المستهلكون يردون على الشركات الداعمة لإسرائيل بلغة الاقتصاد
أبدت شركات عالمية كبرى انحيازا لإسرائيل في حربها على قطاع غزة بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى، فيما بدا مخالفة لمبادئ اقتصاد السوق، وأدى إلى فقدان بعضها أكثر من نصف مبيعاتها في بعض البلدان العربية والعالم الإسلامي.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي طرودا ووجبات سريعة مرسلة هدية مع عبارات تضامن لجنود الاحتلال الإسرائيلي، بينما أرسلت شركة "إريال" المنتجة لمساحيق غسل الملابس، مغسلة إلى معسكرات الجيش الإسرائيلي.
في المقابل، أكدت أنماط وميول الاستهلاك في قطاعات واسعة حول العالم رفض ما أبدته الشركات والحكومات لتأييد لإسرائيل في استمرار عدوانها على القطاع المحاصر، الذي أحدث أزمات إنسانية وفق تعبيرات مسؤولين أممين، الأمر الذي لم تُخْفه استطلاعات الرأي حول سياسات الدول الكبرى.
في هذا السياق، أظهر استطلاع أجرته رويترز وإبسوس، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن نحو 32% من المشاركين قالوا، إن الولايات المتحدة عليها أن تدعم إسرائيل، مقابل 41% في 12 و13 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
ارتفعت نسبة من قالوا، إن الولايات المتحدة يجب أن تكون وسيطا محايدا إلى 39% من 27% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، و4% قالوا، إن على بلدهم دعم الفلسطينيين، و15% رأو أنها لا يجب أن تتدخل إطلاقا.
ومن بين الشركات والعلامات التجارية العالمية المسارعة لإظهار تأييدها الكامل للجيش الإسرائيلي مطاعم ماكدونالدز، وبابا جونز وبيرغر كينغ، وشركة كارفور الفرنسية المالكة لسلسلة متاجر البقالة، ومقاهي ستاربكس، وشركات أدوية ومنظفات، ما أدى إلى تراجع مبيعات هذه الشركات في العديد من الدول الإسلامية.
مقاطعة وخسائر
من جانب آخر، نقلت وكالة رويترز عن مصدر في إدارة شركة ماكدونالدز في مصر، لم تسمّه أن مبيعات الامتياز المصري انخفضت 70% على الأقل في شهري أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، على أساس سنوي.
وقال سامح السادات، هو سياسي مصري وشريك مؤسس في شركة تي بي إس هولدينغ، أحد موردي ستاربكس وماكدونالدز، إنه لاحظ انخفاضا أو تباطؤا بنحو 50% في طلبات العميلتين.
وفي تقرير بعنوان "حملات المقاطعة المرتبطة بحرب غزة تضر بعلامات تجارية غربية في دول عربية"، بثته الشهر الماضي ذكرت الوكالة أن العلامات التجارية الغربية تشعر بوطأة المقاطعة في مصر والأردن، والكويت والمغرب.
وفي الأردن، يدخل السكان المؤيدون للمقاطعة أحيانا إلى فروع ماكدونالدز وستاربكس لتشجيع العملاء القلائل على عدم الشراء، والانتقال إلى أماكن أخرى.
وفي مدينة الكويت رصدت رويترز خلو 7 فروع لستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي فرايد تشيكن تماما تقريبا من المرتادين، وقال عامل في أحد فروع ستاربكس -رفض الكشف عن هُويته-، إن ثمة علامات تجارية أميركية أخرى تأثرت أيضا.
وفي العاصمة المغربية، الرباط، قال عامل في أحد فروع ستاربكس، إن عدد العملاء انخفض بشكل ملحوظ هذا الأسبوع، ولم يقدم العامل ولا الشركة أي أرقام.
وخارج العالم الإسلامي، وتحديدا في الولايات المتحدة خسرت شركة ستاربكس أكثر من 10 مليارات دولار، بعد أن تراجع سهمها إلى 98.11 دولار بنهاية تعاملات أمس الأربعاء، من 107.21 دولارات في 16 نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم.
وجدت الشركة نفسها في مأزق بعد تغريدة من اتحاد عمال المجموعة عبّر فيها عن تضامنه مع الفلسطينيين، لكن الشركة شرعت في إجراءات قانونية ضده، ما أدى إلى إضرابات وحملة مقاطعة ضد الشركة ومنتجاتها، وقد أضيف ذلك إلى إخفاق التسويق في زيادة المبيعات في موسم العطلات الشتوي في الولايات المتحدة، ما قاد إلى تراجع السهم في المجمل.
وضع شديد الحساسية
في السياق، قالت شركة زارا للأزياء قبل يومين، إنها تأسف "لسوء الفهم" الذي أثارته حملة إعلانية ظهرت فيها تماثيل ملفوفة بأقمشة بيضاء، ما أثار دعوات للمقاطعة أطلقها ناشطون داعمون للفلسطينيين.
وفي وقت لاحق حذفت الشركة صور الحملة التي شملت صورا تشبه صور الجثث الملفوفة في أكفان بيضاء في غزة.
وحسب رويترز، فإن إعلان زارا يعكس التحدي الذي تواجهه العلامات التجارية العالمية في التعامل مع الوضع شديد الحساسية تجاه الحرب في غزة.
وزارا هي أول علامة تجارية غربية كبيرة تتخذ مثل هذه الخطوة حيال ما عدّه بعض المتابعين حملة إعلانية لا تراعي المشاعر.
وقالت شركة بوما الألمانية للملابس الرياضية، إنها ستنهي رعايتها للمنتخب الإسرائيلي لكرة القدم العام المقبل، لكنها قالت، إن الخطوة تأتي في إطار إستراتيجيتها الجديدة، وقبل عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي.
وكان فلسطينيون أطلقوا دعوات لمقاطعة شركة الملابس الرياضية قبل عملية طوفان الأقصى؛ بسبب رعايتها للمنتخب الإسرائيلي.