ما سر إقبال التونسيين على مدينة بنقردان الحدودية رغم بعدها؟
تونس- يلاحظ زائر مدينة بنقردان (أقصى جنوب شرقي تونس) توافد مئات الزوار من جميع محافظات البلاد رغم بُعد المسافة (596 كيلومترا عن العاصمة تونس) وقلة المنشآت السياحية في المدينة، فما سر الإقبال الكبير عليها؟
تعج سوق المدينة -أو "سوق ليبيا" كما تسمى هنا- بالسلع المختلفة من ستائر وأقمشة وأغطية وآلات منزلية تركية وإيطالية وصينية ومن عدة دول أخرى، يأتي بها التجار من ليبيا عبر خط تجاري شبه رسمي عُرف باسم "الخط"، إضافة إلى مسالك تهريب أخرى يطلق عليها "كونترا"، في إشارة إلى السلع المهربة من دولة مجاورة، وفق مراقبين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsينتعش في رمضان.. تعرف بالأرقام على قطاع الدواجن بالمغرب
الجزيرة نت ترصد حجم إنفاق الأسر العربية خلال رمضان
ارتفاع تكاليف الغذاء تزامنا مع رمضان.. ما حال الأوضاع الاقتصادية بالمنطقة العربية؟
وتعد مدينة بنقردان أقرب نقطة للحدود الليبية، فهي تبعد 32 كيلومترا فقط على المعبر الحدودي راس جدير الذي يعد شريان الحياة للتجار والمسافرين من البلدين، حيث يتميز بحركة نشطة ويؤمّن سنويا عبور نحو 3 ملايين مسافر، مما جعل المدينة مركزا اقتصاديا حيا ونقطة تبادل تجاري مهم.
أسعار في المتناول
عرفت تونس خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والمنزلية والنفط، مما جعل التونسيين يبحثون عن سلع رخيصة أو أقل ثمنا من تلك الموجودة في الأسواق "المقننة" والمحلات التجارية الكبرى، ولم يجدوا ضالتهم إلا في مدينة بنقردان الحدودية التي تعج أسواقها بالسلع المهربة.
وعند دخولك السوق المغاربية في بنقردان تلاحظ تراكم السلع المختلفة هنا وهناك، وأكثر ما يمكن أن يجلب نظر الزائر وجود علامات عالمية كبرى بأسعار تفضيلية وبكميات كبيرة.
يقول نور الدين (45 عاما) من محافظة بنزرت (أقصى الشمال) "أسمع عن الأسعار الرخيصة في بنقردان، وكنت أعتقد أنهم يتحدثون عن السلع الصينية، لكنني فوجئت بوجود علامات عالمية معروفة وبأثمان أقل بنحو 50% من تلك الموجودة بالعاصمة".
وتقول هدى (29 عاما) -التي أتت مع والدتها من محافظة نابل (شمال) لشراء مستلزمات زفافها- "قضينا أكثر من 7 ساعات في الطريق إلى هنا هربا من الأسعار العالية في محافظتنا وفي العاصمة، وقد صدمت بالفارق الكبير بين أسعار بعض المواد هنا وهناك".
غياب الرقابة وتوفر العرض
رغم التشديد الذي فرضته السلطات على مسالك التهريب خاصة بعد المواجهات المسلحة التي شهدتها مدينة بنقردان مع تنظيم الدولة الإسلامية عام 2016، فإن ذلك لم يثن التجار عن جلب السلع من ليبيا برا وبحرا، خاصة أن التجارة مصدر رزق أغلبية سكان الجنوب الشرقي التونسي، وتحديدا مدينة بنقردان التي تفتقر إلى أبسط مقومات التنمية.
يقول مهدي (اسم مستعار) وهو صاحب محل مواد إلكترونية "صحيح أن الرقابة غير مشددة هنا، لكن الحرفاء (العملاء) يأتون من جميع مناطق البلاد للتبضع من بنقردان، والعائق الكبير أمامهم هو حجز الجمارك مشترياتهم في مداخل المحافظات الأخرى فيضطرون لشراء قطعة واحدة فقط".
ويرجع الخبير في الاقتصاد محسن حسن في حديثه للجزيرة نت سبب انخفاض الأسعار في بنقردان مقارنة ببقية المناطق إلى توفر العرض نظرا لقرب الجوار مع ليبيا.
ويرى حسن أن ارتفاع الأسعار الذي شهدته العاصمة تونس وبقية المحافظات مؤخرا ليس بسبب الاحتكار كما يروج، بل هو مشكلة في العرض؛ أي النقص في المواد المستوردة والوضعية المالية المتردية لديوان الزيت وديوان الحبوب، وكذلك ضعف مسالك التوزيع في المناطق الداخلية، على عكس المناطق الحدودية التي تأتيها السلع بطرق مختلفة.
ويتوافد آلاف الزوار سنويا على مدينة بنقردان الحدودية التابعة لمحافظة مدنين (32 كيلومترا على المعبر الحدودي الليبي راس جدير).
وتعج أسواق مدينة بنقردان بالستائر والأغطية والأقمشة المصنوعة في تركيا والأجهزة المنزلية وإطارات السيارات القادمة من الصين.