سباق محموم على شراء البتكوين.. انقسام حاد في منصات العملات المشفرة بسبب حرب روسيا على أوكرانيا

رفضت أهم منصات تبادل العملات المشفرة في العالم حظر المواطنين الروس، عكس ما طلبته الحكومة الأوكرانية، بسبب الحرب التي تشنها موسكو على كييف.
ويقول الكاتب داميان لولو في هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن التطورات التي تشهدها أوكرانيا هي الأهم في أوروبا منذ وقت طويل، وفجرت أيضا أزمة غير مسبوقة في عالم العملات المشفرة.
ودفعت عملية الغزو التي تشنها موسكو، والعقوبات الاقتصادية التي سلطتها عليها الدول الغربية، بالمتعاملين الروس نحو الإقبال على شراء العملات المشفرة بالروبل، وهو ما تكشفه الأرقام التي أصدرتها مؤسسة "كايكو" (Kaiko) التي يقع مقرها في باريس، والمتخصصة في إحصاءات تبادل العملات المشفرة.
وقد وصلت شراءات البتكوين من طرف الروس إلى ذروتها، عند مستوى 1.5 مليار روبل (حوالي 20 مليون يورو) في أهم منصتين للتبادل تقبلان العملة الروسية، وذلك قبل وقت قصير من انهيار هذه العملة.
وتقول كلارا ميدالي، المحللة في مؤسسة "كايكو"، إن البيانات الحالية تشير إلى تحركات مكثفة للمستثمرين الصغار الذين اتجهوا للشراء بمبالغ أكبر من المعتاد، إذ إن هؤلاء الروس يبحثون عن أي قيمة تمثل ملاذا لهم لإنقاذ مدخراتهم، وقد استثمروا بشكل كبير في عملة "تيثر" (Tether) التي تتميز بكونها من العملات المستقرة، ولا تنطوي على مخاطر كبيرة للمستثمرين.
ويشير الكاتب إلى أن الروس ليسوا هم فقط من تسابقوا على الشراء بشكل محموم، فقد تزايدت هذه الظاهرة في أوكرانيا بشكل غير مسبوق، حيث إن الاستثمارات في البتكوين في ارتفاع مستمر، في وقت تجاوزت فيه قيمة هذه العملة المشفرة 40 ألف يورو.
وتستخدم الحكومة الأوكرانية أيضا العملات المشفرة من أجل تلقي التبرعات، وقد شرعت في اعتماد هذا الحل منذ 26 فبراير/شباط الماضي.
وحتى يوم الثلاثاء 1 مارس/آذار تم تحويل مبلغ تفوق قيمته 20 مليون يورو، نحو حسابات مختلفة تابعة للحكومة الأوكرانية، التي وجهت شكرها لمجتمع العملات المشفرة في العالم على هذه المساندة.
نقاشات حادة
وجهت الحكومة الأوكرانية نداء أثار الكثير من الانقسام والجدل في عالم العملات المشفرة، حيث إن نائب رئيس الوزراء ميخايلو فيدوروف دعا أكبر منصات تداول العملات المشفرة للانضمام للتحرك العالمي المناهض للغزو الروسي، وفرض عقوبات عليها من خلال تجميد حسابات المواطنين الروس. وتسمح هذه المنصات بتحويل العملات المشفرة إلى أموال تقليدية، وهذه تمثل مرحلة مفصلية للتمكن من إنفاقها والاستفادة منها.
وقد رفضت كبرى منصات التداول القبول بهذا الطلب، حيث إن أغلبها على غرار "بينانس" (Binance)، التي تعد من بين الأكبر في العالم، اعتبرت أنه من غير المنطقي تجميد حسابات ملايين الأبرياء بشكل أحادي.
يشار إلى أنه حتى الآن لم يتم فرض أي عقوبات على روسيا وبيلاروسيا تخص العملات المشفرة ومنصات التبادل، وبالتالي فإن نفس القوانين لا تزال سارية.
ويشير الكاتب إلى أن مجتمع العملات المشفرة معروف بكون أعضائه من أكبر المساندين للأفكار الليبرالية، وخاصة ما يتعلق بالحريات الفردية، ومن النادر أن يكون من بينهم داعمون لفلاديمير بوتين أو لقرار غزو أوكرانيا.
ولكن الكثيرين منهم الآن يعتبرون أن حرية إنفاق الأموال الشخصية والتصرف بها هي أيضا من المبادئ الأساسية. وقد خلق هذا الموضوع نقاشات حادة على شبكات التواصل الاجتماعي، وصلت أحيانا إلى مستويات خطيرة من العنف، بين من يتمسكون بهذه الحرية، ومن يعتبرون أنه "لا قيمة لمبدأ حرية تبادل الأموال أمام معاناة المدنيين الأوكرانيين".
وعلى منصة "ريديت" (reddit) على سبيل المثال، التي تجمع 4.5 ملايين مشترك أغلبهم من متحدثي اللغة الإنجليزية، يبدو أن قرار منصة "بينانس" برفض المقترح الأوكراني يلاقي موافقة من الأغلبية.
ويدافع المستخدمون عن موقف منصات التداول، الرافض لحظر المستخدمين من روسيا وبيلاروسيا وتجميد حساباتهم، والسبب بحسب رأيهم هو أنه لا يمكن تحميل بلد بأكمله مسؤولية ما تفعله سلطاته الحاكمة.
النقاش حول فكرة العملات المشفرة
أمام هذه الدعوات لاستخدام العملات المشفرة لمعاقبة الروس واعتمادها كوسيلة للدفاع عن الحرية، يرفض آخرون هذه الفكرة.
وقد بات النقاش يدور حول طبيعة العملات المشفرة، التي يراها البعض مجرد وسيلة للدفوعات المالية من شخص لآخر دون المرور بالمؤسسات المالية التقليدية.
وتنص على ذلك حرفيا الفقرة الأولى في الورقة البيضاء (الوثيقة المؤسسة لعملة البتكوين)، والتي لا يشير فيها مؤسسها ساتوشي ناكاتومو إلى أي علاقة للبتكوين بالحرية والسيادة أو الحرب.