إغلاق شنغهاي.. هل يشهد العالم أزمة تجارة عالمية؟

يمكن للصين أن تخفف من تداعيات إغلاق شنغهاي على التجارة العالمية من خلال التحول إلى موانئها الأخرى؛ حيث تمتلك الصين 7 من أكبر 10 موانئ للحاويات في العالم.

Containers are seen at the Yangshan Deep Water Port in Shanghai, China April 24, 2018. REUTERS/Aly Song
تعطيل آلاف السفن قبالة سواحل الصين أدى لتأخير طويل في نقل البضائع ولارتفاع بالأسعار (رويترز)

بكين – يراقب منتجو الأدوية في الهند الأخبار الواردة من شنغهاي بقلق، واتخذت كل من "تويوتا" (Toyota) و"نيسان" (Nissan) اليابانيتين قرارات صعبة لتقليل إنتاج السيارات، بينما أوقفت عملاق السيارات الكهربائية الأميركية "تسلا" (Tesla) مصنعها في المدينة الذي ينتج نحو ألفي سيارة كهربائية يوميا.

وتسبب الإغلاق الكامل لمدينة شنغهاي الصينية، بعد تسجيل إصابات متزايدة بجائحة كورونا في المدينة التي يعيش بها 25 مليونا وتضم أكثر الموانئ ازدحاما في العالم، بتأثيرات طالت قطاعات متعددة في أنحاء العالم، إثر الفوضى التي تعرضت لها سلاسل التوريد العالمية.

وتُظهر صور تتبع السفن حجم المشكلة، حيث يتم تعطيل آلاف السفن قبالة سواحل الصين، والذي أدى لتأخير طويل في نقل البضائع وارتفاع للأسعار.

يقول لين شيوبينغ، مؤسس أكاديمية نانشان الصناعية، في مقال نشره في الخامس من مايو/أيار الجاري، إن إيقاف سلسلة صناعية يحتاج لقرار واحد؛ لكن إعادة تشغيل هذه السلسلة غالبا ما يستغرق عدة أشهر؛ بسبب تعطل النظام المترابط بشكل كامل.

سفن عالقة

تتحمل شنغهاي عبئا ضخما كميناء للحاويات، فقد تعاملت وحدها مع 20% من حركة الشحن في الصين عام 2021.

وفي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى فبراير/شباط 2022، تجاوز معدل نقل الحاويات التراكمي لميناء شنغهاي 8.16 ملايين حاوية مكافئة، بمعدل نمو سنوي قدره 9.7%، واستمر معدل النمو في الزيادة.

وحذرت "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics) في تقاريرها الأخيرة من أن الاقتصادات الآسيوية الناشئة مثل فيتنام وكمبوديا قد تتعرض لأكبر ضربة بسبب اعتمادها على المدخلات الصينية للتصنيع. وتساهم المكونات الصينية بنسبة 24% من إجمالي القيمة المضافة لقطاع التصنيع في فيتنام.

كما أن الآخرين لن يكونوا محصنين، فالبضائع المستوردة بشكل مباشر أو غير مباشر من الصين تشكل ما يزيد على 20% من إجمالي واردات اليابان، وأكثر من 15% من مشتريات الولايات المتحدة من الخارج. وعلى سبيل المثال، من بين 200 مورد رئيسي لشركة "آبل" (Apple) في الولايات المتحدة، يوجد نحو نصفهم في شنغهاي وسوتشو المجاورة.

وتعد الهند منتجا رئيسيا للأدوية، لكن مصدر 70% من مكوناتها الصيدلانية النشطة من الصين. وتعكس هذه المخاوف إمكانية أن يؤدي تعطل سلاسل التوريد الدولية لكل شيء -بداية من الأدوية وصولا إلى المركبات الكهربائية- إلى توقف الانتعاش الاقتصادي العالمي.

شبح التضخم

يقول الباحث في الاقتصاد السياسي أحمد عمر، إن تأخر الشحن من الموانئ الرئيسية في الصين، خاصة شنغهاي، سيؤدي لنقص في السلع في الأسواق الدولية يتبعه ارتفاع في الأسعار الأمر الذي يؤثر على معدلات النمو لبعض الاقتصادات.

وأضاف عمر للجزيرة نت، أن انخفاض وتيرة البيع من داخل الصين سيؤثر على معدلات النمو المحلية، الأمر الذي ينعكس على الاقتصاد العالمي، باعتبارها ثاني أكبر قوة اقتصادية، ويتسبب في زيادة التضخم المالي.

وساهمت شنغهاي عام 2021 بنسبة 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لكن الإغلاق الأخير يهدد تحقيق هدف النمو الاقتصادي المتوقع، وهو 5.5% هذا العام، والذي إن تحقق سيعزز النمو الاقتصادي للصين بمقدار 0.2 نقطة مئوية.

وبالنظر إلى "مؤشر شنغهاي لحاويات الشحن" (Shanghai Containerized Freight)، الذي انخفض بسبب الحرب في أوكرانيا، فإنه يواصل الانزلاق، مما يشير إلى انخفاض في صادرات شنغهاي.

أزمة مركبة

ويمكن للصين أن تخفف من تداعيات إغلاق شنغهاي على التجارة العالمية من خلال التحول إلى موانئها الأخرى. حيث قال مدير مركز الصين والعولمة في بكين وانغ هوي ياو للجزيرة نت، إن الصين تمتلك 7 من أكبر 10 موانئ للحاويات في العالم، ولا يزال بإمكانها خدمة العالم.

لكن سعر حاوية الشحن في أي مكان ارتفع من 3 إلى 5 مرات. وعلى الرغم من أنه لا يمثل جزءا كبيرا من التكلفة النهائية لعنصر ما للمستهلك، فإن ذلك كله قد يضاف ويسهم في التضخم.

وتسببت الحرب الروسية على أوكرانيا أيضا في مزيد من الفوضى لسلاسل التوريد العالمية، وأدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة تكاليف الشحن.

وعلى إثر الاشتباكات في أوكرانيا، تم إلغاء بعض الرحلات الجوية أو تغيير مسارها، مما زاد من الضغط على سعة الشحن وعرَّض إمدادات عالمية للخطر مثل البلاتين والألمنيوم وزيت عباد الشمس والصلب، وإغلاق المصانع في أوروبا وأوكرانيا وروسيا.

المصدر : الجزيرة