إيران وروسيا تربطان أنظمة الاتصال لبنوكهما.. فهل تتجاوزان الرقابة الأميركية؟

كريمي وغريدشين يعلنان ربط أنظمة الاتصال والتحويل المالية بين طهران وموسكو (الصحافة الإيرانية)
كريمي (يسار) وغريدشين يعلنان ربط أنظمة الاتصال والتحويل المالية بين طهران وموسكو (الصحافة الإيرانية)

طهران- في ضوء العقوبات الغربية المفروضة على كل من طهران وموسكو، وعزم الجانبين على تخفيف آثار الحظر على مبادلاتهما المالية؛ ربطت إيران وروسيا أنظمتهما المصرفية ردا على فصلهما عن شبكة "سويفت" المالية العالمية للتحويلات المصرفية، وللتخلص من نظام الرقابة الأميركي على المبادلات المالية.

ورغم أن طهران وموسكو وقعتا عام 2001 معاهدة إستراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري، فإن أغلب مذكرات التفاهم بقيت حبرا على ورق حتى قبيل الحرب الروسية على أوكرانيا قبل نحو عام؛ مما أدى إلى تسريع وتيرة الشراكات الاقتصادية بينهما، حتی أصبحت موسكو المستثمر الأجنبي الأكبر والأول لطهران خلال عام 2022.

ودأب الجانبان على الإعلان بين الفينة والأخرى عن آليات لتسهيل التعاون التجاري والمالي، وإبطال مفعول العقوبات الغربية المفروضة عليهما.

اتصال مباشر

وأعلن البنك المركزي الإيراني الأحد الماضي توقيع اتفاق مع نظيره الروسي لربط نظام الرسائل المالية الإلكترونية لتسهيل العلاقات المالية بينهما بعيدا عن القيود المفروضة عليهما نتيجة العقوبات، مؤكدا أن نظام المراسلة المالية الإلكترونية التابع لإيران "سيبام" (SEPAM) والنظام المماثل التابع لروسيا "إس بي إف إس" (SPFS) أصبحا مرتبطين بالفعل الآن.

وعقب حفل التوقيع، قال محسن كريمي نائب محافظ البنك المركزي الإيراني للشؤون الدولية إن الاتفاق سيمكّن جميع البنوك الإيرانية في الخارج والبنوك الأجنبية المرتبطة بنظام الرسائل المالية الروسي من تبادل الرسائل والتواصل مع البنوك الموجودة داخل إيران، مضيفا أنه "سيتم ربط نحو 700 بنك روسي و106 بنوك غير روسية من 13 دولة مختلفة بهذا النظام المالي".

في المقابل، رأى فلاديسلاف غريدشين نائب رئيس البنك المركزي الروسي -الذي حضر حفل التوقيع- أن "عدم تأثر الاتفاق بالعقوبات الغربية" ميزة كبرى لهذه الآلية.

وتأتي هذه الخطوة بوصفها حلقة أولى في إطار "خطة العمل المشتركة للتعاون المصرفي بين البلدين"، وفق رئيس البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين الذي غرد على تويتر بأنه "يجري إصلاح قناة الاتصال المالية بين إيران والعالم".

كريمي وغريدشين يعلنان ربط أنظمة الاتصال والتحويل المالية بين طهران وموسكو (الصحافة الإيرانية)
إيران أعلنت توقيع اتفاق مع روسيا لربط نظام الرسائل المالية الإلكترونية لتسهيل العلاقات المالية بينهما (الصحافة الإيرانية)

خطوات عملية

ومن أجل تسهيل المبادلات المالية بعيدا عن نظام "سويفت"، اتخذت طهران وموسكو خلال عام 2022 سلسلة خطوات عملية للالتفاف على العقوبات الغربية وحذف الدولار الأميركي من التبادل التجاري بينهما، ولعل أبرزها ما يلي:

  • التعامل بالريال الإيراني مقابل الروبل الروسي في المبادلات المالية.
  • التداول بزوج الروبل الروسي والريال الإيراني في بورصة العملات الإيرانية.
  • الاتفاق على دمج نظامي الدفع المصرفيين "مير" الروسي و"شتاب" الإيراني.

