محللون: حظر النفط على مراحل يتيح لروسيا الوقت للتكيف.. هل تجدي العقوبات الغربية نفعا؟

رأى محللون وتجار روس الثلاثاء أن فرض أوروبا حظرا تدريجيا على النفط الروسي بدلا من الحظر الفوري يمنح موسكو الوقت لإعادة توجيه إنتاجها إلى عملاء جدد في آسيا في الأشهر الستة المقبلة، بحسب ما أوردت رويترز.

وقال الاتحاد الأوروبي الاثنين إنه يهدف إلى خفض واردات النفط الروسية 90% بحلول نهاية العام، لكنه أضاف أن الإمدادات عبر الأنابيب وبطريق البحر ستظل مستمرة بصورة قانونية حتى ذلك الحين.

ويأتي ثلثا إمدادات النفط الروسية للاتحاد الأوروبي عبر ناقلات والثلث الأخير عبر خط أنابيب دروغبا.

ووصف محللون غربيون ومراقبون من الاتحاد الأوروبي العقوبات بأنها مخففة، وقالوا إن هناك شعورا واضحا بالارتياح في موسكو.

وقال محللون في بنك سينارا للاستثمار ومقره روسيا "رغم أن الإجراءات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي تأخذ صورة التهديد، فإننا لا نتوقع تأثيرا قويا لها على قطاع النفط الروسي الآن ولا في غضون 6 أشهر. لدى منتجي النفط الروس الوقت الكافي لحل المشاكل اللوجستية وتغيير قاعدة عملائهم".

وأشاروا إلى أن آسيا تشتري بالفعل نفطا روسيا أكثر من أوروبا، بينما كان الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2021 يستحوذ على 60% من صادرات النفط الروسية، أي حوالي 3 ملايين برميل يوميا من إجمالي 5 ملايين.

ماذا تشمل الحزمة السادسة من العقوبات الغربية على روسيا؟

 توصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي بشأن حزمة العقوبات السادسة التي تفرضها دول التكتل ضد روسيا.

وتشمل هذه الحزمة من العقوبات، التي أقرت بنهاية قمة أوروبية استمرت يومين في العاصمة بروكسل على روسيا:

  • خفض دول الاتحاد الأوروبي 90% من واردات النفط الروسية بحلول نهاية العام، لكنها ستعفي النفط الخام المنقول عبر خط الأنابيب من الحظر.
  • وافقت دول الاتحاد على إقصاء مصرف "سبيربنك" -أكبر المصارف الروسية- من نظام سويفت للتحويلات المالية الدولية.
  • تحظر العقوبات 3 محطات إذاعية روسية جديدة مملوكة للدولة من البث في دول الاتحاد الأوروبي.
  • وأقر الزعماء الأوروبيون خطة المفوضية الأوروبية البالغة 300 مليار يورو (321 مليار دولار) لاستبدال الوقود الأحفوري الروسي.

وبهذا الصدد قال المستشار الألماني أولاف شولتز، الثلاثاء، إن الغرض من عقوبات الاتحاد الأوروبي هو إجبار روسيا على إنهاء حربها على أوكرانيا ودفع عواقب أفعالها.

وأضاف شولتز، في مؤتمر صحفي أن العقوبات ستساهم بإجبار روسيا على دفع عواقب أفعالها، مؤكدا أن هذه العقوبات قدمت صورة واضحة للوحدة الأوروبية، وأظهرت تضامنا كبيرا مع أوكرانيا.

عقوبات بلا جدوى؟

في الأثناء اعتبر مقال نشره موقع مودرن دبلوماسي الأميركي (Modern Diplomacy) أن العقوبات الغربية التي فُرضت على روسيا منذ أكثر من 8 سنوات، لم تؤثر سلبا على روسيا ولم تحقق نتائج إيجابية لمن فرضوها، ولا تزال روسيا موجودة، وتتكيف معها بنجاح كبير.

وأوضحت كاتبة المقال الدكتورة آنا كولوتوفا المتخصصة في العلاقات الدولية من جامعة غيلين بالصين أن الغرب فرض 10 آلاف و128 عقوبة ضد روسيا منذ 2014 (قضية القرم) وحتى اليوم، وهو عدد أكبر مما فُرض على أي دولة أخرى. كان ذلك قبل أن يتخذ الاتحاد الأوروبي مزيدا من العقوبات أمس الثلاثاء.

