المواد الخام على وشك النفاد.. رجل الأعمال فرج عامر يطالب الحكومة المصرية بالتدخل لإنقاذ المصانع

رجل الأعمال المصري فرج عامر طالب حكومة بلاده بالتدخل لإنقاذ المصانع من خطر نفاد المواد الخام (الصحافة المصرية)

القاهرة– تواجه العديد من القطاعات الصناعية والإنتاجية في مصر نقصا في توفير المواد الخام نتيجة عدة أسباب، من بينها ارتفاع تكاليف الشحن وتفاقم نقص سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار النفط بسبب تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، واستمرار آثار جائحة كورونا، لكن تأتي على رأسها أزمة نقص العملة الصعبة في الأسواق.

وفي هذا السياق، طالب رجل الأعمال المصري -مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات فرج الله- المهندس محمد فرج عامر حكومة بلاده بالتدخل لإنقاذ الغالبية العظمى من المصانع من نفاد مستلزمات الإنتاج حتى تستطيع الاستمرار في عملها.

وأكد -في منشور له أول أمس السبت عبر حسابه الشخصي على موقع فيسبوك- أن المصانع "لن تستطيع تحمل المرتبات من دون إنتاج. إعادة صياغة تشجيع الصناعة مطلوبة بأسرع وقت، لأن الصناعة هي القادرة على أن تكون قاطرة التنمية الاقتصادية".

وعامر هو أحد أقطاب الصناعة الغذائية في مصر ومن أشهر رجال الأعمال فيها، خاصة في مدينة الإسكندرية، وشغل منصب رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب السابق، وهو رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري برج العرب (بالإسكندرية) منذ عام 1995 إلى الآن، والرئيس السابق لنادي سموحة الرياضي الذي يلعب في الدوري الممتاز.

ليست المناشدة الأولى

هذه ليست المرة الأولى التي يناشد فيها عامر الحكومة بضرورة التحرك لمواجهة الآثار السلبية لتداعيات الأزمات، سواء العالمية التي تنعكس على مصر أو الداخلية الناجمة عن مشاكل في الإدارة؛ فمع ارتفاع أسعار حديد التسليح والإسمنت في الأسابيع الأخيرة، طالب الحكومة بالإسراع في مواجهة ما وصفه بـ"الارتفاع الجنوني" في الأسعار، محذرا من الآثار السلبية على حركة التشييد والإسكان والبناء.

وقبل نحو عام، دخل عامر على خط قطاع الإنشاءات والمقاولات الذي توليه الحكومة المصرية اهتماما واسعا -الذي يراه البعض أحد الأسباب في تعاظم أزمة نقص الدولار وتراجع الإيرادات الدولارية وبالتالي نقص الخامات- وقام بإنشاء شركتين للاستثمار في القطاع العقاري.

وفي مارس/آذار 2021، قرر عامر تأسيس شركتين للاستثمار في السوق العقارية باستثمارات قدرها 20 مليار جنيه (نحو 1.3 مليار دولار آنذاك)، من بينها تطوير مشروع عمراني متكامل بالشراكة مع الدولة بتكلفة قدرها 8 مليارات جنيه (الدولار يساوي الآن 18.30 جنيها).

المواد الخام التحدي الأكبر

يرى رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء محمد سعد أن أحد أهم التحديات التي تواجه البلاد هو زيادة الطلب على المواد الخام -التي يتم استيراد معظمها من الخارج- لإنجاز المشروعات الكبيرة والكثيرة التي يجري تنفيذها.

ووصف مشكلة أزمة نقص الخامات في الوقت الراهن بأنها أكبر من تلك التي ظهرت في أثناء جائحة كورونا، وقال -في تصريحات صحفية- "واجه قطاع المقاولات هذه المشكلة في أثناء أزمة كورونا وعند قرار التعويم، ولكن يزيد عليها في الأزمة الحالية عوامل خارجية تتمثل في سلاسل الإمدادات ونقص المعروض من الخامات".

