سعيا لتفعيل اتفاق الشراكة بين البلدين.. ملف الطاقة تصدر زيارة المستشار الألماني إلى قطر

سمو الأمير المفدى ودولة السيد أولاف شولتس مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة، يعقدان جلسة مباحثات رسمية بالديوان الأميري - المصدر الصفحة الرسمية للديوان الأميري على تويتر
أمير دولة قطر أكد أن الدوحة وبرلين تطمحان معا لتعزيز علاقتهما الثنائية المتميزة في مختلف المجالات (مواقع التواصل)

تصدر ملف الطاقة جدول أعمال المستشار الألماني أولاف شولتز خلال زيارته لدولة قطر التي اختتمت مساء أمس الأحد، في إطار جولة خليجية وتعد الأولى له منذ توليه منصبه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفور وصوله الدوحة عقد المستشار الألماني جلسة مباحثات ثنائية مع أمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تناولت العديد من القضايا لا سيما في الاقتصاد والاستثمار والطاقة والتعاون العسكري، إضافة إلى مناقشة أبرز القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية.

وتأتي زيارة المستشار الألماني إلى الدوحة بعد أن زار أمير دولة قطر ألمانيا في مايو/أيار الماضي وقع خلالها على اتفاق الشراكة بين البلدين في مجال الطاقة والذي يركز على تجارة الهيدروجين والغاز الطبيعي المسال، في ظل سعي برلين للحصول على موارد بديلة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا وتأثيرها على إمدادات الطاقة إلى أوروبا.

وخلال تصريحات صحفية عقب جلسة المحادثات الرسمية بين الجانبين، أكد الشيخ تميم أن قطر وألمانيا تطمحان معا لتعزيز علاقتهما الثنائية المتميزة في مختلف المجالات، مشددا على أن "قطر للطاقة" وشركات الطاقة الألمانية تناقشان الفرص الاستثمارية بينهما، مبينا أن دولة قطر تخطط منذ سنوات لتوسعة حقل غاز الشمال تلبية للطلب العالمي المتزايد على الغاز الذي صار يحظى بمستقبل وأهمية كبيرة.

إعلان

فرص جديدة

وأضاف الأمير أن دولة قطر من أكبر المستثمرين في ألمانيا، موضحا أن جهاز قطر للاستثمار يواصل البحث عن فرص استثمارية في ألمانيا، وذلك لثقة قطر الكبيرة في الاقتصاد الألماني.

من جانبه، أوضح المستشار الألماني أنه ناقش مع أمير دولة قطر واردات الغاز المسال متطلعا لإحداث تقدم أكثر في هذا الإطار، مشيرا في الوقت نفسه إلى مواصلة التعاون مع قطر في مجال الهيدروجين وإنتاج الكهرباء، مؤملا تعميق التعاون في مجالات اقتصادية أخرى مثل الملاحة الجوية والتكنولوجيا الحديثة والمعدات الثقيلة.

وشهدت العلاقات التجارية بين قطر وألمانيا تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث تعتبر ألمانيا شريكا تجاريا مهما لدولة قطر، وقد حقق التبادل التجاري بين البلدين نموا بنسبة 75% عام 2021، على الرغم من جائحة كورونا وتداعياتها على حركة التجارة العالمية حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي نحو 11.2 مليار ريال، مقابل 6.4 مليارات عام 2020.

كما أن السوق القطرية جاذبة للشركات الألمانية، حيث تعمل نحو 330 شركة ألمانية في قطاعات متنوعة كالتجارة والمقاولات والخدمات والشحن والأجهزة والمعدات الطبية وغيرها، إضافة إلى مشاركة شركات ألمانية في المشاريع الخاصة بالبنية التحتية وكذلك في مشاريع كأس العالم، ويصل حجم الاستثمارات القطري في ألمانيا إلى نحو 25 مليار يورو.