وإثر توقيع شركة النفط الوطنية الإيرانية -في يوليو/تموز الماضي- مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار مع شركة غازبروم الروسية؛ أعلن رئيس منظمة الاستثمار والمساعدة الاقتصادية والفنية الإيرانية علي فكري مطلع الأسبوع الجاري أن روسيا أصبحت المستثمر الأجنبي الأكبر والأول في البلاد خلال العام الماضي بقيمة 2.7 مليار دولار.

وعما إذا كانت آلية ربط أنظمة الاتصال بين طهران وموسكو موازية لاتفاقهما العام المنصرم على دمج نظامي الدفع المصرفيين "مير" الروسي و"شتاب" الإيراني، يوضح نائب محافظ البنك المركزي الإيراني -في تصريح صحفي- أنهما مختلفتان، وأن آلية دمج منظومتي مير وشتاب لم تبصر النور بعد، وتوقع الإعلان عن تدشينها خلال الأشهر القليلة المقبلة.

تحييد "سويفت"

من جانبه، يقرأ عالم الاقتصاد الإيراني سعيد ليلاز ربط أنظمة الاتصال والتحويل للبنوك الإيرانية والروسية في إطار عزم الجانبين على تعزيز معاملاتهما التجارية والمالية بعيدا عن جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) في ظل حرمان طهران وموسكو من استخدامها.

وعقب انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق النووي عام 2018، فُصلت طهران عن شبكة "سويفت"، كما فُرضت قيود مماثلة على شبكة المصارف الروسية بسبب حربها على أوكرانيا العام الماضي.

ويطلق ليلاز على آلية ربط المصارف الإيرانية الروسية تسمية "السويفت الإيراني الروسي"، موضحا في حديثه للجزيرة نت أن الخطوة تتمتع بمزايا كبيرة، أبرزها:

  • الاعتماد على الشبكات الداخلية بعيدا عن نظام "سويفت" والقدرة على تبادل جميع الرسائل والتحويلات المالية.
  • الالتفاف على العقوبات الغربية والخروج من عباءة الرقابة الأميركية.
  • حذف الدولار الأميركي بشكل عملي من المبادلات المالية.

وكان رئيس مجلس الإعلام الحكومي الإيراني سبهر خلجي احتفل على طريقته في إعلان خبر ربط الأنظمة المصرفية بين طهران وموسكو، مستخدما وسم "حذف الدولار"، مؤكدا أن هذه الخطوة ستبطل مفعول العقوبات الغربية.

ويعتقد ليلاز أن الإعلان عن ربط الأنظمة المصرفية بين بلاده وروسيا جاء استباقيا لزيارة بريان نيلسون نائب وزير الخزانة الأميركي إلى الشرق الأوسط لتحذير بعض الدول والشركات من عواقب التحايل على العقوبات الأميركية.

A man using a mobile phone passes the logo of global secure financial messaging services cooperative SWIFT at the SIBOS banking and financial conference in Toronto, Ontario, Canada October 19, 2017. REUTERS/Chris Helgren
إيران وروسيا حُرمتا من استخدام النظام المالي العالمي "سويفت" (رويترز)

نقطة ضعف

في المقابل، تذهب شريحة من الإيرانيين إلى أن الدعاية تطغى على الجانب العملي في مثل هذه الخطوات، وأن تدشين ربط الأنظمة المصرفية يثبت من جديد أن الخطوات السابقة لم تؤت أكلها بعد.

في هذا السياق، دعت صحيفة "آرمان ملي" الناطقة بالفارسية إلى عدم الذهاب بعيدا في تلميع صورة هذه الاتفاقات والتفاؤل برفع موانع المبادلات المالية بين الجانبين؛ إذ إن النظام المصرفي الروسي يرزح تحت وطأة العقوبات الغربية حاله حال نظيره الإيراني، مما يجعل أثر هذه الآلية محدودا.

ونقلت الصحيفة عن عالم الاقتصاد الإيراني علي سعدوندي أن شبكة المصارف الروسية ستعمل وسيطا للربط بين المصارف الإيرانية ونحو 100 بنك أجنبي، مضيفا أن تعاون البنوك الأجنبية مع الجانب الإيراني عبر روسيا قد يعرضها لعقوبات أوروبية وأميركية، مما يقوض قدرة الآلية الجديدة على رفع موانع التحويلات المالية مع أوروبا.

المصدر : الجزيرة