وبدوره، طالب سعد الحكومة بالتدخل لحل تلك الأزمة، مؤكدا أن "الحكومة لديها من الآليات التي تمكنها من مواجهة مثل هذه الأزمات، خاصة أن معدلات زيادة الأسعار غير منطقية، ولم نعتد عليها في السابق".

البنك المركزي المصري يصدر قرارا لضبط الاستيراد ويثير الجدل (الجزيرة نت) المصدر: مراسل الجزيرة نت المكان: مول تجاري – الجيزة الزمن 2021-2022
أحد أهم التحديات التي تواجه البلاد هو زيادة الطلب على المواد الخام التي يتم استيراد معظمها من الخارج (الجزيرة)

حكومة اقتصادية لا حكومة إنشاءات

"نريد حكومة اقتصادية، وليس حكومة مقاولات وإنشاءات"، هكذا لخص المطلوب من البرلمان رئيس الشعبة العامة للملابس بالاتحاد العام للغرف التجارية محمود الداعور، لافتا إلى أن "الفترة المقبلة يجب التركيز فيها على الصناعة والإنتاج".

وأضاف -في تصريحات للجزيرة نت- الحكومة الحالية قامت بما عليها، ونجحت بشكل كبير في إنشاء بنية تحتية قوية مثل شبكة الطرق والنقل والطاقة وغيرها، وعليها إفساح الطريق أمام حكومة اقتصادية تعمل على زيادة الإنتاج والتصنيع المحلي.

وأكد أن هناك نقصا في الخامات بالعديد من القطاعات الصناعية، ولكنها تختلف من قطاع إلى آخر بحسب اعتماده على المواد الخام المستوردة من الخارج، فمثلا الغزل يعاني نقصا في الغزل نفسه، أما النسيج فلا يعاني نقص "الأقمشة".

وأرجع الداعور أزمة النقص في الخامات بالأساس إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع بمتوسط 25% على المستهلك، إلى جانب ارتفاع الحد الأدنى للأجور وتكاليف الخامات ولوازم الإنتاج.

تصريحات كاشفة

مناشدة عامر -أو تحذيره عبر صفحته على فيسبوك- للحكومة المصرية من نفاد المواد الخام وعدم قدرة أصحاب المصانع على توفير الأجور للعمال والموظفين أثارت تفاعلا سواء على صفحته الخاصة أو على وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلقت سامية صالح -عضوة الجمعية المصرية للكتاب والإعلاميين وعضوة حزب الدستور- على منشور عامر بالقول "للأسف، آخر اهتمامات الحكومة المصانع.. يريدون فقط إنشاء مجمعات سكنية.. لكنها لا تهتم بإنشاء المصانع والإنتاج".

في حين انتقد بعض المتفاعلين تصريحات عامر، وطالبوه بالالتزام بدفع مرتبات العاملين وأن يتحمل المسؤولية مع الدولة، وألا ينظر إلى ما يخسره الآن، ولكن عليه أن ينظر إلى المكاسب الكبيرة التي حققها طوال السنوات الماضية، وعدم تحميل "الغلابة" كل أزمة، واعتبرها البعض الآخر تصريحات كاشفة عن حجم الأزمة التي تعانيها المصانع والشركات والتي يجب تداركها إضافة إلى تصحيح المسار الاقتصادي.

دعم الصناعات المحلية

ولمواجهة مثل تلك الأزمات، دعا خالد الفقي -عضو مجلس إدارة القابضة للصناعات المعدنية، ورئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية- إلى توطين الصناعة بمفهومها الحقيقي، لأنه كفيل بدعم الاقتصاد الوطني في ظل التحديات العالمية.

وهو ما يعني -وفق الفقي- أن يكون النمو في مصر قائما على ‏مؤشرات قوية تستطيع الصمود في ظل الأوضاع الحالية، والتركيز خلال الفترة المقبلة على العديد من القطاعات الصناعية والمنتجات التي يتم استيرادها من الخارج بهدف تصنيعها بالكامل وتوطينها، وليس مجرد تجميع المنتجات، وعدم الاعتماد على المواد الخام من الخارج.

المصدر : الجزيرة