الخاطر: الجميع يدرك الآن صحة التوجه القطري نحو زيادة إنتاج الغاز المسال (الجزيرة)

تنويع مصادر الطاقة

واعتبر الخبير الاقتصادي عبد الله الخاطر أن تزامن زيارة المستشار الألماني لقطر مع إعلان شركة "قطر للطاقة" اتفاقا مع شركة "توتال إنرجيز" لتوسعة حقل الشمال الجنوبي، كجزء من أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال في العالم، له دلالة كبيرة على رغبة ألمانيا في تنويع مصادر الطاقة المستوردة لديها والتوجه إلى دولة قطر كونها موردا موثوقا به في العالم أجمع.

إعلان

وشدد الخاطر -في تصريح للجزيرة نت- على أن قطر كانت سباقة في معرفة مسار سوق الطاقة عالميا، واستثمرت لرفع إنتاج حقل الشمال إلى 126 مليون طن في الوقت الذي ابتعدت فيه كل الاستثمارات العالمية عن مجال الطاقة.

ثم جاءت أزمة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية لتدلل على صحة التوجه القطري نحو زيادة إنتاج الغاز المسال نظرا لحاجة السوق الكبيرة حاليا.

وأضاف الخاطر أن العلاقات الاقتصادية المتميزة بين قطر وألمانيا ستساهم بشكل كبير في التوصل إلى اتفاقات كبيرة تساهم في تخفيف أزمة الطاقة في الدول الأوروبية، كما تساعد برلين على تنويع مصادر استيرادها للطاقة لتكون في مأمن من تقلبات الأسواق أو المشكلات التي تحدث في العالم، مشددا على أن العلاقات بين قطر وألمانيا تسير في الاتجاه الصحيح نحو المزيد من التعاون خاصة في مجال الطاقة.

أما المحلل الاقتصادي عبد الرحيم الهور، فيرى أن زيارة المستشار الألماني إلى قطر تأتي في ظل منحنى اقتصادي سياسي حرج، فبعد تراجع النمو والآثار السلبية الكبيرة التي مُني بها الاقتصاد الألماني بعد جائحة كورونا جاءت الحرب الروسية الأوكرانية بشكلها الشمولي لتفرض تحديات كبيرة على الاقتصاد الألماني.

الهور: زيارة المستشار الألماني لقطر تستهدف الاتفاق مع مورد آمن للغاز المسال (مواقع التواصل)

الاقتصاد الحقيقي

وأضاف الهور للجزيرة نت أن الاقتصاد الألماني مختلف للغاية عن نظيريه البريطاني والأميركي من ناحية نسبة مساهمة الاقتصاد الحقيقي الملموس الصناعي إلى الاقتصاد المالي، حيث يعتمد اقتصاد ألمانيا بنسبة كبيرة جدا على الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا وليس أسواق المال والأسهم والمشتقات المالية، وبعد اتخاذ القرار المدفوع أميركيا بالتوقف عن شراء الطاقة من روسيا بكل أشكالها، وجدت برلين نفسها متضررة بشدة اقتصاديا وتعاني من نقص حاد في إمدادات الطاقة الأمر الذي دفع برلين إلى عدة خيارات منها التحول إلى طاقة الفحم وإيجاد مصادر بديلة للطاقة.

وأوضح أن آفاق وأهمية زيارة المستشار الألماني إلى قطر تأتي من باب التحالف الاقتصادي الإستراتيجي مع مورد آمن للغاز الطبيعي المسال، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياطيات والطاقة الإنتاجية الكبيرة للغاز القطري.

وتتسابق أوروبا لإيجاد مصادر طاقة جديدة للتخلص من الغاز الروسي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وتبدو قطر من أفضل الشركاء الذين تسعى ألمانيا للشراكة معهم في مجال الطاقة، خاصة بعد الصفقة القطرية العملاقة مع توتال الفرنسية التي ستستحوذ على 9.375% في مشروع حقل الشمال الجنوبي وهو جزء من أكبر حقل غاز في العالم، مما يساعد الدوحة على زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 60%.

إعلان
المصدر : الجزيرة + الصحافة القطرية

إعلان