دراجات نارية وشاحنات لنقل الركاب.. أزمة مواصلات غير مسبوقة في سوريا

شمال سوريا – مع اقتراب حلول أذان المغرب في العاصمة السورية دمشق، تزداد أعداد السوريين من الطلاب والموظفين المحتشدين في ساحة جسر الرئيس بمنطقة البرامكة، منتظرين قدوم حافلة أو وسيلة نقل ما تنقلهم إلى منازلهم، ويطول بهم الانتظار وقتا طويلا قد يستمر أكثر من ساعة دون النجاح في التنقل إلى وجهتهم.
ومنذ أكثر من أسبوعين، تشهد المدينة أزمة مواصلات غير مسبوقة جراء نقص وقود السيارات وانخفاض أعداد حافلات النقل الداخلي، في وقت اكتظت فيه الحافلات العاملة بالركاب.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمن البذرة إلى رغيف الخبز.. مشروع رائد لقطر الخيرية يكمل عامه الثالث في شمال سوريا
غلاء وانقطاع الأدوية في مناطق سيطرة النظام.. كيف يحصل السوريون على دوائهم؟
مائدة رمضانية بنصف راتب شهري.. ارتفاع الأسعار في مناطق النظام يفاقم أزمة السوريين
وبات مشهد انتظار العشرات من السكان في دمشق قدوم إحدى وسائل النقل منظرا مألوفا خلال الأيام القليلة، إذ لجأ بعض سائقي سيارات الأجرة إلى نقل مجموعة من الركاب، في محاولة لتخفيف الأزمة.
انتظار الوقود
وفي الخامس من شهر أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (محروقات) في مناطق سيطرة النظام السوري، عن زيادة الفترة المحددة لتسلم مخصصات مادة البنزين للسيارات إلى 10 أيام للسيارات الخاصة بدلا من 7، و6 أيام للسيارات العمومية بدلا من 4، و10 أيام للدراجات النارية بكمية محددة تبلغ 25 لترا.
وأدت زيادة وقت انتظار الحصول على وقود السيارات العامة إلى تقليص ساعات عمل سائقي سيارات الأجرة في مناطق سيطرة النظام، وأسهمت في توقف العديد منهم عن العمل في انتظار الحصول على البنزين، ولجوء البعض إلى شرائه من السوق السوداء بأثمان باهظة.

وقال سائق سيارة أجرة من مدينة دمشق (رفض الكشف عن اسمه) إن كمية البنزين التي يحصل عليها كل أسبوع لا تكفي سوى ليوم عمل واحد فقط، إذ يضطر إلى التوقف عن العمل باقي الأيام منتظرا الدفعة القادمة.
وأضاف السائق في حديث للجزيرة نت، أن ثمن ليتر البنزين من السوق السوداء يتجاوز 7 آلاف ليرة سورية (ما يعادل دولارين)، وإذا قام بشرائه للعمل فإنه مجبر على أن يرفع سعر جر المواصلات المحددة، وهو الأمر الذي يرفضه المواطنون الذين يستقلون سيارته.
بالمقابل، يؤكد الموظف الحكومي أبو أنس (اسم مستعار) أنه مضطر إلى أن يدفع أكثر من ثلث راتبه (50 ألف ليرة سورية أو ما يعادل 13 دولارا) ثمنا لأجور المواصلات وركوب سيارة الأجرة من منزله في حي المزة إلى منطقة عمله البرامكة.
وأشار أبو أنس، في حديث للجزيرة نت، إلى أن انتظار ركوب الحافلات يعني تأخره عن الدوام في مؤسسته لأكثر من ساعتين، لذا يستقل سيارات الأجرة، وكثيرا ما يتغيب عن عمله لتوفير مصروف المواصلات.
تأثير على وسائل النقل
ويؤكد مصدر مسؤول في محافظة دمشق لصحيفة الوطن الموالية أن تخفيض نسب مواد المحروقات الموزعة على وسائل النقل بلغ نحو 25%، وترك تأثيرا واضحا على عمل وسائل النقل في المدينة.
ويعول المصدر الحكومي على تطبيق نظام "جي بي إس" (GPS) الذي يتعقب حركة سير حافلات نقل الركاب (السرافيس) بهدف منع أصحاب السرافيس من بيع مخصصاتهم من المحروقات من جهة، وضمان الالتزام بخطوطهم لكونهم مراقبين من جهة أخرى.
وتتهم حكومة النظام سائقي الحافلات ببيع مخصصاتهم من الوقود في السوق السوداء بسعر مرتفع يفوق السعر المدعوم من شركة "محروقات"، مقابل توقفهم عن العمل والتسبب في أزمة المواصلات.
في حين يعزو مصدر آخر بوزارة النفط بحكومة النظام، للصحيفة، السبب في انخفاض المخصصات للمحافظات من الوقود إلى تأخر وصول التوريدات، نتيجة العقوبات و"الحصار الجائر" المفروض على البلاد، حسب تعبيره.

مواصلات بديلة
وعلى وقع أزمة المواصلات وشح الوقود، بحث مواطنون عن وسائل بديلة للمواصلات التقليدية بهدف الوصول إلى وجهاتهم، وتحولت عدة سيارات أجرة من عملها في إيصال الأفراد إلى نقل مجموعة من الركاب إلى مناطق قريبة من بعضها.
وأكثر من ذلك، استثمر أصحاب الدراجات النارية والشاحنات الصغيرة الازدحام وتوقف عمل الحافلات، لنقل الركاب مقابل مبالغ مالية أقل قياسا بأجور التنقل في سيارة الأجرة الخاصة وحافلات نقل الركاب.
وقال أحد العاملين على دراجة نارية لنقل الركاب إن "حكومة النظام تغض الطرف عن عملنا في نقل الركاب مؤخرا نظرا لأزمة المواصلات التي يعاني منها معظم سكان المدينة".