فقاعة العقارات.. كيف تهدد اقتصاد الصين؟

The Tallest Building In Central China Wuhan Greenland Center Skyscraper To Be Topped Out Soon
البنوك والصناديق والمؤسسات المالية أقرضت مبالغ ضخمة لشركات التطوير العقاري في البلاد (غيتي إيميجز)

يشهد قطاع العقارات الصيني هذا العام أزمة غير مسبوقة منذ أواخر حقبة التسعينيات من القرن الماضي، إذ تكافح معظم شركات التطوير العقاري الصينية لإعادة تمويل سنداتها المحلية، وسط انخفاض بأسعار المساكن خلال الأشهر الـ11 الماضية.

وتعود هذه الأزمة إلى شركات التطوير العقاري التي جمعت مبالغ كبيرة من خلال البيع المسبق للشقق التي لم تُبن بعد، قبل أن يفشل بعضها في ضمان استكمال بناء هذه الوحدات.

وفي تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" (Foreign Affairs) الأميركية، قال الكاتب براد ساستير إن أزمة العقارات في الصين تنطوي على مخاطر مالية ستتسبب في نهاية المطاف في أزمة نمو اقتصادي.

 وأضاف "بما أن تطوير وبناء العقارات الجديدة يمثل أكثر من ربع النشاط الاقتصادي الحالي للبلاد، فمن المحتمل أن يتحول الانكماش المؤقت في سوق العقارات إلى ركود اقتصادي طويل الأمد".

وأشار الكاتب إلى أنه يمكن للحكومة الصينية أن تطلب من شركات التطوير العقاري المدعومة من الدولة إكمال مشاريع البناء التي تخلت عنها شركات المقاولات الخاصة، في مقابل تقديم المساعدة المالية من خلال بنوك الدولة.

وعبر الكاتب عن اعتقاده بأنه قد لا يكون التدخل الحكومي الشامل أفضل طريقة لإدارة الاقتصاد بمرور الوقت، لكن وجود مؤسسات ذات جيوب عميقة يمكن أن يمنع التأثير المزعزع للاستقرار الناجم عن انسحاب جميع التمويلات لسوق العقارات.

إعلان

 تضخم الديون الداخلية

بحسب تقرير مجلة "فورين أفيرز" فقد أقرضت البنوك والصناديق والمؤسسات المالية الأخرى في الصين مبالغ ضخمة لشركات التطوير العقاري الصينية، والأسر التي تتطلع إلى شراء شقق، والحكومات المحلية التي تهيئ البنية التحتية العامة.

ويمكن للنظام المالي في الصين -وفق التقرير- توفير هذه التمويلات دون اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، بفضل معدل الادخار المحلي المرتفع بشكل الذي وصل 45% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقدين الماضيين.

ويرى الكاتب أن غياب ديون خارجية كبيرة يمنح الصين المزيد من الخيارات لإدارة الركود الحالي في العقارات، لكن وتيرة الادخار المكثّف -من وجهة نظر الكاتب- تسببت في صعوبات مالية حالية للبلاد، من خلال تعزيز بيئة اقتصادية يتطلب فيها النمو السريع زيادة في الدين المحلي.

ففي السنوات العشر التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، ارتفعت نسبة الدين الداخلي للصين إلى الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 150% إلى أكثر من 250%، وبالتالي، زادت ديون الأسر والحكومات المحلية وشركات التطوير العقاري والشركات الحكومية بشكل أسرع، مما خلق دينامية محفوفة بالمخاطر.

ويضيف الكاتب أن شركات التطوير العقاري الكبرى تكبدت ديونا هائلة، لكن هذه الديون لا تمثل مشكلة بالنسبة لكامل الاقتصاد الصيني، بل للجوانب السيئة منه التي ستجد صعوبة في السداد.

ونبّه الكاتب إلى أن الحكومة المركزية في الصين لا تريد تغطية جميع الخسائر، لكن في الوقت نفسه، لا يمكن لها أن تسمح لجميع شركات التطوير العقاري الكبرى بالفشل في آنٍ واحد.

وعبر الكاتب عن اعتقاده بأن إعادة جدولة ديون شركات التطوير العقاري أمر لا مفر منه، ولكن يجب أن يقترن بخطوات لمساعدة النظام المالي على تحمل الخسائر المرتبطة به، والتأكد من أن تدفق الائتمان إلى الاقتصاد لن يتوقف كليا.

The Tallest Building In Central China Wuhan Greenland Center Skyscraper To Be Topped Out Soon
أزمة العقارات في الصين تنطوي على مخاطر مالية ستتسبب في نهاية المطاف في أزمة نمو اقتصادي (غيتي إيميجز)

ورأى الكاتب أن الصين يمكنها إدارة نقلة دائمة في الاستثمار العقاري، من خلال اتخاذ خطوات لدعم الطلب الأسري وتعزيزه، وإيجاد طرق جديدة لمساعدة القطاعات الصناعية التي اعتمدت على الاستثمار العقاري في إعادة تجهيزها لتلبية الطلب الداخلي.

إعلان

وأضاف أنه يتعين على مسؤولي الحكومة الصينية قبول حقيقة صعبة، مفادها أن الديون الداخلية المتزايدة ونهاية فترة الاستثمارات العالية بشكل غير عادي تعني أن طفرة النمو التاريخية في الصين من المرجح أن تصبح من الماضي.

وغير بعيد، أظهر تقرير اقتصادي لمؤسسة كايشين للإعلام والمعلومات الاقتصادية يوم الخميس الماضي انكماش النشاط الاقتصادي لقطاع التصنيع في الصين خلال الشهر الماضي.

وأشار إلى تراجع مؤشر مديري مشتريات القطاع خلال الشهر الماضي إلى 49.5 نقطة، مقابل 50.4 نقطة خلال يوليو/تموز الماضي، وتشير قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، في حين تشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط. وسجل المؤشر الفرعي لمبيعات قطاع التصنيع أول تراجع منذ 3 أشهر.

وقال أعضاء لجنة المؤشر إن ظروف السوق الصعبة بشكل عام، وانقطاعات الطاقة وتأثيرات جائحة فيروس كورونا الممتدة قلصت المبيعات بشكل عام، في وقت عاد فيه الطلب الخارجي على السلع الصينية إلى الانكماش مع تراجع طلبيات التصدير بنسبة بسيطة.

المصدر : رويترز + فورين أفيرز

إعلان