وأوردت الكاتبة، للمقارنة، أرقاما عن عدد العقوبات التي فرضها الغرب على دول العالم الأخرى كالآتي:

  • 3161 عقوبة على إيران
  • 2608 ضد سوريا
  • و2077 ضد كوريا الشمالية.

وقالت إن العقوبات طالت كل قطاع تقريبا في روسيا بدءا من الأفراد، الذين بلغ عددهم المئات، إلى مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة، ولم يتبق عمليا قطاع واحد لم يتأثر بها.

لكن كولوتوفا أضافت أنه بعد الحظر على تصدير العديد من الأنواع المختلفة من المنتجات، فضلا عن مغادرة العديد من الشركات العاملة في مختلف المجالات، أدخلت الحكومة الروسية عددا من الإجراءات لدعم المجالات المختلفة، والتي بدأت بالفعل تُظهر نتائج إيجابية.

وأشارت الكاتبة إلى أن العديد من قطاعات الاقتصاد الروسي أظهرت ديناميكيات إيجابية.

ولفت إلى أنه في حال مقارنة وضع العديد من القطاعات خلال مارس/آذار الماضي بما كان عليه بالفترة نفسها من عام 2021، نجد أن نموا قد حدث في صناعة التعدين بنسبة 7.8%، وفي إمدادات الطاقة والغاز بنسبة 1.5%، وفي إمدادات المياه والتخلص من النفايات بنسبة 7.2%، كما أن هناك زيادة في قطاع الأغذية بنسبة 1.1%، والإنتاج الطبي بنسبة 46.8%.

وأفادت الكاتبة بأن التقدير الأولي للناتج المحلي الإجمالي لروسيا للربع الأول من عام 2022، أظهر نموا إيجابيا بنسبة 103.5% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

كما أشارت مجلة الإيكونوميست البريطانية -حسب الكاتبة- إلى أنه مع انخفاض الواردات وصعود الصادرات، حققت روسيا فائضا تجاريا قياسيا يصل إلى 250 مليار دولار (15% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي)، أي أكثر من ضعف الـ 120 مليار دولار المسجلة في عام 2021.

ومع ذلك، فإن عواقب العقوبات لم تواجهها روسيا وبيلاروسيا فقط، بل تأثرت بها العديد من دول العالم الأخرى، بما في ذلك التي ليس لها علاقة بالقضية، بحسب الكاتبة التي أشارت إلى شكوى بعض البلدان من نقص الغذاء بسبب العقوبات، وإلى رفض المجر التي أصبحت الآن إحدى العقبات ضد العقوبات الأوروبية.

ونقلت الكاتبة تشبيه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان تأثير العقوبات على الاقتصاد المجري بتأثير القنبلة الذرية على البلد الذي تُلقى عليه.

نمو نشاط الصناعات التحويلية الروسية

وفي أحدث التقارير لرويترز، أظهر مسح اليوم الأربعاء أن نشاط الصناعات التحويلية الروسي نما في مايو/أيار بعد انكماشه على مدى 3 أشهر وتراجعت ضغوط الأسعار بشكل ملحوظ لكن العقوبات ما زالت تؤثر على الطلب.

وبحسب رويترز، ارتفع مؤشر مديري المشتريات الذي تصدره مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال إلى 50.8 نقطة من 48.2 في الشهر السابق، متجاوزا مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش لأول مرة منذ يناير/كانون الثاني.

لكن ستاندرد آند بورز غلوبال قالت إنه رغم ارتفاع المؤشر الأساسي فإن الناتج الفعلي للصناعات التحويلية واصل انخفاضه في مايو/أيار الماضي.

واستنفدت الشركات أعداد القوى العاملة بدرجة أكبر في مايو/أيار، لكن الثقة تحسنت إلى أعلى مستوياتها منذ فبراير/شباط، إذ تتطلع الشركات إلى استقرار اقتصادي وطلب أعلى في الأشهر المقبلة.

المصدر : رويترز + مودرن دبلوماسي + وكالة الأناضول