الشركة متورطة فى أكبر عملية خداع وعمليات فساد في الهند، وتشمل التلاعب في أسعار الأسهم واستثمار أموال مشبوهة عبر دولة موريشيوس والتهرب من الضرائب والتلاعب في شهادات الطاقة غير الملوثة وخرق العقوبات الدولية والتعامل مع كوريا الشمالية.
صعود في قائمة أثرياء العالم
كان ترتيب غوتام أداني في المركز 609 ضمن قائمة أثرياء العالم بثروة تبلغ 7 مليارات دولار، ولكن مع انتخاب صديقه الحميم ناريندرا مودي رئيسا لوزراء الهند في مايو/أيار 2014 اختلف الوضع كثيرا.
فقد نمت مجموعة شركات أداني بشكل ملفت، إذ استأجرت العديد من المطارات والموانئ في الهند وخارجها؛ ومنها ميناء حيفا في إسرائيل، وحظيت بحقوق حصرية للتنقيب على الفحم وإنتاج الكهرباء، وبعضها من دون مراعاة الشروط الرسمية، كما تمكنت من الحصول على قروض ضخمة من البنوك ومؤسسات التمويل الهندية الحكومية.
وفي بعض الأحيان تم التلاعب بالقوانين لمصلحة الشركة، حيث فسخت عقود وأجبر بعض المنافسين على التنازل عن مشاريع لصالح شركة أداني، حتى أُطلق عليه لقب "ملك الفحم".
وارتفعت قيمة أسهم شركات أداني واحتل المرتبة الثانية ضمن قائمة أثرياء العالم بثروة قدرها 121 مليار دولار.
وفي اليوم التالي لنشر مؤسسة "هيندنبرغ" الأميركية تقريرها انهارت أسهم مجموعة الشركات بنسبة 85%، وخسرت 146 مليار دولار، وفقد هو شخصيا 79 مليار دولار من ثروته وتراجع للمرتبة 24.
وتضررت العديد من البنوك والمؤسسات الحكومية الهندية؛ مثل بنك "إستيت أوف إنديا"، وشركة تأمين هندية منحت أداني قروضا ضخمة.
ولم تقم المؤسسات الهندية المكلفة بمراقبة التلاعب في الشركات وسوق الأسهم -مثل المجلس الهندي للسندات المالية والتبادل (SEBI)- بالتحقيق في الأمر. ومع انتشار الفضيحة ألغيت حملة اكتتاب أسهم جديدة للشركة كانت قد انتهت بالفعل بقيمة 2.5 مليار دولار، وألغت شركة "توتال" للطاقة عقدها مع شركة أداني لإنشاء مشروع للهيدروجين الأبيض بقيمة 50 مليار دولار.
أحزاب المعارضة تنتفض
فور ظهور تقرير "هيندنبرغ" طالبت أحزاب المعارضة الحكومة بالإدلاء ببيان وتشكيل لجنة برلمانية وقضائية للتحقيق، ولكن رئيس البرلمان شطب معظم بيانات نواب المعارضة من سجلات نقاش البرلمان، وتهربت الحكومة من الإدلاء بأي تصريحات حول فساد الشركة، ولم توافق على إنشاء اللجنة.
لجأت المعارضة إلى المحكمة العليا مطالبة بإصدار أمر للحكومة بإجراء تحقيق حول وقائع الفساد، وطالبت الحكومة الهندية المحكمة بمناقشة القضية بشكل سري بحجة ارتباطها بالأمن القومي للبلاد، إلا أن رئيس المحكمة العليا رفض وأنشأ لجنة لتقصي الحقائق والوقوف على مدى الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الهندي.
وتسعى أحزاب المعارضة إلى استغلال قضية فساد أداني وارتباطها برئيس الوزراء لمحاصرة الحكومة، ويخطط حزب المؤتمر المعارض لتنظيم مسيرات في كل المدن الهندية الصغيرة خلال الأسابيع القادمة.
وتتهم المعارضة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بمنح شركة أداني امتيازات استثمارية وضريبية خاصة، والتغاضي عن تلاعب الشركة وخرقها القوانين، وتتهم مودي بالتدخل شخصيا لدى حكومات أجنبية -مثل أستراليا وسريلانكا وبنغلاديش وإسرائيل- لصالح شركات أداني.
واستعاد حزب المؤتمر -الذي يقود المعارضة في حملة لإسقاط الحكومة- عافيته ونشاطه السنة الماضية بعد مسيرة "وحِّدوا الهند"، التي قادها زعيم الحزب راهول غاندي مشيا على الأقدام لمسافة 4000 كيلومترا من جنوب الهند إلى شمالها في 136 يوما أواخر العام الماضي وأوائل هذا العام.